80 عاما من العلاقات السورية الروسية
تاريخ النشر: 22nd, October 2025 GMT
تُعد سوريا واحدة من أقدم نقاط الارتكاز في الإستراتيجية الروسية بالشرق الأوسط، ولا يمكن فهم حضور موسكو في المنطقة دون العودة إلى جذور العلاقة بين الطرفين التي بدأت منذ أربعينيات القرن العشرين.
فقد كانت موسكو من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال سوريا وأقامت معها علاقات دبلوماسية رسمية عام 1944.
وسرعان ما خرجت هذه العلاقة سريعا من إطار التمثيل الدبلوماسي التقليدي، لتتحوّل إلى شراكة سياسية ذات بُعد أيديولوجي خلال الحرب الباردة، حيث وجدت سوريا في الاتحاد السوفياتي داعما سياسيا في مواجهة القوى الغربية، بينما رأت موسكو في سوريا بوابة إلى المياه الدافئة ونقطة متقدمة في صراع النفوذ العالمي.
مع تسلُّم حافظ الأسد السلطة عام 1970، انتقلت العلاقات بين دمشق وموسكو إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، حيث مُنحت البحرية السوفياتية تسهيلات في ميناء طرطوس منذ عام 1971، قبل أن تتعزز هذه الشراكة رسميا بتوقيع معاهدة الصداقة والتعاون في 8 أكتوبر/تشرين الأول 1980.
ويشير الباحث الأميركي ريموند هينبوش في كتابه "سوريا.. الثورة من أعلى" أن هذه الخطوات لم تكن مجرد تعاون عابر، بل أسست لتحالف طويل الأمد جعل الاتحاد السوفياتي الداعم الدولي الأبرز لسوريا خلال الحرب الباردة، ولاحقا لروسيا الاتحادية بعد عام 1991.
وعلى المستوى العسكري تحديدا، أصبحت سوريا أحد أكبر مستوردي السلاح السوفياتي في الشرق الأوسط، وشكّل الخبراء العسكريون الروس العمود الفقري لتحديث الجيش السوري خلال العقود اللاحقة، وأمست موسكو شريكا في صناعة النخبة العسكرية والفنية خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين.
فمنذ سبعينيات القرن الماضي، أرسلت دمشق آلاف الضباط والمهندسين والأطباء والاختصاصيين المدنيين للدراسة والتدريب في الأكاديميات العسكرية والجامعات السوفياتية، في إطار برنامج تعاون منظم شمل المؤسسة العسكرية السورية والبنية التعليمية والتقنية للدولة.
إعلانويشير الباحث الأميركي رايموند هينبوش إلى أن هذا التعاون أسهم في إعادة هيكلة الجيش السوري وفق عقيدة التدريب السوفياتي، مما عزز مكانة موسكو كحليف إستراتيجي رئيس لدمشق خلال الحرب الباردة.
وانعكس الأمر على المستوى الثقافي حيث شهدت تلك الفترة إرسال آلاف الطلاب السوريين للدراسة في الجامعات السوفياتية، مما أسهم في تأسيس نخبة سورية متأثرة بالفكر السياسي الروسي.
بل إن باتريك سيل يؤكد في كتابه "الأسد، الصراع على الشرق الأوسط" أن حجم التنسيق والتفاهم بين الجانبين حينئذ بلغ حد التوافق في كل مسائل الشرق الأوسط تقريبا، مع الدعم المطلق للثورة الإيرانية التي فتحت الباب لطرد الأميركان من إيران.
وكما يقول: رخص السوفيات لسوريا وليبيا بيع أسلحة سوفياتية لإيران، وكانت هناك تقارير فورية عن جسر جوي من سوريا بين طهران ودمشق.
وقد شهدت العلاقات بين موسكو ودمشق فتورا واضحا خلال تسعينيات القرن الماضي عقب تفكك الاتحاد السوفياتي وانشغال روسيا بأزماتها الداخلية، غير أنها بدأت تستعيد زخمها تدريجيا مع وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة مطلع الألفية الجديدة.
وقد شكّل عام 2005 نقطة تحول حاسمة حين قررت موسكو شطب الجزء الأكبر من الديون السورية المتراكمة منذ الحقبة السوفياتية وإعادة جدولتها، في خطوة اعتُبرت إعلانا لعودة روسيا كلاعب مؤثر في الساحة السورية.
