عربي21:
2025-10-26@07:19:26 GMT

أكاذيب المؤثرين

تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT

«الكذبة تنتشر في نصف العالم قبل أن تتمكن الحقيقة من ارتداء سروالها» تشرشل.
في أيلول الماضي، التقى نتن ياهو مع مجموعة من صُنّاع المحتوى المؤثرين، وذلك في القنصلية الصهيونية بنيويورك. وعلى مدار محاضرة طويلة، حاول إيصال رسالة واحدة: تتغير الأسلحة بتغيّر الزمن، وأقواها اليوم منصات التواصل الاجتماعي. وللتعويض عن جفاف العرض ورتابته، أغدق على الحضور بسخاء غير مسبوق؛ إذ خصص مكافأة قدرها سبعة آلاف دولار لكل منشور يروّج للكيان الصهيوني.



 يندرج لقاء نتن ياهو وعطاياه السخية ضمن مشروع استراتيجي واسع النطاق يستهدف إحكام القبضة على منصات التواصل الاجتماعي، التي تُظهر معظمها أصلاً انحيازًا للكيان. يعتمد المشروع على التلاعب بالخوارزميات لإخفاء المحتوى المؤيد لفلسطين وإبراز المواد الداعمة لإسرائيل، مع تقديمها على أنها لمحات من دولة ديمقراطية تسعى للسلام. يُصاغ هذا الخطاب بلغة الشباب العصرية من خلال مقاطع فيديو قصيرة ومحتوى بصري تفاعلي جذاب، مع شرط أساسي: ألا تظهر هذه المواد بصيغة إعلانات ممولة. وإن فشلت أي منصة في الامتثال لهذه الأجندة، فالخيار البديل هو الاستحواذ عليها - كما تشير الشائعات حول منصة تيك توك.

أجمعت التقارير الإخبارية خلال الأيام الماضية على أن حركة حماس احتجزت اثنتين وتسعين امرأة، غالبيتهن من الجنديات، منذ السابع من أكتوبر. وقبل أسبوعين تقريبًا، أُطلق سراح من تبقى على قيد الحياة من العدد الأصلي البالغ سبعًا وسبعين امرأة، بينما تسلّمت سلطات الاحتلال رفات إحدى عشرة امرأة سقطن بنيران جيشها خلال العمليات العسكرية. في المقابل، عندما استقبل الفلسطينيون محرريهم، بدت عليهم آثار التعذيب جلية. أما الجثامين الـمُسلّمة، فحملت بعضها علامات واضحة على تعذيب أدى إلى استشهادهم، بينما ظهرت على أخرى آثار جنازير الدبابات، ما يشير إلى أن بعض الضحايا لقوا حتفهم سحقًا تحتها.

بعض المؤثرين الذين حصلوا على مكافأة السبعة آلاف دولار تبنّوا منهجًا مغايرًا في تناولهم للقضية، فنشروا معلومات زائفة ومُغرِضة. ومن الأمثلة التي تابعتها عن كثب: المؤثرة اليمينية لورا لومر التي يتابعها أكثر من 2.5 مليون شخص، والتي وصفت الإسلام بأنه «طائفة قاتلة»، وزعمت كذبًا أن حماس اغتصبت وقتلت جميع المحتجزات، ثم طالبت إدارة ترامب باتخاذ تدابير حاسمة ضد «الإسلام» بذريعة حماية المجتمع من «تدمير البلاد واغتصاب نسائنا وقتلهن هنا أيضًا».

في تغريدة أخرى حصلت مقابلها على سبعة آلاف دولار، كتبت: «كل المحتجزات قُتلن... أين الغضب؟... متوحشون همج!» فطلبتُ من الذكاء الاصطناعي تحليل ردود الفعل والتعليقات على تلك التغريدة. أظهرت النتائج حتى لحظة كتابة هذا المقال أن التغريدة حصدت نحو 3.9 مليون مشاهدة، وحوالي سبعة آلاف تعليق، 75% منها جاءت انتقادية أو تصحيحية، في حين لم تتجاوز التعليقات المؤيدة 25%، كما أُعيد نشرها قرابة عشرين ألف مرة.

