تحذيرات من تداعيات الجفاف بالأردن وسط دعوات لخطة طوارىء عاجلة
تاريخ النشر: 11th, November 2025 GMT
هديل غبّون
عمّان، الأردن (CNN)-- ينذر تأخر الموسم المطري الحالي في الأردن بتفاقم الأزمة المائية، بعد ثلاث سنوات متتالية من تراجع معدلات هطول المطر. وتصاعدت في المقابل تحذيرات خبراء في قطاع المياه من تداعيات هذا الجفاف الموسمي على إمدادات التزويد المائي والأمن الغذائي، في بلد لا تزيد فيه حصة الفرد السنوية من مصادر المياه المتجددة عن 61 مترًا مكعبًا فقط.
ويحتاج الأردن قرابة 400 مليون متر مكعب من المياه سنويًا، ليصل إلى خط الفقر العالمي المائي، وفقًا لتصريحات سابقة لوزير المياه والري الأردني رائد أبو السعود، الذي أشار إلى أن السدود في البلاد "فارغة" باستثناء سد الملك طلال وأن المملكة تواجه أزمة مياه "مزمنة".
ومرّ قرابة شهر ونصف الشهر على بداية الموسم المطري الخريفي دون تسجيل أية هطولات مطرية تُذكر وفق تصريحات رسمية، كما أن واقع السدود المائية الـ14 يكشف أيضًا عن مخاوف من تعمّق الأزمة، حيث لم تتجاوز نسبة مخزونها 33% الموسم الماضي، بحسب الناطق الإعلامي باسم وزارة المياه والري الأردنية عمر سلامة.
وقال سلامة، في تصريح مقتضب لموقع CNN بالعربية، إن "الموسم الماضي كان ضعيفًا، إذ لم تتجاوز كميات الهطول 40% من المعدل العام، ما أدى إلى تخزين كميات محدودة من المياه في السدود"، مضيفًا أن "الآمال معقودة على موسم مطري أفضل قد يبدأ خلال الأيام المقبلة".
تغير مناخي وضغوط سكانية
يعتمد الأردن في موارده المائية على المياه الجوفية بنسبة 58%، في مقابل 26% من المياه السطحية، وفق دراسة بحثية صدرت عن منتدى الاستراتيجيات الأردني مؤخرًا (مركز بحثي اقتصادي مستقل)، فيما يشكّل ارتفاع درجات الحرارة سنويًا وتغير نمط الهطولات وموجات اللجوء السوري إلى البلاد أبرز العوامل في زيادة الطلب على المياه.
وأظهرت الدراسة أن عدد سكان المملكة زاد بنحو 5 ملايين نسمة خلال العقدين الأخيرين، إلى جانب ارتفاع نسبة الفاقد المائي وتزايد استهلاك القطاع الزراعي الذي يستحوذ على نحو 50% من كميات المياه.
خطة طوارئ
وزير المياه والري الأردني الأسبق، حازم الناصر، حذّر من جهته في حديث لموقع CNN بالعربية، من أن "تأخر الموسم المطري الحالي قرابة شهر ونصف، ينبئ بموسم ضعيف وجفاف بعد قرابة 3 مواسم جافة متتالية"، مؤكدًا أن نمط الهطول المطري في الأردن "تغيّر بنيويًا على مدار مائة عام"، داعيًا إلى "إعلان خطة طوارئ حكومية عاجلة".
وأضاف الناصر، الذي تسلّم حقيبة المياه والري في عدة حكومات كان آخرها بين عامي 2017 و2018، بالقول إن المعدل المطري لم يتجاوز 45% في الموسم الماضي، ما أدى إلى استخدام مخزون السدود الاستراتيجي الذي يُبنى عادة على مدار عامين إلى ثلاثة أعوام، بحسبه، لتغطية احتياجات الصيف. وأضاف: "اليوم يمكن القول إن المخزون الاستراتيجي للسدود هو لا شيء".
