تتجه الولايات المتحدة نحو اتخاذ خطوة غير مسبوقة في مكافحة إدمان النيكوتين، حيث اقترحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) خطة تهدف إلى خفض مستويات النيكوتين في السجائر التقليدية إلى مستويات غير مسببة للإدمان. ويأتي هذا الإجراء ضمن الجهود المستمرة للحد من أعداد المدخنين وتقليل الوفيات المرتبطة بالتبغ التقليدي.

إلا أن المقترح يثير تساؤلات حول تأثيره الفعلي على سلوك المدخنين البالغين وما إذا كان يمكن أن يؤدي إلى زيادة الإقبال على المنتجات غير المشروعة، خاصة مع استمرار الجدل حول دور السجائر الإلكترونية كبديل محتمل.
ووفقًا لمقال للسيدة مايا زالافيتز، مراسلة ومؤلفة متخصصة في العلوم والسياسة العامة وعلاج الإدمان، نُشر في صحيفة نيويورك تايمز، فإن حوالي 29 مليون أمريكي يُدخنون السجائر بانتظام، وهو انخفاض كبير مقارنة بعام 1964، عندما كان أكثر من 40% من البالغين يدخنون. ورغم هذا التراجع، لا يزال التدخين السلبي يشكل خطرًا صحيًا كبيرًا ويعد أحد الأسباب الرئيسية للوفيات في الولايات المتحدة. وتشير زالافيتز إلى أن خفض مستويات النيكوتين في السجائر قد يكون من أكثر السياسات فاعلية في تقليل الإدمان عليه بمرور الوقت، مما يسهم في إنقاذ الأرواح والحد من أضرار التدخين.
لكن هذه الخطوة تطرح تحديات كبيرة، حيث يخشى بعض المنظمين من أن جعل السجائر أقل إشباعًا دون توفير بدائل فعالة قد يدفع المدخنين إلى اللجوء إلى السوق السوداء لشراء منتجات غير خاضعة للرقابة. ووفقًا للتقارير، فإن تهريب السجائر ومنتجات التبغ يمثل بالفعل مشكلة متفاقمة، ومن الممكن أن يزداد حجم السوق غير المشروعة إذا لم تكن هناك آلية صارمة للرقابة.
يرى بعض الخبراء أن السجائر الإلكترونية قد تكون بديلاً أقل خطورة من التدخين التقليدي، حيث إنها تتيح للمدخنين البالغين الحصول على النيكوتين دون استنشاق المواد الكيميائية الضارة الموجودة في دخان السجائر. وتشير دراسات عديدة إلى أن استخدام السجائر الإلكترونية قد يسهم في تقليل أعداد المدخنين التقليديين، حيث انخفضت معدلات تدخين المراهقين في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، من 36% في عام 1976 إلى 2.5% فقط في عام 2024.
ورغم ذلك، تظل هذه البدائل محل الجدل، إذ تخشى إدارة الغذاء والدواء أن تجذب السجائر الإلكترونية الشباب، مما قد يؤدي إلى خلق جيل جديد من المدمنين على النيكوتين. ونتيجة لذلك، فرضت الإدارة قيودًا صارمة على هذه المنتجات، شملت حظر النكهات وتأخير الموافقة على العديد من العلامات التجارية.
رغم الأدلة العلمية التي تشير إلى أن السجائر الإلكترونية أقل خطورة من التدخين التقليدي، لا يزال هناك قدر كبير من المعلومات المضللة حول مخاطر النيكوتين. إذ تُظهِر الإحصائيات إلى أن ثلثي المدخنين البالغين يعتقدون أن النيكوتين يسبب السرطان، بينما يرى أكثر من نصفهم أن السجائر الإلكترونية خطيرة بنفس درجة التدخين، إن لم تكن أكثر. لكن الحقيقة العلمية توضح أن الخطر الحقيقي يكمن في الدخان والقطران الموجود في السجائر العادية، وليس في النيكوتين نفسه.
في هذا السياق، تؤكد الدراسات أن بخار السجائر الإلكترونية يحتوي على مواد كيميائية أقل بكثير من دخان السجائر، كما أن التحول من التدخين التقليدي إلى السجائر الإلكترونية قد يقلل من الأعراض المرتبطة بأمراض الجهاز التنفسي. وتدعم السلطات الصحية في بريطانيا هذه الرؤية، حيث خَلُصَت إلى أن السجائر الإلكترونية "أقل خطورة بنسبة 95% على الأقل" من التدخين التقليدي.
فيما يتعلق بأمراض القلب والأوعية الدموية، يؤكد الدكتور نيل بينويتز، طبيب القلب الذى سبق أن اقترح ولأول مرة في عام 1994 سياسة خفض النيكوتين، أن "النيكوتين نفسه لا يرتبط بقوة بتصلب الشرايين، والذي يؤدي بدوره إلى انسداد الأوعية الدموية وبالتالي، زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. لكنه يمكن أن يزيد من معدل ضربات القلب، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأمراض الموجودة مسبقًا."
وفي هذا الشأن، يتطلب تحقيق التوازن بين الحد من مخاطر التدخين وتقليل إدمان النيكوتين اعتماد سياسات مدروسة. وينبغي على إدارة الغذاء والدواء الاسراع في مراجعة طلبات منتجات السجائر الإلكترونية، مع ضمان رقابة صارمة لمنع وصولها إلى القاصرين. كما يجب أن يكون هناك تواصل واضح مع الجمهور لتوضيح الفرق بين المخاطر الحقيقية لدخان السجائر والمخاطر المحتملة للنيكوتين.
وإضافة إلى ذلك، فإن فرض ضرائب على السجائر التقليدية وتوفير البدائل الأقل خطورة متاحة بأسعار معقولة يمكن أن يساهم في تشجيع المدخنين البالغين على التحول إلى خيارات أقل خطورة. قد يبدو من غير المنطقي للبعض أن التوسع في بدائل النيكوتين قد يكون جزءًا من الحل، ولكن إذا كان ذلك يساهم في الحد من الوفيات الناجمة عن التدخين، فقد يكون هذا هو الاتجاه الصحيح لإنهاء الأزمة الصحية المرتبطة بالتبغ التقليدي.

