التنمر.. رفضت الشريعة الإسلامية الاعتداء على الآخرين والتنمر بكل صوره وأنواعه؛ إذ أنه يتنافي مع قيمتي السَّلام وحُسْن الخُلق التي أوصى بهم الإسلام، فكانت رسالته أن يكون أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة هو حُسن خُلُقِه، قال ﷺ: «أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيء».

التنمر يؤثر على بالسلب على صحة الفرد وسلامته:

والتنمر شكلٌ من أشكال الانتقاص والإيذاء والسُّخرية، ويؤثر بالسَّلب على صحتهم، وسلامتهم النَّفسيَّة، كما أنه سُلوكٌ مشين، ويزداد إجرامًا إذا تم التنمر على إنسانٌ لمجرد إصابته بمرض هو لم يختره؛ وإنَّما قدَّره الله عليه.

حرم الإسلام الاعتداء والتنمر بكل أشكاله:

وحرَّم الإسلامُ الإيذاء والاعتداء ولو بكلمة أو نظرة؛ كما حرم التنمر بكل أنواع، فقال تعالى: {..وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]، وقَالَ سيِّدُنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» [سنن ابن ماجه].

وعلى الرغم من أن الإسلامُ قد دعا المُسلمَ إلى الأخذ بأسباب السَّلامة، واتباع إرشادات الوقاية حين مُعَاملة مريضٍ مُصَابٍ بمرضٍ مُعدٍ وقال في ذلك ﷺ: «وفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ» [مُسند أحمد]، إلا أنه دعا في الوقت نفسه إلى الحِفاظ على صِحَّة المريض النَّفسية؛ فقال ﷺ في شأن الجُذام أيضًا -وهو مرض معدٍ-: «لا تُدِيمُوا النَّظرَ إلى المَجْذُومينَ» [سنن ابن ماجه] ؛ أي لا تُطيلوا إليهم النَّظر، ولا تُّكرِّروا النَّظر لمَوَاطن المَرضِ؛ كي لا تتسببوا في إيذاء المَريضِ بنظراتكم.

خطيب أوقاف السويس: التنمر من سوء الخلق ومن الكبائر

وقال محمد أنور إمام وخطيب بمديرية أوقاف السويس، في تصريحات خاصة ل"الوفد"، إن التنمّر هو التعدّي بالقول أو الفعل أو الإشارة أو السخرية، بقصد الإيذاء أو الإهانة أو الانتقاص، وهو من سوء الخلق الذي نهى عنه الإسلام صراحة.

الحكم الشرعي للتنمّر:

وأكد أنور أن التنمّر حرام شرعًا، وهو من الكبائر إذا ترتب عليه أذى نفسي أو اجتماعي، لأنه جمع بين الظلم والاستهزاء وسوء الخلق، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ﴾ [الحجرات: 11].

وقال ﷺ: «بحسب امرئٍ من الشرّ أن يحقر أخاه المسلم» (رواه مسلم).

خطورة التنمّر على الفرد والمجتمع:

أوضح خطيب أوقاف السويس أن التنمر يُولّد الكراهية والانتقام،كما أنه يُدمّر الثقة بالنفس، ويزرع الخوف والعزلة في النفوس، ويهدم نسيج المجتمع القائم على المحبة والرحمة.

كيف عالج الإسلام قضية التنمّر؟

وأشار إلى أن الإسلام عالج قضية التنمّر بالقول والعمل؛ إذ دعا إلى احترام الناس وتقديرهم، فقال ﷺ: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا» (رواه الترمذي).

كما أنه نهى عن السخرية واللمز والهمز، وأمر بالتواضع وحسن الظن، فضلًا عن غرس في النفوس أن التفاضل الحقيقي هو بالتقوى لا بالشكل أو اللون أو النسب، قال تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: 13].

وقال أنور إن الإسلام دين طهارة وعدل، جاء ليصون الأعراض والأرواح، ويقيم المجتمع على أساس الرحمة والاحترام، فمن تنمّر فقد تعدّى على حدود الله وحقوق العباد، ومن اتقى الله في الناس أحبّه الله والناس، قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134].

ودعا الإسلام إلى احترام بني الإنسان وإكرامهم أصحاء ومرضى، أحياءً وأمواتًا؛ فقال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..} [الإسراء: 70].

ودعا كذلك إلى مُداواة المرضى، والإحسان إليهم، والتَّألم لألمهم؛ فقال ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» [مُتفق عليه].


الدكتور محمد مطاوع: التنمر يقطع العلاقات ويضعف النفس

وقال الدكتور محمد مطاوع من علماء الأوقاف إن الشريعة الإسلامية دعت إلى الرفق والعطف والتسامح والرحمة، ونهت عن السخرية والتنمر والاعتداء على الآخرين سواء بالفعل أو بالقول، قال صلى الله عليه وسلم: "صل من قطعك.. وأعط من حرمك.. واعفُ عمن ظلمك وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ"، وقوله تعالى: ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك.

وأوضح مطاوع أن التنمر يتسبب في قطع العلاقات الاجتماعية والثقافية، كما أنه يضعف النفس ويجلب التوتر والقلق والإحباط، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

علاج التنمر وكيفية القضاء عليه

أضاف مطاوع أن علاج التنمر يتمثل في التربية الصحيحة والتنشئة على تعاليم الإسلام والتى من شأنها العفو والصفح، فضلًا عن الأحاديث التى تدعو إلى التسامح، مؤكدًا أن الإسلام ينظر إلى الناس نظرةَ مساواة من حيث أصل الخِلْقَةِ، فليس هناك جنس يُفضَّل على جنس آخر، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].

 

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التنمر أشكال التنمر أضرار التنمر أوقاف السویس قال تعالى م الإسلام التنمر ی التنم ر کما أنه

إقرأ أيضاً:

تاج الكرامة والسبيل لأعلى المنازل.. خطيب المسجد النبوي يوصي بتقوى الله

قال الشيخ أحمد بن علي الحذيفي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن تقوى الله فهي تاج الكرامة والفضائل والسبيل إلى أسنى المراتب والمنازل قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ).

تاج الكرامة

وأوضح " الحذيفي" خلال خطبة الجمعة الأخيرة من شهر ربيع الآخر اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن الحياة الحقيقية هي الأرواح والقلوب وليست حياة الأجسام والماديات.

واستشهد بما قال الله تعالى: ( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

 وأضاف أن انشغال الناس عن الغايات بالأسباب فينسون خالق الأسباب مع الأخذ بالأسباب في سنن الله الكونية وأدلة وحيه الشرعية وأثرها في الحياة الدنيا وأن المؤمن يجعلها في حيزها .

حقائق الوحي

وتابع: فلا يرفعها فوق مكانها الذي حده الشرع والنقل ولا يهملها إهمال المتواكلين وأهل الجهل، منوهًا بأن الحقيقة حين تغيب أو تضعف في العقول فسبيل النجاة بإذكاء سراج الإيمان وتوثيق الصلة بالله.

وأشار إلى أنه دلت على ذلك حقائق الوحي وتمثله سيرة النبي- صلى الله عليه وسلم- ، موضحًا أن الدعاء من أعظم أسلحة المؤمن واللجوء إلى الله في كل حال ففي الحديث عن ابن عباس قال كنت رديف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال (يا غلام إلا أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت بلى.

وأردف:  فقال (احفظ الله تجده أمامك، تعرَّفْ إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله قد جف القلم بما هو كائن فلو أن الخلق كلهم جميعًا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه ).

أجلى صور الإيمان

ونبه إلى أن الدعاء هو من أجلى صور الإيمان وأبهى معاني العبودية لله، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول:( الدُّعاءُ هو العبادةُ ثمَّ قرأ { وَقال رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ} ).

واستطرد: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) ، مبينًا أن المتابع لسيرة النبي- صلى الله عليه وسلم- يقف على حياة عامرة بدعاء الله وسؤاله طلبًا واستغفارًا وانكسارًا.

وأشار إلى أن القرآن يعلمنا اقتران الأخذ بالأسباب بالدعاء واللجوء لله في مواضع كثيرة ، فقال الله تعالى: ( وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).

طباعة شارك خطيب المسجد النبوي إمام وخطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة من المسجد النبوي الشيخ أحمد بن علي الحذيفي تاج الكرامة

مقالات مشابهة

  • كيفية الجواب على سؤال أين الله؟
  • خطيب أوقاف السويس: التحرش كبيرة من الكبائر وجرأة على حدود الله تعالى
  • تاج الكرامة والسبيل لأعلى المنازل.. خطيب المسجد النبوي يوصي بتقوى الله
  • معاملة النبي ﷺ لزوجاته امهات المؤمنين
  • أسباب استقرار الحياة الزوجية في الشرع الشريف
  • جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا تدريبيًا توعويًا بمدرسة الجلاء الابتدائية
  • معنى العفو وفضله في الشرع الشريف
  • أهمية الحفاظ على الترابط الأسري للفرد والمجتمع
  • أوقاف مطروح تنظّم ندوة توعوية حول خطورة التنمر بجامعة مطروح