ويشير الباحث الروسي نيكولاي كوزهانوف، في تحليلاته الصادرة عن مركز كارنيغي ومعهد تشاتهام هاوس، إلى أن سوريا كانت منصة رئيسية لاستعادة النفوذ الروسي في الشرق الأوسط خلال المرحلة البوتينية.
ولكن شهدت سوريا منذ عام 2011 واحدة من أعقد الأزمات في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، إذ تحولت موجة الاحتجاجات التي بدأت بطابع سياسي واجتماعي إلى ثورة شاملة، وصراع مسلح متعدد الأطراف.
ووفق تقديرات صادرة عن الأمم المتحدة ومعهد ستوكهولم لأبحاث السلام، فقد أسفر النزاع خلال سنواته الأولى عن سقوط مئات الآلاف من الضحايا وتشريد ما يزيد على نصف السكان داخليا وخارجيا، ولجأ ملايين السوريين إلى دول الجوار وأوروبا، في واحدة من أكبر موجات اللجوء في القرن الحادي والعشرين.
ولم تكن موسكو بعيدة عن تطورات الأزمة السورية منذ اندلاعها، إذ وفّرت لدمشق غطاء دبلوماسيا ثابتا في مجلس الأمن عبر سلسلة من عمليات الفيتو، بالتوازي مع استمرار التعاون العسكري الذي مهّد للتدخل الروسي المباشر عام 2015.
ويشير الباحث الروسي ديمتري ترينين في دراسته الصادرة عن مركز كارنيغي تحت عنوان "روسيا والشرق الأوسط: عودة موسكو إلى المنطقة" إلى أن الكرملين نظر إلى سوريا بوصفها ساحة دفاع متقدمة عن مصالحه الجيوسياسية.
وقامت روسيا بتأسيس قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية لتعزيز وجودها العسكري، ثم فعّلت حضورها البحري في ميناء طرطوس ضمن إطار اتفاقات طويلة الأمد تحت شعار مكافحة الإرهاب ودعم استقرار الدولة السورية.
إعلانوفي بداية سبتمبر/أيلول 2015 تحول التدخل العسكري الروسي في سوريا لمرحلة الاشتراك العسكري الميداني المباشر بعد مرحلة الدعم السياسي والدبلوماسي التي سبقت ذلك؛ حيث بدأت موسكو بإعادة تشكيل ميزان القوى على الأرض من خلال بناء قوة جوية ضاربة في الساحل السوري.
أطلق الجيش الروسي تدخله العسكري المباشر في سوريا بتجميع قوة جوية ضاربة في قاعدة حميميم بمحافظة اللاذقية، تشكلت من طائرات هجومية وقاذفات ومقاتلات متعددة المهام إلى جانب المروحيات وطائرات الاستطلاع المسيرة.
وبالتوازي مع هذا الانتشار الجوي، عززت موسكو وجودها البري في القاعدة عبر نشر وحدات من مشاة البحرية الروسية وعناصر مدرعة مع أنظمة دفاع جوي ورادارات متقدمة لتأمين المجال الجوي فوق الساحل السوري.
وهو ما فسره الباحث العسكري مايكل كوفمان من مؤسسة سي إن إيه بأنه جزء من عقيدة روسية تستند إلى فرض "تفوق جوي دفاعي" عبر دمج القوة الجوية مع أنظمة الحماية الأرضية لضمان استقرار التموضع العسكري في مسارح العمليات الخارجية.
وفي 30 سبتمبر/أيلول 2015، طلب بوتين تفويضا رسميا من مجلس الاتحاد الروسي لإرسال قوات مسلحة إلى سوريا، وهو ما وافق عليه المجلس بالإجماع في اليوم نفسه تحت ذريعة "محاربة الإرهاب" وضمان "استقرار الدولة السورية"، كما ورد في تغطية وكالة تاس الروسية.
ووفقا لبعض المصادر الإخبارية وقتها فإن التدخل الروسي جاء بناء على طلب رسمي من الرئيس السوري بشار الأسد، الذي منح موسكو حق استخدام القواعد الجوية في اللاذقية وطرطوس.
بعد ساعات فقط من حصول الكرملين على التفويض البرلماني بالتدخل العسكري في سوريا، انطلقت أولى الضربات الجوية الروسية لتستهدف مدنا وبلدات سورية بداية من الرستن وتلبيسة والزعفرانية في ريف حمص، قبل أن تمتد لاحقا إلى حلب وإدلب وريف دمشق ودير الزور وحماة وغيرها.
