عقد الجامع الأزهر اليوم الاثنين، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة) تحت عنوان: مذهب الإمام أبو حنفية في فقه العبادات "رؤية فقهية"، بحضور الدكتور هشام السيد الجنايني، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، والدكتور محمد صلاح حلمي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، وأدار الحوار الدكتور رضا عبد السلام، رئيس إذاعة القرآن الكريم السابق.

تشييع جثمان الدكتور أحمد عمر هاشم من الجامع الأزهر متجهًا لمرقده الأخير بمسقط رأسه الجامع الأزهر ينعى العالم الراحل الدكتور أحمد عمر هاشم

في بداية الملتقى قال فضيلة الدكتور محمد صلاح، إن الإمام أبو حنيفة يسر لنا الأمور الفقهية، حتى قال العلماء: "إن الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة، والمتأمل في المسائل الفقهية كما قدمها أبو حنيفة، يجد أن نظرتَه لعلاقة العبد بربه، تحاول اختيار أسهل الأمور من باب التخفيف على الناس، ولم يفكر في زمانه فحسب، بل فكر في أشياء لم تحدث في زمانه، مما أتى بعده، وقد استشرف بذلك المستقبل، وهي فطنة منحه الله سبحانه وتعالى، فكانت هناك مسائل افتراضية في زمانه، لكنها وقعت في الأزمان التي تلته، وهو منهج استشرافي، أضاف للفقه الإسلامي رؤية مستقبلية تيسر على الناس فيما بعد، كما في مسألة التيمم بالتراب؛ إذ أخذ أبو حنيفة بالتيمم بكل ما صعد عن الأرض.

وأوضح الدكتور محمد صلاح، أن كثيرا من المسائل الفقهية التي انحاز فيها الإمام أبو حنيفة اختار فيها أيسر السبل، كما في مسالة النية في صيام النافلة، حيث يرى الإمام أبو حنيفة أن الشخص لو استيقظ ولم يأكل أو يشرب شيئًا، ثم نوى الصيام في أي وقت قبل ذهاب أغلب النهار، فإن صيامه صحيح ويحتسب له صيام يوم تطوع، كما أخذ أبو حنيفة بالرأي الذي يجيز إخراج القيمة (النقود أو ما يعادل المال) في الزكاة بدلًا من إخراج عين الصنف الواجب (كالحبوب والأنعام)، لأن إخراج القيمة أقرب إلى منفعة الفقير وحاجته في كثير من الأوقات، وهي قاعدة تهدف إلى تحقيق مقاصد الشريعة في التخفيف وتيسير سد حاجة المستحقين، كما توسع في ذكاة الزروع من باب الأخذ بالأوسع لمصلحة الفقر، وفي أحد مصارف الذكاة وهو (في سبيل الله) توسع فيه ليشكل كل ما فيه مصلحة المسلمين، من كل أوجه الأنفاق التي تحقق مصالح المسلمين.

من جانبه قال الدكتور هشام الجنايني، يعد الإمام أبو حنيفة نموذجًا فريدًا في فهم المسائل الفقهية، حيث أرسى مذهبه على أصول محددة تبدأ بـ القرآن الكريم، والسنة، والإجماع، ثم القياس على هذه الأصول، مع تميزه وإبداعه في الاستدلال بـ الاستحسان، حيث كان الإمام أبو حنيفة سابقًا لعصره بسبب إعماله الدائم للعقل ضمن ضوابط الشرع، مما أدى إلى ظهور ما يعرف بـ "الفقه الافتراضي" (لو حدث كذا لكان كذا)، وكان الدافع الأسمى له هو حرصه الشديد على مصلحة المسلمين.

وأشار الدكتور هشام الجنايني، إلى أن مذهب الإمام أبي حنيفة تميز بـ الفقه الافتراضي، أي وضع أحكام لمسائل لم تقع بعد، استباقاً لحاجات المسلمين، ومن أمثلة ذلك: إجازة الوقوف في هواء أرض عرفة مع أن الطائرات لم تكن موجودة حينها، ومما يتوافق مع النوازل الحديثة؛ افتراضه لحكم غياب علامات أوقات الصلاة كما يحدث في بعض البلاد القطبية اليوم؛ وتناوله مسألة إعادة العضو المبتور، وهي من القضايا الطبية الحديثة التي لم يكن العلم قد وصل إليها في عصره، مما يؤكد بعد نظره وحرصه على مصلحة الأجيال اللاحقة.

يُذكر أن الملتقى "الفقهي يُعقد الاثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية الإمام الأكبر وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ود. عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الأروقة الأزهرية، د. هاني عودة مدير عام الجامع الأزهر، ويهدف الملتقى الفقهي إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقا للشريعة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزهر الجامع الأزهر العبادات الإمام أبو حنیفة المسائل الفقهیة الجامع الأزهر الدکتور محمد

إقرأ أيضاً:

الإعجاز القرآني في خلق البحار .. محور ملتقى التفسير بالجامع الأزهر

اجتمع عدد من علماء ورواد الجامع الأزهر، ضمن فعاليات "ملتقى التفسير" الأسبوعي، الذي خُصص هذه المرة للحديث عن «مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن خلق البحار.. وجعل بين البحرين حاجزًا».

 شارك في اللقاء الدكتور حمدي الهدهد، عميد كلية البنات الأزهرية بالعاشر من رمضان، والدكتور مصطفى إبراهيم، أستاذ بكلية العلوم بجامعة الأزهر، وأدار الحوار الإعلامي الدكتور محمد جمعة المذيع بإذاعة القرآن الكريم، بحضورٍ لافت من طلاب العلم والمهتمين بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم.

