قائد القوات البحرية المصرية في ذكرى إغراق إيلات: نعمل 365 يومًا سنويًا ونجمع بين الردع والمبادأة
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
جدّد قائد القوات البحرية المصرية، اللواء بحري أركان حرب، محمود عادل محمود فوزي، العهد بأن تظل القوات وفيةً لمسئولياتها الوطنية، أمينةً في أداء واجبها بإخلاصٍ وتفانٍ، خاصةً في ظلّ ما تشهده الساحة الإقليمية والدولية من تطوّرات متسارعة وتداعيات حروبٍ تُلقي بظلالها على استقرار المنطقة وأمنها البحري.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده قائد القوات بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لعيد القوات البحرية، الذي يوافق ذكرى إغراق أكبر مدمّرة بحرية إسرائيلية، «إيلات»، في الحادي والعشرين من أكتوبر عام 1967، تلك العملية التي رسَّخت مكانة البحرية المصرية في التاريخ العسكري الحديث كقوةٍ قادرةٍ على الردع والمبادأة.
وأكّد قائد القوات البحرية أن القيادة العامة للقوات المسلحة، وبدعمٍ مباشر من القيادة السياسية، أولت اهتمامًا بالغًا بملف الكفاءة القتالية، عبر مسارٍ متكامل يشمل بناء القدرات، وتحديث البنية التحتية، والتصنيع العسكري، إلى جانب امتلاك وحدات بحرية حديثة ذات توازنٍ قتالي مرتفع، ومزوَّدة بأحدث نظم التسليح.
وأوضح أن تلك الجهود جعلت من القوات البحرية المصرية واحدةً من أقوى البحريات في الشرق الأوسط، بفضل قدراتها الشاملة على حماية المصالح الوطنية، ومجابهة التهديدات التي قد تطال الأمن القومي في محيطها الإقليمي.
وشدّد على أن العنصر البشري يظل الركيزة الأهم في منظومة التطوير الشامل، حيث يُعدّ «الفرد المقاتل» محور البناء الحقيقي للقوة، ومن ثمّ تحرص القوات البحرية على انتقاء عناصرها وفق أعلى المعايير العلمية والبدنية والأخلاقية.
ونبه قائد القوات البحرية إلى إن التركيز يجري على التدريب النوعي وصقل المهارات، بما يضمن إعداد مقاتلٍ محترف يمتلك القدرة على تنفيذ مهامه بكفاءةٍ عالية، ويمثّل في ذاته انعكاسًا لقيم الانضباط والولاء والانتماء الوطني التي تميّز المؤسسة العسكرية المصرية.
العقيدة أولًاوأشار قائد القوات البحرية إلى أنه «رغم التشابه الكبير بين العديد من القوات البحرية الحديثة في نوعية الوحدات وأنظمة التسليح، فإن ما يُرجّح كفّة طرفٍ على آخر هو العنصر البشري والعقيدة القتالية. العقيدة المصرية للفرد المقاتل تظل عاملًا حاسمًا، إذ نعتبر المقاتل ثروتنا الحقيقية، ونحرص على تنمية مهاراته وتأهيله ليصبح محترفًا قادرًا على استيعاب التكنولوجيا الحديثة واستخدامها بكفاءة في مختلف المجالات».
وأضاف: «نؤمن بأن التدريب الجاد الواقعي هو الذي يصنع الفارق الحقيقي، ولذلك ننفّذ تدريباتنا على مستويات متعددة (من الفرد إلى السفينة إلى مجموعات السفن)، باستخدام المحاكيات وأيضًا الذخيرة الحية، بما يضمن الجاهزية الدائمة وتقليل الخسائر في الميدان».
وتابع قائد القوات البحرية: نُولي أهمية كبيرة للتدريبات المشتركة مع الدول الصديقة والشقيقة، لما تمثّله من فرصة لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون، وقد أثبتت القوات البحرية المصرية سمعة طيبة بين بحريات العالم، وهو ما يتجسّد في تدريبات كبرى كـ«النجم الساطع» داخل مصر، و«بحر الصداقة» خارجها.
متغيرات القتالأوضح قائد القوات البحرية أن ملامح الحروب المعاصرة اختلفت جذريًا نتيجة تداخل العلوم والتكنولوجيا، وما يترتَّب على ذلك من تغيّر في أدوات ونماذج القتال، وأكَّد أن اختيار نوع السلاح والأسلوب القتالي يرتبط بعدة عوامل عملية، أبرزها التكلفة الاقتصادية وقدرة الدولة على دعم صناعة الدفاع.
