أميركا ولبنان... والواقع المغيّب
تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT
يصحو اللبنانيون وينامون على تساؤلات حول ما سيحمله لهم الآتي من الأيام، وسط جمود سياسي واضطراب اقتصادي... وقلق مبرَّر من المستقبل.
وفي المقابل، تتصاعد ضغوط واشنطن لترتيب «الجزء اللبناني» من المعادلة الإقليمية، طبعاً في ظل تلازم الاعتبارات الأميركية والإسرائيلية.
وبشأن هذا التلازم، وعلى الرغم من تعدّد «الأسماء اللبنانية» التي تضمّها أجهزة الدبلوماسية والتواصل الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، لا غبار على ولاء تلك الأسماء المطلق لمصالح واشنطن.
مع هذا، يظل اللبنانيون داخل لبنان يحلمون بأدوارٍ كبيرة يلعبها إخوتهم المغتربون داخل أروقة القرار السياسي الأميركي. بل يشمل هذا «الحلم شبه المستحيل» أيضاً كثيرين من مغتربيهم الذين راهنوا إبّان حملة الرئيس دونالد ترمب الانتخابية لولايته الرئاسية على أن تكون لعلاقات «المصاهرة» وصفقات «البيزنس» فرصة للتأثير إيجاباً عليه.
ولكن، كالعادة، تنجلي الأمور الآن على أن رهانهم - أو قُل رهان قسم كبير منهم - كان خاطئاً... وأن طموحهم كان في غير محله، وسط ثوابت لا يريدون الاعتراف بوجودها.
بدايةً، ثمة «مشكلتان»، الأولى «مشكلة لبنانية» أصلاً وفصلاً، والثانية «مشكلة عربية – إسلامية»، وراء استمرار السقوط في هوة الحسابات الخاطئة.
فيما يخصّ «المشكلة الأولى»، ومع مواصلة التأكيد على أساسيات «مؤسسة السلطة» الأميركية، ومكانة ما يُسمى «القيم اليهودية – المسيحية المشتركة» في بناء الثقافة المصلحية لليمين الأميركي المحافظ، فإن ثمة فوارق كبرى في الولاء السياسي والمنظور الإقليمي بين «المهاجرين اللبنانيين القدامى» الذين تتشكل غالبيتهم من المسيحيين، و«اللبنانيين الأميركيين الجدد».
وهؤلاء «اللبنانيون الأميركيون الجدد» هم الذين هاجروا منذ الحرب العالمية الثانية - بل خصوصاً الذين هاجروا منذ الحرب الأهلية اللبنانية في منتصف سبعينات القرن الماضي – وجلّ هؤلاء من المسلمين على تنوّع طوائفهم.
للعلم، «المهاجرون القدامى» دائماً وأولادهم وأحفادهم، نظرتهم إلى لبنان وهويّته السياسة والقومية والدينية تختلف اختلافاً بيّناً عن نظرات المُهاجرين في الفترات اللاحقة، ولا سيما، بعد الحرب الأهلية (1975 - 1990).
وهناك جانب آخر يستحق التنبّه إليه هو أن «المهاجرين القدامى» قد «تأمرَكوا»، عموماً، وبالتحديد المسيحيون منهم. ومن ثم، انسجموا ضمن «الثقافة السياسية الأميركية المسيحية البيضاء» – والجمهورية، خاصةً، إذا كانوا من أصحاب الأعمال الناجحين. بيد أن قطاعاً كبيراً من «اللبنانيين الأميركيين الجدد» لا يزال حريصاً على هويته الدينية، وهذه الهويّة تتعزّز أكثر فأكثر بالتوازي مع المؤثّرات الإقليمية – الإسرائيلية والإيرانية... والتركية أخيراً.
هذا الواقع ينعكس حالياً، على ما يبدو تنافراً بين: ما يطرحه «وسطاء» ودبلوماسيون أميركيون منهم ناشطون يهود مثل جاريد كوشنر ومورغان أورتاغوس، ودبلوماسيون ومستشارون «لبنانيون» مسيحيون مثل توم برّاك ومسعد بولس والسفير الجديد لدى بيروت ميشال عيسى من جهة، وبين ما تتشبّث به قوى لبنانية تتمتّع بحضورين سياسي وعسكري وصلات إقليمية من جهة ثانية.
والحقيقة أن واشنطن وتل أبيب تدركان جيداً هشاشة التركيبة اللبنانية، وتعرفان تماماً الاعتبارات المحلية الدقيقة في بلد الـ«18 طائفة»... لكنهما مع هذا تتصرّفان بطريقة «تجاهل العارف».
كمثال، تفهم واشنطن وتل أبيب جيداً طبيعة دور إيران المؤثر جداً في السياق الشيعي على مستوى الشرق الأوسط كله، وليس فقط في لبنان. إلا أنهما، مع ذلك، تضغطان على الحكم اللبناني من دون اكتراث ظاهر بما قد تتحمّله أو لا تتحمّله صيغة هذا الحكم التوافقية الحالية.
