إعلام فرنسي: فلسطينيون يرون أن حكم بلير لغزة سيكون نكتة القرن
تاريخ النشر: 6th, October 2025 GMT
اهتم موقع ميديا بارت وصحيفة لوموند الفرنسيين بالتطورات التي تلت الموافقة على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فنقل الموقع رأي فلسطينيين بأن تنفيذ الخطة يمثل ارتياحا وتنازلا في آن واحد، ساخرين في حديثهم لصحيفة لوموند من حكم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير لغزة.
وكتب المؤرخ الفرنسي جان بيير فيليو مقالا في صحيفة لوموند بعنوان "توني بلير وإنكار فلسطين"، أكد فيه أن الشعب الفلسطيني تعلم عبر تاريخه المؤلم، أن مصيره يمكن أن يناقش في أماكن بعيدة جدا عن أرضه، ومن دون مجرد التظاهر بأخذ رأيه.
ولذلك دعا ترامب، لمناقشة مستقبل غزة صهره جاريد كوشنر وشريكه في رياضة الغولف والأعمال ستيف ويتكوف، إضافة إلى توني بلير، الذي تعمل شركته الاستشارية "معهد توني بلير للتغيير العالمي" منذ أشهر مع سابقيه على تقديم غلاف سياسي لمشروع تحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
وعندما كشف ترامب عن خطته لغزة، أعلن أن توني بلير سيكون إلى جانبه في لجنة "سلام" مكلفة بإدارة القطاع الفلسطيني، وهنا يشير الكاتب إلى أن انخراط توني بلير في خدمة هذا المشروع الأميركي يمثل امتدادا لعقود من العداء للقومية الفلسطينية.
ونبه جان بيير فيليو إلى أن بلير يمثل غطاء أوروبيا لخطة أميركية تنكر الحقوق الفلسطينية، لأنه بدلا من إحياء عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، كان هدفه تمهيد الطريق لشراكة إستراتيجية بين إسرائيل والدول العربية، وهي الفكرة التي استعيدت لاحقا في "اتفاقيات أبراهام"، التي تجاوزت القضية الفلسطينية.
وعندما عين الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن توني بلير مبعوثا خاصا للجنة الرباعية الدولية، استخدم بلير مهاراته الخطابية للترويج لبرنامج تنمية اقتصادية في الضفة الغربية، على أمل أن يقود "الازدهار النسبي" هناك إلى دفع سكان غزة للتخلص من حركة حماس، بحسب الكاتب.
إعلانوعندما عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة عام 2009، سر بأن بلير اكتفى "بتحسين" ظروف الاحتلال في الضفة الغربية، من خلال تقليل الحواجز العسكرية من دون إزالتها، وإنشاء بورصة في نابلس، وتشجيع السياحة في بيت لحم، وفق ما يوضح جان بيير فيليو.
وأضاف أنه خلال 8 سنوات من عمله كمبعوث خاص، لم ينتقد بلير قط سياسة الاستيطان في الضفة أو الحصار المفروض على غزة، ويبدو للكاتب أن هذه الانسجام العميق بين بلير ونتنياهو، هو ما يجعله اليوم المرشح المثالي لمرافقة ترامب في فرض وصاية على قطاع غزة.
ويبقى بلير -بحسب الكاتب- مستعدا لتقديم غطاء أوروبي لخطة أميركية تبناها نتنياهو بالفعل، مكررا الدور الذي لعبه عام 2003 في حرب العراق ولكن بطريقة أكثر تواضعا، وذلك في وقت اعترفت فيه المملكة المتحدة بدولة فلسطين، ليبقى رئيس وزراها الأسبق مستمرا في إنكار هذا الحق الأساسي للشعب الفلسطيني.
مشاعر متضاربة
وانطلق ميديا بارت -في تقرير بقلم جوزيف كونفافرو- من المظاهرة التي كانت مقررة أول أمس السبت في مقبرة سخنين، والمخصصة في الأصل لتكريم قبري اثنين من سكان المدينة قتلا على يد الجيش الإسرائيلي قبل 25 عاما في بداية الانتفاضة الثانية، لكنها أقيمت هذه المرة غداة قبول حماس بخطة ترامب أساسا يمكن أن يؤدي إلى وقف إطلاق نار سريع.
وقال رئيس بلدية سخنين مازن غنايم للموقع إن "هناك للمرة الأولى منذ عامين، بصيص أمل"، وعبر عن مشاعر متضاربة تجاه هذه المبادرة، قائلا "من جهة، نرى إمكانية أن تتوقف المجازر، وأن يحصل إخوتنا على المياه والأدوية ويستعيدوا كرامتهم، ولكن من جهة أخرى، ما زلنا ندافع عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وهو ما تستعد هذه الخطة للتخلي عنه".
