الغناء لمصر.. بين ماضٍ عريق وحاضر لا يليق
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
فى البدء كانت مصر، وكانت الأغنية صوتها ووجدانها، نبضها الذى لا يخمد، وحنينها الذى لا يموت، كانت الأغنية الوطنية أمـاً تحتضن أبناءها، وحبيبة تغنى لها القلوب قبل الألسنة، وملهمة تشعل فينا نار الفخر والانتماء. كنا نغنى لمصر كما نغنى للأم، كما نناجى الحبيبة، كما نحتمى بالوطن. له نغنى.. وله نفدى الروح والجسد.
كان الوطن بالنسبة إلى الفنانين قضية مقدسة، وكل كلمة تقال فى حب مصر كانت عاطفة تزف على نغمة عود أو بين أنغام أوركسترا. لذلك خلدت تلك الأغنيات لأنها لم تصنع فى استديوهات باردة، بل ولدت من قلب مشتعل بالحب والانتماء.
بسم الله.. الله أكبر.. عاش اللى قال.. بلادى السمرا.. رايات النصر.. احلف بسماها وبترابها.. بالأحضان.. بحبك يا مصر.. مصر هى أمى.. النهر الخالد.. فلسطين.. يا حبيبتى يا مصر.. مصر تتحدث عن نفسها.. الأرض الطيبة.. أصبح عندى الآن بندقية.. البندقية اتكلمت.. الأرض بتتكلم عربى.. خلى السلاح صاحى.. نشيد الجهاد.. مصر التى فى خاطرى.. بوابة الحلوانى تتر المسلسل الشهير.. ويا أم الصابرين.
تلك ليست مجرد قائمة من الأغنيات، بل تاريخ كامل للوطن فى وجدان المصريين والعرب. وأعمال خلدت لحظات النصر، وصور الانكسار، وأوقات البناء، وأخرى منحت الأمل حين كان الألم يملأ القلوب. هذه الروائع شكلت ما يمكن تسميته بـ«العصر الذهبى للأغنية الوطنية»، العصر الذى كان فيه اللحن يوازى الرصاصة، والكلمة تعادل الموقف، والصوت هو التعبير الأصدق عن نبض الناس.
هذه الأعمال هى التى يتضمنها كتاب تاريخ الأغنية المصرية، لأنها ببساطة تمثل الوجه الأجمل لوجدان هذا الشعب، وتحمل توقيع أعظم من عبروا عن مصر بالصدق والإحساس.
لكن الغريب أننا لم نسمع أغنية وطنية حقيقية منذ أكثر من أربعين عاماً على الأقل. ربما كانت أغانى نصر أكتوبر، وما تلاها من أعمال قليلة، هى آخر ما استمتعنا به من الغناء الوطنى بالمعنى العميق للكلمة. ومنذ ذلك الوقت، تراجعت الأغنية الوطنية إلى الظل، فقدت حماسها وحرارتها، وأصبحت أقرب إلى الشعارات منها إلى الفن.
فى الماضى، كان الوطن هو الحبيبة، وكانت الأغنية الوطنية تولد من رحم المشاعر الصادقة، لا من قاعات الاجتماعات ولا من حملات الدعاية. وكانت الكلمة تخرج من قلب شاعر محب، فتجد فى وجدان الملحن أرضاً خصبة، يضعها فى إطار موسيقى ملهم ومؤثر، ثم يأتى الصوت.. صوت يملك القدرة على اختراق القلوب قبل الآذان.
كانت الحالة كلها إنسانية وفنية فى آن واحد؛ الوطن كان يعيش فى الوجدان، فيتحول إلى لحن وكلمة وصوت وصورة. والمستمع نفسه كان شريكاً فى تلك الحالة، يتفاعل بصدق، ويغنى بفخر، ويبكى حين يسمع اسم بلده.
أما اليوم، فالأغنية الوطنية أصبحت واجباً رسمياً لا حالة وجدانية. وغابت العاطفة، وضاعت البساطة التى كانت سر التأثير. ولم نعد نسمع تلك النغمة التى تهز القلب وتدفعنا إلى أن نقول كما قالت أم كلثوم:
«وقف الخلق ينظرون جميعاً.. كيف أبنى قواعد المجد وحدى».
أم كلثوم غنتها لنا بمنتهى الوقار والقوة؛ فهى عندما قالت «وقف الخلق»- عبارة أصبحت رمزاً لهيبة الصوت وقدرته على أن يثنى الحضور ويجعل الصمت نفسه مشهداً مشحوناً بالمعنى.
كانت مصر هى التى تتحدث، وكان صوتها يعلو عبر حنجرتها.
ومثلما عبر «عبدالوهاب» بصوته وتلحينه عن الموقف الوطنى: «لدعم فلسطين أخى جاوز الظالمون المدى»- هذه الكلمات ليست مجرد بيت يردد، بل موقف انفجر لحناً وكلمة دفاعاً عن قضية تستحق الغناء والتضحية.
محمد عبدالوهاب، كان صوته ووجدانه سلاحاً من نوع آخر، يصدح قائلاً من أجل فلسطين والعروبة
«أخى جاوز الظالمون المدى.. فحق الجهاد وحق الفدا»
وعندما غنت المجموعة من كلمات عبدالرحيم منصور وألحان بليغ حمدى الله أكبر.. بسم الله بسم الله..