أكثر من هذا، تأتي هذه «المقاربة الضاغطة» بينما يدخل العراق استحقاقاً انتخابياً حساساً لجهة اختبار حجم نفوذ طهران على أرضه... وهو نفوذ جاءت به أصلاً السياسة الأميركية – الإسرائيلية عام 2003. وأيضاً، بعدما جرى تقليم أظافر «نظام الملالي» في سوريا التي يرى كثيرون أن «هويتها السياسية» البديلة لم تتبلور بعد، وسط «تجاذب» تركي – إسرائيلي لا يجوز التقليل من شأنه.
هنا نصل إلى «المشكلة الثانية» من المشكلتين المُشار إليهما سابقاً... أي التعامل مع البُعد العربي - الإسلامي للخلفية المؤثّرة على الوضع اللبناني.
واضح، للأسف، أن الضغط الأميركي – الإسرائيلي على لبنان، لا يأخذ بعين الاعتبار ما حصل في غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ولا ما تهدّد به مواطني الضفة الغربية - وما هو أبعد منها - تصريحات عدد من الساسة الإسرائيليين عن «إسرائيل الكبرى»، بدءاً بإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش... وانتهاء بـ«بسوس» الاستيطان المتطرفة دانييلا فايتس!
وباعتقادي، ينبغي أولاً وقبل أي شيء، التساؤل عن مدى قدرة الرئيس ترمب على «إقناع» متطرّفي اليمين الليكودي والتوراتي الإسرائيلي بالسير قدماً بمشروعه الإبراهيمي... بينما يرفع هؤلاء خرائط التهجير والاقتلاع والتوسع والاستيطان.
نعم، سيصعب تخيّل العواقب إقليمياً – لا لبنانياً فحسب – ما لم يقرّر البيت الأبيض وضع حد لعربدة هذا التيار، الذي يدرك اليوم قطاع لا بأس منه من يهود العالم العقلاء، أنها صارت عبئاً ثقيلاً وخطراً فعلياً على يهود العالم...
قبل تهديد الحكم اللبناني المسكين، الخطوة منتظرة الآن من واشنطن، وليس أي عاصمة عالمية أخرى، بالتزام جدّي بسلام حقيقي ومتكامل في المنطقة. أما التلهي بفتح معارك جانبية للتمويه على أساس الأزمة... فسيفاقمها ويزيدها تعقيداً.
الشرق الأوسط
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه اللبنانيون لبنان نتنياهو حزب الله الاحتلال ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
محفوض: الدولة تكون أو لا تكون.. ولبنان على مشارف دوّامة جديدة
اعتبر رئيس حزب "حركة التغيير" المحامي إيلي محفوض أنّ "الدولة تكون أو لا تكون، فأنصاف القرارات مقتلٌ للشرعية"، مؤكدًا أن المرحلة الراهنة في لبنان "تشهد ملامح تشابه مع ظروف عامي 1981 و1982".
وقال محفوض، في تصريح، إنّ "لبنان يعيش مرحلة دقيقة تتقاطع فيها المؤشرات السياسية والأمنية مع حقباتٍ شهدت اضطرابات مماثلة في مطلع الثمانينيات، حين برز المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان فيليب حبيب، الذي نجح في التوصل إلى اتفاقٍ لوقف إطلاق النار بين القوات الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وأشرف على مفاوضاتٍ أفضت إلى خروج المقاتلين الفلسطينيين من بيروت، وهو ما استحقّ عليه ميدالية الحرية الرئاسية من إدارة الرئيس الأميركي رونالد ريغان".
وأضاف محفوض متسائلًا: "فمن هو فيليب حبيب اليوم؟ وهل تدخل الجمهورية اللبنانية في الأسابيع المقبلة دوّامةً جديدة من اللااستقرار العنفي، في ظلّ تعنّت الميليشيا المسلحة المشغّلة والمموّلة والمُدارة من دولةٍ أجنبية؟".
