بعثت فرنسا برسائل تهدئة إلى الجزائر على لسان وزير خارجيتها لوران نونييز، رأى متابعون أنها قد تكون محاولة لاحتواء التوتر المتصاعد بين البلدين، وسط قلق فرنسي من استمرار توقف التنسيق الأمني مع الجزائر.

وعلى مدى الأشهر الأخيرة عرفت العلاقات الجزائرية الفرنسية توترا وصف بغير المسبوق، وذلك على خلفية جملة من الأحداث، بينها أزمة ترحيل جزائريين من فرنسا واعتقال الكاتب المزدوج الجنسية بوعلام صنصال، والاعتراف الفرنسي بـ"مغربية الصحراء"، والجدل حول ملكيات فرنسا العقارية في الجزائر، وتلويح فرنسا أكثر من مرة بالنظر مجددا في اتفاقيات عام 1968، التي تتيح للجزائريين تسهيلات في الإقامة والتنقل والعمل داخل الأراضي الفرنسية.



ثم تلا ذلك ما بات يعرف بأزمة "الحقائب الدبلوماسية" بعد نشر الجريدة الرسمية في فرنسا إشعارا يخص تعليق الاتفاق الجزائري-الفرنسي لسنة 2013 الخاص بالإعفاء من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر "لمهمة"، حيث أشار الإشعار الفرنسي إلى أن الجزائر توقفت عن تطبيق الاتفاق منذ 11 أيار/ مايو 2025.

وبلغت العلاقات بين البلدين أدنى مستوياتها منذ صيف 2024 واعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي، التي يقترحها المغرب لحل قضية الصحراء.

مساعي احتواء التوتر
وفي محاولة منه على ما يبدو لاحتواء التوتر المتصاعد مع الجزائر، قال وزير الداخلية الفرنسي الجديد لوران نونيز إنه يريد "استئناف الحوار" مع الجزائر.

وأضاف في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية: "أُدرك أن التوتر الحالي مع الجزائر يعني أننا لم نعد نقيم علاقات أمنية معها، ولا أي تبادل أمني، وهذه مشكلة، بل مشكلة كبيرة".

وشدد على أنه في مرحلة ما سيتعين على فرنسا استئناف الحوار مع الجزائريين بشأن القضايا الأمنية وتبادل المعلومات.


وعندما سئل عن مقترح إعادة النظر في الامتيازات الممنوحة للجزائريين بموجب الاتفاق الفرنسي الجزائري لعام 1968، رفض لوران نونيز التعليق، وقال: "لدينا هذا الاتفاق وهو يؤدي غرضه، إنه ليس مثاليا تماما، أوافقكم على ذلك، ولكنه في الوقت الراهن ليس على جدول الأعمال".

أزمة انقطاع الخط الأمني

وزير الداخلية الفرنسي أكد أن انقطاع التنسيق الأمني مع الجزائر "من المشاكل التي تواجهها فرنسا منذ اندلاع الأزمة السياسية مع الجزائر، مضيفا أن الخط الأمني المباشر معها معطل بالكامل.

وفي هذا الإطار يؤكد الأكاديمي والمحلل السياسي الجزائري حكيم بوغرارة، أن التوتر في العلاقات الجزائرية الفرنسية انعكس عن التنسيق الأمني بين البلدين، مشيرا إلى أن رئيسة المخابرات الداخلية الفرنسية اشتكت من هذا الأمر للسلطات الفرنسية.

وأشار بوغرارة، في تصريح لـ"عربي21" إلى أن تذمر رئيسة المخابرات الداخلية الفرنسية، يمثل "إدانة لطريقة الدولة الفرنسية في إدارة الأزمة مع الجزائر".

واعتبر بوغرارة، أن باريس كانت متسبب في كل ما وصلت إليه العلاقات من التدهور في ظل "توظيف الأيديولوجيات الحزبية والأطماع السياسية ما قبل الانتخابات الرئاسية الفرنسية على حساب الجزائر".

ردع دبلوماسي

واعتبر بوغرارة أن الجزائر تعاملت بندية واستخدمت الردع الدبلوماسي من أجل وقف "الاستفزازات الفرنسية التي تستعملها دوائر مظلمة من اليمين المتصلب واليمين المتطرف في محاولة لتوجيه الرأي العام الفرنسي عن القضايا الداخلية وجعل الجزائر شماعة للفشل الفرنسي في تسيير الشأن الداخلي الفرنسي".


