الصين تختبر نظريا ما كشفه عمليا بحرُ اليمن! هل تتمكن من اغراق حاملة الطائرات؟
تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT
يعتمد جزء أساسي من هذه الاستراتيجية على ثلاثة أنظمة صاروخية رئيسية:
الصاروخ الباليستي متوسط المدى DF-21D، الموصوف بأنه “قاتل حاملات الطائرات” الأول، والمصمم لاستهداف المجموعات القتالية الأميركية داخل ما يسمى “سلسلة الجزر الأولى” القريبة من البر الصيني؛ والصاروخ DF-26B، الملقب في الإعلام الصيني بـ“قاتل غوام”، بمدى يصل إلى نحو 4 آلاف كيلومتر، بما يكفي لضرب القواعد الأميركية في سلسلة الجزر الثانية وعلى رأسها غوام؛ ثم الصاروخ الأحدث DF-17 المزود بمركبة انزلاقية فرط صوتية (HGV) قادرة على المناورة في المرحلة النهائية وتفادي أنظمة الرادار والدفاع الصاروخي التقليدية.
وتستند الرسالة الصينية إلى ما هو أبعد من مجرد مدى الصواريخ... فبحسب دراسات مراكز ابحاث أميركية، تراهن بكين على ما تُسميه “سلسلة القتل” الكاملة: شبكة واسعة من أقمار الاستطلاع الصناعية، ورادارات ما وراء الأفق، وطائرات استطلاع مأهولة وغير مأهولة، وطائرات مسيرة، تعمل جميعها لالتقاط موقع حاملات الطائرات الأميركية وتتبع مسارها، ثم تغذية وحدات الصواريخ المضادة للسفن ببيانات استهداف محدثة، تمكّن من إطلاق وابل متزامن من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والذخائر فرط الصوتية بهدف إغراق الدفاعات في ضربة واحدة.
ويستحضر محللون في بكين وواشنطن على السواء تجربة عام 1996، حين شعرت الصين بالإهانة أثناء أزمة مضيق تايوان بعد أن عجزت عن مجاراة استعراض القوة الذي نفذته البحرية الأميركية عبر إرسال مجموعات حاملات إلى المنطقة.
ومنذ ذلك الحين، انصبت جهود جيش التحرير الشعبي الصيني على منع تكرار ذلك السيناريو: بدلاً من اللحاق بعدد الحاملات الأميركية، تعمل بكين على تطوير منظومة قادرة على إبقاء تلك الحاملات خارج مدى العمل الفعال في أي صراع حول تايوان أو بحر الصين الجنوبي. الصواريخ الباليستية ليست وحدها في ترسانة بكين. فالصاروخ DF-21D، المحمول على شاحنات ومجهز برأس حربي مناورة (MaRV) يعيد الدخول بسرعات تفوق سرعة الصوت، صُمّم ليكون صعب الاعتراض من أنظمة الدفاع الحالية.
وتشير تقارير غربية إلى اختباره عام 2013 ضد هدف بحري بحجم يقارب حاملات الطائرات الأميركية المعاصرة. أما DF-26B فيُسوَّق له داخل الصين كمنصة قادرة على حمل رؤوس تقليدية أو نووية، واستهداف سفن السطح أو القواعد البرية على حد سواء، مع قدرة على تغيير موقع منصة الإطلاق بسرعة بعد الرمي. وفي الجانب الأحدث تكنولوجيًا، يظهر DF-17 بمركبته الانزلاقية فرط الصوتية التي، وفق مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أظهرت دقة عالية في الاختبارات، مع تقارير عن اقتراب الرأس الحربي من الهدف لمسافة أمتار معدودة وتنفيذ “مناورات حادة” في الجو.
في موازاة ذلك، تعمل الصين على تعزيز ذراعها تحت سطح البحر؛ إذ تشير تقديرات عسكرية إلى أن أسطول الغواصات لديها يقترب من 50 قطعة اليوم، معظمها تعمل بالديزل والكهرباء ومتمركزة قرب سواحلها، مع توقعات بوصول العدد إلى نحو 65 غواصة بحلول 2030. ويُنظر إلى هذا التطور باعتباره مكمّلًا لمنظومة A2/AD، بما يضيف طبقة أخرى من التهديد ضد السفن الأميركية في المنطقة. الرسالة الصينية لا تقتصر على البحر.