ولفت إلى أن الحلول التكنولوجية الرخيصة نسبيًا والقابلة للتطبيق الآلي، والتي قد تكلف آلاف الدولارات، قد تُنتج أثرًا عمليًا أكبر من اعتماد منظومات تسليح تقليدية تكلف ملايين، كما شدَّد على أن بُنية مسرح العمليات (ومدى وجود حدود تماس برية أو بحرية) تحدد بدورها شكل الاشتباك والأسلحة المناسبة له، مما يجعل حالات الصراع المتجاورة تظهر بوجوه تكتيكية واستراتيجية مختلفة.
واستشهد بنماذج إقليمية حديثة، مشيرًا إلى أن الصراع بين بعض الأطراف (مثل روسيا وأوكرانيا، وإسرائيل في مواجهة إيران وسوريا ولبنان وغزة)، برزت فيه فوارق واضحة، إذ تفتقر بعض النزاعات إلى مسرح بحري مشترك، فظهر استخدام ذخائر وأنماط تسليح وأساليب قتالية جديدة لا تتطابق مع مفاهيم الحروب التقليدية.
ونبَّه إلى أن فهم هذا التنوع والتكيّف معه يتطلب قوّات مسلحة مرنة تقنيًا وقادرة على تبنّي حلول مبتكرة، اقتصادية وفعّالة، تُحسِّن من قدرة الدولة على حماية مصالحها في فضاءات الصراع المتغيرة، وهو ما يتم التركيز عليه داخل القوات البحرية المصرية.
دور وطنيوعن الدور المحوري للقوات البحرية المصرية كأداة رئيسية في تنفيذ السياسة الخارجية للدولة، في ضوء الامتداد الساحلي الواسع، أكّد قائد القوات البحرية أن مصر «دولة بحرية بامتياز»، لما تمتلكه من سواحل ممتدة على البحرين المتوسط والأحمر، فضلًا عن موقعها الاستراتيجي وقناة السويس، أحد أهم الممرات البحرية في العالم.
وأشار إلى أن هذا الموقع يفرض مسؤولية مضاعفة على القوات البحرية المصرية لحماية المصالح الوطنية وتأمين خطوط الملاحة والتجارة الدولية، ويجعل من تطوير قدراتها القتالية واللوجستية جزءًا أصيلًا من منظومة الأمن القومي للدولة.
وتابع: هذا الإدراك الاستراتيجي دفع نحو تبنّي خطة تطوير شاملة للقوات البحرية، تستند إلى تحديث البنية التحتية، وتعزيز التصنيع العسكري، وامتلاك وحدات بحرية متقدمة تكنولوجيًا، بما يضمن جاهزيتها الدائمة للتحرك في «الزمان والمكان المناسبين» وفق مقتضيات السياسة الخارجية المصرية.
وأكّد أن هذا التوجّه حظي بدعم كامل من القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة، ليُترجم في النهاية إلى قوة بحرية متكاملة، قادرة على حماية الأمن القومي ومساندة الدولة في تحقيق حضورها الإقليمي والدولي بثقة واقتدار.
وقال إن مصر «دولة سلام» بطبيعتها، تعمل على ترسيخ الأمن والاستقرار في محيطها الإقليمي والدولي، وتحرص على دعم جهود السلم العالمي في مختلف مجالاته، ومن بينها الأمن البحري بمستوياته كافة. وأكّد أن الحفاظ على الأمن البحري في مسرحين بحريين واسعي الامتداد (المتوسط والأحمر)، يفرض على مصر امتلاك قوة بحرية قادرة على التواجد المستمر على مدار الساعة، «24 ساعة يوميًا، 7 أيام أسبوعيًا، 365 يومًا في العام»، لضمان الجاهزية التامة والاستجابة الفورية لأي تهديد أو طارئ يمسّ المصالح الوطنية أو الإقليمية.
