أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الإسلام أسس لمفهوم الوحدة بين المسلمين وجعلها ركيزة من ركائز الدين ومقصدًا من مقاصده العليا، موضحًا أن الفتوى تمثل وسيلة واعية لترسيخ هذه الوحدة الجامعة من خلال الخطاب الوسطي المعتدل الذي يدعو إلى الرحمة والتعايش والتعاون بين أبناء الأمة دون تفرقة أو انقسام.

وأوضح أن الدين الإسلامي حين نظر إلى المسلمين، رآهم أمة واحدة متماسكة لا جماعات متفرقة، فجعل كلمة التوحيد أساسًا يجمعهم، ووحد عباداتهم من صلاة وصوم وحج في مواعيد وأشكال تعبّر عن معاني التآلف والاصطفاف الإيماني، مؤكدًا أن قوة الأمة تكمن في وحدتها وتماسكها، وأن مظاهر العبادة المختلفة تجسد مشروعًا ربانيًا متكاملًا لبناء أمة قوية شاهدة على الناس كافة.

دعاء للأم بالصحة والعافية.. ردّده يحفظها الله من كل مكروه وسوءدعاء بعد صلاة الليل مفاتيح الجنان .. أدركه بـ 6 كلمات مُستجابة

وشدد المفتي على أن الوحدة هي سر البقاء والعزة، في حين أن الفرقة والخلاف لا يجلبان إلا الضعف والهوان، مشيرًا إلى أن النصوص القرآنية جاءت حاسمة في الدعوة إلى الاعتصام بحبل الله ونبذ التنازع الذي يؤدي إلى ضياع القوة، مستشهدًا بقول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا)، وقوله تعالى: (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).

كما أضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التنازع والاختلاف، وضرب المثل بالمؤمنين في توادهم وتعاطفهم بالجسد الواحد الذي يتألم كله إذا اشتكى منه عضو، مستشهدًا بقوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

وجاءت هذه التصريحات خلال المحاضرة التي ألقاها مفتي الجمهورية بجامعة العلوم الإسلامية في ماليزيا تحت عنوان "دور مؤسسات الفتوى في توحيد الأمة"، حيث أكد أن الوحدة الإسلامية تمثل القلب النابض للأمة، وهي الحارس الأمين الذي يحفظها من المتربصين والماكرين، موضحًا أن الدعوة إلى الوحدة لا تعني الانغلاق على الذات، بل تمثل خطوة نحو تحقيق الوحدة الإنسانية القائمة على البر والعدل والتعاون.

وبيّن الدكتور نظير عياد أن على الأمة الإسلامية أن تدرك أن وحدتها وتماسكها هما الطريق الحقيقي للحفاظ على تراث الإنسانية وخدمة السلام العالمي، مشيرًا إلى أن الوحدة التي دعا إليها الإسلام تتسق مع السنن الكونية والحضارية التي تحفظ بقاء الأمم وازدهارها، وأن التفريط فيها هو تفريط في وجود الأمة ومكانتها بين الشعوب.

وشدد فضيلته على أن هذه الوحدة تجعل كلمة المسلمين مسموعة في العالم ومؤثرة في القرارات الدولية، لافتًا إلى أن قضية فلسطين تبقى أبرز شاهد على ازدواجية المواقف الدولية تجاه قضايا المسلمين، مؤكّدًا أنها تمثل ميزان الحق والعدل في ضمير الإنسانية، ومشيدًا بمواقف الدول العربية والإسلامية، وعلى رأسها مصر وماليزيا، في دعم القضية الفلسطينية وصون حقوق شعبها.

وخلال كلمته، تناول فضيلة المفتي قضية الفتاوى المضللة وخطر انتشارها عبر وسائل التواصل دون رقابة أو علم، موضحًا أن هذا الأمر يؤدي إلى زعزعة الثقة في المرجعيات الدينية الرسمية، وإثارة البلبلة بين الناس، خاصة في القضايا التي تحتاج إلى تأصيل علمي رصين ونظر دقيق.

وأكد أن المؤسسات الدينية مطالبة اليوم بتكثيف جهودها لمراقبة المشهد الإفتائي وتعزيز وجودها في الفضاء الرقمي وتأهيل الكوادر القادرة على التعامل مع المستجدات ومخاطبة العقول بلغة العصر، مع الحفاظ على المنهج الوسطي الذي يجمع بين الأصالة والتجديد.

كما أشار المفتي إلى خطورة بعض الفتاوى الشاذة المتعلقة بالمرأة، والتي تنكر عليها حقوقها الطبيعية والاجتماعية وتمنع ذكر اسمها أو سماع صوتها بحجة العيب أو الفتنة، موضحًا أن هذه التصورات بعيدة كل البعد عن روح الإسلام وسماحته.

واستشهد بأن النبي صلى الله عليه وسلم نادى صفية بنت عبد المطلب عمته، وفاطمة بنت محمد ابنته، بأسمائهما، مؤكدًا أنه لم يقل أحد من الفقهاء إن صوت المرأة أو اسمها عورة.