الهدف من عرض هذه الأرقام هو الكشف عن مدى الانتشار الهائل لمحتوى المؤثرين المدفوع الأجر. صحيح أن تغريدة واحدة قد لا تنجح في إقناع أغلب من يشاهدونها، لكن تكرار الرسالة ذاتها عبر أبرز الأصوات المؤثرة عالميًا وعلى منصات واسعة الانتشار كفيل بإحداث تحوّل تدريجي في الوعي الجمعي. وبالتوازي مع نشر الأكاذيب، يركّز هؤلاء بشدة على تأجيج الإسلاموفوبيا؛ فالاستراتيجية واضحة المعالم: إن فشلنا في جعلك تحب الصهاينة، فسننجح في جعلك تكره الإسلام.
هذه معركة مفتوحة يتعين على كل إنسان عربي خوضها
هذه معركة مفتوحة يتعين على كل إنسان عربي خوضها؛ فهي بابٌ من أبواب جهاد الكلمة والحقيقة. احرص دائمًا على مخاطبة جمهورك بلغة يستوعبونها، واستثمر أدوات الترجمة المتاحة لتوسيع نطاق تأثيرك. ولمواجهة التضليل بفعالية، أنصح بقواعد عملية: اعتمد على بيانات ومصادر موثوقة لدحض المزاعم الكاذبة، تجنب الانفعال والألفاظ النابية، اقتبس من المنشور المُضلِّل ثم بيّن الخطأ بلغة محترمة وواضحة مدعومة بمرجع موثق، وابدأ دائمًا بإبراز القيم الإنسانية والمعايير الدولية   اجعل البُعد الإنساني محور النقاش قبل أن ينزلق إلى جدل سياسي. تحدث بلغة جمهورك لضمان وصول الرسالة بوضوح، واستخدم وسمًا موحدًا مثل: #كشف_التضليل أو #غزة_الحقيقة لتنسيق الجهود وتعزيز الوعي بشكل منظم.

أوجه دعوتي إلى أصحاب التخصص لنشر أساليب وتقنيات كشف الدعاية المضللة عبر منصاتهم؛ فنحن في مواجهة بين باطل تسنده الأموال الطائلة والنفوذ، وإعلام منافق، ومجمّع عسكري صناعي جبار، وبين أصحاب حق لا يملكون سوى مبادئهم وإيمانهم بقضيتهم. فلِمَن ستكون الغلبة؟ عزيزي القارئ، الإجابة عندك وأنت وحدك من سيقرر ذلك.

الدستور الأردنية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الاحتلال غزة نتنياهو الاحتلال الدعاية الإسرائيلية المؤثرون مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

د. ريهام العادلي تكتب: قمة بروكسل والرسائل العميقة .. عندما تحدّثت أوروبا بلغة مصر

لم تكن القمة الأوروبية–المصرية التي عُقدت مؤخرًا في العاصمة البلجيكية بروكسل مجرّد حدثٍ دبلوماسي عابر، بل كانت لحظة سياسية واقتصادية محورية، حملت في مضمونها رسائل عميقة تعيد رسم ملامح الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي.

مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي لم تكن بروتوكولية أو شكلية، بل جاءت لتؤكد أن مصر  أصبحت لاعبًا رئيسيًا في معادلة الأمن الإقليمي والاقتصاد الدولي، وأن صوتها بات مسموعًا ومُحترمًا في العواصم الأوروبية الكبرى.

القمة التي وُصفت بأنها “الأولى من نوعها” بين الجانبين، جسّدت تطورًا نوعيًا في العلاقات المصرية الأوروبية، بعد سنوات من العمل المتواصل لتوسيع مجالات التعاون السياسي والاقتصادي والأمني. لقد جاءت انعقادها في توقيت بالغ الحساسية، وسط صراعات عالمية متشابكة: من الحرب في غزة وأزمة الهجرة غير النظامية، إلى التحديات الاقتصادية التي تواجهها أوروبا نفسها. وفي خضم هذه الأزمات، برزت مصر كركيزة توازن، تحمل على عاتقها دورًا مضاعفًا في ضبط الإيقاع الإقليمي، وحماية المصالح المشتركة بين ضفتي البحر المتوسط.