وأضاف قائد القوات البحرية أن تحقيق هذا المستوى من الاستعداد الدائم لا يتوقف على المعدات الحديثة فحسب، بل يعتمد بالأساس على العنصر البشري الذي يمثّل الركيزة الحقيقية للقوة. لذلك، تُولي القوات البحرية اهتمامًا كبيرًا بإعداد كوادرها عبر برامج تدريب متقدمة تهدف إلى بناء جيل من الضباط والبحارة «المدرَّبين، المحترفين، والواعين»، القادرين على استيعاب التكنولوجيا الحديثة وتشغيل منظوماتها بكفاءة عالية، بما يضمن استمرار التفوق البحري المصري كقوة توازن واستقرار في المنطقة.
وحول يوم الحادي والعشرين من أكتوبر، بما يحمله من رمزية خاصة في تاريخ القوات البحرية المصرية وفي سجل العمليات القتالية البحرية عالميًا، أكّد قائد القوات البحرية أن ما تحقّق في ذلك اليوم عام 1967 يُعدّ «يوم عِزّة وكرامة واستعادة ثقة» للقوات المسلحة المصرية عقب نكسة يونيو.
وأضاف: شكّلت عملية إغراق المدمّرة الإسرائيلية «إيلات» أوّل عمل عسكري مصري ناجح بعد عدوان 5 يونيو، ومعجزةً عسكرية بكل المقاييس في ظلّ الظروف السياسية والعسكرية آنذاك، إذ نفّذت وحدات مصرية صغيرة هجومًا نوعيًا على إحدى أكبر القطع البحرية الإسرائيلية التي اخترقت المياه الإقليمية المصرية.
وأوضح قائد القوات البحرية أن الهجوم، الذي تمّ تنفيذه بواسطة لنشين من صواريخ «سطح- سطح»، مثّل تحوّلًا جوهريًا في الفكر العسكري العالمي، بعدما أثبت أن الوحدات الخفيفة المسلحة تسليحًا متطورًا قادرة على تدمير قطع بحرية ضخمة.
وأشار إلى أن هذا الإنجاز لم يكن مجرّد انتصار تكتيكي، بل كان نقطة تحوّل استراتيجية أعادت الثقة إلى الجيش المصري وغيّرت موازين القوة في البحر، لتُسجَّل تلك الملحمة في ذاكرة الوطن، قبل أن تصبح عيدًا رسميًا للقوات البحرية المصرية، تخليدًا لبطولات أبنائها الذين جسّدوا إرادة الأمة وقدرتها على النهوض من قلب الهزيمة.
رسائل متعددةفي رسالته الموجَّهة إلى أبطال القوات البحرية، حثَّ قائد القوات على الاستمرار في الحفاظ على عناصر الكفاءة القتالية واليقظة التامة، مع ضرورة إدراك المستجدات العالمية والإقليمية المؤثِّرة على الأمن القومي المصري: سياسيًا، واقتصاديًا، وأمنيًا.
وأكّد على أهمية الحفاظ على الاستعداد القتالي الدائم، والالتزام بتنفيذ المهام والتوجيهات الصادرة عن القيادة العامة للقوات المسلحة «بأسلوب احترافي وراقٍ» مدعومٍ بالعزيمة والإصرار، مشدّدًا على أن التدريب المستمر وصقل المهارات هما الضمانة لفعالية القوات وقدرتها على الاستجابة السريعة عند الحاجة.
ووجّه قائد القوات البحرية رسالة طمأنة ومسئولية مشتركة إلى الشعب المصري، داعيًا المواطنين إلى الحفاظ على مكتسبات الوطن وتقديم الدعم المعنوي للقوات المسلحة، مشدّدًا على أن تظل القوات «حافظةً للأمانة ومُعاهِدةً الله والوطن» على بذل كل ما يلزم من تضحيات للحفاظ على سيادة البلاد واستقرارها.
سيرة مهنيةاللواء بحري أركان حرب محمود عادل محمود فوزي، قبل تولّيه قيادة القوات البحرية، تدرّج بخطى ثابتة في مساره المهني منذ تخرّجه في الدفعة (41) بحرية، حيث حصل على بكالوريوس الدراسات البحرية عام 1990، ثم واصل مسيرته العلمية جامعًا بين التأهيل المهني والدراسات العليا في الداخل والخارج.
شملت مسيرته التعليمية دورات متخصصة في التنفيذ، والمساحة البحرية بإيطاليا، والأركان، والبحث والإنقاذ، ومكافحة التلوث البحري، والاستجابة للحوادث البحرية، إلى جانب حصوله على درجة الماجستير في لوجستيات النقل البحري من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا عام 2017، ما يعكس اهتمامه بتطوير المعرفة الميدانية والقيادية في توقيت واحد.
