من يلتقط الراية الفلسطينية مجددا؟!
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة، وموافقة الاحتلال وحركة "حماس" على خطة ترامب المتضمنة 20 بندا، وإجراء عملية تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال، واستمرار تسليم جثامين أسرى الاحتلال؛ تنتهك إسرائيل كما العادة كل بند وعهد واتفاق، وتخرق كل القوانين الدولية. فحصار غزة مستمر، والمساعدات الإنسانية معدومة، والاحتلال يعترض على كل بند جاء في خطة ترامب، وتشكيل القوة الدولية لمراقبة وقف إطلاق النار في غزة يضع عليه الاحتلال فيتو، ولا يسمح بإدخال المساعدات الطبية، ويمنع خروج جرحى العدوان للعلاج، فضلا عن منعه دخول المساعدات الغذائية بالكميات المطلوبة والمتفق عليها، ومنع دخول المعدات الثقيلة لإزالة الركام وانتشال جثث آلاف الضحايا من تحتها.
إذا قوائم المنع الإسرائيلية تشمل كل ما من شأنه إعادة بصيص الأمل لمليوني غزاوي، وذلك يدفع للتساؤل فيما إذا كان وسطاء وقف الإبادة الجماعية، من الطرف العربي والدولي، تنحصر وساطتهم عند حدود الخطة الأمريكية في غزة، بغض النظر عن تطورات العدوان على بقية فلسطين.
فمن يدقق في بنود خطة ترامب، يعلم يقينا أن المشكلة ليست في تلك البنود، بقدر ما أنها تكمن في كيفية إجبار إسرائيل على التقيد بها، وإذا كان الضامن الفعلي لها ترامب نفسه، فهو غير ملزم بكبح "المصلحة" الإسرائيلية، ولا قدرة لبقية الأطراف العربية التي حضرت حفل توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في شرم الشيخ الشهر الماضي؛ على المجاهرة بموقف واضح أمام الإدارة الأمريكية لتجبر إسرائيل الالتزام بخطته أو بالقانون الدولي، والسبب مفضوح من اتفاق أوسلو وإلى اليوم، ونعرف من دمر الاتفاق ومن داس عليه.
جرائم الإبادة الجماعية في غزة توقفت عند حدود أرقام مهولة من الضحايا جرحى وشهداء ومفقودين، ودمار شمل 95 في المئة من غزة، لكن الجريمة مستمرة بأدوات وأشكال جديدة وقديمة، وعمليات القتل والمجازر مستمرة، وتجريف الأراضي ونسف البيوت وعمليات الهجوم على مراكز الإيواء وغيرها خلفت أكثر من 200 ضحية منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار. ولا يستطيع المرء تلخيص المشهد في غزة من كافة جوانبه الأمنية والإنسانية، بدون التطرق لما يجري في بقية المدن الفلسطينية، كتجسيد لواقع غير بعيد عن خطط جرائم الإبادة والتطهير العرقي للكل الفلسطيني، فهناك جرائم حرب وضد الإنسانية تستعر في الضفة والقدس ولا تقل خطورة أيضا عما لحق بالقطاع المنكوب.
عملية اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، تمضي على خطى اليمين الفاشي في إسرائيل، وتشريع ذلك بقوانين، فبن غفير وسموتريتش لا يغردان خارج سرب الإجماع الصهيوني، بل يمثلان الدلائل القوية لتوجه إسرائيل نحو مزيد من تصعيد الهجمة الفاشية ضد الفلسطينيين في الضفة والقدس، ويشكلان الواجهة الحقيقية لنيات الحكومة بزعامة نتنياهو، لضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة عليها وبدون إعلان ذلك. ورغم ادعاء الرئيس ترامب رفضه للضم، إلا أنه يدعم المخاوف الإسرائيلية المتعلقة بالأمن، ويتبنى الأسطورة التلمودية التوراتية بشأن "يهودا والسامرة" من خلال تطمينات يحملها موفدوه إلى تل أبيب ويعبر عنها بكل صراحة.
العدوان الإسرائيلي على الضفة والقدس بتوسيع الاستيطان ونسف البيوت وتهجير السكان، لا يواجه بموقف أمريكي حاسم، مع علم الإدارة الأمريكية بأن سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية تؤدي فعليا للضم، ومنع قيام دولة فلسطينية، ولا تحقق "السلام" الذي تُطبل له الولايات المتحدة في المنطقة، فالهم الأمريكي منصب على أن لا تتورط إسرائيل أكثر في جرائم الإبادة، ومنحها فائدة من خلف الهدوء المزيف لآلتها الوحشية، بعد تحويل غزة لمنطقة غير قابلة للحياة، والتصدي لإدانتها أمام المحاكم الدولية بجرائم الحرب والإبادة، فإسرائيل من وجهة النظر الأمريكية بحاجة لهندسة عملية ضم الضفة والإشراف على حصار غزة بما تقتضيه المصلحة الإسرائيلية أولا.
