سلّطت دراسة نشرتها مجلة الذاكرة والعقل والإعلام، الضوء على ما تسمى "روبوتات الموت"، والتي أصبحت قادرة على محاكاة أصوات الراحلين وسلوكهم، ما فتح الباب أمام عصر جديد تصبح فيه الذكريات تفاعلية وربما خالدة.

وأشارت الدراسة إلى أن هذه الروبوتات تعمل على تقليد الأموات، إلى جانب الصور الرمزية التي تتيح التحدث مع المتوفي، وتنشأ صناعة متسارعة تعرف باسم الحياة الآخرة الرقمية، وتسعى إلى تحويل الحنين الإنساني إلى تجربة رقمية قابلة للتفاعل.



لكن الباحثون حاولوا خلال الدراسة استكشاف ما يحدث عندما تتولى الخوارزميات مهمة تذكر الموتى، مشيرين إلى أنه لتجربة ذلك عمليا، أنشأوا نسخا رقمية من أنفسهم باستخدام بياناتهم الشخصية، ومقاطع صوتية ورسائل ومنشورات، للتعرف على كيف يمكن للتقنية أن تعيد بناء وجود رقمي شبيه بالإنسان.

وتعرف هذه الأنظمة باسم "روبوتات الموت"، وهي تطبيقات ذكاء اصطناعي تعتمد على آثار الشخص الرقمية لإنتاج محادثات تحاكي طريقته في الحديث ونبرة صوته وحتى شخصيته. وتُقدّم بعض هذه الخدمات على أنها وسيلة عاطفية لمواساة المفجوعين، بينما يروّج البعض الآخر لها على نحو ترفيهي أو تجاري.

لكن التجارب أظهرت جانبا آخر أكثر تعقيدا. فكلما ازدادت دقة البيانات وتحسنت المحاكاة، بدا التفاعل أكثر اصطناعا. إذ تكرر الأنظمة العبارات ذاتها بنبرة جامدة، وتخطئ أحيانا في التعبير عن الانفعالات، كأن تضيف رموزا تعبيرية مرحة أثناء الحديث عن الموت، في مفارقة تكشف ضعف الخوارزميات في استيعاب العواطف البشرية.



ورغم أن بعض الأدوات ركزت على حفظ القصص والأصوات ضمن أرشيفات رقمية منظمة، فإنها قيدت التعبير الإنساني داخل قوالب جاهزة. فبدت الذاكرة، كما يصفها الباحث أندرو هوسكينز، "حوارا ناقصا" بين الإنسان والآلة، أقرب إلى محاكاة شكلية للمشاعر منها إلى تفاعل حقيقي.

وخلف هذا المشهد الإنساني تقف صناعة رقمية مزدهرة، تديرها شركات ناشئة تسوّق خدماتها بنماذج اشتراك متدرجة (freemium) وتربطها بشراكات في مجالات التأمين والرعاية الصحية. وهكذا تتحول الذاكرة الشخصية إلى سلعة رقمية، والحنين إلى مصدر ربح.

ويرى الفيلسوفان كارل أومان ولوتشيانو فلوريدي أن هذه الظاهرة تعبر عن "اقتصاد سياسي للموت"، تُستثمر فيه البيانات حتى بعد رحيل أصحابها، ضمن ما يسميه آخرون "اقتصاد الذكاء الاصطناعي العاطفي".

وتظهر الدراسة أن هذه الأنظمة لا تعيد الموتى بقدر ما تعيد تشكيل فكرة التذكّر نفسها. فهي تقدم حضورا رقميا مستمرا، يخفي غياب الفقد الحقيقي. وكما تشير منظّرة الإعلام ويندي تشون، فإن التقنيات الرقمية تخلط بين "الذاكرة" و"التخزين"، فتعد باستدعاء مثالي بينما تقصي النسيان، وهو العنصر الضروري للحداد والنضج العاطفي.