ومجدداً  تؤكد مصر أنها لم تعد مجرد “طرف متلقٍ للمساعدات أو الشراكات”، بل تحوّلت إلى “فاعل ومبادِر”، يمتلك رؤية واضحة لمسار التنمية والتعاون الدولي. الكلمة التي ألقاها الرئيس السيسي في الجلسة الافتتاحية للقمة كانت انعكاسًا دقيقًا لهذه الرؤية؛ فقد شدد على أن الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لا تقوم على المنح والعطايا، بل على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وتلك ليست مجرد عبارة دبلوماسية، بل إعلان عن تحول في الخطاب المصري، من منطق “الاستفادة” إلى منطق “الندية والتكامل”.

عندما  تحدث الرئيس عن مشاريع الطاقة المتجددة، والتحول الأخضر، والذكاء الاصطناعي، والبنية التحتية الذكية، فإنه لا يتحدث عن أحلام بعيدة، بل عن واقعٍ تتهيأ له الدولة بخطط واضحة واستثمارات ضخمة. الاتحاد الأوروبي، من جانبه، يدرك أن مصر تمثل بوابته الحقيقية إلى إفريقيا، وأن استقرارها الاقتصادي والسياسي هو صمام أمان لمنطقة البحر المتوسط بأكملها.

البيان الختامي للقمة حمل بين سطوره إشارات إيجابية كثيرة: اتفاقات مالية ضخمة تتجاوز أربعة مليارات يورو، دعم للإصلاحات الاقتصادية، ومذكرة تفاهم جديدة للانضمام إلى برنامج “هوريزون” الأوروبي للبحث العلمي والابتكار. لكن الأهم من كل ذلك هو روح الشراكة الجديدة التي بدأت تتشكل.
لم يعد الحديث عن “مساعدات أوروبية” لمصر، بل عن استثمارات مشتركة، وفرص تنموية متبادلة، ومشاريع تعود بالنفع على الجانبين.

وفي تقديري الشخصي، فإن هذا التحول هو جوهر الرؤية المصرية التي يقودها الرئيس السيسي منذ توليه المسؤولية؛ رؤية تقوم على بناء الدولة القوية التي تتعامل مع العالم من موقع الندية، لا التبعية، ومن منطلق الشراكة لا الحاجة.

لا يمكن لأي مراقب منصف أن يتجاهل أن الاتحاد الأوروبي بات يرى في مصر شريكًا لا غنى عنه في ملفات كبرى مثل الهجرة، والطاقة، ومكافحة الإرهاب، وتسوية الصراعات الإقليمية. بل إن كثيرًا من الساسة الأوروبيين باتوا يدركون أن القاهرة تمسك بخيوط التوازن في الشرق الأوسط، وتستطيع – بفضل دبلوماسيتها الهادئة وحنكتها السياسية – أن تفتح قنوات للحوار حين تغلق الأبواب.

لقد استطاعت مصر أن تحافظ على توازن فريد في علاقاتها مع جميع الأطراف، شرقًا وغربًا، دون أن تتنازل عن ثوابتها الوطنية أو استقلال قرارها. وفي هذا السياق، جاءت القمة الأوروبية لتؤكد أن الاحترام الدولي يُنتزع بالثقة والعمل والإنجاز، لا بالشعارات.

حملت القمة الأوروبية–المصرية ثلاث رسائل رئيسية:
    1.    رسالة إلى الداخل المصري: مفادها أن الدولة تسير في الاتجاه الصحيح، وأن سياساتها الخارجية المتزنة بدأت تؤتي ثمارها، سواء من حيث الدعم الاقتصادي أو المكانة السياسية. فحضور الرئيس السيسي على منصة القمة وسط كبار قادة أوروبا هو في حد ذاته رسالة تقدير واحترام لدور مصر المتصاعد.
    2.    رسالة إلى الجوار الإقليمي: بأن مصر ما زالت القلب النابض للمنطقة، وصاحبة الكلمة المسموعة في القضايا المصيرية. فحين تتحدث القاهرة، تصغي العواصم، وحين تتحرك، يتغير ميزان القوى في ملفات كثيرة، من غزة إلى ليبيا والسودان.
    3.    رسالة إلى أوروبا والعالم: بأن الشراكة مع مصر ليست خيارًا ترفيهيًا، بل ضرورة استراتيجية. فأمن المتوسط يبدأ من القاهرة، واستقرار القارة الأفريقية يمر عبر الدور المصري في حفظ التوازن ومنع الفوضى.

