أستراليا تحظر شبكات التواصل لأقل من 16 عامًا.. غرامات قاسية للشركات المخالفة
تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT
تواصل الحكومة الأسترالية حملتها الواسعة لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت، إذ أعلنت وزيرة الاتصالات الأسترالية أنيكا ويلز عن إضافة منصتي Reddit وKick إلى قائمة مواقع التواصل الاجتماعي المحظور استخدامها من قبل من هم دون سن 16 عامًا، وذلك ضمن قانون جديد يدخل حيز التنفيذ في 10 ديسمبر المقبل.
ويأتي القرار في إطار سياسة حكومية متشددة تعتبر الأولى من نوعها عالميًا من حيث تحميل المنصات الرقمية نفسها المسؤولية الكاملة عن مراقبة الفئة العمرية لمستخدميها، وليس أولياء الأمور.
وبانضمام Reddit وKick، ترتفع قائمة المنصات المشمولة بالحظر إلى ثمانية تطبيقات رئيسية، تشمل أيضًا فيسبوك، X (تويتر سابقًا)، سناب شات، تيك توك، يوتيوب، وإنستغرام. وتشير وزارة الاتصالات الأسترالية إلى أن هذه القائمة ليست نهائية، وقد تُضاف إليها تطبيقات أخرى مستقبلًا إذا ثبت تسببها في مخاطر مشابهة للمستخدمين الصغار.
وفي البداية، كان يوتيوب مستبعدًا من القانون بحجة أنه يُستخدم في الأغراض التعليمية، غير أن احتجاجات من شركات أخرى مدرجة في قائمة الحظر دفعت الحكومة إلى إعادة النظر وإضافة المنصة، لتؤكد بذلك أن القانون يشمل جميع المنصات التي تُتيح للمستخدمين التفاعل أو مشاركة المحتوى بشكل مفتوح.
وبحسب صحيفة الجارديان البريطانية، فإن الحكومة الأسترالية أصدرت هذا القانون في أواخر عام 2024، بعد نقاشات استمرت لأشهر حول كيفية تحقيق التوازن بين حماية الأطفال وضمان حرية الإنترنت. ويُلزم القانون الجديد المنصات الرقمية باتخاذ خطوات فعالة للتحقق من عمر المستخدمين ومنع من هم دون 16 عامًا من إنشاء حسابات أو التفاعل داخل المنصات الاجتماعية. وفي حال مخالفة هذا الالتزام، قد تواجه الشركات غرامات ضخمة تصل إلى 49.5 مليون دولار أسترالي (نحو 32 مليون دولار أمريكي).
وأكدت الوزيرة أنيكا ويلز في تصريحاتها أن الحكومة لا تسعى لحظر الإنترنت على الأطفال، بل إلى حمايتهم من بيئة رقمية أصبحت في كثير من الأحيان سامة وخطرة. وأضافت قائلة: "لوسائل التواصل الاجتماعي زمان ومكان، ولكن لا مكان للخوارزميات المفترسة والمحتوى الضار ومقاييس الشعبية السامة التي تتلاعب بالأطفال الأستراليين. يمكن للمنصات الإلكترونية استهداف الأطفال برقابة مُرعبة، ونحن نُلزمها الآن باستخدام التقنية نفسها لحمايتهم بدلاً من الإضرار بهم."
ويُعد هذا القرار الأسترالي من أكثر التشريعات الرقمية جرأة في العالم، إذ يعكس قناعة متزايدة لدى الحكومات بأن شركات التكنولوجيا العملاقة لم تفعل ما يكفي لحماية المستخدمين الصغار من المخاطر الإلكترونية، مثل التنمر الرقمي، والمحتوى غير اللائق، وإدمان التصفح المستمر. ويؤكد الخبراء أن هذه الخطوة قد تُشجع دولًا أخرى على تبني سياسات مشابهة في السنوات القادمة، خاصة مع تصاعد الجدل حول تأثير شبكات التواصل على الصحة النفسية للمراهقين.
ويشير مراقبون إلى أن Reddit تحديدًا أصبح في مرمى الانتقادات بسبب طبيعته المفتوحة التي تسمح بإنشاء مجتمعات (Subreddits) قد تتضمن محتوى غير مناسب للأطفال، بينما تُعرف منصة Kick بثقافتها المتساهلة في البث المباشر ومحتواها غير الخاضع للرقابة الكاملة، ما جعلها هدفًا مباشرًا للتنظيم الجديد.