طباعة شارك السجائر الإلكترونية السجائر المدخنين النيكوتين النيكوتين في السجائر

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السجائر الإلكترونية السجائر المدخنين النيكوتين النيكوتين في السجائر من التدخین التقلیدی فی السجائر أقل خطورة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تقر اتفاقية مكافحة الجرائم الإلكترونية الدولية

استضافت العاصمة الفيتنامية هانوي حفل توقيع معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم الإلكترونية بشكل دولي، وذلك بعد توقيع 65 دولة عليها وسط مخاوف من ناشطي حقوق الإنسان والشركات التقنية المساهمة في اتفاقية تكنولوجيا الأمن السيبراني، وفق ما جاء في تقرير "رويترز".

وتدخل الاتفاقية الجديدة حيز التنفيذ خلال 90 يوما بعد تصديق 40 دولة عليها، وذلك بعد مفاوضات دامت أكثر من 5 أعوام وانتهت في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بهذه المعاهدة واصفا إياها بالخطوة التاريخية نحو عالم رقمي أكثر أمانا، مضيفا أن هذه الاتفاقية "تمثل أداة قوية وملزمة قانونيا لتعزيز دفاعاتنا الجمعية ضد الجرائم الإلكترونية، وهي تعهد بأن أي دولة مهما بلغ مستوى تطورها لن تترك بلا حماية ضد الجرائم الإلكترونية".

