بحث المجالات البحرية مع قوة الواجب المختلطة (150)
تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT
العُمانية: استقبل اللواء الركن بحري سيف بن ناصر الرحبي قائد البحرية السلطانية العُمانية بمكتبه اليوم العميد البحري الركن فهد بن صنديح الجعيد قائد قوة الواجب المختلطة (150) والوفد العسكري المرافق له الذي يزور سلطنة عُمان حاليًّا.
تم خلال المقابلة بحث وجهات النظر في عدد من الأمور لاسيما المجالات البحرية، إلى جانب مناقشة عدد من الموضوعات المختلفة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
المنطقة العُمانية للذكاء الاصطناعي
حديثنا عن المشروعات العُمانية المتعلقة بالتقنيات المتقدّمة ومراجعة تطويراتها ينتقل بنا في هذا المقال إلى مشهد تطبيقي يعكس قوة الإرادة العُمانية في مواصلة انطلاقتها في قطاع التقنية واقتصاده الواعد، ويتمثّل هذه المرة في مشروع يحق لنا أن نُطلق عليه مشروع «المنطقة العُمانية للذكاء الاصطناعي»؛ إذ أُعلِنَ لأول مرة عن مشروع «المنطقة المخصصة للذكاء الاصطناعي» في 8 سبتمبر من العام الحالي؛ ليكون من ضمن حزم المشروعات المُعلن عنها في كومكس 2025 التي شملت حزما كبيرة أخرى أهمها «تحالف الذكاء الاصطناعي الأخضر» و«المثلث الرقمي».
حُدّد موقع المشروع ليكون في ولاية السيب بمحافظة مسقط. وتجلّت أهداف المشروع في بناء قاعدة اقتصادية رقمية لجذب المؤسسات والشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدّمة، وتوطينها في بيئة استثمارية تعتمد المرونة، وتدعم النمو الإقليمي والعالمي، وتصنع الفرص الوظيفية ذات البعد التقني، وتسهم في رفع البنية التحتية الرقمية العُمانية، وكذلك يهدف المشروع إلى أن يجعل من عُمان واجهة إقليمية للذكاء الاصطناعي. وسنأتي في الفقرات القادمة لمزيد من التفصيل لمثل هذه الأهداف.
وفقَ بعض التغطيات الإعلامية؛ يُشار إلى أن المشروع وتطويره يُدار عن طريق شراكات استثمارية تتمثل في شركة عُمانية رائدة في التطوير العقاري مع شريك تنفيذي إقليمي وبميزانية تقديرية ـ متداولة في التقارير الإعلامية ـ بلغت نحو 265 مليون دولار، وكذلك مما يمكن أن يُحسب للمشروع أنه ينتمي إلى جهتين حكوميتين معنيتين بشأن الإشراف عليه وهما: هيئة المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة المعنية بالدور التنظيمي والتشريعي، فيما تُعنى وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بالشق الفني واختيار المطورين عبر مزايدة عامة لتقديم النماذج التشغيلية والمالية لإدارة المنطقة.
في ظل الحديث عن مشروعنا الرقمي الوطني «المنطقة المخصصة للذكاء الاصطناعي» نحتاج أن نفهم بعضًا من تفاصيله، وتحليل مساره التقني في المستقبل وتأثيره الإيجابي على عدد من القطاعات والملفات العُمانية مثل قطاع الاقتصاد والبنية التحتية الرقمية والتعليم والبحث العلمي والموارد البشرية التقنية الوطنية، ودفعها إلى سوق العمل التقني بالإضافة إلى استدعاء وعينا بالتحديات المرافقة، وسُبل معالجتها. كذلك ينبغي أن نتجاوز بتحليلنا الزمنَ الحاضر الذي يغيب فيه ـ عند بعضنا ـ مواطن الفرص والنمو وتحديدها؛ لنتجه إلى المستقبل القريب، ونستشرف عددا من مفاصله القادمة.