النشاط الاستيطاني المتزايد، وتشريع قانون إعدام الأسرى، وهدم وتفريغ مخيمات الضفة، وتشديد حصار المدن والقرى والبلدات الفلسطينية، وتقطيع أوصالها بمشاريع استيطانية.. كلها تكرس فعليا أشكال العدوان المستمر وتنسف أي فكرة سيادية فلسطينية على الأرض، أمام مجتمع دولي وإدارة أمريكية فقدا بصيرة الملاحظة بأن العدوان على كل الأرض الفلسطينية وعلى عموم الشعب الفلسطيني تجعل من ادعاء السلام والتطبيع وتبييض وجه المحتل ينزلقان في قعر الهاوية السحيقة.
أمام هذا الوضع والمشهد الفلسطيني المؤلم في غزة والضفة والقدس، لا تزال الحالة الفلسطينية الرسمية والعربية غارقة وتتوغل أكثر فأكثر في أوحال وأوهام الرضوخ والتواطؤ والعجز والدونية وكسر إرادة الذات الفلسطينية والعربية، وما يثير الفزع في كل مرحلة من مراحل الصراع مع المحتل ومع مشروعه الاستعماري، هو بالذات ما يجعل الفلسطيني في حالة صراخ مستمر ومطالبة سلطته وفصائله وقواه الوطنية ومناشدتها بمراعاة فهمه ومعايشته للوقائع التصادمية مع المستعمر، وأن يمدوا أيديهم له، وأن يتكاتفوا فيما بينهم، لأن استمرار التشظي الداخلي، وتعطيل دور منظمة التحرير ومؤسساتها، استجابة لشروط وضغوط إسرائيلية أمريكية، يعني تكبيلا للذات أمام هذا الإعصار الكبير من العدوان وعربدة المستوطنين، وتوسيع ضم الأرض وتهويدها وتشديد الحصار عليها لتهجير أصحابها، وكل تقاعس أمام ذلك أثمانه مكلفة وقاسية على النحو الذي شهدته غزة وتشهده بقية فلسطين.
وهنا، يبقى سؤال أول وأخير: هل الفصائل الفلسطينية بمختلف توجهاتها، تدرك فعلا أبعاد ما جرى بعد جرائم الإبادة الجماعية في غزة، وما يجري في عمق الضفة والقدس؟ وبالتالي هل لديها الإرادة لحزم الأمر والتقاط الراية والتقدم ببرنامج وطني فلسطيني وأداة وطنية واحدة واستراتيجية كفاحية واحدة؟ سؤال سيبقى يثير مرارة شعب يراقب حماقة وصفاقة سلطة أمام محتلها، وشعبها يواجه احتلالا ونفاقا دوليا ومشاريع تصفية لقضيته. والراية الفلسطينية التي رُفعت في كل القارات الخمس تنتظر من يحافظ على ألقها في فلسطين وفي شوارع عربية؛ بإجابة فورية على كل أسئلة التقاعس والتردد المؤدي لإسقاط تلك الراية.
x.com/nizar_sahli
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء غزة الاحتلال إسرائيل فلسطين إسرائيل احتلال فلسطين غزة إتفاق قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وقف إطلاق النار جرائم الإبادة الضفة والقدس فی غزة
إقرأ أيضاً:
المستوطنون يعيثون في الأراضي الفلسطينية فسادا لإهلاك الحرث والنسل
◄ تصاعد أعمال العنف وسرقة ممتلكات الفلسطينيين في الضفة
◄ تواطؤ أمني وإسرائيلي مع هجمات مليشيات المستوطنين ضد الفلسطينيين
◄ مخططات إسرائيلية لتنفيذ مشاريع استيطانية جديدة بالضفة المحتلة
◄ الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي لفرض واقع جديد ومنع إقامة الدولة الفلسطينية
◄ حرق المزارع وأشجار الزيتون وإجبار السكان على ترك منازلهم
◄ موسم الزيتون يشهد أعلى مستوى من هجمات المستعمرين منذ 5 سنوات
◄ تنفيذ 126 هجمة وتخريب 4 آلاف شجرة وشتلة زيتون
◄ قطع الماء عن 32 قرية فلسطينية لإهلاك مواشي المزارعين
◄ مصدر أمني إسرائيلي: هجمات المستوطنين خرجت عن السيطرة
الرؤية- غرفة الأخبار
تتصاعد أعمال العنف والسرقات التي ينفذها المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية في الأيام الأخيرة، في ظل توفير الحماية الأمنية والعسكرية لهم من قبل قوات أمن الاحتلال وتواطؤ جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ووفقا للبيانات الرسمية التي نشرها المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، فإن الفلسطينيين قدموا 427 شكوى في النصف الأول من عام 2025 تتعلق باعتداءات المستوطنين، تشمل اعتداءات جسدية، وإحراق ممتلكات، وتخريب أراض زراعية، مقارنة بـنحو 680 شكوى سجلت خلال عام 2024 بأكمله، إلا أن شرطة الاحتلال لم تفتح سوى 156 تحقيقا جنائيا فقط، أي ما نسبته 37% من إجمالي الشكاوى المقدّمة.