هكذا كانت الأغنية سلاحاً من لحن وكلمة وصوت، أقوى من البيانات والخطب، لأنها خرجت من القلب فوصلت إلى القلب.
لقد كانت الأغنية الوطنية فى مصر مرآة لضمير الأمة، وعنواناً لفنها الأصيل، ورمزاً لقدرتها على تحويل الألم إلى أمل، والدمع إلى لحن، والوجع إلى انتصار.
فهل آن الأوان أن نستعيد تلك الروح؟
أن يعود الوطن حبيباً فى أغنياتنا لا شعاراً فى كلماتنا؟
ربما يكون الجواب فى قلوب من لا يزالون يؤمنون بأن الأغنية الوطنية ليست مجرد موسيقى... بل وجدان وطن.
نحن لا نحتاج إلى إعادة الأغنية الوطنية فقط، بل إلى إعادة الروح التى أنجبتها.
نحتاج إلى أن يعود الوطن فى قلوب المبدعين كما كان — الأم التى نغنى لها، الملهمة التى نكتب عنها، الحبيبة التى نفديها بالروح والجسد. فالوطن ليس علماً نرفعه فى المناسبات، بل هو نبض يسكن داخلنا، يسكن الكلمة واللحن والصوت.
حين نغنى لمصر كما غنى لها عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم وشادية، حين تصبح الأغنية من القلب، سيعود للوطن صوته، وللأغنية رسالتها، وللناس انتماؤهم.
حينها فقط... سنسمع الوطن يغنى من جديد.
نعم، الأغنية الوطنية الآن لم تعد تحرك المشاعر والأحاسيس كما كانت، ولم تعد تجمعنا تحت شجرتها الظليلة كما فى الماضى. أصبحت الآن مجرد كلمات تقال، وألحان تؤدى، وغناء لا نشعر به. غاب عنها الدفء، وتلاشى منها الشجن، فلم تعد الجسر الذى نعبره نحو شاطئ الذكريات.
عكس أغانى زمان، التى كانت كل واحدة منها ترتبط فى وجداننا بموقف أو ذكرى أو حدث، كأنها خيط من نسيج عمرنا لا يمكن أن يفك. كان ألبوم الذكريات يقف بنا عند أغانى الزمن الجميل بكل ما تحمله من صدق وبساطة وحنين، أغانٍ لا يبهت لونها مهما مر الزمن، ولا تمحوها الأيام مهما تغيرت الملامح.
نعود إليها كلما أطل علينا عام جديد يحمل ذكرى حدث عشناه، فنجد فيها أنفسنا، ونستعيد من خلالها دفء الماضى ونقاء المشاعر التى كنا نغنى بها للوطن والحب والحياة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الزاد الغناء لمصر أمجد مصطفى النهر الخالد الأغنیة الوطنیة کانت الأغنیة
إقرأ أيضاً:
عاجل | ننشرأسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب في محافظة الجيزة
كشفت مصادر سياسية، عن أسماء مرشحي القائمة الوطنية بمحافظة الجيزة في انتخابات مجلس النواب 2025، والتي تضم ممثلين لعدد من الأحزاب الكبرى.
وجاءت الأسماء كالتالي:
محمد أبو العينين حزب الجبهة الوطنية
محمد سعفان حزب مستقبل وطن
أحمد سعد الدين حزب مستقبل وطن
عبد الوهاب خليل حزب مستقبل وطن
هشام حسين حزب مستقبل وطن
فرج فتحي فرج علي حزب مستقبل وطن
أحمد بهاء شلبي حزب حماة الوطن
نافع عبد الهادي حزب حماة الوطن
محمد أسعد إبراهيم حزب حماة الوطن
أحمد علي جمعة سرحان
أحمد سعيد شلبي حزب الجبهة الوطنية
محمد صلاح أبو هميلة حزب الشعب الجمهوري
إيهاب منصور حزب المصري الديمقراطي
محمد فؤاد حزب العدل
مصطفي بكرى مستقل
صبورة صالح حزب مستقبل وطن
هند رشاد حزب مستقبل وطن
جيلان عطية
هبة الله مرجان
انجى بدر
جيهان برسوم
داليا السعدنى
شذا حبيب
أحزاب القائمة الوطنية
وتضم أحزاب القائمة الوطنية لخوض انتخابات مجلس النواب 2025 كلًا من:
حزب مستقبل وطن
حزب حماة الوطن
حزب الجبهة الوطنية
الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي
حزب الشعب الجمهوري
حزب الإصلاح والتنمية
حزب العدل
حزب الوفد
حزب التجمع
حزب إرادة الجيل
حزب الحرية المصري
حزب المؤتمر
إلى جانب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.
اقرأ أيضاًالقائمة الوطنية تقدم أوراق ترشحها لانتخابات النواب 2025 بالجيزة
قبل غلق باب الترشيح.. استقبال 70 مرشحًا محتملا في انتخابات مجلس النواب بالقليوبية
اليوم.. آخر موعد للترشح في انتخابات مجلس النواب 2025 «فردي وقائمة»