وأوضح الناصر أن استمرار الجفاف الموسمي وارتفاع درجات الحرارة مع دخول نوفمبر/ تشرين الثاني، من شأنه أن يزيد معدلات تبخر المياه في التربة، ما "يرفع الحاجة إلى كميات أكبر من الأمطار لإعادة توازن رطوبتها على مدار عدة مواسم".
ويرى الناصر أن الأردن مقبل على صيف مائي "صعب إذا استمر ضعف الموسم الحالي"، مُستندًا إلى تراجع محصول الزيتون والزيت إلى النصف هذا العام مقارنة بالعام الماضي، واصفرار الأشجار الحرجية نتيجة فقدان رطوبة التربة.
وقال المسؤول الأسبق موضحًا: "إذا تكرر هذا الوضع في العام المقبل فسنكون أمام كارثة حقيقية فيما يتعلق بالغابات والزراعة البعلية التي تعتمد على مياه الأمطار. للمرة الأولى يمكن ملاحظة اصفرار الأشجار في المناطق الحرجية في الأردن. أعتقد أننا لم نشهد هذا منذ سنوات طويلة لأن التربة تفرغت من الرطوبة".
وعن خطة الطوارئ العاجلة، رأى الناصر ضرورة أن تمتد لخمسة مواسم صيفية قادمة على الأقل، لتشمل برامج لترشيد الاستهلاك، ومنع الاعتداءات على الشبكات والآبار المخالفة، وتشجيع إدخال أجهزة الترشيد عبر منح إعفاءات جمركية وحوافز للمواطنين، خاصة مع تأخر تنفيذ مشروع الناقل الوطني الذي يحتاج إلى 6 سنوات على الأقل من الآن لتنفيذه، وفقًا له.
وقال: "نحن بحاجة إلى إجراءات كبيرة في ظل التوقعات بأن يشهد الصيف المقبل مشاكل أكبر قياسًا على الصيف الماضي".
حلول آنية
وفي هذا السياق، يطرح الناصر المزيد من الحلول القابلة للتطبيق ضمن خطة الطوارئ المطلوبة، من بينها ضرورة الاستثمار في تحلية المياه الجوفية المالحة، وإعادة استخدام المياه المعالجة من محطات التنقية، مثل "وادي العرب" و"الشلالة" التي تنتج معًا نحو 25 مليون متر مكعب سنويًا من المياه العادمة غير المستغلة حاليًا، وفقًا له.
وأضاف: "يجب وضع برامج تقنين زراعي واضحة منذ الآن، وليس الانتظار حتى موسم الزراعة المقبل، فالمزارع بحاجة لتخطيط مبكر قائم على العلم والتكنولوجيا والمعرفة، ولا يمكن أن يحل شهر (أبريل) نيسان المقبل مثلًا، ونقول للمزارع في حينه إن هناك شحًا في مصادر المياه ولا يمكنك أن تزرع المحاصيل".
وتعتبر مصادر المياه الجوفية المصدر الرئيسي في الزراعة والاستخدامات الأخرى للمياه في المملكة، بينما تعد السدود والمياه السطحية المصدر الثاني لها.
وتداولت مواقع تواصل اجتماعي خلال الأشهر الماضية، صورًا لجفاف عدة سدود كليًا كان آخرها صورة لسد الوحدة الواقع على نهر اليرموك شمالي البلاد والمشترك مع سوريا. كان قد التقطها الناشط حسام عودة في الثامن من الشهر الجاري، خلال تواجده في منطقة السد.
ويشير منتدى الاستراتيجيات إلى توقع انخفاض حصة الفرد المائية بحلول 2100 إلى 43 مترًا مكعبًا سنويًا، ونقل عن البنك الدولي توقعاته بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي للأردن بين 6% إلى 14% بحلول عام 2050 أيضًا في "حال استمرار أزمة المياه".
إدارة صامدة... لكنها مهددة
ورغم التحديات المتفاقمة لأزمة المياه، يرى الناصر أن الأردن أظهر "صلابة كبيرة في إدارة قطاع المياه" خلال السنوات الماضية تجنبًا للوقوع في أزمة مائية كبيرة، مؤكدًا أن تجربة المملكة في ظل موجات اللجوء السوري "كانت نموذجًا عالميًا في الصمود"، بل شكّلت "الاختبار الحقيقي" الذي لم تختبره أية دولة في العالم.