ونبه إلى أن الملف الأمني كان محور مهم جدا "جعل المؤسسات الاستخباراتية الفرنسية تعيش إرباكا كبيرا داخليا لأن الجزائر معروفة بقوة مؤسستها العسكرية وقدرتها للتصدي لمختلف الأزمات".

أصداء رسائل التهدئة الفرنسية في الجزائر

الأكاديمي والمحلل السياسي الجزائري حكيم بوغرارة، أكد في حديثه لـ"عربي21" أن تصريحات وزير الداخلية الفرنسي وحضور بعض الرسميين الفرنسيين لاحتفالات يوم الهجرة الذي ارتكبت فيه فرنسا مجازر كبيرة في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 1961، بحق متظاهرين جزائريين خرجوا في باريس للمطالبة باستقلال بلادهم عن الاستعمار الفرنسي، يمثل محاولة من فرنسا لإبداء مستوى من التهدئة مع الجزائر.

واعتبر أن توالي سقوط الحكومات والاتهامات فيما بعد بين أطراف السياسية الفرنسية وعديد الأحزاب كل ذلك "جعل الجزائر تخرج منتصرة من هذه الأزمة وجعل فرنسا تبعث برسائل تهدئة وتلميحات لضرورة العودة إلى الحوار والمفاوضات".

ولكنه لفت إلى أن إدارة العلاقات الدولية في الجزائر من شأن أعلى السلطات وبالتالي ما دامت الدوائر الرسمية الجزائرية لم ترد فتبقى هذه مجرد محاولات من الطرف الفرنسي من أجل تحقيق مكتسبات وامتيازات اقتصادية وتجارية في الجزائر للتخفيف من الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعيشها فرنسا، دون أن تصل إلى درجة الدخول في مفاوضات جدية لإنهاء الأزمة.

واحتلت فرنسا الجزائر في 05 تموز/ يوليو 1830، واستغرقت السيطرة على عموم البلاد نحو 70 سنة. فيما استقلت الجزائر عن فرنسا في 05 تموز/ يوليو 1962، بعد ثورة تحريرية انطلقت في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1954، وخلّفت 1.5 مليون شهيد وفق أرقام رسمية.


وشهدت مرحلة السيطرة على عموم الجزائر عمليات تهجير للسكان، ومصادرة أراضيهم الزراعية الخصبة، وحرمانهم من أبسط الحقوق، بحسب مؤرخين.

ويشكل الجزائريون الجنسية الأجنبية الأولى في فرنسا، إذ بلغ عددهم 649,991 جزائريا عام 2024، والثانية من حيث الحصول على تصريح إقامة.

ويعتبر الجزائريون أيضا الأكثر عددا بين الموقوفين في وضع غير نظامي بفرنسا، إذ بلغ هذا العدد 33754 شخصا عام 2024، وفق أرقام فرنسية رسمية.

والعلاقة بين الجزائر وفرنسا مثقلة بالماضي الاستعماري والمجازر التي ارتكبتها فرنسا بحق جزائريين ومن بينها المجزرة التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية بحق متظاهرين جزائريين خرجوا في باريس للمطالبة باستقلال بلادهم عن الاستعمار الفرنسي.

ففي 17 تشرين الأول/ أكتوبر 1961، هاجمت الشرطة الفرنسية، بأمر من قائد شرطة باريس، موريس بابون، مظاهرة سلمية لآلاف الجزائريين، خرجوا للمطالبة باستقلال البلاد.

وقتلت الشرطة الفرنسية حينها عشرات الجزائريين، بشكل متعمد في الشوارع ومحطات المترو، في حين ألقت بعدد من المصابين من الجسور في نهر السين، وهو ما بات يعرف بمجزرة باريس عام 1961.