أما عابد، من مدينة أم الفحم، فيقول إن "وحده من يملك قلبا من حجر لا يتمنى أن يتوقف نزيف الدم بأي ثمن، لكنني أخشى من مناورات جديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، لأن هدفه النهائي هو ترحيل سكان غزة".
ويعرج الموقع على مظاهرة أخرى حاشدة وأمل في تل أبيب، إذ اجتمع عشرات الآلاف مساء السبت أمام متحف المدينة للمطالبة بإطلاق سراح المحتجزين والتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، وأطلقوا هتافات جماعية، وحملوا أعلاما إسرائيلية وأميركية متشابكة، وبأيديهم لافتات تقول "أعيدوهم إلى البيت فورا"، "ترامب، شعب إسرائيل معك"، بل وحتى شعارات ضد الحرب.
تقول كاتيا (65 عاما): "كنت آتي هنا كل سبت منذ عامين لكن اليوم، نحن أكثر بـ10 مرات من أي سبت سابق، هناك أمل حقيقي، آمل أن يكون هذا آخر سبت أضطر فيه للمجيء".
تنصيب رجال أعمال لحكم الأراضي الفلسطينية بحجة أننا غير قادرين على حكم أنفسنا وصفة للاستعمار.
بواسطة محمود منى
وصفة للاستعمارأما في القدس الشرقية فالأمل مشوب بالحذر، وتبدو مشاعر الفلسطينيين الذين يملكون بطاقة إقامة، من دون الجنسية الإسرائيلية، متشابهة، إذ يقول محمود منى، صاحب 3 مكتبات بشارع صلاح الدين، "أنا مستعد لدعم أي مبادرة توقف المجازر، فهذا واجب أخلاقي أولا"، وفق ما يوضح الكاتب.
إعلانويتابع أن محمود منى يرى أن الخطة، "حتى إن نجحت في إسكات البنادق، فإنها تخلق نظاما جديدا من القمع، يشبه ما تسبب في سفك الدماء من قبل، مؤكدا أن تنصيب رجال أعمال لحكم الأراضي الفلسطينية بحجة أننا غير قادرين على حكم أنفسنا هو وصفة للاستعمار".
ويقول ابن أخيه أحمد مع ابتسامة ساخرة، عندما سئل عن خطة ترامب: "توني بلير لحكم غزة؟ ستكون نكتة القرن. لقد أثبت فشله من قبل في القضية الفلسطينية، وهو مسؤول عن مقتل عشرات الآلاف من العراقيين إنه وجه إرث استعماري سبب مأساتنا".
ويضيف أحمد أن الخطة "صيغت في البيت الأبيض على يد رجال بيض يعتقدون أنهم يعرفون حلولا أفضل منا لأرض لا يعرفونها، دون أن يسألونا عن رأينا، في أفضل الأحوال، ستكون اتفاقا لوقف الحرب، لكنها بعيدة عن أي خطة سلام".
وفي الحديث عن اعتراف دول كفرنسا مؤخرا بدولة فلسطين، يقول محمود منى إن الاعتراف يحمل وزنا حتى ولو كان رمزيا، موضحا "يجب ألا ننسى أن إسرائيل تأسست عام 1948 بفضل اعتراف دولي من القوى الكبرى"، بحسب ما أورد ميديا بارت.
ويصيف محمود محذرا "يجب ألا يكون هذا الاعتراف ذريعة لإعادة طرح حل الدولتين الذي أصبح اليوم أكثر استحالة من أي وقت مضى أنا أؤمن بفكرة الدولة الواحدة، رغم الدم والكراهية".
"أما ابن أخي محمود الذي نشأ بعد فشل اتفاق أوسلو، فيقول "الاعتراف بدولة فلسطين لا يغير شيئا على الأرض. الحقائق هي التي تحكم الواقع. والحقائق اليوم هي الاستيطان، وسرقة الأراضي، وتغيير القوانين، وبناء طرق جديدة للمستوطنين"، وفقا للموقع.
وصرح الشاب لميديا بارت قائلا: "من الصعب إقناع شباب فلسطين بحل الدولتين. يجب أن يكون الطرفان راغبين. هل يمكن تصور أن إسرائيل ستفكك كل المستوطنات في الضفة الغربية؟ أما الدولة الواحدة رغم صعوبتها، فهي حلم أجمل وأقل ذكرا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات ترجمات تونی بلیر محمود منى فی الضفة
إقرأ أيضاً:
خطة ترامب لغزة.. الخديعة الكبرى!!
"هيّ الحداية بترمي كتاكيت!!".. مثل عبقري يصف بدقة حال "خطة ترامب لغزة" ذات الـ (21) بندًا التي روج لها مؤخرًا، لا سيما بعد موافقة الدول العربية والإسلامية عليها إثر اجتماع ممثليها مع الرئيس الأمريكي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.
