أرض الصومال وإثيوبيا تعيدان بناء العلاقات بعد أزمة ميناء بربرة
تاريخ النشر: 21st, October 2025 GMT
بعد أشهر من الجمود الدبلوماسي إثر انهيار اتفاق مثير للجدل بشأن قاعدة بحرية في ميناء بربرة، بدأت ما تسمى جمهورية أرض الصومال (صومالي لاند) وإثيوبيا في إعادة بناء العلاقات بهدوء، وسط آمال في هرغيسا بأن الاعتراف الدولي الذي طال انتظاره قد يكون قريبا.
وقد زار رئيس "أرض الصومال" عبد الرحمن محمد عبد الله المعروف باسم "إيرو" العاصمة الإثيوبية الأسبوع الماضي، في أول زيارة له منذ توليه السلطة في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
والتقى "إيرو" رئيسَ الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وعددًا من المسؤولين لمناقشة ملفات التعاون الأمني والفرص الاقتصادية.
ووفقًا لمسؤول رفيع من وفد "أرض الصومال" يسعى هذا الإقليم إلى توقيع اتفاق لتصدير الغاز من مشروع أوغادين للغاز الطبيعي المسال عبر ميناء بربرة، في خطوة قد توسّع التجارة بين الجانبين خاصة أن إثيوبيا تعتمد حاليا بشكل شبه كامل على ميناء جيبوتي.
كما أبدت "أرض الصومال" اهتماما بالاستفادة من الكهرباء التي يولدها سد النهضة الإثيوبي، وتسعى لتوقيع اتفاق لنقل الطاقة.
مساعٍ للاعتراف الدوليعقب عودة إيرو إلى هرغيسا، وصفت وزارة الخارجية زيارته بأنها "ناجحة" وأسهمت في تعزيز "روابط الصداقة والتعاون والاحترام المتبادل" مع أديس أبابا.
ويرى محللون أن ميناء بربرة لا يزال في صدارة أجندة المحادثات الاقتصادية بين "أرض الصومال" وإثيوبيا، لكن هذه الأجندة تخفي خلفها هدفًا أكبر هو السعي الحثيث للاعتراف الدولي.
فمنذ إعلان الانفصال عن الصومال عام 1991، لم تعترف أي دولة رسميا بـ"أرض الصومال" كدولة مستقلة.
وفي عام 2024، عرضت إثيوبيا الاعتراف بـ"جمهورية أرض الصومال" مقابل الحصول على حق إنشاء قاعدة بحرية على جزء من ساحلها، بموجب مذكرة تفاهم أثارت غضب الصومال التي تعتبر الإقليم جزءًا من أراضيها.
إعلانوهددت مقديشو بطرد القوات الإثيوبية من أراضيها، حيث تلعب دورا مهما في محاربة "حركة الشباب المجاهدين" الصومالية.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، توسطت تركيا لإنهاء الخلاف، وتراجعت إثيوبيا عن المضي في مذكرة التفاهم، تزامنا مع تولي إيرو الرئاسة، وهو الذي كان معارضا للاتفاق في فترة المعارضة.
اهتمام أميركي متزايدعاد ملف الاعتراف بـ"جمهورية أرض الصومال" إلى الواجهة مؤخرا بعد تصريحات من واشنطن التي تبدي اهتماما بإنشاء قاعدة عسكرية في بربرة، خاصة في ظل وجود قاعدة صينية في جيبوتي حيث تقع القاعدة الأميركية الوحيدة على البحر الأحمر.
وفي أغسطس/آب الماضي، دعا السيناتور الأميركي تيد كروز الرئيس دونالد ترامب إلى الاعتراف بـ"أرض الصومال" واصفا الإقليم بأنه "شريك أمني ودبلوماسي مهم للولايات المتحدة".
كما قدم النائب الجمهوري سكوت بيري مشروع قانون يمنح ترامب صلاحية الاعتراف باستقلال "جمهورية أرض الصومال".
ورغم أن زيارة إيرو إلى أديس أبابا أحاطتها تكهنات بإمكانية إعادة طرح ملف الاعتراف الإثيوبي، فإن مسؤولا من "أرض الصومال" أكد أن "أي قضايا خلافية لم تُطرح" وأن الاعتراف لم يُناقش، لكنه أضاف أن الإقليم لا يزال واثقا من نيل الاعتراف قريبا، قائلا "نتوقع أن يتم هذا العام".
هل تعترف إثيوبيا؟لكن غيتاتشو ريدا مستشار رئيس الوزراء الإثيوبي للشؤون الأفريقية صرّح في 30 سبتمبر/أيلول الماضي بأن بلاده "لن تكون الأولى في الاعتراف بأرض الصومال، ولن تكون الثالثة أيضا" مشيرا إلى أن الاعتراف الأميركي قد يدفع أديس أبابا إلى اللحاق سريعا.
وفي الوقت الذي كان فيه إيرو يزور أديس أبابا، كان وزير دفاعه في واشنطن يلتقي مشرعين أميركيين ومسؤولين في البنتاغون.