وتشير روايات مؤرخين جزائريين عايشوا تلك الأحداث إلى أن الشرطة الفرنسية اعتقلت نحو 12 ألف جزائري، تعرضوا للتعذيب والقتل.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية فرنسا تهدئة الجزائر التوتر التنسيق الأمني فرنسا الجزائر التنسيق الأمني تهدئة التوتر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الداخلیة الفرنسی الشرطة الفرنسیة التنسیق الأمنی مع الجزائر فی الجزائر إلى أن

إقرأ أيضاً:

وزير العدل الفرنسي: سرقة متحف اللوفر تظهر فشلنا وتعطي صورة سلبية للغاية عن فرنسا

كشف وزير العدل الفرنسي، أن سرقة متحف اللوفر تظهر فشلنا وتعطي صورة سلبية للغاية عن فرنسا، حسبما قناة القاهرة الإخبارية.

سرقة متحف اللوفر

أمس الأحد، حوالي الساعة التاسعة والنصف صباحاً، وقعت عملية السرقة، حيث كان المتحف قد فتح أبوابه بالفعل، فوصل بعدها عدد من اللصوص على دراجات نارية من نوع Tmax، وآخرون على متن شاحنة مجهّزة بسلة رفع.

وتمّ وضع السلة أسفل نافذة قاعة «أبولون» ليتمكّن اللصوص من الوصول إليها، وبدأوا أولاً بكسر النافذة بواسطة منشار كهربائي، ثمّ قاموا بالأمر نفسه مع خزانتين زجاجيتين كانتا تحتويان على مجوهرات.

وسُرقت ثماني قطع مجوهرات ذات قيمة تراثية لا تُقدّر بثمن، فوفق وزارة الثقافة سرق الآتي:

- تاج من حُلي الملكة ماري-أميلي والملكة أورتنس.

- عقد من حُلي الياقوت للملكة ماري-أميلي والملكة أورتنس.

- قرط واحد من زوج أقراط الياقوت للملكة ماري-أميلي والملكة أورتنس.

-عقد من الزمرد من حُلي ماري-لويز.

- زوج من أقراط الزمرد من حُلي ماري-لويز.

- بروش يُعرف باسم «الصخرة التذكارية».

- تاج الإمبراطورة أوجيني.

سارقوا متحف اللوفر

كما حاول السارقون التي كانت وجوههم مغطاة أثناء عملية السطو، سرقة قطعة تاسعة، هي تاج الإمبراطورة أوجيني، لكنهم تخلوا عنها أثناء فرارهم، وقد عُثر عليها تالفة.

كان أحد اللصوص يرتدي سترة صفراء، تم العثور عليها لاحقاً بفضل شهادة أحد المواطنين.

أخلى بعدها عناصر الأمن بإخلاء الزوار القلائل الذين كانوا في المكان، بعدها فرّ الجناة على الدراجات نفسها وهم يحملون المسروقات، وظلّ المتحف مغلقاً طوال اليوم لإتاحة الوقت لفرق الشرطة التقنية والعلمية لإجراء التحقيقات والمعاينات.

اقرأ أيضاًفرنسا تعرب عن تقديرها لمصر لدورها المحوري في وقف إطلاق النار بغزة

المغرب تهزم فرنسا بركلات الترجيح وتبلغ نهائي مونديال الشباب

سرقة مجوهرات وقطع نادرة من «تاج نابليون» بمتحف اللوفر في فرنسا

مقالات مشابهة

  • وزير الداخلية يلتقي نظيره الرواندي لبحث تعزيز التعاون الأمني بين البلدين
  • وزير التعليم العالى يبحث مع السفير الفرنسي تطورات مشروع حرم الجامعة الفرنسية
  • وزير الداخلية الفرنسي يدعو إلى تحريك العلاقات مع الجزائر وسط أزمة دبلوماسية
  • برلمانية الوفد: رسائل السيسي في الندوة التثقيفية حلول جذرية للتحديات التي تواجه الوطن
  • وزير العدل الفرنسي: سرقة متحف اللوفر تظهر فشلنا وتعطي صورة سلبية للغاية عن فرنسا
  • لوبوان الفرنسية تكشف نهاية الهروب الذي هز الجزائر.. هذا ما حدث لـ ناصر الجن
  • وزير الداخلية ونظيره الروماني يستعرضان سُبل تعزيز التعاون الأمني
  • الداخلية الفرنسية تُعلق على واقعة سرقة مجوهرات من متحف اللوفر
  • وزير الداخلية الفرنسي: المجوهرات المسروقة من متحف اللوفر لا تقدر بثمن