ملهِمون وقادة ظل و100 ألف متطوع صنعوا ملحمة ممداني
تاريخ النشر: 7th, November 2025 GMT
واشنطن- في كلمة مؤثرة إثر انتخابه عمدة نيويورك، الثلاثاء الماضي، أهدى زهران ممداني، النصر التاريخي إلى سكان المدينة من كل الفئات، وخصّ بالذكر أكثر من 100 ألف متطوع في حملته الانتخابية، قبل أن يعبّر عن شكره وامتنانه العميق لوالديه وزوجته.
وبعث ممداني (34 عاما)، المسلم ذو الأصول الأوغندية الهندية، رسالة مفادها أنه ليس البطل الوحيد لتلك "الملحمة السياسية" التي كسرت كثيرا من قواعد اللعبة الانتخابية في أميركا، وأنه كان مسنودا بجنود الخفاء على كل الجبهات، الإستراتيجية والإعلامية، ناهيك عن السند العاطفي والأيديولوجي.
وقال "أنتم أكثر من 100 ألف متطوع حوّلتم هذه الحملة إلى قوة لا تُقهر. بفضلكم، سنجعل نيويورك مدينة يحبها العمال ويعيشون فيها من جديد. مع كل باب طرقتموه، وكل توقيع على عريضة حصلتم عليه، وكل حوار جاد، قضيتم على المسخرة التي أصبحت تُميّز سياستنا".
متبرعون ومتطوعونويعود الفضل في تعبئة عدد المتطوعين الأكبر في تاريخ الانتخابات المحلية بهذه المدينة إلى الخبيرة تاشا فان أوكين، ذات الميول الديمقراطية الاشتراكية، التي أدارت الحملة الميدانية ولعبت دورا مهما في زيادة إقبال الناخبين الشباب على التصويت.
كما راهن ممداني على المتبرعين الصغار لمواجهة الساسة التقليديين من الحزب الديمقراطي المسنودين من الدوائر المالية والاقتصادية. وخلافا لمنافسه أندرو كومو الذي جذب تبرعات ضخمة من أصحاب المصالح المالية، اعتمد على قدوته في العمل السياسي بيرني ساندرز في حملته الرئاسية عام 2016.
وتشير الأرقام إلى أنه في شهر مارس/آذار الماضي أوقف ممداني جمع التبرعات للانتخابات التمهيدية التي جرت في يونيو/حزيران الفارط بعد بلوغه الحد الأقصى للإنفاق القانوني في وقت قياسي، وقد استقطب أكثر من 8 ملايين دولار من 180 ألف متبرع.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، حقق الإنجاز نفسه وألغى جمع التبرعات للانتخابات العامة التي جرت يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بعد أن وصل إلى سقف 8 ملايين دولار بأسرع من أي وقت مضى.
إعلانكما خاطب ممداني فريق حملته "الذين حوّلوا مشروعا انتخابيا إلى شيء أكبر بكثير"، وقال "لن أستطيع أبدًا التعبير عن مدى امتناني. يمكنكم النوم الآن"، في إشارة إلى الجهود الكبيرة التي بذلوها طيلة نحو عام من العمل المتواصل.
ورغم أن أضواء الإعلام كانت طوال الوقت مسلطة عليه باعتباره مرشحا غير مألوف من حيث السن والخلفية الأيديولوجية والعرقية، في مدينة تحكمها مؤسسة حزبية ومالية واقتصادية راسخة، فإن ذلك لم يحل دون الاهتمام بالدائرة المحيطة بهذا الديمقراطي الاشتراكي الذي أصبح أول عمدة مسلم لعاصمة الرأسمالية العالمية.
واختار ممداني أغلب مساعديه شبانا في عمره أو أصغر سنا، بعضهم ذوو ميول يسارية ولهم سجلات حافلة في العمل الاستشاري في المجال السياسي والحقوقي وفي الشؤون العامة وقضايا الهجرة، كما حرص على التنوع في الطاقم العامل معه وكان من مستشاريه ومساعديه مسلمون ويهود.
الديمقراطي الشاب زهران ممداني يصبح أول عمدة مسلم لمدينة #نيويورك.. فكيف كان الطريق إلى المنصب؟#الجزيرة_أخبار pic.twitter.com/8IYKjsboiG
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 5, 2025
ورغم أن فريق حملته كان يضم العشرات، فإن المقربين منه كانوا قليلين جدا وعلى رأسهم إيل بيسغارد-تشيرش (34 عاما)، كبيرة المستشارين التي توصف بأنها "الأكثر نفوذا"، وهي تشترك معه في الانتماء إلى حركة الاشتراكيين الديمقراطيين الأميركيين.
وقبل أن تتولى ذلك المنصب، أدارت حملة ممداني التمهيدية الناجحة ضد حاكم نيويورك السابق أندرو كومو، بعد أن كانت رئيسة لموظفي ممداني منذ انتخابه عضوا بالمجلس التشريعي للمدينة.
وحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن الفضل يعود إلى بيسغارد-تشيرش المتخرجة من إحدى جامعات "رابطة اللبلاب" الراقية، في تركيز الحملة على قضايا القدرة على تحمل التكاليف وجودة الحياة، مثل تجميد الإيجارات وضمان حافلات مجانية لسكان المدينة.
وقال ممداني عنها "لقد كانت في صميم ما أفخر به من إنجازات. ما كنت لأفوز بهذا السباق لولا توجيهها حملتنا". ومن المتوقع أن تكون من أقرب مستشاريه عند توليه مهامه رسميا في الأول من يناير/كانون الثاني المقبل.
وعلى خطاها، آلت إدارة الحملة إلى مايا هاندا (30 عاما) وهي خبيرة إستراتيجية سياسية مخضرمة ذات خبرة واسعة في العلاقات العامة بفضل عملها مع شخصيات تقدمية بارزة محليا ووطنيا، وسبق لها أن عملت مع ممداني خلال تجربته التشريعية.
كما كان ممداني يعتمد على كبير المستشارين موريس كاتز في التخطيط الإستراتيجي والسياسي وفي إدارة الحملات الإعلانية، وكان يلعب دور المبعوث إلى القادة اليهود المرتابين من مواقفه المؤيدة للفلسطينيين.
وساهمت خبيرة التواصل زارا رحيم (34 عاما) في بناء مكانة ممداني لدى شريحة واسعة من سكان المدينة وخاصة المشاهير، مستفيدة من عملها سابقا في الحملات الرئاسية لباراك أوباما وهيلاري كلينتون. وكانت من أقوى المؤيدين للفلسطينيين في نقاشات الحملات الانتخابية عن الحرب الإسرائيلية على غزة.
دور العائلةوإلى جانب الشبان، اعتمد ممداني على براد لاندر (56 عاما) وهو مراقب مدينة نيويورك وأعلى مسؤول يهودي في مجلسها البلدي، الذي أيد بقوة ترشيحه ودافع عنه في وجه الاتهامات بمعاداة السامية، ويتوقع كثيرون أن يتبوأ منصبا رفيع المستوى في إدارته.
إعلانوراجت، في وقت سابق، أنباء عن خلافات داخل فريق ممداني، لكن المتحدثة باسم حملته دورا بيكيك (24 عاما) نفت ذلك وقالت، إن ممداني "يفخر بكونه محاطا بفريق من خلفيات متنوعة. ما يوحده ليس أصولهم، بل التزامهم المشترك بالنضال من أجل عمال نيويورك وتوفير مدينة يستطيع الجميع العيش فيها".
كان ممداني يستمد قوة شخصيته وحماسه من والده محمود ممداني وهو أكاديمي من طراز عالمي، ووالدته ميرا ناير وهي مخرجة سينمائية مرموقة، وقد لعبا دورا كبيرا في صقل هويته المركبة ومتعددة المشارب وفي بلورة وعيه السياسي بقضايا العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية.
وقد عبر عن ذلك التأثير في أكثر من مناسبة، وأكده من جديد في ليلة الاحتفاء بالفوز عندما أهدى النصر "إلى والديّ: ماما وبابا لقد جعلتما مني الرجل الذي أنا عليه اليوم. أنا فخور جدا كوني ابنكما".
وممداني هو الابن الوحيد لوالديه وقد ولد في أوغندا وانتقل معهما إلى جنوب أفريقيا وهو في سن الخامسة قبل أن يرافقهما في ربيعه السابع إلى نيويورك حيث درس وانخرط مبكرا في العمل الإنساني، وشارك متطوعا في عدة حملات انتخابية قبل أن ينخرط في العمل السياسي.
كما استلهم هويته السياسية في صفوف الحزب الديمقراطي من الجناح التقدمي الذي يمثله عضوا مجلس الشيوخ بيرني ساندرز وألكساندريا أوكاسيو -كورتيز اللذان كانا حاضرين بقوة في أبرز محطات حملته الانتخابية.
وترأس ساندرز العديد من التجمعات الانتخابية وأشاد مرارا بمؤهلات ممداني، وقال إنه يمثل مستقبل الحزب الذي يعيش حاليا مرحلة انحسار شديد بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية عام 2024.
والتقى ساندرز بممداني بعد الفوز وجدد إسداء النصائح له في الحكم وخاصة أول 100 يوم في منصبه عمدة لأكبر مدينة أميركية بميزانية قدرها 115 مليار دولار ويعمل في مجلسها البلدي 300 ألف موظف.
أما أوكاسيو -كورتيز فكانت من أول مؤيديه، ولعبت دورا بارزا في حشد المكون اليساري في الحزب الديمقراطي لدعم ممداني الذي أقر بأنه استفاد من تجربتها في التواصل المباشر بالناخبين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات فی العمل أکثر من
إقرأ أيضاً:
هذه الصلاحيات التي يملكها ممداني في نيويورك.. بماذا يختلف عن حاكم الولاية؟
مع الإعلان عن فوز زهران ممداني، في منصب عمدة مدينة نيويورك، وهي من أهم مدن الولايات المتحدة، وولاية نيويورك، تطرح أسئلة حول الصلاحيات التي يمتلكها العمدة والمقارنة بينه وبين حاكم الولاية.
وأعلن فجر اليوم، عن فوز المرشح الديمقراطي ممداني، بمنصب العمدة، بعد معركة انتخابية مع المرشح الجمهوري، كورتيس سليوا والمرشح المستقل والحاكم السابق لولاية نيويورك المدعوم من ترامب، أندرو كومو.
وبات ممداني أول عمدة مسلم لأكبر مدينة في الولايات المتحدة، اعتبارا من كانون الثاني/يناير المقبل، وهو موعد انتهاء ولاية العمدة الحالي، إريك إل آدامز.
ونستعرض في التقرير التالي أبرز ما يجب أن نعرفه عن مهامه والفرق بينه وبين حاكم الولاية.
تضم ولاية نيويورك 62 مدينة، وتقع شمال شرق الولايات المتحدة، وتعد مدينة نيورك، إحدى مدن الولاية وتقع سلطة العمدة على أحيائها فقط.
أما أحياء مدينة نيويورك التي سيكون ممداني مسؤولا عنها فهي 5، مانهاتن، وبروكلين، وكوينز، وبرونكس، وستاتن آيلند.
ويمتلك العمدة بحسب الموقع الرسمي لحكومة نيويورك، صلاحيات سلطة تعيين وإقالة مفوضي أكثر من 40 وكالة تابعة للمدينة، وأعضاء مجالسها ولجانها.
يتولى مسؤولية إعداد وإدارة ميزانيات النفقات ورأس المال السنوية للمدينة، بالإضافة إلى الخطة المالية، وهو مسؤول عن إدارة علاقات المدينة مع الهيئات الحكومية الفيدرالية والولائية والمحلية.
ويتمتع العمدة بسلطة نقض القوانين المحلية التي يسنها مجلس المدينة، ولكن يجوز للمجلس إبطال هذا النقض بأغلبية ثلثي الأصوات.
ووفقًا لقانون الولاية، يعين العمدة قضاة المحكمة الجنائية، وقضاة محكمة الأسرة، وقضاة المحكمة المدنية المؤقتة.
كما يتمتع بصلاحيات ومسؤوليات تتعلق باستخدام الأراضي وعقود المدينة، ويتعاون مع وكالات المدينة والولاية والحكومة الفيدرالية المسؤولة عن التنمية الاقتصادية والبنية التحتية للمدينة. ويحافظ على التواصل مع الهيئات الحكومية المعنية بالمعاشات التقاعدية، والمالية العامة، والمشتريات، والامتيازات والامتيازات.
ويتمتع العمدة بجميع الصلاحيات المتبقية لحكومة المدينة، والتي لم يفوضها القانون إلى أي مسؤول أو هيئة عامة أخرى.
ويشغل العمدة، بحكم منصبه، عضوية مجالس إدارة المؤسسات الثقافية الثلاث والثلاثين المملوكة للمدينة، والتابعة لمجموعة المؤسسات الثقافية، بالإضافة إلى مكتبة بروكلين العامة، ومركز تعليم الفنون، ومتحف الجاز في مركز لينكولن، ومتحف الفنون والتصميم، ومتحف الفن الحديث، ومكتبة نيويورك العامة، ومكتبة كوينز بورو العامة.
في المقابل فإن حاكم الولاية، هو الرئيس التنفيذي لولاية نيويورك بكافة مدنها، ومسؤول عن ضمان تطبيق قوانينها، وحاليا يشغل المنصب، كاثي هوكول، وهي سياسية ومحامية أمريكية، وتعد أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ الولاية.
ويعد الحاكم القائد التنفيذي للجهاز الإداري في الولاية، ويمارس صلاحياته على الإدارة التنفيذية بما في ذلك جميع الإدارات والمكاتب والهيئات، وله سلطة إصدار القواعد والأنظمة اللازمة لتنفيذ القوانين وفقا لموقع الولاية.
وهو القائد الأعلى لقوات الولاية البرية والبحرية، ويوجه رسالة سنوية إلى الهيئة التشريعية حول حالة الولاية، يوضح فيها الأوضاع العامة ويوصي بالإجراءات والتدابير التي يراها مناسبة.
كما يمتلك الحاكم صلاحية الموافقة على القوانين التي تقرها الهيئة التشريعية أو نقضها، وله أن يدعو الهيئة التشريعية أو مجلس الشيوخ فقط إلى عقد جلسات استثنائية عند الحاجة. إضافة إلى أنه يملك سلطة تعيين رؤساء معظم إدارات الدولة وعزلهم، ويشرف على الإنفاق العام والإدارة المالية للولاية.
ويخول للحاكم منح الإرجاءات والتخفيفات والعفو للأشخاص المدانين بجرائم، باستثناء حالات الخيانة أو العزل، وذلك ضمن سلطته الدستورية في العفو والإصلاح.