بعد عدوان إسرائيلي استمر عامين، مُحيت فيه آلاف العائلات بالكامل من السجل المدني في قطاع غزة، وأصبحت مجرد عدد في سلسلة تجاوزت أرقامها نحو مئات الآلاف بين شهيد ومصاب ونازح، فضلا عن قصص إنسانية ومأساة جماعية تتكشف سطورها منذ الإعلان عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في التاسع من الشهر الجاري.

وتحولت مدن القطاع إلى أنقاض، واندثرت أحياء بأكملها تحت القصف المتواصل، بينما نزحت آلاف الأسر من منازلها بحثا عن مأوى في مدارس مهدمة أو خيام لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، ومع انهيار النظام الصحي وانقطاع الكهرباء والمياه، باتت غزة واحدة من أكثر مناطق العالم معاناة إنسانية، وفق تقارير الأمم المتحدة.

من هذه المآسي ما تعرضت له أسرة الصحفية وجدان أبو شمالة التي فقدت في هذا العدوان الإسرائيلي نحو 400 فرد من عائلتها، وحصلت معه على لقب "الناجية من الإبادة الجماعية التي تعرضت لها أسرتها".

طواقم طبية في غزة تعمل وسط أنقاض المستشفيات لإنقاذ الجرحى رغم الدمار والحصار (الجزيرة)

تقول وجدان للجزيرة نت إن فقدان عائلتها "ليس مجرد رقم في نشرات الإحصاء اليومية، بل مأساة إنسانية حقيقية"، موضحة أن معظمهم استشهدوا تحت أنقاض الأبراج السكنية التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية دون سابق إنذار، بينما لا تزال جثامين كثيرين منهم مطمورة تحت الركام بسبب غياب معدات الإنقاذ.

ولم تكن مأساة وجدان سوى واحدة من فصول الألم الذي يعيشه سكان القطاع يوميا، ففي مشهد آخر يقف الناجون أمام المستشفيات المهدمة بحثا عن أثر لأقاربهم، بينما تتكدس جثامين الشهداء في شاحنات التبريد أو تحت أغطية مؤقتة، في ظل عجز المستشفيات عن استيعاب الأعداد الهائلة من الشهداء.

إلى جانب التجويع، يستخدم الاحتلال التعطيش بمنع وصول المياه الصالحة إلى غزة (الجزيرة)حقيبة صغيرة

وتضيف وجدان بأسى أن الغزيين "يعيشون اليوم بلا مقومات للحياة"، فبعد كل قصف "ينبش الأهالي الركام بأيديهم العارية بحثا عن ناجين، ثم يقضون يومهم في محاولة العثور على حفنة طحين أو قليل من الماء".

إعلان

وتصف وجدان المشهد بقولها إن "الحياة في غزة تحولت إلى معاناة يومية عنوانها النزوح والجوع والخوف"، حتى غدت حياة الناس تختصر في "حقيبة صغيرة" تحمل أوراقهم وبعض الملابس، لا يدرون إن كانت تكفيهم للشتاء أم للصيف.

عشرات الشهداء والجرحى في قصف إسرائيلي عنيف على غزة (الجزيرة)

وخلال العامين الماضيين، عاش سكان القطاع واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، وتسببت الغارات والحصار في شلل شبه تام للحياة الاقتصادية والاجتماعية، فأغلقت المدارس والجامعات، ودُمرت الأسواق والمستشفيات، وامتلأت الطرق بالنازحين الذين يبحثون عن مأوى أو لقمة طعام، في وقت انهارت فيه كل أشكال الحياة الطبيعية.

وأمام هذا الألم، قررت وجدان تحويل وجعها إلى فعل، فشرعت في إعداد كتاب توثّق فيه قصص الناجين وأسر الشهداء، واصفة إياه بأنه "مشروع صحفي وإنساني"، هدفه أن يتذكر العالم من استشهدوا أو أُصيبوا في غزة  بأنهم "ليسوا أرقاما في الأخبار، لكنهم بشر حقيقيون كانت لهم أحلام وأحبة ومستقبل قُتل معهم".

وترى وجدان أن كتابها "شكل من أشكال المقاومة ضد محو الذاكرة وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم"، مؤكدة أن كل قصة فيه "شهادة على حياة انطفأت أو جُرحت لكنها تظل شاهدة على الصمود".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

ورشة عمل في "كتاب جدة" حول فلسفة التربية

قدّمت الأستاذة مي الناهض ورشة عمل بعنوان "كيف نصنع بيئة تعليمية تفكّر: مدخل فلسفي للتربية الحديثة"، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي في معرض جدة للكتاب 2025.

وتناولت الورشة المفاهيم التربوية لدى كبار العلماء، مرورًا بمعايير التربية وأسسها، وصولًا إلى أحدث الدراسات التي وسّعت من آفاق هذا الحقل الحيوي.

وأشارت الناهض إلى أن اللافت في المشهد التربوي أن جميع المختصين يجمعهم هدف مشترك، يتمثل في تطوير العملية التعليمية سعيًا لسعادة الفرد، مؤكدة أن التعليم يرتكز إلى ثلاث غايات رئيسية هي: التأهيل، والتنشئة الاجتماعية، والتذويت.

وبيّنت الاستاذة الناهض أن التنشئة تشمل ما يكتسبه الطفل من عادات في الملبس والمأكل وطريقة التخاطب والتعامل مع الآخرين، ويُقصد بالتذويت حرية الإنسان في أن يفعل أو يمتنع عن الفعل.

وتضمّنت الورشة عرضًا لعدد من الدراسات التربوية تحت مسمى "المعضلات"، ومحاولة إسقاطها على بعض الإشكالات التربوية المعاصرة، بهدف قياس مدى اتساقها معها واستجلاء الحلول الممكنة لها، مؤكدّةً أن التربية عملية تقوم على الفهم والتحفيز وبناء الوعي، بما يوسّع من قابلية المتعلم لاستقبال المعرفة والتفاعل معها.

ويستقبل معرض جدة للكتاب زواره يوميًا من الساعة 12 ظهرًا حتى 12 منتصف الليل، عدا يوم الجمعة، إذ يبدأ الحضور الساعة 2 ظهرًا، مقدّمًا باقة واسعة من الفعاليات الثقافية التي تشمل الندوات الحوارية والأمسيات الشعرية وورش العمل.

قد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • الصحة تنظم لقاءً تشاوريًا مع المستشفيات والمراكز الطبية التشخيصية
  • حسن المستكاوي: الأرقام التي يحققها صلاح دخلت كتاب تاريخ ليفربول
  • عبلة كامل.. النجمة التي ما زالت حاضرة في قلوب محبيها رغم الغياب
  • مدفون في الجليد.. كيف فقدت الـCIA جهازا نوويا فوق الهيمالايا؟
  • ورشة عمل في "كتاب جدة" حول فلسفة التربية
  • من غزة إلى منصة التكريم في لندن.. ملاك طنطش صحافية تروي الحرب كما عاشتها
  • المغرب يواجه موجة إنفلونزا شرسة و المستشفيات تستقبل حالات حرجة
  • في السرايا... إطلاق خطة تجهيز المستشفيات الحكومية
  • ارتفاع إصابات الإنفلونزا في إنجلترا يضغط على المستشفيات
  • تلوث الهواء يدفع بـ170 ألف إيراني إلى المستشفيات خلال أسبوع.. تعرف إلى الأسباب