رسالة غير مشفّرة من بعبدا إلى بليدا عبر اليرزة
تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT
هل يمكن اعتبار أن الرئيس العماد جوزاف عون، من موقعه كرئيس للجمهورية أولًا، وبصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة ثانيًا، وكونه كان قائدًا للجيش في أدّق مرحلة من مراحل تاريخ لبنان الحديث ثالثًا، قد ذهب بعيدًا عندما أعطى تعليماته الواضحة والصريحة بضرورة تصدّي الجيش المنتشر في العمق الجنوبي لأي محاولة إسرائيلية بالاعتداء السافر في أي بقعة من بقاع الأرض الجنوبية وعلى أهلها وناسها تمامًا كما حصل قبل أيام في بلدة بليدا، حيث توغّلت قوة إسرائيلية، وبدم بارد، داخل البلدة، واقتحمت مقر مجلسها البلدي، وأعدمت الموظف إبراهيم سلامة خلال نومه، ثم عادت من حيث أتت؟
سؤال بريء يسأله كل مواطن يضع قلبه على يده في كل مرّة تحوم "الدرون" الإسرائيلية فوق رأسه، وفي كل مرّة تستبيح فيها إسرائيل السيادة اللبنانية، وفي كل مرّة يستخفّ بعض أصحاب النوايا السيئة بقدرات الجيش، الذي يقوم بواجباته الوطنية بشجاعة وإقدام وفروسية.
أمّا بعض الذين يحمل سؤالهم ألف معنى ومعنى، وليس فيه الكثير من الخبث والغمز واللمز، فيذهبون إلى أبعد من رمزية هذه الخطوة ليضعوها في خانة الرسائل الموجّهة إلى الداخل وإلى الخارج معًا.
ويقول هؤلاء أن رئيس الجمهورية أراد من خلال هذه الخطوة إعطاء إشارة واضحة ولا لبس فيها إلى الدول الشقيقة والصديقة، التي لا تزال تراهن على إمكانية قيام الدولة بما يُفترض أن تقوم به لتعزيز حضورها واستعادة دورها الطبيعي من ناحية فرض هيبتها، وتكريس مبدأ سيادي بامتياز، وأراد أن يؤكد أن الجيش بما يرمز إليه على أرض الواقع وفي الوجدان جاهز لتنفيذ كل ما يُطلب منه، خصوصًا إذا توافرت له ظروف سياسية ضاغطة وإرادة حاسمة، وذلك تجاوبًا مع مطالب الدول، التي تسعى إلى لجم الغطرسة الإسرائيلية بالوسائل الديبلوماسية المتاحة والمتوافرة.
أمّا بالنسبة إلى الرسائل الداخلية، التي قصد رئيس الجمهورية توجيهها إلى الجميع، فهي أن الجيش ماضٍ في تنفيذ ما جاء في خطة القيادة في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني، وأن العوائق التي توضع في طريقه لن تعيقه عن المضي قدمًا في خطّته الهادفة إلى حصر السلاح بيد القوى الشرعية، وأن لا سلطة تعلو على سلطة الدولة. وهذا ما سيلحظه التقرير الشهري للمؤسسة العسكرية في ما خصّ المرحلة الأولى من الخطّة الممتدّة حتى نهاية السنة الحالية، على أن ينتقل الجيش إلى المرحلة الثانية شمال نهر الليطاني، ومن ثم الانتقال إلى المرحلة النهائية والتي تشمل كل الأراضي اللبنانية.
فالدولة اللبنانية قامت بشخص رئيس الجمهورية بالخطوة الأولى، على ان تقابلها الدول الحريصة على استقرار الأوضاع في الجنوب وفي كل لبنان بخطوات متقدمة لجهة ممارسة أقصى أنواع الضغط على إسرائيل كي توقف اعتداءاتها كخطّة غير منفصلة عن المسار العام، الذي سيقود حتمًا إلى أي نوع من أنواع التفاوض وصولًا إلى تنفيذ كامل لمندرجات القرار 1701.
