النساء وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي.. واقع افتراضي أم مرآة للحياة؟
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
أشارت دراسات اجتماعية ونفسية حديثة إلى أن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على النساء أكبر من تأثيرها على الرجال، فبينما يستخدم كلا الجنسين المنصات الرقمية للتواصل وتبادل المعلومات، تظهر النساء معدلات أعلى من الارتباط العاطفي بها، ما يجعل الانغماس في "العالم الافتراضي" جزءًا مهمًا من حياتهن اليومية.
تعتمد منصات مثل إنستجرام وتيك توك وفيسبوك على المحتوى البصري والانفعالات اللحظية، مما يدفع النساء للتفاعل بشكل أعمق مع الصور والقصص ومظاهر النجاح والرفاهية، ويشير خبراء علم الاجتماع إلى أن النساء غالبًا ما يقارنن حياتهن الواقعية بما يُعرض على هذه المنصات، ما قد يؤثر على مستوى الرضا عن الذات وتقديرها.
تحديات التفريق بين الواقع والخيال
مع كثرة الوقت الذي تقضيه النساء على وسائل التواصل، تتداخل الحدود بين الواقع والنسخ الرقمية المثالية. فصور الأجسام المثالية، والحياة الأسرية الفاخرة، والسفر المترف قد تخلق فجوة بين الواقع وما يُعرض، مما يدفع بعض النساء إلى الشعور بالنقص أو محاولة تقليد نماذج مصطنعة.
تحذر متخصصات في علم النفس من أن هذا النمط قد يزيد معدلات القلق والاكتئاب لدى النساء مقارنة بالرجال، خصوصًا مع انتشار ثقافة المقارنة الدقيقة.
الفرق بين استخدام النساء والرجال
في المقابل، غالبًا ما يستخدم الرجال وسائل التواصل لأغراض محددة مثل متابعة الأخبار أو الاهتمامات المهنية أو الألعاب الإلكترونية، بينما تعتمد النساء على هذه المنصات لبناء صورة ذهنية عن الحياة المرغوبة، والتعبير عن الذات، وتكوين روابط اجتماعية. ويؤدي هذا الانخراط العاطفي المكثف إلى تأثير نفسي أعمق وأكثر تعقيدًا على النساء.
يرى الخبراء أن الحل لا يكمن في الانقطاع عن وسائل التواصل، بل في تعزيز "الوعي الرقمي"، أي إدراك أن ما يُعرض على المنصات لا يعكس الواقع بالكامل. كما ينصحون بنشر ثقافة المحتوى الحقيقي وتعزيز تقدير الذات المبني على التجربة الشخصية وليس المقارنة مع الآخرين.
الانعكاس على الحياة الزوجية
وأوضحت الدكتورة نيفين وجيه، الاستشارية الأسرية، أن هذا الفارق في الاستخدام قد يؤثر مباشرة على الحياة الزوجية، حيث تسعى بعض النساء لتحقيق نموذج "الكمال" المعروض على منصات التواصل، ما يؤدي إلى مقارنات مستمرة بين الواقع والحياة الرقمية، ويولد توترًا ومطالب غير منطقية داخل الأسرة.
وأضافت أن الرجال غالبًا أكثر قدرة على الفصل بين ما يظهر على الشاشات وما يحدث في الواقع، ويميلون للتعامل مع المشكلات بهدوء أكبر.
وأكدت وجيه على ضرورة رفع الوعي الرقمي داخل الأسرة وتعزيز ثقافة الحوار بين الأزواج لفهم تأثير المحتوى الافتراضي على السلوك والمشاعر، مشيرة إلى أن التعامل الناضج مع وسائل التواصل أصبح جزءًا أساسيًا للحفاظ على استقرار العلاقات.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دراسات اجتماعية التواصل الاجتماعي العالم الافتراضى وسائل التواصل بین الواقع
إقرأ أيضاً:
أستراليا تحظر شبكات التواصل لأقل من 16 عامًا.. غرامات قاسية للشركات المخالفة
تواصل الحكومة الأسترالية حملتها الواسعة لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت، إذ أعلنت وزيرة الاتصالات الأسترالية أنيكا ويلز عن إضافة منصتي Reddit وKick إلى قائمة مواقع التواصل الاجتماعي المحظور استخدامها من قبل من هم دون سن 16 عامًا، وذلك ضمن قانون جديد يدخل حيز التنفيذ في 10 ديسمبر المقبل.
ويأتي القرار في إطار سياسة حكومية متشددة تعتبر الأولى من نوعها عالميًا من حيث تحميل المنصات الرقمية نفسها المسؤولية الكاملة عن مراقبة الفئة العمرية لمستخدميها، وليس أولياء الأمور. ويهدف التشريع إلى الحد من تأثير المحتوى الضار والخوارزميات التي تُوجّه الأطفال نحو مواد غير مناسبة أو تسبب الإدمان الرقمي، وهي قضية تشهد اهتمامًا متزايدًا داخل أستراليا والعالم.