وتأتي أعمال العنف ضد الفلسطينيين في سياق تنفيذ مخططات استيطانية جديدة، إذ إن حكومة الاحتلال تدفع تحت ضغط وزير المالية ووزير الاستيطان في وزارة الجيش بتسلئيل سموتريتش وعدد من وزراء حزبه وحزب الليكود بمشاريع استيطانية إضافية في الضفة الغربية المحتلة.
ولقد صادق سموتريتش على بناء حوالي 48 ألف وحدة سكنية استيطانية، وأنه يتوقع أن يصل العدد بحلول نهاية العام الحالي إلى 50 ألف وحدة سكنية، كما أنه جرى مصادرة قرابة 26 ألف دونم من أراضي الضفة من خلال الإعلان عنها أنها "أراضي دولة"، خلال ولاية حكومة نتنياهو الحالية، علما أن الاحتلال صادر بهذه الطريقة 28 ألف دونم في السنوات الـ27 السابقة، إذ إن الهدف من وراء هذه المشاريع الاستيطانية المكثفة هو منع إمكانية قيام دولة فلسطينية.
وفيما يخص أعمال العنف التي تنفذها مليشيات المستوطنين، فقد هاجم مستوطنون عددا من المزارعين في القدس وحاولوا طردهم من أراضيهم تحت حماية قوات الاحتلال، كما أنهم أشعلوا النار في بيوت بعض الفلسطينيين. وفي تجمع عرب العراعرة البدوي شرق جبع سكب المستوطنون مواد مشتعلة على أشجار الزيتون المحاذية للتجمع، ما أدى إلى نشوب حريق في أشجار الزيتون المجاورة. وفي بلدتي عناتا وقلنديا أخطرت سلطات الاحتلال بهدم ست منشآت صناعية ومنازل وإخلاء بنايتين سكنيتين وأراض.
وفي الخليل، شرع مستوطنون بحراثة أراضي المواطنين، كما منعت قوات الاحتلال المزارعين من قطف ثمار الزيتون وأجبروهم على إخلاء المكان، في حين أقدم مستوطنون على قطع نحو 80 شجرة زيتون معمرة في البلدة بمناشير كهربائية ما أدى إلى إتلافها بالكامل
وتكررت هذه الممارسات الإجرامية في العديد من المناطق مثل بيت لحم ورام الله ونابلس والأغوار، ما أدى إلى إتلاف المحاصيل والأراضي وإصابة العديد من الفلسطينيين.
وأكدت صحيفة يديعوت أحرونوت -نقلا عن مصدر أمني- أن هجمات المستوطنين في الضفة الغربية خرجت عن السيطرة، مؤكدة أن هجمات مجموعة "فتيان التلال" الاستيطانية العنيفة تتصاعد.
وحسب بيان لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) نشرته الجمعة، شهد موسم الزيتون في الضفة الغربية أعلى مستوى من هجمات المستعمرين منذ 5 سنوات.
وأوضح المكتب أن المستوطنين نفذوا 126 هجمة طالت 70 بلدة في الضفة، كما خربوا أكثر من 4 آلاف شجرة وشتلة زيتون.
كما كشف تقرير إعلامي في تل أبيب، أن ميليشيات المستوطنين في الضفة الغربية قامت بعمليات تخريب أدّت إلى قطع مياه الشرب عن 32 قرية فلسطينية في ضواحي مدينة رام الله، وعملت على تحويل مجرى المياه إلى بركة تستخدم لسقي الماشية التابعة لمزارع البؤر الاستيطانية، التي سرق بعضها من الفلسطينيين.