ورغم أن موسكو بررت عملياتها بأنها "ضد الإرهاب"، فإن منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش والشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت سقوط آلاف الضحايا المدنيين نتيجة القصف العشوائي واسع النطاق الذي استُخدمت فيه صواريخ فراغية وقنابل عنقودية وقذائف بعيدة المدى.
وفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2015 أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية أن بلاده نشرت أكثر من 50 طائرة حربية في سوريا خلال فترة قياسية، مؤكدا أن جزءا كبيرا من العتاد العسكري كان مخزنا مسبقا في مستودعات طرطوس البحرية.
وبعد 3 أشهر فقط نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين أميركيين قولهم إن روسيا نجحت بتكلفة منخفضة نسبيا في منع انهيار النظام السوري.
وقد أشارت تقارير صحفية وتحقيقات دولية، أبرزها ما نشرته وكالة رويترز في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 إلى أن الدور الروسي تجاوز ذلك بكثير، مشيرة إلى أن شركات أمنية روسية خاصة مثل "فاغنر" شاركت فعليا في المعارك البرية إلى جانب قوات النظام، في تنسيق وثيق مع وزارة الدفاع الروسية.
وقد خاضت هذه القوات معارك في مناطق مثل تدمر ودير الزور، وساعدت في تأمين حقول النفط والغاز لصالح دمشق وموسكو معا.
ومنذ عام 2017 دخل الدور الروسي في سوريا مرحلة أعمق من التدخل العسكري المباشر، حيث تحولت موسكو إلى الفاعل الأبرز في إدارة الصراع السوري عبر مسار أستانا إلى جانب تركيا وإيران، كما انخرطت في إعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية السورية، وأشرفت على اتفاقات المصالحات في درعا والغوطة وحمص لإعادة مناطق المعارضة إلى سيطرة النظام.
وبين عامي 2019 و2023 عززت روسيا وجودها طويل الأمد بشرعنة قواعدها في حميميم وطرطوس بعقود تمتد حتى 49 عاما، وسيطرت على عقود الطاقة والفوسفات والمرافئ، وحافظت على تفاهمات ميدانية مع إسرائيل سمحت للأخيرة بضرب مواقع إيران في سوريا تجنبا للاحتكاك المباشر.
إعلان حقبة جديدة تتشكلولكن مع تصاعد الضغط الاقتصادي على دمشق وتزايد التنافس الروسي الإيراني على القرار السوري بعد 2022، حاولت موسكو لعب دور الوسيط بين شبكات النفوذ داخل النظام، غير أنها فشلت في منع تآكل السلطة المركزية، وصولا إلى انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024.
وعقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، بدا أن نفوذ روسيا في سوريا قد وصل إلى مفترق طرق، ورغم مشهد انسحاب العديد من القوات الروسية من الداخل السوري إلى الساحل، فقد تمكنت موسكو من الاحتفاظ بقاعدتيها الرئيسيتين الجوية في حميميم، والقاعدة البحرية في طرطوس.
واللافت أن موسكو سارعت بعد التغيير السياسي في دمشق إلى تثبيت قنوات الاتصال مع القيادة السورية الجديدة، مستفيدة من الصورة التي تحتفظ بها لدى قطاعات من السوريين باعتبارها قوة دولية مؤثرة يمكن التعامل معها بواقعية سياسية.
وفي المقابل اعتمدت حكومة أحمد الشرع خطابا براغماتيا تجاه روسيا، إدراكا لأهمية استمرار التعاون معها في مجالات الطاقة والقمح والتسليح والدعم الدبلوماسي داخل الأمم المتحدة.
ووفقا لحنا نوت، مديرة ملف أوراسيا بمركز "جيمز مارتن" لحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل، في مقالها الذي ترجمته الجزيرة نت، فكما تستخدم دمشق انفتاحها على موسكو كورقة توازن في معادلة النفوذ الداخلي والخارجي؛ فإنها توجّه من خلاله رسالة إلى بقايا شبكات النظام السابق بأنها ليست معزولة، وإلى العواصم الغربية بأنها تملك بدائل إستراتيجية إذا فشلت محاولات تطبيع العلاقات معها، إضافة إلى رهانها على أن الوجود الروسي قد يسهم في الحد من العمليات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية.
ولكن من المرجح بحسب تقديرات مراكز أبحاث "كارنيغي موسكو" و"المجلس الروسي للعلاقات الدولية"، أن موسكو لن تستعيد موقع اللاعب المهيمن في سوريا كما كانت خلال سنوات ما قبل التغيير، بفعل استنزافها في أوكرانيا وتراجع قدرتها الاقتصادية.
ورغم أنها ستسعى إلى الحفاظ على نفوذ عسكري وسياسي متواضع، فإن الفاعلية الكبرى في صياغة مستقبل سوريا ستكون على الأرجح لدول الخليج وتركيا وربما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إذا زاد انخراطهما في الملف السوري.
وتشير بعض التحليلات الجيوسياسية إلى أن الوجود الروسي في سوريا بات جزءا ثابتا من معادلات الصراع الإقليمي، وأن التعامل معه كواقع إستراتيجي يبدو أكثر عقلانية من محاولات عزله أو إقصائه عبر الضغط الدبلوماسي، إذ إن ذلك قد يدفع دمشق إلى مزيد من الارتهان لموسكو أو الارتماء في تحالفات أكثر تشددا.
وفي هذا السياق يذهب الباحث الروسي نيكيتا سماجين في دراسته الصادرة عن مركز كارنيغي للسلام الدولي بعنوان "نهج روسي جديد في سوريا" إلى أن موسكو لم تعد تتعامل مع الملف السوري بوصفه ورقة نفوذ عابرة، بل كمجال إستراتيجي مستدام يجب إدارته من خلال موازنة علاقاتها مع أطراف إقليمية متعددة.
ومن ثَم -بحسب سماجين- فإن المقاربة الأكثر واقعية للحد من النفوذ الروسي لا تقوم على الصدام المباشر، بل على تعزيز استقرار الدولة السورية وإعادة بناء مؤسساتها واقتصادها بما يقلّص هشاشتها الداخلية ويمنحها قدرة أكبر على تنويع شراكاتها الخارجية بدل الارتهان لطرف واحد.
ولهذا السبب شهدت موسكو في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2025 حدثا لافتا بزيارة الرئيس أحمد الشرع في أول تحرك باتجاه روسيا بعد انتقال السلطة في دمشق، وهي زيارة عكست انتقال العلاقات السورية الروسية من مرحلة التحالف مع النظام السابق إلى صيغة جديدة قائمة على المصالح الإستراتيجية المستمرة.
ووفق ما نشرته وكالة تاس وصحيفة إزفستيا الروسيتان، فقد هيمنت على المباحثات ملفات الوجود العسكري الروسي في سوريا، ولا سيما مستقبل قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية، مع تأكيد الكرملين أن العلاقة بسوريا تقوم على ثوابت جيوسياسية تتجاوز التغيرات السياسية الداخلية.
وقد قدّم بوتين للشرع تطمينات بأن موسكو مستمرة في دعم استقرار الدولة السورية مع الانفتاح على ترتيبات تعاون جديدة لا تقوم على الإرث الأمني والعسكري فحسب، بل تمتد إلى الاقتصاد والطاقة وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة.
وقد طُرحت خلال المباحثات 3 محاور رئيسية للتفاهم تتمثل في الإبقاء على الوجود العسكري الروسي ضمن إطار قانوني متفق عليه، وتوسيع الاستثمارات الروسية في قطاعات الطاقة وإعادة الإعمار، وتأسيس آلية تنسيق أمني إقليمي تشمل العلاقة مع كل من تركيا وإسرائيل وإيران.
إعلانوبذلك مثلت زيارة الشرع إلى موسكو إيذانا ببدء مرحلة إدارة المصالح المشتركة بدلا من التحالف المطلق، مع احتفاظ روسيا فيما يبدو بدورها كضامن رئيسي لمعادلات القوة في سوريا ما بعد الأسد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الاتحاد السوفیاتی الروسی فی سوریا الشرق الأوسط بشار الأسد أن موسکو إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا وراء رفض سوريا الاتفاقيات السابقة مع روسيا عقب زيارة الشرع؟
أحدث إعلان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني عن رفض سوريا للاتفاقيات التي وقعها النظام السوري المخلوع مع روسيا، وذلك بعد الزيارة الأولى التي أجراها الرئيس السوري أحمد الشرع إلى موسكو، قراءات مختلفة بين المراقبين.
ففي حين اعتبر بعض المراقبين أن التصريحات تؤشر إلى "فشل" الزيارة، نتيجة الملفات "الثقيلة والشائكة"، رأى قسم آخر أن دمشق تسعى لتحسين لإعادة النظر في تلك الاتفاقيات مع بداية العهد السوري الجديد.
وكان الوزير الشيباني قد قال في مقابلة مع قناة "الإخبارية" السورية الرسمية، إن "التعامل مع روسيا كان فيه تدرج ولم تحصل أي اتفاقيات جديدة، والاتفاقيات بين روسيا والنظام السابق معلقة، ولا نقبل بها"، كاشفاً عن مفاوضات جارية مع روسيا حول القواعد في سوريا.
وتعليقاً، يقول الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الروسي رائد جبر من موسكو، إن إعلان الشيباني رفض الاتفاقيات السابقة، لا يُعد مؤشراً على فشل زيارة الشرع إلى روسيا، معتبراً أن "الحكم على نتائج الزيارة سيتضح من خلال مسار العلاقة بين دمشق وموسكو، بمعنى هل تتجه العلاقات إلى التطبيع وحلحلة القضايا العالقة".
وأضاف لـ"عربي21" أن مراجعة الاتفاقيات السابقة يبدو "أمرا منطقياً"، والرئيس السوري قال من الكرملين إن بلاده تحترم الاتفاقات السابقة، مستدركاً: "لكن هذا الاحترام لا يعني الالتزام الكامل بنصوص الاتفاقيات".
وبحسب جبر، تم التفاهم بين روسيا وسوريا على مراجعة الاتفاقيات السابقة أثناء زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى روسيا قبل شهر، وقال: "من الطبيعي أن تتم مراجعة الاتفاقات السابقة".
أما الكاتب المختص بالشأن الروسي طه عبد الواحد، يضع تصريحات الشيباني في إطار محاولة حكومة دمشق تطويق حالة الاستياء المجتمعي السوري من توجه السلطة نحو إعادة ترتيب العلاقة مع روسيا.
وقال لـ"عربي21": "الشيباني أعلن تعليق الاتفاقيات، ولم يلغها، بمعنى أن دمشق فتحت الباب أمام إدخال التعديلات على تلك الاتفاقيات بما يتناسب مع سوريا الجديدة".
وأشار عبد الواحد، إلى غياب التصريحات الروسية التي تؤشر إلى فشل زيارة الشرع، وقال: "الواضح أن الأوضاع تسير نحو إعادة ترتيب العلاقة بين دمشق وموسكو، والسلطات السورية تحتاج إلى تصريحات مطمئنة للسوريين، الذين يصنفون روسيا ضمن خانة الأعداء".
ولفت الكاتب إلى تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي تحدث فيها عن عدم ممانعة روسيا بإعادة النظر في الاتفاقيات السابقة، وقال: "تدرك روسيا أن سوريا في مرحلة جديدة لا تشبه المرحلة السابقة".
ملفات ثقيلة
في المقابل، يقول الباحث والمحلل السياسي فواز المفلح، إنه "رغم حفاوة استقبال بوتين للشرع، إلا أن الملفات الخلافية لم تُحسم، وخاصة ملف القواعد العسكرية الروسية في سوريا، التي رهنها النظام البائد، ومصير بشار الأسد الهارب، بجانب الأموال السورية التي نُقلت إلى روسيا، وأخيراً الديون الروسية المتراكمة على سوريا".
بذلك، لا يستبعد المحلل السياسي في حديثه لـ"عربي21" أن تكون الزيارة "غير موفقة"، ويقول: "عموما لا بد من الانتظار لمعرفة نتائج الزيارة".
زيارة مهمة
من جهته أشار المحلل السياسي الخبير بالشأن الروسي نصر اليوسف إلى الاهتمام الرسمي الكبير الروسي بزبارة الرئيس السوري أحمد الشرع.
وقال لـ"عربي21" إن سوريا من الدول المهمة، وروسيا حريصة كما غيرها من الدول على الحفاظ على علاقة "معقولة" مع سوريا، ودمشق كذلك واعية لأهمية روسيا وتسعى إلى ذلك أيضاً.
ومنذ تدخلها العسكري في سوريا دعماً للنظام البائد، حازت روسيا على اتفاقيات توصف بـ"الجائرة" منها الاحتفاظ بقواعد عسكرية في الساحل السوري، بجانب عقود الفوسفات والطاقة وغيرها.