وفي نهاية المطاف، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحفظ القصص والأصوات، لكنه لا يستطيع إعادة الحياة إلى العلاقات الإنسانية المعقدة. فـ"الحياة الآخرة الرقمية" التي تعد بها الشركات تبدو مقنعة لأنها ناقصة، تذكّرنا بأن الذاكرة ليست بيانات محفوظة، بل علاقة حيّة لا يمكن برمجتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا روبوتات الموت محاكاة الذكاء الاصطناعي الانسان روبوتات الموت محاكاة الذكاء الاصطناعي المزيد في تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا سياسة سياسة تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

سيناتور أمريكي يكشف الأسباب الحقيقية للإغلاق الحكومي

الثورة نت/وكالات اعتبر السيناتور الأمريكي السابق بيرني ساندرز أن أسباب الإغلاق الحكومي في البلاد تكمن في رغبة الرئيس دونالد ترامب وحلفائه بمنح تخفيض ضريبي تريليوني لـ1% من المواطنين ،وفق ما أوردته قناة RT)) اليوم الأحد . وقال ساندرز في مقطع فيديو تناقلته منصات التواصل الاجتماعي، “جوهر الإغلاق الحكومي يتلخص في أن الرئيس ترامب وحلفاؤه منحوا تخفيضات ضريبية تريليونية لأثرياء يشكلون نسبة 1% من السكان”. وأضاف السيناتور المستقيل من منصبه: “من بين هؤلاء الأثرياء الملياردير جيف بيزوس ونظرائه.” وأشار إلى أنه من أجل تعويض هذه التكاليف، “ها هم الآن يضاعفون أقساط التأمين الصحي لنحو 20 مليون أمريكي المشمولين أصلا بقانون الرعاية الصحية بأسعار معقولة”. وفي السياق ذاته ، ألغت شركات الطيران الأمريكية 1330 رحلة جوية في اليوم الثاني من تخفيضات الرحلات الجوية التي فرضتها الحكومة في جميع أنحاء البلاد أمس السبت، وتأهب القطاع لمزيد من الإلغاءات مع استمرار إغلاق الحكومة الاتحادية. وكانت إدارة الطيران الاتحادية قد أصدرت تعليمات لشركات الطيران بتخفيض أربعة في المئة من الرحلات الجوية اليومية بدءا من يوم الجمعة الماضي في 40 مطارا رئيسيا، بسبب مخاوف تتعلق بسلامة مراقبة الحركة الجوية. وأدى الإغلاق إلى نقص في عدد المراقبين الجويين، بسبب عدم حصولهم على رواتبهم منذ أسابيع. وتم تأجيل نحو 5450 رحلة السبت، بعد تأجيل 7000 رحلة وإلغاء 1025 رحلة يوم الجمعة. وخلال فترة الإغلاق الحكومي المطولة المستمرة منذ 39 يوما، أُجبر 13 ألف مراقب حركة جوية و50 ألف مراقب أمني على العمل دون أجر، مما أدى إلى زيادة التغيب عن العمل. وتم إخطار عدد من مراقبي الحركة الجوية الخميس الماضي بأنهم لن يتلقوا أي تعويضات لفترة الرواتب الثانية على التوالي الأسبوع المقبل.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تعيد تنظيم عملها الإنساني من عدن بعد التصعيد الحوثي في صنعاء
  • محكمة ألمانية تصدر حكما تاريخيا: منع روبوتات دردشة أوبن إيه آي من استخدام كلمات الأغاني من دون دفع
  • سيف بن زايد يترأس اجتماعاً لمجلس جودة الحياة الرقمية
  • 9 ملايين امرأة تشارك بالانتخاب والموقف النسوي: لا جدوى
  • الكرداوي تطلق "الجيل الرقمي" للأطفال لتصنيع روبوتات المستقبل
  • العمليات المشتركة: وضعنا خطة لنقل صناديق الاقتراع وعصا الذاكرة لمناطق النائية
  • علماء يتوقعون نهاية الحياة على الأرض بعد خمسة مليارات عام.. لماذا؟
  • سيناتور أمريكي يكشف الأسباب الحقيقية للإغلاق الحكومي
  • "اليوم" تفتح ملف التخفيضات.. بين الفرص الحقيقية والعروض الوهمية