ورغم إشادة العديد من الأسر الأسترالية بالقانون الجديد، أثار القرار أيضًا تساؤلات حول مدى قدرة المنصات على تنفيذ آليات دقيقة للتحقق من العمر دون المساس بخصوصية المستخدمين، خاصة وأن التقنيات الحالية لا تزال تواجه تحديات في هذا الجانب.
وفي توضيح لاحق، أكدت الحكومة الأسترالية أن المنصات مثل Discord وGitHub وRoblox لن تُعتبر ضمن المنصات المحظورة، موضحة أن هذه الخدمات لا تُصنف كوسائل تواصل اجتماعي تقليدية، وأن ما تردد عن نية حظرها كان مجرد سوء فهم إعلامي تم تصحيحه لاحقًا.
بهذا القرار، تفتح أستراليا صفحة جديدة في معركة حماية الأطفال على الإنترنت، واضعة شركات التكنولوجيا أمام مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، في وقت يزداد فيه الجدل العالمي حول تأثير الشبكات الاجتماعية على الأجيال القادمة ومستقبلهم الرقمي.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
إدمان الأطفالِ لـ «السوشيال ميديا».. موضوع خطبة الجمعة اليوم
يؤدي الأئمة اليوم 7 من نوفمبر 2025م، الموافق 16 من جمادى الأولى 1447ه، خطبة الجمعة فى المساجد تحت عنوان «إدمان الأطفال وسائل التواصل الاجتماعي».
وأوضحت الأوقاف إن الهدف من هذه الخطبة هو التحذير من خطورة إدمان وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا على الأطفال، وسبل مواجهة ذلك.
وأكدت انه قد تتحول وسائل التواصلِ الاجتماعيّ من نعمة الى نقمة في هذا الزمانِ بسوءِ استخدامِها، لأن إدمانُ السوشيالِ ميديا له آثارُهُ المُدمرةُ التي تبدأُ بضياعِ الأوقاتِ الثمينةِ، مرورًا بتحويلِ المنصاتِ إلى مواطنَ للغيبةِ والنميمةِ الإلكترونيةِ، ونشرِ التعليقاتِ السلبيةِ، وصولًا إلى المجاهرةِ بالمعاصي ونشرِ الفواحشِ وتتبعِ العوراتِ.
وجاء نص خطبة الجمعة اليوم كالتالي:
الحمد لله رب العالمين، أحمده حمد الشاكر المعتبر، وأشهد ألا إله إلا الله الواحد القهار، العزيز الغفار، سبحانه هدى العقول ببدائع حكمه، ووسع الخلائق بجلائل نعمه، أقام الكون بعظمة تجليه، وأنزل الهدى على أنبيائه ومرسليه، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، شرح صدره، ورفع قدره، وشرفنا به، وجعلنا أمته، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد..
فنعم الله تعالى لا تحصى ولا تعد، ومنن الله على عباده لا تقف عند حد، ووسائل التواصل الاجتماعي هبة الله في هذا الزمان، وجسر الاتصال ما بين البلدان والأوطان، فهي ساحة واسعة لنشر الخير والهدى، وبث المعرفة التي تعم بالفائدة على الورى، تفتح أبواب الرزق والتجارة لكل ساع، وتزيد من فرص الحياة الطيبة لكل راج، فبين يديك أداة فعالة لنقل الخبرات، وتحقيق الإنجازات، وتجاوز المسافات، وتعلم المهارات، مزيج عجيب مدهش من تجلي الله تعالى على عباده باسمه المنعم، قال تعالى: ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم﴾.