فقرار الرئيس عون أتى كردّ فعل فوري ليوازي بين حرصه على السيادة اللبنانية مع خطورة الرسالة الإسرائيلية الدموية. وهذا القرار، وهو الأول من نوعه نابع من قناعة وطنية جامعة، وتجاوبًا مع رغبة دولية عميقة، وهو يعكس تحولًا في نمط التعاطي مع هذا الواقع، الذي لم يعد من المقبول التغاضي عنه، والسكوت عما تقترفه إسرائيل من جرائم يومية.
وفي رأي أكثر من خبير استراتيجي أن هذه الخطوة قد تفضي إلى المزيد من الخطوات الداخلية، خصوصًا أنها جاءت بمثابة "ضربة معلم"، إذ أصبح في الإمكان بعد هذه الخطوة الحديث مع "حزب الله" بمنطق مغاير وبنهج مختلف عمّا كان عليه الوضع خلال التسعة أشهر الماضية.
فبعد هذه الخطوة لن يكون كما قبله، إذ لم يعد لدى "حزب الله" الحجّة الكافية لتبرير احتفاظه بسلاحه، خصوصًا أن ما سيقوم به الجيش في حال كرّرت إسرائيل اعتداءاتها البرّية على غرار ما قامت به في بلدة بليدا سيكون البرهان الأكيد بأن المؤسسة العسكرية قادرة على حماية جميع اللبنانيين من أي اعتداء خارجي أو داخلي بما يعزّز القناعة الوطنية بأهمية الدور الوطني للجيش، الذي يبقى الحصن الحصين لجميع اللبنانيين، المدعوين إلى التخّلي عن أفكارهم السابقة والمعّلبة، وأن يضعوا ملء ثقتهم بقدرات جيشهم القائمة على عقيدة وطنية وقتالية لا جدال فيها.
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة "زاباد 2025".. رسائل مشفرة إلى الناتو Lebanon 24 "زاباد 2025".. رسائل مشفرة إلى الناتو
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: هذه الخطوة
إقرأ أيضاً:
بعد حادثة بليدا.. الرئيس اللبناني يطالب الجيش بالتصدي لأي توغل إسرائيلي
في تطور جديد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، طلب الرئيس اللبناني جوزيف عون من قائد الجيش اللبناني، الجنرال رودولف هيكل، أن يتصدى الجيش اللبناني لأي توغل إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية.
وجاء هذا الطلب بعد حادثة توغل قامت بها قوات الجيش الإسرائيلي فجر الخميس في بلدة بليدا الواقعة جنوبي لبنان. الحادث أسفر عن مقتل موظف بلدية لبناني، إبراهيم سلامة، أثناء نومه داخل مبنى البلدية، حيث اقتحمت القوات الإسرائيلية المبنى واستمرت فيه لمدة ساعتين.
وفي تعليقه على الحادثة، وصف الرئيس اللبناني عون الاعتداء بأنه جزء من سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لسيادة لبنان.
وأشار إلى أن هذه الممارسات تأتي في وقت حساس بعد اجتماع لجنة مراقبة اتفاق وقف الأعمال العدائية، التي كان من المفترض أن تضع ضغطًا على إسرائيل للالتزام باتفاق نوفمبر الماضي، والذي يهدف إلى وقف الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة.
كما دان رئيس مجلس الوزراء اللبناني، نواف سلام، الحادث بشدة، ووصفه بالاعتداء الصارخ على مؤسسات الدولة اللبنانية. وفي منشور على منصة “إكس”، أكد سلام أن هذا التوغل استهدف موظفًا لبنانيًا أثناء أداء واجبه، ما يعكس “اعتداءً صارخًا على السيادة اللبنانية”.