ومع ذلك، يقول مسؤول من "أرض الصومال" إن الأميركيين "قرروا القدوم" إلى بربرة، لكنهم "يتحركون ببطء" ولم يحددوا بعد طبيعة القاعدة العسكرية التي يريدونها.
وكل ذلك يشير إلى أن الاعتراف الدولي بـ"جمهورية أرض الصومال" بحلول نهاية 2025 لا يزال احتمالا بعيدا، لكن التطورات القادمة قد تحمل مفاجآت.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات جمهوریة أرض الصومال میناء بربرة أن الاعتراف أدیس أبابا
إقرأ أيضاً:
وزير الداخلية الفرنسي يدعو إلى تحريك العلاقات مع الجزائر وسط أزمة دبلوماسية
أبدى وزير الداخلية الفرنسي الجديد لوران نونيز، رغبة بلاده في إعادة فتح قنوات الحوار مع الجزائر بعد أكثر من عام على توتر غير مسبوق في العلاقات الثنائية، مؤكدًا أن مراجعة اتفاق 1968 المنظّم لوضع الجزائريين في فرنسا "ليست مطروحة حاليًا للنقاش".
وقال نونيز، في تصريح لإذاعة "فرانس إنتر"، أمس الأحد إن التوتر القائم مع الجزائر "أدى إلى غياب التعاون الأمني وتوقف تبادل المعلومات بين البلدين"، مضيفًا: "وهذا يُشكّل مشكلة كبيرة بالنسبة لوزير الداخلية، ولذلك من الضروري أن يحدث تحرّك في هذا الملف، وأن نُعيد في وقت ما فتح الحوار مع الجزائريين حول المسائل الأمنية وتبادل المعلومات".
وتشهد العلاقات بين باريس والجزائر أزمة دبلوماسية متواصلة منذ أكثر من عام، على خلفية خلافات بشأن ملف الهجرة وترحيل الجزائريين المقيمين بشكل غير قانوني في فرنسا، إذ تتهم باريس الجزائر برفض استعادة رعاياها الذين صدرت بحقهم أوامر بمغادرة الأراضي الفرنسية.
وأوضح نونيز أن "40 بالمئة من المهاجرين الموجودين في مراكز الاحتجاز الإداري بفرنسا هم من الجزائريين"، مشيرًا إلى ضرورة استئناف إصدار تراخيص المرور القنصلية، التي تسمح بترحيل المهاجرين غير النظاميين إلى بلدهم الأصلي، لكنه أكد أنه لم يتواصل بعد مع نظيره الجزائري بهذا الشأن.
ورفض الوزير الفرنسي الخوض في مسألة تعديل اتفاق 1968، الذي يمنح الجزائريين امتيازات خاصة تتعلق بحرية التنقل والإقامة والعمل في فرنسا، قائلاً: "الاتفاق قائم ويعمل، ربما ليس بشكل مثالي، أعترف بذلك، لكن في الوقت الراهن ليس مطروحًا للنقاش".
وكان تقرير برلماني نُشر في 15 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، أعدّه النائبان عن حزب الرئيس إيمانويل ماكرون، ماتيو لوفيفر وشارل رودويل، قد دعا إلى مراجعة التسهيلات الممنوحة للجزائريين بموجب هذا الاتفاق، معتبرًا أن "الوضع الخاص" الذي يمنحهم امتيازات لم يعد مبررًا في ظل التحولات الديموغرافية والسياسية الراهنة.
وفي وقت سابق، كان وزير الداخلية السابق برونو ريتايو قد عبّر مرارًا عن رغبته في إعادة النظر في الاتفاق ذاته، في إطار سياسة أكثر تشددًا تجاه ملف الهجرة، الذي يشكل أحد أبرز ملفات الجدل السياسي في فرنسا.
وتُعد الجالية الجزائرية الأكبر عددًا بين الجاليات الأجنبية المقيمة في فرنسا، حيث بلغ عدد الجزائريين المسجلين رسميًا عام 2024 نحو 650 ألف شخص، كما يحتل الجزائريون المرتبة الثانية من حيث الحصول على أول تصريح إقامة، وفق بيانات وزارة الداخلية الفرنسية.
كما يُشكل الجزائريون أكبر جنسية بين الموقوفين في قضايا الإقامة غير النظامية، بعدد بلغ نحو 33,754 شخصًا عام 2024، بحسب الأرقام الرسمية.
وتمثل تصريحات نونيز محاولة لفتح صفحة جديدة مع الجزائر، بعد أشهر من الفتور الدبلوماسي الذي انعكس على التعاون الأمني ومكافحة الهجرة غير الشرعية، في وقت تواجه فيه الحكومة الفرنسية ضغوطًا داخلية متزايدة لتشديد سياساتها تجاه المهاجرين، دون الإضرار بعلاقاتها مع الشريك المغاربي الأكبر.
وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وباريس تصاعدت بشكل حاد عقب إعلان فرنسا دعمها العلني لخطة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب كحل لقضية الصحراء الغربية، وهو ما اعتبرته الجزائر انحيازًا واضحًا للموقف المغربي، زاد من حدة التوتر السياسي وأدخل العلاقات بين البلدين في نفق من الجمود غير المسبوق.