استنادا إلى ما يمكن تقصِّيه في فهم الجدوى الاقتصادية المتوقعة لهذا المشروع؛ فإننا نجدها تصبّ في عدد من المصالح الوطنية ـ وهذا ما يمكن أن نستخلصه من رؤية وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وعبر تقاريرها المنشورة مثل ما نشرته الوزارة في موقعها بتاريخ 22 سبتمبر لهذا العام ـ منها: توسيع الاستثمار الأجنبي المباشر والشراكات مع الشركات العالمية عبر حوافز المناطق الاقتصادية الخاصة مثل التي تديرها هيئة المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة وما يرتبط بها من مرونة تشريعية، وتيسير ترخيصي، وبنية تحتية مهيأة لمراكز بيانات وخدمات سحابية الذي كشفنا عن وجوده القوي في مقالنا السابق، وكذلك في توطين التقنيات بواسطة ربط الشركات الناشئة والقطاع الصناعي بالجامعات ومراكز البحث العلمي وتمويل الأبحاث بواسطة الدعم المقدّم من قطاعات الطاقة واللوجستيات والصناعة الحديثة المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة التي تعود بمنافعها على هذه القطاعات نفسها؛ فيسهم في تحويل الذكاء الاصطناعي من النمط البحثي التجريبي إلى نمط عملي ذا طابع اقتصادي يتجاوز السوق المحلي. وكذلك نرى امتدادَ رقعة المصالح إلى إنشاء وظائف تقنية عن طريق برامج تأهيل متخصصة تتوافق مع أهداف البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية 2024-2026 الذي يستهدف رفع جاهزية عُمان على مؤشرات الذكاء الاصطناعي، وتوسيع اندماج القطاعات الحكومية والخاصة مع التقنيات المتقدمة واعتمادها لها.
تقودنا مثل هذه المشروعات إلى فتح نوافذ الاتصال الخارجي بشكل أكثر وضوحا وجاهزية من حيث الفرص الاستثمارية والاستفادة من تجارب الآخرين؛ لأجل مواصلة التطوير والتحسين. ومن المبادرات التعاونية التي نحتاج أن نوطّد دعائمها توسيع دائرة التلاقح التقني وفرص الاستثمار فيه عن طريق التعاون مع مجموعات حكومية وخاصة خارجية خصوصا مع دول المنطقة، وأظل أرى أن الأقرب لمثل هذا التعاون المملكة العربية السعودية؛ لما تملكه من مخزون تقني متقدم آخذ في النمو السريع يتمثّل في الأنظمة التقنية وتطويراتها وفي الخبرات البشرية. وأشيد بجهود الحكومتين ـ العُمانية والسعودية ـ في وعيهما بأهمية هذا الالتحام وضرورته؛ فسبق أن أظهرنا ملامحَ متعددة تجسّد هذا التقارب والالتحام خصوصا في الحيّز التقني والاقتصادي، وآخر ما يمكن أن أستدل عليه في هذا الشأن ما جاء في قمة الشبكة العُمانية للبحث العلمي والتعليم للتكنولوجيا عبر فعاليتها التي أقيمت في 20 و21 من شهر أكتوبر الماضي بعنوان «الذكاء الاصطناعي كقوة دافعة لتحوّل التعليم والبحث العلمي» -التي شرفتُ أن أكون عضوا في لجنتها العلمية ـ الذي اختيرت فيها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي «سدايا» ورئيسها ضيف شرف للقمة؛ ليعكس الانسجام والرغبة الجادة في التعاون بين البلدين الشقيقين.
بجانب كل ما أبديناه من تفاؤل؛ فإننا لسنا بمعزل عن التحديات التي تتطلب انتباهنا وخطواتنا العلاجية الاستباقيّة؛ إذ من الممكن أن نتوقع تحديات مثل: وجود تنافسية الحوافز مقارنة بالمناطق الإقليمية المشابهة؛ فيمكن تجنّبها أو تجاوز بعض معوقاتها عن طريق مزاوجة بعض العناصر وتفعيلها، وأهم هذه العناصر: توفير حزم من الحوافز الاستثمارية مثل: تراخيص سريعة وواضحة عبر المحطة الرقمية الواحدة، وإعفاءات أو رسوم مخفَّضة، وقوانين مرنة، وتحقيق المزيد من تسهيل الوصول إلى الحوسبة عبر توفير حوسبة قوية بأسعار معقولة وسهلة الحجز، وكذلك وجود طاقة خضراء بتسعير مستدام؛ بحيثُ يمكن توفير كهرباء من مصادر متجددة بعقود طويلة وسعر ثابت. يكمن التحدي الثاني في فجوة الكفاءات؛ فنحتاج إلى مضاعفتها مع اتساع نطاقنا التقني ومشروعاته، ويمكن ردمها عن طريق برامج تدريب مع الجامعات والمؤسسات ذات الاختصاص التقني موجهة إلى الكوادر الوطنية الشابة. كما سبق أن استعرضتُ مشروعات عُمانية سابقة تتعلق بقطاع التقنيات المتقدّمة واتصالها المثمر بعالم الاقتصاد، وراهنت على نجاحها؛ فإنني أبصرُ صوابَ تلك التوقعات بما نشهده من ولوج قوي إلى المراحل التنفيذية الجادة، وما زلت أرى الإصرار العُماني عبر متابعتي للحقل التقني وتطوراته السريعة، وهذا ما يضاعف تأكيدي على تفاؤلي بمستقبل رقمي عُماني واعد.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني