بوابة الوفد:
2025-10-22@09:30:36 GMT

حكم القرض جبرًا لخاطر الناس في الإسلام

تاريخ النشر: 22nd, October 2025 GMT

القرض.. قالت دار الإفتاء المصرية إن إقراض المال للناس مِن أقرب القُرُبات، والأصل فيه أن يكون عن تراضٍ لا سيما وأنَّه من عقود التبرعات، وإن شَابَهُ شيءٌ من كراهة باطنة فلا تُؤثِّر في صحة العقد ما دام تَمَّ بإيجابٍ وقبولٍ.

القرض من أعظم القربات إلى الله تعالى:

وأوضحنت أن القرض مِن الأمور المندوب إليها لما يرمي إليه من تنفيس الكُرُبات وإقالة العثرات وإعانة المحتاج والرِّفْق به والإحسان إليه دون نفعٍ يبتغيه الـمُقرض أو مقابلٍ يعود عليه؛ ولذا يضاعف الله به الأجر والثواب، كما جاء في قول الله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة: 245]، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 11].

القرض في السنة:

وهو أيضًا ما نَصَّت عليه السُّنَّة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» أخرجه الإمام مسلم.

حكم إقراض الناس جبرا لخاطرهم مع كراهية ذلك

والأصل الذي تُبنَى عليه العقود المالية من المعاملات الجارية بين العباد هو أن تكون عن طِيْب نَفْسٍ وتراضٍ مِن كلا الطرفين، لا سيما عقد القرض؛ لأنه مِن عقود الإرفاق والتبرعات، فعن أبي حُرَّة الرَّقَاشِيِّ، عن عمِّه رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» أخرجه الإمام البيهقي في "السنن الكبرى".

قال المُلَّا عليٌّ القَارِي في "مرقاة المفاتيح" (7/ 1974، ط. دار الفكر): [«إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ» أي: بأمرٍ أو رضا منه] اهـ. ولما كانت حقيقة الرضا -المدلول عليه في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].- أمرًا خفيًّا وضميرًا قلبيًّا اقتضت الحكمة رد الخلق إلى مرد كلي وضابطٍ جلي يُستدل به عليه، وهو الإيجاب والقبول الدالان على رضا العاقدين، كما أفاده الإمام شهاب الدِّين الزنجاني في "تخريج الفروع على الأصول" (ص: 143، ط. مؤسسة الرسالة)، والإمام صفي الدِّين الهندي في "نهاية الوصول في دراية الأصول" (2/ 314-315، ط. المكتبة التجارية).

القرض
والإيجاب والقبول هو التعبير الشرعي الظاهر عما في القلب من اتفاق على العقد، فكل ما دلَّ على الإيجاب والقبول فهو كافٍ في انعقاده، ومن ثمَّ فلا يؤثر كُرهُهُ الباطن في صحة العقد؛ لأن من قواعد الإسلام الثابتة أن الحكم في دار الدنيا إنما هو باعتبار الظاهر، وأما باعتبار البواطن والسِّرِّ فأمر ذلك ليس إلى الخلق؛ إذ حسابهم -أي: حساب بواطنهم وسرائرهم- على الله سبحانه وتعالى؛ إذ هو المطَّلِعُ وحده على ما فيها.

فقد روى الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ».

ومعنى ذلك أنَّه أُمر صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتفي بظواهر أحوال المسلمين ولم يؤمر بالبحث عن أحوالهم والاطلاع على ما هو مطوي عنه في قرائر نفوسهم؛ لأن الناس لهم الحكم بالظاهر والله يتولى السرائر. كما أفاده الإمام النووي في "شرح النووي على مسلم" (7/ 163، ط. دار إحياء التراث العربي)، والأمير الصنعاني في "التنوير" (4/ 219، ط. مكتبة دار السلام).

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: القرض حكم القرض القرض شرعا القرض الحسن صلى الله علیه

إقرأ أيضاً:

حكم قراءة القرآن بحسب المقامات الموسيقية؟

حكم قراءة القرآن بحسب المقامات الموسيقية؟ سؤال يسأل فيه الكثير من الناس فأجاب بعض أهل العلم وقال استحب العلماء تحسين الصوت عند قراءة القرآن وترتيله، وقالوا: وهذا لا نزاع فيه، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "زينوا القرآن بأصواتكم (رواه أبو داود والنسائي)" وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن (رواه مسلم)" وقوله -صلى الله عليه وسلم-: لأبي موسى الأشعري عندما سمعه يقرأ القرآن وكان حسن الصوت: لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود (رواه البخاري ومسلم).