أيها الأكارم، قد تتحول نعمة مواقع التواصل الاجتماعي إلى نقمة بسوء استخدامها، وكثرة العكوف عليها، فإدمان السوشيال ميديا له آثاره المدمرة التي تبدأ بضياع الأوقات الثمينة، مرورا بتحويل المنصات إلى مواطن للغيبة والنميمة الإلكترونية، ونشر التعليقات السلبية، وصولا إلى المجاهرة بالمعاصي ونشر الفواحش وتتبع العورات، فيؤدي ذلك إلى تفكيك النسيج المجتمعي ونشر الإشاعات، وإغراق الأفراد في علاقات وهمية سطحية قائمة على الإعجابات، فيحدث للأسرة تفكيك لعلاقاتها وجمود لحواراتها، ويجد المرء نفسه غارقا في عزلة وانفصال عن الواقع، وتتفاقم الكارثة بتصدر رؤوس جهال للفتوى والتخوض في أمور التخصص بغير علم ولا إحاطة بفقه المآلات، قال تعالى: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولٰئك كان عنه مسؤولا﴾.
سادتي الكرام، كم من ساعة انقضت أمام محتوى لا يغني؟ وكم من فرصة ذهبت أمام مقطع له مشاهدات تطغي؟ وكم من صلاة أجلت بسبب إشعارات تلهي؟ فأعيدوا لمواقع التواصل دورها، فليس الحل في الرفض المطلق والاعتزال التام بل في التوازن والاعتدال في الاستعمال، فاجعلوا لهذا العالم وقتا معلوما وغاية مرسومة، فلا نتتبع كل خبر أو صورة أو معلومة، ولا بد أن نكون فاعلين لا متفاعلين، ننتقي المفيد وننشر الخير الرقمي، ونحذر الشرور والفتن والمغريات الإلكترونية، فلا تحولوا النعمة إلى نقمة، ولا الأداة إلى آفة، وكونوا من الذين يقتصدون في كل أمورهم ويحسنون تدبير وقتهم ومواردهم، وحافظوا على عقولكم سليمة صافية، وعلى قلوبكم نقية زكية، ولا تسلموها لتيارات عابرة وموجات متلاطمة، قال الجناب المعظم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وأشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله.
عباد الله، احذروا انغماس الأطفال في مواقع السوشيال ميديا، فلقد فقد أطفالنا الشعور بالدفء والأمان الأسري، أرأيتم صورة هذا الطفل الصغير الذي تعرض للتنمر والتحرش الإلكتروني؟ ألم تسمعوا إلى المشاكل الصحية والنفسية نتيجة الجلوس أمام الشاشات مما يؤثر على تحصيلهم الدراسي؟ ألم يتأثر أطفالنا بتطبيقات الألعاب الإلكترونية العنيفة فظهرت حالات من العنف المدرسي؟ وبسبب هذا الإدمان المفرط يعاني أطفالنا من انعدام الثقة بالنفس، وتدني احترام الذات، والشعور بالبؤس، وانعدام الرضا، وعدم القناعة، وضياع الهوية الثقافية والدينية، والتقليد الأعمى، والمقارنات الوهمية، والتعرض لمحتويات غير أخلاقية منافية للتعاليم الدينية، فلا بد من تقنين أوقات الجلوس أمام الشاشات، وقوموا بتفعيل برامج المراقبة الأسرية والأبوية، وكونوا قدوة لأبنائكم، وافتحوا لغة الحوار مع أطفالكم، واستجيبوا لهذا النداء الإلهي: ﴿يا أيها الذين آمنوا قُوُوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة﴾.
أيها الآباء والأمهات، إن التكنولوجيا نعمة من نعم الله إن أحسن استخدامها ووسيلة للتعلم والتواصل ونشر الخير إذا وضعت لها الضوابط السليمة، فأمانة الأبناء عظيمة، ومسؤولية الحفاظ على عقولهم وصحتهم العقلية جسيمة، فلتكن لكم وقفة جادة مع أبنائكم، وفلذات أكبادكم، كونوا لهم قدوة حسنة بضبط استخدامكم مواقع التواصل، وراقبوا محتواهم بعين الحكمة والمحبة، وعلموهم الفرق بين العالمين الافتراضي والواقعي، وبين الصالح والطالح، وبين ما يفني الوقت وما يبنيه، فهم زهرة حياتكم وثمرة جهودكم، فاحرصوا عليهم حرصكم على أنفسكم، وخصصوا لهم وقتا نوعيا بعيدا عن الشاشات، يمارسون فيه النشاطات البدنية والألعاب الجماعية والتفاعل الأسري الواقعي، واستجيبوا لهذا البيان النبوي الشريف: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
حفظ الله أولادنا وبناتنا من كل مكروه وسوء.