وقال: "صحيح أننا نعيش أزمة مائية، لكن التزويد المائي ما يزال مستمرًا ضمن الحد المعقول للمواطنين مثلًا، إلا أن التحرك العاجل ضروري لتفادي ما هو أصعب"، فيما اعتبر أن بعض الإجراءات لم تكن في محلها كما في قرار الحكومة الحالية مطلع العام الجاري ترخيص الآبار المخالفة، لما اعتبره إجحافًا بحق المواطنين، خاصة ممن تقدموا بطلب ترخيص آبار ولم يُسمح لهم بذلك".
وبحسب الناصر، فإن 74% من مياه الشرب في المملكة تأتي من المياه الجوفية، فيما تأتي 54% من استخدامات المياه ككل في المملكة من المياه الجوفية، وقال: "المياه الجوفية هي أهم وأعز وأغلى مورد طبيعي للمياه في الأردن".
وعملت الحكومات الأردنية المتعاقبة، على التصدي لسرقات المياه، وكشفت الحكومة الحالية عن تسجيل قرابة 90 ألف اعتداء على خطوط مياه رئيسية لمناطق مختلفة في المملكة منذ العام 2014 ، فيما يزوّد الأردن مواطنيه بالمياه عبر دورة واحدة فقط أسبوعيًا.
وأدرجت حكومة رئيس الوزراء الأردني، جعفر حسّان، مشروع الناقل الوطني للمياه ضمن برنامج أولويات عملها وبتكلفة تقديرية قد تصل إلى 3 مليارات دينار أردني، وأعلنت بدء الإجراءات التنفيذية مع نهاية العام الجاري.
ويهدف المشروع إلى تحلية ونقل مياه البحر الأحمر من خليج العقبة جنوبي البلاد إلى العاصمة عمّان ومحافظات المملكة بطاقة 300 مليون متر مكعب سنويًا، بالاعتماد على الطاقة المتجددة.
وفي سياق متصل، أكد مسؤولون في دائرة الأرصاد الجوية الأردنية خلال الأيام الماضية أن درجات الحرارة في البلاد حاليًا، تزيد بمعدل 6 إلى 7 درجات مئوية عن المعتاد، وأن نسبة الهطولات منذ بدء الموسم في أواخر سبتمبر/ أيلول لم تتجاوز 1 إلى 2% من المعدل العام.
وأشاروا إلى أن الموسم المطري الفعلي، يبدأ عادة في ديسمبر/ كانون الأول، وأن التنبؤات الفصلية تشير إلى أن الأشهر المقبلة ستكون أقل من المعدل العام في كميات المطر، مع تفاؤل حذر بتحسّن محتمل خلال منتصف الشتاء.
الأردنمياهنشر الثلاثاء، 11 نوفمبر / تشرين الثاني 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: مياه المیاه الجوفیة الموسم المطری المیاه والری فی المملکة فی الأردن من المیاه سنوی ا
إقرأ أيضاً:
بدء استقبال طلبات استيراد زيت الزيتون من دول المجلس الدولي للزيتون
#سواليف
تبدأ وزارة الزراعة، الأحد، باستقبال طلبات #استيراد #زيت_الزيتون، في إطار الحرص على تأمين كميات كافية من المنتج في #الأسواق_المحلية وبالجودة والسعر المناسبين، نظرا لانخفاض كميات #الإنتاج_المحلي من الزيت في الموسم الحالي.
وتستمر الوزارة في استقبال طلبات الاستيراد لمدة 5 أيام، وفق ما أكدت في بيان صحفي، أوضحت فيه أنّ عملية الاستيراد ستتم من الدول الأعضاء في المجلس الدولي للزيتون فقط، التزاما بالمعايير الدولية وضمانا لجودة المنتج المستورد.