وابتداءً، لقد قلنًا مرارًا وتكرارًا أنه فضلًا عن كونها ليست "وسيطًا نزيهًا" بين العرب وإسرائيل، فإن الولايات المتحدة ليست أساسًا "وسيطًا" بالمعنى الحرفي، لأنها باختصار "طرف" يصطف إلى جانب "الطرف الإسرائيلي" قلبًا وقالبًا منذ اندلاع الصراع التاريخي بين الجانبين مع قيام الدولة العبرية عام 1948م وما قبلها، وذلك رغم بعض "مساحيق التجميل" التي رسمتها أمريكا على محياها - أحيانًا- لإظهار بعض "الحيادية المصطنعة"!
وهذه المقدمة التاريخية السريعة كانت لازمة لكي نضع "خطة ترامب" في نصابها الصحيح، إذ هي مجرد "خدعة كبرى" تشبه عملية قرصنة كاملة لا ترى إلا صالح حبيبة القلب "إسرائيل" على حساب الحق الفلسطيني، ومن يرى غير ذلك فهو يخدع نفسه، والشواهد على ذلك كثيرة، ومنها ما يلي:
- أولًا: جاء اجتماع "ترامب" مع "نتنياهو" مؤخرًا بالبيت الأبيض بزعم موافقة الأخير على "خطة غزة" - بعد موافقة ممثلي العرب والمسلمين- لتحمل عنوان "أول القصيدة كفر"، ، حيث باتت الخطة ذات الـ(20) بندًا فقط بدلًا من (21) كما كانت، وذلك لأن "نتنياهو" حذف بند "فتح مسار لإقامة دولة فلسطينية"، وهو ما يتسق مع رأيه المعلن بأنه "لا دولة فلسطينية" الآن أو بعد ذلك!
- ثانيًا: هناك "لجنة دولية" مكونة من عشرة أفراد ستدير الأمور بغزة بقيادة "توني بلير".. رئيس وزراء بريطانيا الأسبق وأبرز مجرمي الحرب على العراق.. ورمزية الأمر هنا وكأن اللجنة المذكورة (تضم أعضاء صهاينة التوجه تمامًا) تعيد إلى الأذهان "الانتداب البريطاني" على فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى وما تمخض عنه من "وعد بلفور" المشئوم 1917م، ولكن الانتداب ها هنا سيكون "أمريكيًا"، إذ سيكون "ترامب" هو الحاكم الفعلي عبر ذيله (بلير)، والمعروف سابقًا بـ "ذيل جورج بوش الابن"!
والغريب أن اللجنة المذكورة لن تضم إلا عنصرا فلسطينيا واحدا، وكأن المطلوب "مسح فلسطينية غزة"، وكأنها "منطقة محايدة لا أصل لها"، علمًا بأن "نتنياهو" يرفض تمامًا أي وجود لـ "حماس" أو "السلطة الفلسطينية" في غزة تحت أي ظرف!!
- ثالثًا: لا وجود في الخطة لأية تواريخ محددة أو جدول زمني بل غموض تام، فلا نعرف عدد السنوات التي ستعمل اللجنة الدولية المذكورة في إطارها، ومتى سينتهي دورها؟ وهل هناك نية لتسليم أمر القطاع لـ "لجنة فلسطينية" نُصّ على أن تتكون من الـ "تكنوقراط"، ومهمتها تنفيذية بحتة تأتمر بأوامر "توني بلير"؟! كما لا يوجد نص محدد يتعلق بالضفة الغربية وضرورة منع إسرائيل من ضمه، بل مجرد "وعود ترامبية" لا تغني ولا تسمن من جوع!!
- رابعًا: نصت الخطة على انسحاب إسرائيلي من القطاع، ولكنه "انسحاب تدريجي"، ولكن لا نعرف كنه التدريجي هذا، وكم من الزمن سيستغرق الانسحاب المذكور، علمًا بأن "نتنياهو" يؤكد أن إسرائيل سوف تتحكم في الجوانب الأمنية بالقطاع في اليوم التالي للحرب عبر تواجدها على كافة أطراف القطاع (ومن داخله) على أن يكون لها "حق الفيتو" في التدخل الأمني إذا استشعرت ما لا يعجبها!!
- خامسًا: ما يتعلق بإعادة الإعمار، وإنشاء مشروع "الريفييرا" الأمريكي الذي بشّر به سابقًا "ترامب"، فإلى من سيُوجّه هذا المشروع الاستثماري السياحي: هل لأهل غزة الفقراء، أم لمن بالضبط؟!!
وأخيرًا.. بنود "خطة ترامب لغزة"، مليئة بالغموض الذي يوحي بالشك وعدم الثقة، سواء في "ترامب" أو "نتنياهو"، وهذا أمر منطقي لمن يمارسون الخداع دائمًا، وعلى العرب أن ينتبهوا.. وإلا ضاعت غزة وضاع حلم الدولة الفلسطينية.