في المقابل، أكدت وزارة الصحة اللبنانية استشهاد الموظف إبراهيم سلامة برصاص الجيش الإسرائيلي خلال التوغل في بلدة بليدا. ومن جهته، لم يذكر الجيش الإسرائيلي في تعليقاته أي تفاصيل عن مقتل الموظف اللبناني، مشيرًا فقط إلى أن الهدف من العملية كان استهداف بنية تحتية تابعة لحزب الله اللبناني.
الجيش اللبناني: توغل العدو في بليدا عمل إجرامي وخرق للسيادة
أدان الجيش اللبناني بشدة توغل القوات الإسرائيلية في بلدة بليدا جنوب لبنان، واصفًا إياه بأنه “عمل إجرامي وخرق للسيادة اللبنانية”، واعتبر أن هذا الحادث يعد انتهاكًا صريحًا لاتفاق وقف الأعمال العدائية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.
وذكر الجيش اللبناني في بيان صادر عنه، أن الحادث وقع في الساعات الأولى من صباح يوم 30 أكتوبر 2025، حيث توغلت وحدة برية إسرائيلية داخل بلدة بليدا، وأطلقت النار على مبنى البلدية، مما أسفر عن مقتل أحد الموظفين أثناء تواجده في المبنى. وأوضح الجيش أن الحادث أسفر عن استشهاد موظف بلدية بليدا إبراهيم سلامة.
وأشار البيان إلى أن الحادث يعكس سلسلة من الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة ضد المدنيين اللبنانيين في الجنوب. كما رفض الجيش اللبناني الادعاءات الإسرائيلية، مؤكداً أنها “باطلة ولا تمت للحقيقة بصلة”، وأن الهدف منها هو تبرير الانتهاكات المستمرة ضد لبنان.
في سياق متصل، طالب الجيش اللبناني لجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية (“الميكانيزم”) بالتدخل العاجل لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية المتكررة. وأكد الجيش أنه يتابع هذه الانتهاكات بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، لتأمين حماية المدنيين اللبنانيين وضمان احترام اتفاق وقف الأعمال العدائية.
إبراهيم سلامة… مواطن نام في حضن الجنوب واستيقظ على رصاص قتل السيادة الوطنية
في هذا الركن الصغير من مبنى بلدية بليدا، حيث الجدران مثقوبة بالرصاص والزجاج محطّم كأنّه صدى لصوت الموت، كان إبراهيم سلامة يحاول أن يعيش حياةً بسيطة، كريمة، رغم كل شيء، يبني حياة وينعش قرية أدخلها العدوان… pic.twitter.com/J9SlhvydtI
حزب الله يثمّن موقف الرئيس اللبناني ويدعو لدعم الجيش لمواجهة العدوان الإسرائيلي
ثمّن حزب الله موقف رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون بالطلب من الجيش مواجهة التوغلات الإسرائيلية، داعيًا إلى دعم الجيش بكل الإمكانيات لتعزيز قدراته الدفاعية في مواجهة ما وصفه بـ “إجرام العدو”.
وأدان الحزب العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية، مشيرًا إلى اقتحام الجيش الإسرائيلي مبنى بلدية بليدا وقتل الموظف إبراهيم سلامة، معتبرًا أن هذا العدوان يأتي بعد زيارة الموفدة الأمريكية إلى لبنان وتسيير اجتماعات لجنة الميكانيزم، بهدف الضغط على لبنان لتنفيذ أجندات لا تتوافق مع مصالحه الوطنية.
وشدد حزب الله على ضرورة اتخاذ الدولة اللبنانية موقفًا موحدًا وصلبًا، ودعم الجيش بكل الإمكانيات اللازمة، إضافة إلى مطالبة المجتمع الدولي ومجلس الأمن وقوات الطوارئ الدولية بالتحرك لوقف الاعتداءات.
بدوره، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن ما حصل في عدة مناطق لبنانية يشكل انتهاكًا للسيادة الوطنية وقرارات الأمم المتحدة، داعيًا اللبنانيين إلى التمسك بالوحدة ودعم موقف رئيس الجمهورية تجاه هذه الأحداث.