فالصواريخ نفسها، أو نسخ أخرى من عائلة DF، مهيأة لاستهداف المدارج والقواعد الجوية الأميركية في اليابان وغوام وجزر أخرى بالمحيط الهادئ، وهو ما تناوله تقرير حديث صادر عن مركز ستيمسون بعنوان “تأثيرات التدمير: التهديدات الصاروخية الصينية للقواعد الجوية الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”، يحذر من أن الضربة الأولى الصينية يمكن أن تُخرج مدارج كاملة من الخدمة لأيام أو أسابيع، ما يعني تعطيل القوة الجوية الأميركية في بدايات أي حرب محتملة.
أمام هذه الصورة، تبعث بكين رسائل استعراض قوة من حين لآخر، من بينها إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات فوق المحيط الهادئ في سبتمبر/أيلول الماضي، في توقيت تزامن مع انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. مسؤولون دفاعيون أميركيون سابقون وصفوا تلك الخطوة بأنها “إشارة واضحة” إلى استعداد الصين لاستخدام أقوى أدواتها التسلحية للردع أو العقاب إذا رأت أن خصومها تجاوزوا “الخطوط الحمراء”.
في الجانب المقابل، لا تقف واشنطن مكتوفة الأيدي. فالمؤسسة العسكرية الأميركية تروّج لمفهوم دفاعي متعدد الطبقات حول مجموعات حاملات الطائرات، يبدأ من صواريخ SM-3 وSM-6 على متن المدمرات والطرادات المزودة بنظام إيجيس لاعتراض الصواريخ الباليستية والمجنحة في طبقات مختلفة من المسار، مرورًا بالحرب الإلكترونية التي تنفذها طائرات EA-18G Growler للتشويش على الرادارات وروابط البيانات، واستخدام طعوم وخداع إلكتروني من نوع Nulka لإرباك باحثات الصواريخ في مرحلتها النهائية، وصولًا إلى نظام Phalanx CIWS كخط دفاع أخير بمدفع رشاش فائق السرعة موجه بالرادار لاعتراض الأهداف القريبة.
إلى جانب ذلك، تراهن البحرية الأميركية على تمديد مدى مجموعات الحاملات بعيدًا عن حافة مدى الصواريخ الصينية، عبر إدخال الطائرة غير المأهولة للتزود بالوقود MQ-25 Stingray، التي من شأنها إطالة ذراع الطيران الهجومي والدفاعي المنطلق من الحاملة، بما يسمح لها بالعمل من مسافات أبعد.
كما يجري تطوير عقائد “العمليات المتفرقة”، عبر توزيع القوات والقطع البحرية والطائرات على مساحة أوسع، واستخدام الغواصات والمنصات غير المأهولة لتقليل قدرة بكين على بناء صورة استهداف دقيقة ومتكاملة.
غير أن هذه الاستراتيجية فشلت فشلاً ذريعا في مواجهة الجيش اليمني الذي عرّى البحرية الأميركية وكشف نقاط ضعف حقيقية استفادت منها الصين. ويرى مراقبون بأن القدرات الصينية لم تُختبر بعد في حرب فعلية ضد قوة بحرية ندّية كالولايات المتحدة، وسلسلة القتل التي تبنيها بكين ما زالت تحتاج إلى إثبات فعاليتها في تتبع أهداف متحركة في بحر مفتوح، وتحديث بيانات الاستهداف في الزمن الحقيقي، والتعامل مع الإرباك الإلكتروني والتشويش المضاد.
في المقابل، لا تملك البحرية الأميركية هي الأخرى سجلًا حديثًا في خوض حرب بحرية واسعة النطاق تحت تهديد مكثف من صواريخ باليستية ومجنحة وفرط صوتية في آن واحد، بينما القدرات البحرية الأميركية جرى اختبارها أمام الجيش اليمني الذي أظهر عجز القدرات الأميركية الدفاعية. في المحصلة، تبدو معادلة البحر اليوم أبعد ما تكون عن الصورة التي روّجت لها واشنطن لعقود؛ فالصين التي راقبت عن كثب انكشاف حاملات الطائرات في البحر الأحمر أمام ضربات الجيش اليمني، استوعبت الدرس وبنت عقيدتها الصاروخية على استهداف “قلب” القوة الأميركية بدل الدوران حول أطرافها.