شغل اللواء محمود عادل محمود فوزي سلسلة من المواقع القيادية داخل القوات البحرية، أبرزها قيادة لواء مكافحة الألغام، ورئاسة أركان قاعدتي البحر الأحمر و«3 يوليو» البحريتين، ثم قيادة قاعدتي برنيس والإسكندرية، إلى جانب إدارته الكلية البحرية، كما تولّى مهام رئيس شعبة تدريب القوات البحرية، ثم رئيس شعبة العمليات، فـرئيس أركان القوات البحرية، قبل أن يتولّى منصبه الحالي قائدًا للقوات البحرية، ليمثّل نموذجًا لتدرّج مهني قائم على الكفاءة والانضباط والخبرة الميدانية المتراكمة.
نال عددًا من الأوسمة والأنواط الرفيعة تقديرًا لإسهاماته، منها أنواط الواجب العسكري من الطبقات الثلاث، ونوط الخدمة الممتازة، وميداليات الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة، إلى جانب ميداليات المناسبات الوطنية الكبرى كـ«25 يناير» و«30 يونيو»، واليوبيلات الفضية والذهبية لنصر أكتوبر ويوم القوات البحرية»، كما حصل على «نوط المعركة السعودي» لدوره في قيادة التشكيل البحري المصري خلال عملية «إعادة الأمل» عام 2018، وهو ما يبرز البعد الإقليمي والدولي في تجربته القيادية داخل القوات المسلحة المصرية.
اقرأ أيضاًمدير الكلية البحرية الأسبق: الرئيس السيسي له رؤية مستقبلية بشأن توازن القوى في الإقليم
قائد القوات البحرية يبحث مع رئيس أركان البحرية السعودية تعزيز التعاون العسكري بين البلدين
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: القوات البحرية المصرية النجم الساطع قائد القوات البحرية المصرية ذكرى إغراق إيلات إغراق إيلات القوات البحریة المصریة القوات البحریة المصریة د قائد القوات البحریة للقوات البحریة للقوات المسلحة الأمن القومی الحفاظ على قادرة على بما یضمن إلى جانب على أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
طلاب جامعة القاهرة يشاركون في الندوة التثقيفية الـ 42 للقوات المسلحة بحضور الرئيس السيسي
شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، فعاليات الندوة التثقيفية الثانية والأربعين التي نظمتها القوات المسلحة بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية، وذلك في إطار احتفالات مصر بالذكرى الثانية والخمسين لنصر أكتوبر المجيد، تخليدًا لبطولات وتضحيات رجال القوات المسلحة في سبيل رفعة الوطن وصون كرامته.
وشارك شباب جامعة القاهرة وطلاب أسرة «طلاب من أجل مصر» بفاعلية في الندوة، ضمن وفد من طلاب الجامعات المصرية، تأكيدًا على الدور الوطني للشباب الجامعي في صون الوعي وترسيخ قيم الانتماء، واستلهام الدروس المستفادة من بطولات أكتوبر في بناء الحاضر وصياغة مستقبل الجمهورية الجديدة.
ومن جانبه أكد الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس جامعة القاهرة، أن مشاركة طلاب الجامعة في هذه الندوة تأتي في إطار الحرص على تنمية الوعي الوطني لدى الطلاب، وربطهم بتاريخ وطنهم المجيد، مشيرًا إلى أن مثل هذه الفعاليات تمثل مدرسة وطنية رفيعة يتعلم منها الشباب معاني التضحية والانتماء والعمل من أجل الوطن.
وأضاف رئيس الجامعة أن جامعة القاهرة تولي اهتمامًا خاصًا بتعزيز روح الولاء والانتماء في نفوس طلابها من خلال الأنشطة الوطنية والثقافية، ودعم مشاركة طلابها في الفعاليات التي ترعاها الدولة لتأكيد العلاقة الوثيقة بين الجامعة ومؤسساتها الوطنية، وفي مقدمتها القوات المسلحة المصرية، التي ستظل الدرع الحامي للوطن ورمز عزته.
اقرأ أيضاًنشأت الديهي: الرئيس السيسي بعث رسائل أمل للمصريين خلال الندوة التثقيفية الـ 42 للقوات المسلحة
الشؤون المعنوية للقوات المسلحة.. درع الوعي في معركة الوطن ومدرسة لصناعة الانتماء