استهل الدكتور حمدي الهدهد كلمته بتوضيح أن إعجاز القرآن في حديثه عن البحار يتجلى في دقة نظمه وعمق بيانه، وأن كل ما توصل إليه العلم الحديث في هذا المجال لا يعدو كونه كشفًا جزئيًا لما أشار إليه الوحي الإلهي منذ قرون. 

وأشار إلى أن ورود ذكر البحار في أكثر من 140 موضعًا بالقرآن الكريم يعكس مدى ارتباط النص القرآني بالكون والخلق، مؤكدًا أن الهدف الأسمى من نزول القرآن هو التدبر في معانيه لا مجرد التلاوة، لأن التدبر هو السبيل لاكتشاف أسرار الإعجاز الكوني والبلاغي في آيات الله.

وأوضح الدكتور الهدهد أن استعمال الألفاظ القرآنية المتعلقة بالماء يأتي بدقةٍ علميةٍ مدهشة؛ فلفظ "النهر" اقترن دومًا بالماء العذب الطيب كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ﴾، بينما جاء لفظ "اليمّ" في سياقات الهلاك والعقاب كما في قوله تعالى: ﴿فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ﴾، أما لفظ "البحر" فهو أشمل وأعم، يجمع بين النفع والرهبة، بين العطاء والقدرة الإلهية التي لا يحدها حدّ.

 وبيّن أن الحواجز بين البحار التي أشار إليها القرآن مثل قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا﴾، تمثل أحد أبرز مظاهر الإعجاز العلمي الذي يؤكد وحدة الخالق وتفرده في صنعه، مشيرًا إلى أن هذه الظاهرة هي دعوة مباشرة للتأمل والإيمان بعظمة الخالق الذي نظم هذا الكون بميزانٍ دقيقٍ لا يختل.

بعد تمويل بريطانيا للمواطنين اليهود.. مرصد الأزهر يدعو إلى حماية الجاليات الدينيةهل يصل ثواب الصدقة التي نقدمها للميت؟.. الأزهر يوضح الحقيقةهل يجب إخراج الزكاة عند بيع المحصول أم قبل الحصاد؟.. عضو الأزهر للفتوى توضحمد باب التقدم لمسابقة الأزهر الشريف السنوية في حفظ القرآن.. رابط التسجيل

من جانبه، تناول الدكتور مصطفى إبراهيم الجانب العلمي من الموضوع، موضحًا أن حديث القرآن عن البحار يمثل نموذجًا بديعًا للتكامل بين الإيمان والعلم، إذ تكرر ذكر البحار في نحو 140 آية تتحدث عن خصائصها، وأمواجها، ومكوناتها، وما يحيط بها من ظواهر طبيعية كالسواحل والتيارات.

 وأكد أن القرآن الكريم سبق العلماء في الإشارة إلى الحواجز المائية التي تفصل بين الكتل المائية رغم اتصالها الظاهري، كما جاء في قوله تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ۝ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ﴾، وهو ما أثبتته الأبحاث الحديثة التي كشفت عن وجود مناطق فاصلة بين المياه العذبة والمالحة لا تختلط فيها الملوحة ولا تتغير الكثافة رغم الالتقاء.

وأضاف الدكتور مصطفى أن منطقة "مجمع البحرين" التي ورد ذكرها في سورة الكهف تُجسّد هذه الحقيقة القرآنية العجيبة، مشيرًا إلى أنها تتجلى بوضوح في موقع "رأس محمد" بشرم الشيخ، حيث يلتقي خليج السويس بخليج العقبة في مشهد طبيعي مهيب يُجسد الدقة المذهلة في وصف القرآن.

 كما أشار إلى أن هذه الظاهرة يمكن ملاحظتها في مصر عند رأس البر، حيث يلتقي نهر النيل العذب بالبحر المتوسط المالح دون أن يختلطا، فيبقى لكل منهما خصائصه المميزة من حيث الكائنات والملوحة والكثافة.

وفي ختام اللقاء، أوضح الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، أن الملتقى يمثل منصة مهمة لتعميق الوعي الديني والعلمي لدى رواد الجامع الأزهر، ولتشجيع التفكير التأملي في آيات الله الكونية.

 وأكد أن الأزهر الشريف يسعى من خلال هذه الملتقيات إلى إعادة إحياء فريضة التفكر التي دعا إليها القرآن الكريم، وربط المعرفة العلمية الحديثة بالمنهج الإيماني الذي أرسته رسالة الإسلام منذ فجرها الأول.

طباعة شارك الإعجاز القرآني ملتقى التفسير الجامع الأزهر حمدي الهدهد

مقالات مشابهة

  • هل شدّ الرحال لزيارة مساجد آل البيت مخالف للسنة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب
  • ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة يناقش كيفية التعامل مع الآخر.. غدًا
  • الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: الإمام أبو حنيفة منهجه قائم على التخفيف وإعمال العقل
  • تدشين أروقة خاصة بذوي الهمم بالجامع الأزهر وفروعه..ومكافآت مالية للدارسين
  • مذهب أبو حنيفة في فقه العبادات .. ملتقى بالأزهر اليوم
  • الإعجاز القرآني في خلق البحار .. محور ملتقى التفسير بالجامع الأزهر
  • الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يناقش غدًا مذهب الإمام أبو حنيفة في فقه العبادات "رؤية فقهية"
  • الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات الثلاثة المتممة للعشر.. اليوم
  • طرق التعامل مع المشكلات السلوكية لدى الطلاب..ملتقى بالجامع الأزهر اليوم