قال ابن قدامة: اتفق العلماء على أنه يستحب قراءة القرآن بالتحزين والترتيل والتحسين. (ابن قدامه: المغني 10/312) لقوله -صلى الله عليه وسلم-: اقروا القرآن بالحزن فإنه نزل بالحزن.

اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: لا يجوز قراءة القرآن بالتلحين بحسب المقامات الموسيقية، ذهب الى هذا الإمام مالك وأحمد وجمع من أهل السلف منهم سعيد بن جبير وسعيد من المسيب والحسن البصري وابن سيرين والنخعي وأنس بن مالك والطبري والماوردي والقرطبي وابن تيمية وابن قيم الجوزية وغيرهم، ومنهم من حكاه اجماعا وقال: لم يثبت فيه نزاع. وحجتهم في ذلك.
-إن تلاوة القرآن أمر تعبدي يلزم فيه هدي من الكتاب أو السنة الشريفة، ولا هدى في ذلك ولا دليل في استعمال المقامات في تلاوة القرآن الكريم.


-استعمال المقامات فيه تشبه بأهل الغناء من الفنانين، والجلوس مع المطربين ليتعلم لحن المقامات وتطبيقه على تلاوة القرآن، ومفاسد ذلك ظاهرة على المصالح ودرئها أولى.
-طريقة الألحان فيها تهييج للطباع وتلهي عن التدبر والتأمل المقصود في معاني القرآن الكريم
-علم المقامات علم مستحدث لا علاقة له ولا صلة بعلم القراءات، نشأ في بيئة المطربين والمغنيين، مضبوط بطابع وايقاع موسيقى معين، ومرتبط بآلات اللهو والطرب كما هو الحال بالمقامات الأندلسية والبغدادية.
-تحسين الصوت بالقرآن يكون من حيث أدائه على الوجه الصحيح من حيث: تطبيق الأحكام الخاصة بالتلاوة، كمراعاة الادغام والاظهار والاخفاء والمد والاقلاب، والامالة والتحقيق والتسهيل والابدال، والثقل والمحافظة على المعاني والسلامة من اللحن ومخارج الحروف وغير ذلك.
القول الثاني:
يجوز قراءة القرآن بألحان المقامات الموسيقية، وذهب الى هذا الامام أبو حنيفة والشافعي وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابن عباس وعطاء وابن المبارك وغيرهم.
قال السيوطي: قراءة القرآن بالألحان والأصوات الحسنة إن لم تخرجه عن هيئته المعتبرة فهو سنة حسنة، وان أخرجته فحرام. وحجتهم في ذلك.
-قوله صلى الله عليه وسلم-:ما أذن الله بشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن (رواه مسلم) وقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) (صحيح البخاري) ومعلوم عند ذوي الحجا أن الترنم والتغني بالقرآن لا يكون الا بالصوت اذا حسنه وطرّب به، ومن أبين البيان أن التغني بالقرآن وتزيينه وتحسين الصوت به والتطريب بقراءته أوقع في النفس وادعى الى الاستماع والاصغاء لنفاذ معانيه الى القلب، وفيه تعويض للنفس عن الغناء، كما عوّض عن كل محرم بما هو خير منه، كالاستخارة عن الاستقسام بالأزلام، والنكاح عن السفاح.

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: الإسلام وضع أسس الوحدة وجعلها من أصول الدين
  • فضل بر الأم.. وكيف يكون البر في الإسلام؟
  • مفتي الجمهورية: الإسلام وضع أسس الوحدة وجعلها أصلًا من أصول الدين
  • بركة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم على الكعبة المشرفة
  • بين رضا الله ورضا أعدائه .. آية تقرر مصير أمة
  • الإفتاء: البر والإحسان إلى الوالدين لا يسقط بإساءة أحدهما للآخر
  • فتاوى | التصرف الشرعي لشخص دائم الشك في مرات السجود أثناء الصلاة.. النقوط فى المناسبات هل دين أم هدية؟ ماذا يفعل المسلم إن أصابه هم أو بلاء؟
  • حكم قراءة القرآن بحسب المقامات الموسيقية؟
  • حكم إقراض المال مع الكراهية.. مفتي الجمهورية يجيب