وبينما تواصل الإدارة الأميركية الحديث عن “حرية الملاحة” و“الردع” في غرب المحيط الهادئ، تتقدم منظومات A2/AD الصينية، مدعومة بتجربة ميدانية غير مباشرة قدّمتها صواريخ ومسيّرات صنعاء، لتطرح سؤالًا جديًا حول مستقبل الهيمنة البحرية الأميركية برمّتها.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: البحریة الأمیرکیة حاملات الطائرات الأمیرکیة فی
إقرأ أيضاً:
إلباييس: انقسام كبير في معسكر ترامب كشفه حوار تاكر كارلسون
نشرت صحيفة إلباييس الإسبانية مقالا للكاتب إيكر سيسديدوس سلّط الضوء فيه على الانقسام المتفاقم داخل معسكر مؤيدي الرئيس دونالد ترامب (حركة ماغا)، عقب الجدل الذي أثارته مقابلة تاكر كارلسون مع نيك فوينتس، الذي يوصف بالمتطرف.
وأوضح الكاتب أن حوارا لافتا جمع بين شخصيتين بارزتين في أقصى اليمين الأميركي نيك فوينتس -الذي يؤمن بتفوق العرق الأبيض والمعجب بهتلر وفقا لسيسديدوس- وتاكر كارلسون المذيع السابق في فوكس نيوز، أشعل خلال الأيام الأخيرة صراعا داخليا في حركة "اجعل أميركا عظيمة مجددا (ماغا).
وقال إيكر سيسديدوس إن حالة الانقسام داخل ماغا ظلت تتعاظم قبل أن تكشف المقابلة حجم التباينات العميقة بين الأطياف المختلفة داخلها بعيدا عن هالة التبجيل لشخص الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
هزة عنيفةوبيّن الكاتب أن بث المقابلة أحدث هزة عنيفة داخل مؤسسة هيريتدج، أحد أهم المراكز الفكرية لليمين الأميركي.
واتُّهم كل من كارلسون وكيفن روبرتس، مدير المؤسسة، بتبييض خطاب فوينتس، المعروف بأفكاره الفاشية والعنصرية والمعادية للنساء، والداعم للقومية المسيحية، والمروّج لنظريات مؤامرة، على حد تعبير الكاتب.
وأشار سيسديدوس إلى أن كارلسون واجه انتقادات حادة بسبب طابع المقابلة الودي وتركه لفوينتس التصريح بإعجابه بالزعيم السوفياتي جوزيف ستالين من دون اعتراض.
وفي المقابل، وجد روبرتس نفسه في قلب العاصفة بعد دفاعه عن كارلسون، قبل أن يتراجع ويعتذر من دون أن ينجح في احتواء تمرد داخلي أطاح بفريق مكافحة معاداة السامية داخل المؤسسة، الذي استقال بالكامل رفضا لتبريراته.
المقابلة تطرقت إلى قضية الدعم الأميركي لإسرائيل في حربها على غزّة، وهي نقطة فجّرت صراعا وجوديا داخل ماغا
وأضاف الكاتب أن المقابلة تطرقت إلى قضية الدعم الأميركي لإسرائيل في حربها على غزة، وهي نقطة فجرت صراعا وجوديا داخل "ماغا"، التي تحاول التوفيق بين الولاء لترامب وموقفه الداعم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبين عقيدة "أميركا أولا" الرافضة لتمويل الحروب الخارجية.
إعلانولفت سيسديدوس إلى أن فوينتس -الذي يتابعه أكثر من مليون شخص على منصة إكس وزار ترامب في مارالاغو عام 2022- استغل المقابلة لإطلاق نظريات مؤامرة حول ما سماه "اليهودية المنظّمة"، في حين ردّد كارلسون معطيات غير موثقة تربط جيفري إبستين بالموساد، ولوّح بأن إسرائيل تقف خلف مقتل القيادي الشاب في "ماغا"، تشارلي كيرك.