وبانضمام Reddit وKick، ترتفع قائمة المنصات المشمولة بالحظر إلى ثمانية تطبيقات رئيسية، تشمل أيضًا فيسبوك، X (تويتر سابقًا)، سناب شات، تيك توك، يوتيوب، وإنستغرام. وتشير وزارة الاتصالات الأسترالية إلى أن هذه القائمة ليست نهائية، وقد تُضاف إليها تطبيقات أخرى مستقبلًا إذا ثبت تسببها في مخاطر مشابهة للمستخدمين الصغار.
وفي البداية، كان يوتيوب مستبعدًا من القانون بحجة أنه يُستخدم في الأغراض التعليمية، غير أن احتجاجات من شركات أخرى مدرجة في قائمة الحظر دفعت الحكومة إلى إعادة النظر وإضافة المنصة، لتؤكد بذلك أن القانون يشمل جميع المنصات التي تُتيح للمستخدمين التفاعل أو مشاركة المحتوى بشكل مفتوح.
وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، فإن الحكومة الأسترالية أصدرت هذا القانون في أواخر عام 2024، بعد نقاشات استمرت لأشهر حول كيفية تحقيق التوازن بين حماية الأطفال وضمان حرية الإنترنت. ويُلزم القانون الجديد المنصات الرقمية باتخاذ خطوات فعالة للتحقق من عمر المستخدمين ومنع من هم دون 16 عامًا من إنشاء حسابات أو التفاعل داخل المنصات الاجتماعية. وفي حال مخالفة هذا الالتزام، قد تواجه الشركات غرامات ضخمة تصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (نحو 32 مليون دولار أمريكي).
وأكدت الوزيرة أنيكا ويلز في تصريحاتها أن الحكومة لا تسعى لحظر الإنترنت على الأطفال، بل إلى حمايتهم من بيئة رقمية أصبحت في كثير من الأحيان سامة وخطرة. وأضافت قائلة: "لوسائل التواصل الاجتماعي زمان ومكان، ولكن لا مكان للخوارزميات المفترسة والمحتوى الضار ومقاييس الشعبية السامة التي تتلاعب بالأطفال الأستراليين. يمكن للمنصات الإلكترونية استهداف الأطفال برقابة مُرعبة، ونحن نُلزمها الآن باستخدام التقنية نفسها لحمايتهم بدلاً من الإضرار بهم."
ويُعد هذا القرار الأسترالي من أكثر التشريعات الرقمية جرأة في العالم، إذ يعكس قناعة متزايدة لدى الحكومات بأن شركات التكنولوجيا العملاقة لم تفعل ما يكفي لحماية المستخدمين الصغار من المخاطر الإلكترونية، مثل التنمر الرقمي، والمحتوى غير اللائق، وإدمان التصفح المستمر. ويؤكد الخبراء أن هذه الخطوة قد تُشجع دولًا أخرى على تبني سياسات مشابهة في السنوات القادمة، خاصة مع تصاعد الجدل حول تأثير شبكات التواصل على الصحة النفسية للمراهقين.
ويشير مراقبون إلى أن Reddit تحديدًا أصبح في مرمى الانتقادات بسبب طبيعته المفتوحة التي تسمح بإنشاء مجتمعات (Subreddits) قد تتضمن محتوى غير مناسب للأطفال، بينما تُعرف منصة Kick بثقافتها المتساهلة في البث المباشر ومحتواها غير الخاضع للرقابة الكاملة، ما جعلها هدفًا مباشرًا للتنظيم الجديد.
ورغم إشادة العديد من الأسر الأسترالية بالقانون الجديد، أثار القرار أيضًا تساؤلات حول مدى قدرة المنصات على تنفيذ آليات دقيقة للتحقق من العمر دون المساس بخصوصية المستخدمين، خاصة وأن التقنيات الحالية لا تزال تواجه تحديات في هذا الجانب.
وفي توضيح لاحق، أكدت الحكومة الأسترالية أن المنصات مثل Discord وGitHub وRoblox لن تُعتبر ضمن المنصات المحظورة، موضحة أن هذه الخدمات لا تُصنف كوسائل تواصل اجتماعي تقليدية، وأن ما تردد عن نية حظرها كان مجرد سوء فهم إعلامي تم تصحيحه لاحقًا.
بهذا القرار، تفتح أستراليا صفحة جديدة في معركة حماية الأطفال على الإنترنت، واضعة شركات التكنولوجيا أمام مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، في وقت يزداد فيه الجدل العالمي حول تأثير الشبكات الاجتماعية على الأجيال القادمة ومستقبلهم الرقمي.