وتسهل هذه المعاهدة تبادل الأدلة الرقمية بين الدول المختلفة بفضل شبكة تعاون متصلة تعمل طوال الوقت، مما يسهل مواجهة الجرائم الإلكترونية التي تكلف الاقتصاد العالمي تريليونات الدولارات وفق بيان الأمم المتحدة.

كما تجرّم المعاهدة مجموعة متنوعة من الجرائم الإلكترونية التي تعتمد على الإنترنت بشكل أساسي أو تتم حتى عبر الإنترنت، بدءا من هجمات التصيد الاحتيالي وبرامج الفدية وحتى نشر خطاب الكراهية.

وهذه المرة الأولى التي تعترف فيها السلطات الدولية بجريمة مشاركة الصور الحميمية من دون إذن الطرفين، في حين يمثل ذلك انتصارا كبيرا لضحايا الاعتداء عبر الإنترنت.

الجرائم الإلكترونية تكلف الاقتصاد العالمي تريليونات الدولارات وفق بيان الأمم المتحدة (شترستوك)

 

وشهد الحفل حضور كبار المسؤولين والدبلوماسيين من مختلف الدول بما فيها الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي، فضلا عن وجود أبرز الخبراء من مختلف القطاعات والمناطق، في ما يعزز مكانة الاتفاقية وأهميتها الدولية.

إعلان

ومن جانبها، تخشى الشركات الإسهام في اتفاقية تكنولوجيا الأمن السيبراني مثل "ميتا" و"مايكروسوفت" من آثار معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الجرائم الإلكترونية على الخصوصية وتجارب الاختراق الأخلاقي التي تستخدم للبحث عن الثغرات والأخطاء، وتصفها بأنها "معاهدة مراقبة" أكثر من كونها معاهدة مكافحة للجرائم.

كما أعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة عن مخاوفه من هذه المعاهدة، وتحديدا بسبب التعريف الواسع وغير الواضح للجرائم الإلكترونية، مضيفا أن القوانين التي تتضمن تعريفات واسعة تستخدم في كثير من الأحيان لفرض قيود غير مبررة على حرية التعبير.

وأوضح مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجرائم المسؤول عن المفاوضات المتعلقة بالمعاهدة أنها تضم بنودا واضحة لحماية الحرية الشخصية والخصوصية فضلا عن حقوق الإنسان وتعزيز أنشطة البحث المشروعة، وهو ما عززه بيان الاتحاد الأوروبي وكندا بشأن حماية حقوق الإنسان ضمن القانون.

وأثار اختيار الأمم المتحدة لفيتنام تحديدا لتوقيع هذه الاتفاقية استياء البعض وفق ما جاء في تقرير "رويترز"، إذ أشارت وزارة الخارجية الأميركية مؤخرا إلى مجموعة من قضايا حقوق الإنسان والرقابة على الإنترنت في الدولة فضلا عن اعتقال أكثر من 40 شخصا هذا العام بسبب تعبيرهم عن معارضة النظام عبر الإنترنت.

مقالات مشابهة

  • دراسة حديثة تكشف خطر جديد في السجائر الإلكترونية
  • تسخين سوائل السجائر الإلكترونية يؤدي لتكوّن مادتين كيميائيتين سامتين
  • سموم خفية في السجائر الإلكترونية.. دراسة تكشف مركبات قد تُلحق أضرارًا بخلايا الرئة
  • احذر.. مادة سامة في السجائر الإلكترونية تهدد صحة الرئة
  • الأمم المتحدة تقر اتفاقية مكافحة الجرائم الإلكترونية الدولية
  • لتعويض خسائرها.. شركات التبغ تروج للسجائر الإلكترونية رغم سمومها الخفية
  • لوك جذاب .. مي عمر تثير الجدل بظهورها الأخير
  • سموم خفيّة في السجائر الإلكترونية تهدد خلايا الرئة حتى بجرعات منخفضة
  • تحذير علمي.. بخار السجائر الإلكترونية يحتوي على سموم تُهاجم خلايا الرئة