وختم محفوض بالقول: "الدولة تكون أو لا تكون، فأنصاف القرارات مقتلٌ حتميٌّ للشرعية. العاقل تكفيه الإشارة، والأحمق لا تنفعه العبارة". مواضيع ذات صلة لبنان يواجه تصعيداً اسرائيلياً مقلقاً "لادخال المنطقة في دوامة عنف جديدة" Lebanon 24 لبنان يواجه تصعيداً اسرائيلياً مقلقاً "لادخال المنطقة في دوامة عنف جديدة" 02/11/2025 17:28:26 02/11/2025 17:28:26 Lebanon 24 Lebanon 24 الرئيس الشرع: لا أريد لسوريا أن تكون عبئا على أحد ونعمل على حماية المستثمرين وفقا للقوانين Lebanon 24 الرئيس الشرع: لا أريد لسوريا أن تكون عبئا على أحد ونعمل على حماية المستثمرين وفقا للقوانين 02/11/2025 17:28:26 02/11/2025 17:28:26 Lebanon 24 Lebanon 24 ترامب: المحادثات مع بوتين تكون جيّدة لكنّها لا تؤدّي لنتيجة Lebanon 24 ترامب: المحادثات مع بوتين تكون جيّدة لكنّها لا تؤدّي لنتيجة 02/11/2025 17:28:26 02/11/2025 17:28:26 Lebanon 24 Lebanon 24 مندوب فلسطين في جنيف: دخول المساعدات لغزة لا يجب أن تكون مادة للتفاوض Lebanon 24 مندوب فلسطين في جنيف: دخول المساعدات لغزة لا يجب أن تكون مادة للتفاوض 02/11/2025 17:28:26 02/11/2025 17:28:26 Lebanon 24 Lebanon 24 الفلسطينيين دارة الرئيس الإسرائيلية الفلسطينية الإسرائيلي اللبنانية أشرف على الجمهوري قد يعجبك أيضاً حملات واسعة للجمارك في البقاع Lebanon 24 حملات واسعة للجمارك في البقاع 17:24 | 2025-11-02 02/11/2025 05:24:37 Lebanon 24 Lebanon 24 حشد اغترابي أمام القنصلية اللبنانية في مونتريال يطالب بإلغاء المادة 112 Lebanon 24 حشد اغترابي أمام القنصلية اللبنانية في مونتريال يطالب بإلغاء المادة 112 17:07 | 2025-11-02 02/11/2025 05:07:30 Lebanon 24 Lebanon 24 الصمد: لا تزوير في شهادات الجامعة اللبنانية.. والاستهداف مرفوض Lebanon 24 الصمد: لا تزوير في شهادات الجامعة اللبنانية.. والاستهداف مرفوض 16:54 | 2025-11-02 02/11/2025 04:54:02 Lebanon 24 Lebanon 24 لقاء وزاري لبناني-سوري في البحرين Lebanon 24 لقاء وزاري لبناني-سوري في البحرين 16:32 | 2025-11-02 02/11/2025 04:32:51 Lebanon 24 Lebanon 24 البعريني: مواجهة إسرائيل بالأساليب القديمة انتحار ويجب التوجه لحوار شجاع Lebanon 24 البعريني: مواجهة إسرائيل بالأساليب القديمة انتحار ويجب التوجه لحوار شجاع 16:26 | 2025-11-02 02/11/2025 04:26:13 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة هل اقتربت "حرب لبنان"؟ صحيفة إسرائيلية تعلن Lebanon 24 هل اقتربت "حرب لبنان"؟ صحيفة إسرائيلية تعلن 23:05 | 2025-11-01 01/11/2025 11:05:35 Lebanon 24 Lebanon 24 "الذهب الصيني" الحقيقي ينتشر وبقوة.. فهل وصل إلى لبنان؟ Lebanon 24 "الذهب الصيني" الحقيقي ينتشر وبقوة.. فهل وصل إلى لبنان؟ 18:30 | 2025-11-01 01/11/2025 06:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا ما تريد إسرائيل حصوله في بيروت.. خبيرٌ يكشف! Lebanon 24 هذا ما تريد إسرائيل حصوله في بيروت.. خبيرٌ يكشف! 19:00 | 2025-11-01 01/11/2025 07:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. انفجارات هائلة تهزّ جنوب إيران Lebanon 24 بالفيديو.. انفجارات هائلة تهزّ جنوب إيران 21:14 | 2025-11-01 01/11/2025 09:14:19 Lebanon 24 Lebanon 24 "خطة إسرائيلية" جديدة للبنان.. إكتشفوا تفاصيلها! Lebanon 24 "خطة إسرائيلية" جديدة للبنان.. إكتشفوا تفاصيلها! 20:00 | 2025-11-01 01/11/2025 08:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 17:24 | 2025-11-02 حملات واسعة للجمارك في البقاع 17:07 | 2025-11-02 حشد اغترابي أمام القنصلية اللبنانية في مونتريال يطالب بإلغاء المادة 112 16:54 | 2025-11-02 الصمد: لا تزوير في شهادات الجامعة اللبنانية.. والاستهداف مرفوض 16:32 | 2025-11-02 لقاء وزاري لبناني-سوري في البحرين 16:26 | 2025-11-02 البعريني: مواجهة إسرائيل بالأساليب القديمة انتحار ويجب التوجه لحوار شجاع 16:12 | 2025-11-02 سلام خلال مؤتمر مع نظيره المصري: اللقاء محطة جديدة في مسار التعاون فيديو بث مباشر.. حفل افتتاح "المتحف المصري الكبير" Lebanon 24 بث مباشر.. حفل افتتاح "المتحف المصري الكبير" 20:18 | 2025-11-01 02/11/2025 17:28:26 Lebanon 24 Lebanon 24 بسعر جيد.. هاتف جديد سيُنافس هواتف أندرويد Lebanon 24 بسعر جيد.. هاتف جديد سيُنافس هواتف أندرويد 09:00 | 2025-11-01 02/11/2025 17:28:26 Lebanon 24 Lebanon 24 سقط أرضا مع عروسه خلال رقصهما.. مخرج شهير يحتفل بزفافه من هذه الفنانة (فيديو) Lebanon 24 سقط أرضا مع عروسه خلال رقصهما.. مخرج شهير يحتفل بزفافه من هذه الفنانة (فيديو) 06:57 | 2025-10-31 02/11/2025 17:28:26 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24