واعتبر أن مثل هذه الفتاوى المنحرفة أوقعت الناس في الحيرة والاضطراب، وشوهت صورة الإسلام في نظر الآخرين، وأضعفت ثقة الشباب في دينهم، داعيًا إلى تكاتف الجهود لمواجهتها والحد من آثارها المدمرة على الوعي العام.

طباعة شارك المفتي من ماليزيا مفتي الجمهورية نظير عياد الإسلام

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المفتي من ماليزيا مفتي الجمهورية نظير عياد الإسلام موضح ا أن

إقرأ أيضاً:

حكم القرض جبرًا لخاطر الناس في الإسلام

القرض.. قالت دار الإفتاء المصرية إن إقراض المال للناس مِن أقرب القُرُبات، والأصل فيه أن يكون عن تراضٍ لا سيما وأنَّه من عقود التبرعات، وإن شَابَهُ شيءٌ من كراهة باطنة فلا تُؤثِّر في صحة العقد ما دام تَمَّ بإيجابٍ وقبولٍ.

القرض من أعظم القربات إلى الله تعالى:

وأوضحنت أن القرض مِن الأمور المندوب إليها لما يرمي إليه من تنفيس الكُرُبات وإقالة العثرات وإعانة المحتاج والرِّفْق به والإحسان إليه دون نفعٍ يبتغيه الـمُقرض أو مقابلٍ يعود عليه؛ ولذا يضاعف الله به الأجر والثواب، كما جاء في قول الله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة: 245]، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 11].

القرض في السنة:

وهو أيضًا ما نَصَّت عليه السُّنَّة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» أخرجه الإمام مسلم.

حكم إقراض الناس جبرا لخاطرهم مع كراهية ذلك

والأصل الذي تُبنَى عليه العقود المالية من المعاملات الجارية بين العباد هو أن تكون عن طِيْب نَفْسٍ وتراضٍ مِن كلا الطرفين، لا سيما عقد القرض؛ لأنه مِن عقود الإرفاق والتبرعات، فعن أبي حُرَّة الرَّقَاشِيِّ، عن عمِّه رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» أخرجه الإمام البيهقي في "السنن الكبرى".

قال المُلَّا عليٌّ القَارِي في "مرقاة المفاتيح" (7/ 1974، ط. دار الفكر): [«إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ» أي: بأمرٍ أو رضا منه] اهـ. ولما كانت حقيقة الرضا -المدلول عليه في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].- أمرًا خفيًّا وضميرًا قلبيًّا اقتضت الحكمة رد الخلق إلى مرد كلي وضابطٍ جلي يُستدل به عليه، وهو الإيجاب والقبول الدالان على رضا العاقدين، كما أفاده الإمام شهاب الدِّين الزنجاني في "تخريج الفروع على الأصول" (ص: 143، ط. مؤسسة الرسالة)، والإمام صفي الدِّين الهندي في "نهاية الوصول في دراية الأصول" (2/ 314-315، ط. المكتبة التجارية).

القرض
والإيجاب والقبول هو التعبير الشرعي الظاهر عما في القلب من اتفاق على العقد، فكل ما دلَّ على الإيجاب والقبول فهو كافٍ في انعقاده، ومن ثمَّ فلا يؤثر كُرهُهُ الباطن في صحة العقد؛ لأن من قواعد الإسلام الثابتة أن الحكم في دار الدنيا إنما هو باعتبار الظاهر، وأما باعتبار البواطن والسِّرِّ فأمر ذلك ليس إلى الخلق؛ إذ حسابهم -أي: حساب بواطنهم وسرائرهم- على الله سبحانه وتعالى؛ إذ هو المطَّلِعُ وحده على ما فيها.

فقد روى الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ».

ومعنى ذلك أنَّه أُمر صلى الله عليه وآله وسلم أن يكتفي بظواهر أحوال المسلمين ولم يؤمر بالبحث عن أحوالهم والاطلاع على ما هو مطوي عنه في قرائر نفوسهم؛ لأن الناس لهم الحكم بالظاهر والله يتولى السرائر. كما أفاده الإمام النووي في "شرح النووي على مسلم" (7/ 163، ط. دار إحياء التراث العربي)، والأمير الصنعاني في "التنوير" (4/ 219، ط. مكتبة دار السلام).

 

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية: الإسلام وضع أسس الوحدة وجعلها من أصول الدين
  • مفتي الجمهورية: الإسلام وضع أسس الوحدة وجعلها أصلًا من أصول الدين
  • حكم القرض جبرًا لخاطر الناس في الإسلام
  • الغماري .. القائد الذي أوقف الأساطيل وهز عروش الطغاة
  • النعماني: وحدة المرأة الآمنة بمستشفى سوهاج الجامعي نموذج رائد لدعم ضحايا العنف
  • مستشفى سوهاج الجامعي تطلق وحدة المرأة الآمنة لدعم السيدات والفتيات ضحايا العنف
  • ندوة توعوية حول “تصحيح المفاهيم وغرس القيم” بفرع خريجي الأزهر بالدقهلية
  • بين رضا الله ورضا أعدائه .. آية تقرر مصير أمة
  • البرلمان الصيني يُكرّم الجزائر نظير إنجازاتها في ترقية حقوق المرأة