يحسب للرئيس السيسي أنه استطاع أن يعيد تعريف العلاقة بين مصر وأوروبا على أساس جديد من الثقة والندية ، حضوره الفاعل في القمة، ومشاركته في صياغة البيان الختامي، ومداخلاته حول التحديات الإقليمية، كلها أكدت أن مصر لا تتحدث عن نفسها فقط، بل تتحدث باسم المنطقة كلها، بصوت عقلاني ومسؤول.

لقد قدّم الرئيس السيسي في بروكسل نموذجًا للقيادة التي تجمع بين الواقعية السياسية والرؤية الاستراتيجية، فكان حديثه عن الأمن الإقليمي مقترنًا بالاقتصاد، وعن التنمية مرتبطًا بحقوق الإنسان في بعدها الشامل، وعن التعاون مشروطًا بالاحترام المتبادل للسيادة الوطنية. وهي مبادئ ثابتة صاغتها التجربة المصرية خلال السنوات الأخيرة، وأثبتت صحتها على أرض الواقع.

مثلت هذه القمة علامة مضيئة في مسار السياسة الخارجية المصرية، لأنها جمعت بين الدبلوماسية الهادئة والنتائج الملموسة. لقد أثبتت مصر أنها قادرة على أن تفرض حضورها في الساحات الدولية الكبرى، لا بصوت مرتفع، بل بلغة الإنجاز والحكمة.
وفي زمنٍ تتصارع فيه المصالح وتضيع فيه المبادئ، يظل الموقف المصري متوازنًا، واقعيًا، لكنه لا يخلو من العزة والكرامة.

مشاركة الرئيس السيسي في هذه القمة لم تكن فقط خطوة لتعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، بل كانت رسالة جديدة للعالم بأن مصر تعود بقوة إلى مكانتها التاريخية كقوة إقليمية مركزية، تمتلك رؤية للمستقبل وتؤمن بالتعاون لا بالمواجهة، وبالاحترام لا بالاستعلاء، ولم تنحصر القمة في مجرد اتفاقات اقتصادية أو صور رسمية، بل هي ترجمة عملية لمسار جديد في السياسة المصرية. 
مسار يؤكد أن مصر – بقيادتها الواعية ورؤيتها الواضحة – تسير بخطى ثابتة نحو المستقبل، حاملةً على عاتقها حلم التنمية، ورسالة السلام، وإرادة البناء.
لقد تحدثت أوروبا في هذه القمة بلغة مصر، لغة الواقعية والتعاون، وآن للعالم أن يُصغي جيدًا لصوتٍ عربيٍّ صادقٍ يُعبّر عن طموح أمة بأكملها.

طباعة شارك القمة الأوروبية–المصرية العاصمة البلجيكية بروكسل الرئيس عبد الفتاح السيسي

مقالات مشابهة

  • د. ريهام العادلي تكتب: قمة بروكسل والرسائل العميقة .. عندما تحدّثت أوروبا بلغة مصر
  • محتالون يسرقون 4 آلاف دولار من نائبة أميركية في واشنطن
  • وصول 7 أطفال من غزة إلى سويسرا لتلقي العلاج
  • الشهيد الغماري والتصنيع الحربي.. المعجزة التي كسرت المستحيل
  • الأندية التي زادت قيمتها السوقية خلال العام 2025 (إنفوغراف)
  • بينهم 128 ألفًا بالشرقية.. 905 آلاف راكب في الحافلات بين المدن خلال 3 أشهر
  • الصحة العالمية: بناء النظام الصحي في غزة يتطلب 7 مليارات دولار
  • مع استئناف الرسائل الثقيلة.. المرشد يتحدث بلغة ما قبل الحرب
  • حزب طالباني:المواطن الكردي أكثر وعيا من أكاذيب حزب بارزاني