إرهاصات اندلاع حرب بين إثيوبيا وإريتريا تزيد حدة التوتر وتثير المخاوف خاصة وأن المنطقة الحدودية بين البلدين تشهد حشوداً عسكرية.

تقرير: التغيير

“بلادنا ستحصل على منفذ في البحر الأحمر مهما كلف الأمر”، تصريح لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد اعتبر البعض أنه بمثابة بداية لمعركة ربما تحسم بالطرق العسكرية أو الدبلوماسية والسياسية.

الرد الإريتري جاء على لسان الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الذي سخر من الحديث الإثيوبي قائلاً: “مخطئ من يظن أن سحق الجيش الإريتري سهل”.

هذا التصعيد الذي حمل في طياته تلويحاً واضحاً بالحرب وإمكانية اللجوء للقوة العسكرية في سبيل تحقيق الهدف الإثيوبي الأمر الذي أثار القلق من صراع جديد يشعل شرق أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي المليئة بالصراعات سلفا.

فقدان الميناء

إثيوبيا من خلال حديثها عن الحصول على منفذ في البحر الأحمر تشير إلى ميناء عصب الذي فقدت الوصول إليه عقب استقلال إريتريا رسميا في العام 1993م حيث كانت تدير الميناء، وأنهت الحرب التي اندلعت بين البلدين ما بين 1998 _2000 أي تعاون بحري بينهما لتصبح إثيوبيا دولة حبيسة بدون موانئ.

وهذا الأمر انتقده الرئيس الإثيوبي غير قانوني، حيث قال خلال جلسة في البرلمان مؤخراً إن إثيوبيا فقدت ميناءها البحري خلال 30 عاماً الماضية، جراء انفصال إريتريا واستقلالها، واعتبر أن القرار غير قانوني بدعوى عدم اتخاذه من جانب مؤسسات إثيوبية، كمجلس الوزراء أو البرلمان الذي لم يكن موجوداً حينها، أو عبر استفتاء.

الصحفي الإثيوبي أنور إبراهيم خلافات وأخطاء

وقال الصحفي الإثيوبي أنور إبراهيم لـ(التغيير)، إن الخلاف مع إريتريا بدأ بعد مطالب إديس ابابا بالعودة لميناء عصب.

واعتبر أن إثيوبيا فرطت في ميناء عصب خلال فترة الحكم الانتقالي ما بين 1991- 1994، وحالياً هنالك مطالب إثيوبية بالوصول لمنفذ بحري فيما ترفض إريتريا المطلب الإثيوبي بالوصول لميناء عصب الذي يدور حوله جدل حيث يعتبره البعض جزءاً من الأراضي الإثيوبية.

وأضاف أن هنالك مطالب إثيوبية داخلية بأن يتم إعادة المنطقة خاصةً وأن المكونات القبلية العفرية تمتد في البلدين.

وأشار إبراهيم إلى أن المطالبين باستعادة ميناء عصب اقترحوا بأن يتم ذلك وفق اتقاق رسمي بين البلدين اتفاقية اقتصادية مشتركة تحقق المنافع للبلدين.

ولفت أنور إبراهيم إلى أن هنالك من يرى أن عصب أراضٍ إثيوبية، بل أن البعض انتقد ما حدث سابقاً باستفتاء إريتريا الذي كان في العام 1993، حيث يرى البعض أن هذا الاستفتاء كان خطأ بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما عليه.

وقال: “في المقابل تعتقد إريتريا أن إثيوبيا تحاول التعدي عليها ورغم ذلك تظل القضية حالياً كما هي عليه”.

حقائق تاريخية

الكاتب الإريتري عز الدين صالح كتب تدوينه على (فيسبوك) قال فيها إن إريتريا نالت استقلالها في العام 1991 بعد نضال وكفاح استمر ثلاثين عاماً ضد إثيوبيا، وتم استفتاء بإشراف الأمم المتحدة في العام 1993 صوت فيه (99.8%) من الإريتريين لصالح الاستقلال واعترف العالم بإريتريا وكانت إثيوبيا أول دولة ترسل بعثة دبلوماسية لأسمرا.

وأضاف أن تصريحات آبي أحمد مؤخراً جاءت بعد فشله بالداخل بعد حروب تيغراي وأروميا وأمهرا، ومحاولة تصدير مشاكله للخارج بإدعاء حقه في ميناء عصب الإريتري.

وتابع صالح: إثيوبيا لم يكن لها أي حقوق في ميناء عصب، كانت تحتل إريتريا بقوة السلاح واستطاع الشعب الإريتري إخراجها بعد نضال قتل فيه الآلاف.

أهداف ومخاوف

من جانبه، قال الصحفي المختص في شؤون القرن الأفريقي عبد المنعم أبو إدريس لـ(التغيير)، إن إثيوبيا كان يمكنها أن تحقق هدفها في الحصول على تسهيلات ميناء لخدمة نقلها البحري عبر التفاوض، لكن ما يصدر من القيادات الإثيوبية يشير إلى أن الهدف أبعد من ميناء تجاري بل أن الإثيوبيين يتحدثون عن منفذ بحري مما يجعل إريتريا ودول أخرى لديها إطلالة على البحر الأحمر تتوجس من هذه التحركات.

وأشار إلى أن ذلك يزيد حدة التوتر ويثير المخاوف من المواجهة خاصة وأن المنطقة الحدودية بين البلدين تشهد حشوداً عسكرية، كما أن كل منهما يحاول استخدام معارضين للطرف الآخر في حرب بالوكالة.

وفيما يختص بالتأثير على السودان، لفت أبو إدريس إلى أنه حال اندلعت الحرب فستدور قرب حدود السودان، ولذلك لا يستبعد أن يتم استخدام الأراضي السودانية في منطقة الفشقة الكبرى في عمليات الالتفاف للقوات، كما أن شرق السودان في حال اندلعت المواجهات سيشهد تدفقات للاجئين وفوق ذلك سيكون السودان مطالباً باتخاذ موقف واضح من الصراع بعد أن ساندت إريتريا الجيش في حربه ضد الدعم السريع.

تعقيدات ومحاذير

بدوره، رأى الباحث بمركز دراسات البحر الأحمر أحمد عثمان في حديث لـ(التغيير)، أن العلاقات السودانية الإريترية الإثيوبية باتت معقدة جداً بسبب الحرب، ولطالما ارتبطت هذه العواصم تاريخياً بالمعارضة لكل الأطراف حسب سير العلاقات بين الدول، ولكن الثابت هو استضافة السودان للآلاف من اللاجئين الإريتريين والإثيوبيين طوال فترة الأربعين عاماً الماضية.

وشدد على أهمية عدم تدخل السودان عسكرياً في حالة اندلاع صراع مسلح بين إثيوبيا وإريتريا لجهة أن ذلك سيلقي بظلال سالبة على حدود السودان الشرقية وساحل البحر الأحمر عموماً حيث ستنتشر الفوضى وربما تدخل الجماعات المسلحة والمتطرفة للمنطقة.

وأضاف أحمد عثمان: “أي صراع في منطقة شرق السودان على ساحل البحر الأحمر سيزيد من نار الحرب في السودان.. هنالك أطراف دولية ستدخل في الصراع مباشرة وبالتالي تتسع دائرة الحرب”.

وأشار إلى وجود مجموعات سودانية مسلحة (غير نظامية) على الحدود المشتركة بين السودان وإريتريا.

ولفت إلى أن هنالك أنباء تشير أيضاً لوجود مجموعات مرتبطة بحركات التيغراي في السودان ربما تشكل تهديداً للسلم في المنطقة.

ودعا أحمد عثمان القيادة في السودان إلى أخذ كل هذه المهددات على محمل الجد حتى لا تتسع دائرة الحرب في السودان وتحرق ما تبقى من شرق السودان.

الوسومآبي أحمد أسياس أفورقي أنور إبراهيم إثيوبيا إريتريا السودان تيغراي شرق السودان عبد المنعم أبو إدريس ميناء عصب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آبي أحمد أسياس أفورقي أنور إبراهيم إثيوبيا إريتريا السودان تيغراي شرق السودان ميناء عصب أنور إبراهیم البحر الأحمر بین البلدین شرق السودان فی السودان میناء عصب فی العام إلى أن

إقرأ أيضاً:

ميناء المخا يعود إلى المشهد البحري.. الإعلان عن جاهزية استقبال سفن الحاويات

يشكل إعلان ميناء المخا جاهزيته لاستقبال سفن الحاويات لأول مرة خطوة اقتصادية واستراتيجية قد تسهم في إعادة تنشيط القطاع البحري والتجاري لليمن بعد سنوات من الركود نتيجة الحرب العبثية التي تقودها ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران منذ 10 سنوات.

ويعد الميناء نقطة محورية في الساحل الغربي، ويمتلك القدرة على تحريك عجلة التجارة وإعادة الدماء إلى الاقتصاد المحلي من خلال تسهيل حركة البضائع وتخفيض تكاليف النقل. 

وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن تطوير البنية التحتية لميناء المخا وتعميق القنوات الملاحية يمكن أن يؤدي إلى زيادة التدفقات التجارية بنسبة كبيرة، ما يعزز الإيرادات الحكومية ويخلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاعات النقل واللوجستيات والتخزين، والصناعات المرتبطة بها.

وتكتسب أهمية ميناء المخا بعدًا استراتيجيًا إضافيًا في ظل تضرر موانئ الحديدة نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية والخروج عن الجاهزية التشغيلية، وهو ما أدى إلى تراجع حركة الاستيراد والتصدير التي عكست بدورها على حدة الأوضاع المعيشية في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية.

ويشكل ميناء المخا، القريب نسبيًا من الحديدة، بديلًا حيويًا لتغطية هذه الحركة الاقتصادية، بما يسمح باستمرار استيراد السلع الأساسية وتصدير المنتجات المحلية، والحفاظ على جزء من النشاط التجاري البحري في اليمن، إلى جانب تعزيز دوره كبوابة بحرية مهمة على البحر الأحمر.

وأعلن مدير عام ميناء المخا، عبدالملك الشرعبي، أن الميناء أصبح جاهزًا لاستقبال سفن الحاويات الصغيرة في المرحلة الأولى، مشيرًا إلى أن الحمولة المتوقعة للسفن تتراوح بين 150 و200 حاوية وفق الإمكانات التشغيلية الحالية. وأوضح الشرعبي، في تصريح خاص لقناة الجمهورية، أن هذه الخطوة تمثل مرحلة أولى ضمن خطة تطوير شاملة تهدف إلى توسيع القدرة الاستيعابية للميناء تدريجيًا ورفع مستوى جاهزيته لمواكبة المعايير الدولية في الشحن والتفريغ وإدارة الحاويات.

ويشهد ميناء المخا — الذي كان تاريخيًا المرفأ اليمني الأبرز لتصدير البن — عملية تحديث واسعة تشمل تعميق القناة الملاحية وحوض الاستدارة، وتحسين الأرصفة والبنية التحتية للميناء، بدعم مباشر من عضو مجلس القيادة الرئاسي، قائد المقاومة الوطنية ورئيس مكتبها السياسي، الفريق الركن طارق صالح.

وبحسب مراقبين اقتصاديين، فإن إعلان جاهزية الميناء لاستقبال سفن الحاويات يمثل نقطة تحول في المشهد اللوجستي اليمني، خصوصًا في ظل تعطّل معظم الموانئ الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، الأمر الذي يمنح ميناء المخا فرصة لإعادة تنشيط الحركة التجارية وتخفيف الأعباء عن الموانئ الأخرى في المنطقة.

وأكد الشرعبي أن إدارة الميناء تعمل بالتنسيق مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص على تأهيل الكوادر وتحديث الأنظمة التقنية والإدارية، لضمان انسيابية العمليات واستقطاب شركات النقل البحري، مشيرًا إلى أن الميناء يسعى ليكون نموذجًا في الشفافية والكفاءة التشغيلية.

ومن المتوقع أن يسهم تشغيل الميناء في استقبال سفن الحاويات خلال الأشهر المقبلة في تنشيط الحركة التجارية في الساحل الغربي، وتوفير فرص عمل جديدة، ودعم جهود إعادة الإعمار الاقتصادي في المناطق المحررة، ليعود المخا — الذي حمل اسمه إلى واحدة من أشهر أنواع القهوة في العالم — إلى موقعه الطبيعي كبوابة تجارية بحرية لليمن نحو المستقبل.


مقالات مشابهة

  • غارات جوية ضد قوارب لـ”تهريب المهاجرين” في ميناء زوارة
  • ميناء المخا يعود إلى المشهد البحري.. الإعلان عن جاهزية استقبال سفن الحاويات
  • تصاعد العنف في إثيوبيا.. قوات «تيغراي» تسيطر على قرى وتستهدف المدنيين
  • رئيس الوزراء: أشكر المواطن المصري الذي تحمّل مع الدولة جهود التنمية
  • مسعد بولس الذي يجيد التحدث باللغة العربية !!
  • شاهد بالفيديو.. المطربة اللبنانية “إليسا” تدعم السودان وتهز المسرح في باريس بحضور أكثر من 500 ألف شخص: (لن ننسى الإجرام الذي يحدث بالسودان ولا يحكى عنه وربنا يرجعكم لبلدكم يارب)
  • إدريس: إن لم تنتهِ الحرب بالسودان فالخطر يهدد أفريقيا والعالم
  • «الجامعة» وقلب العروبة النازف
  • مخاوف العرقية وتوسيع الرباعية