وقال وزير الزراعة صائب خريسات، في وقت سابق، إنّ الموسم الحالي لثمار الزيتون شهد تراجعا نتيجة شح الأمطار والجفاف الذي تعرضت له المملكة، مما أثر على إنتاج الزيتون العام الحالي.
مقالات ذات صلة وظائف شاغرة 2025/11/09وأضاف أن الوزارة رصدت كميات الثمار المنتجة لهذا العام وكميات زيت الزيتون المتوقع الحصول عليها، مرجحا أن إنتاج زيت الزيتون لهذا الموسم سيبلغ قرابة 17 إلى 18 ألف طن، في حين أن معدل استهلاك المملكة السنوي من زيت الزيتون يبلغ نحو 28 ألف طن، مما يعني وجود عجز قرابة 10 آلاف طن.
وأوضح خريسات للمملكة أن الوزارة لجأت إلى فتح باب استيراد زيت الزيتون؛ لسد هذا العجز وتقليل الأعباء على المواطنين، مؤكدا أن الأسعار ستكون في متناول الجميع وستنخفض بشكل كبير.
ولفت النظر إلى أن أسعار تنكات زيت الزيتون تتراوح بين 120 و135 دينارا، حسب الموقع، مشيرا إلى أن هذه الأسعار أعلى من المتوقع، حيث كان من المفترض أن تتراوح أسعار العبوة 16 كيلوغراما بين 100 و110 دنانير في أقصى الحالات.
الوزارة، دعت الشركات والمؤسسات الراغبة بالاستيراد إلى تقديم الطلبات مرفقة بالوثائق الرسمية المطلوبة، والتي تشمل: السجل التجاري المثبت عليه غايات الاستيراد والتصدير وتجارة وتوزيع المواد الغذائية، بطاقة المستورد الصادرة حسب الأصول، كشف الضمان الاجتماعي للشركة أو المؤسسة للعامين 2024 و2025.
وبيّنت أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهودها في توفير مادة زيت الزيتون الأساسية للمستهلك وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق المحلية، والحفاظ على استقرار الأسعار وحماية المستهلكين من أي ارتفاعات غير مبررة نتيجة تراجع الإنتاج العام الحالي.
وأكدت الوزارة استمرارها في متابعة موسم الزيتون المحلي والكميات المنتجة من المعاصر المحلية إضافة إلى دعم المزارعين من خلال برامجها التسويقية والتوعوية، بالتوازي مع الإجراءات الهادفة إلى ضمان توفر المنتج الوطني والمستورد وفق أعلى معايير الجودة.
وشددت على أن فريقا مختصا سيتولى دراسة الطلبات المقدمة بدقة لضمان التزام المستوردين بالشروط والمعايير المحددة، مشددة على أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص في الحفاظ على استدامة قطاع الزيتون الذي يُعد من الركائز الأساسية للأمن الغذائي والاقتصاد الزراعي الأردني.
انخفاض ملحوظ في الإنتاجوأظهرت بيانات دائرة الإحصاءات العامة أن كميات الزيت المنتجة حتى الأول من تشرين الثاني الحالي، بلغت 1,419 طنا، وبحسب البيانات التاريخية، فإنّ معدل الإنتاج العام خلال السنوات (2025–2012) بلغ قرابة 2,542 طنا في الفترة ذاتها من الموسم.
وأوضحت أن إنتاج شهر تشرين الأول من الزيتون من العام 2025 شكّل 55.8% فقط من المعدل الموسمي العام، وهو ما يشير إلى “أداء ضعيف” مقارنةً بالمواسم السابقة.
وتؤشر النتائج إلى أن موسم هذا العام من إنتاج زيت الزيتون سيسجل “انخفاضا ملحوظا” في إنتاج زيت الزيتون، وتعكس تباطؤا في وتيرة الإنتاج مقارنة بالمواسم السابقة، حيث تشير التقارير السابقة إلى أن معدل الإنتاج لزيت الزيتون يبلغ نحو 25 ألف طن سنويا، وأن كمية الإنتاج في الموسم الماضي (2024) بلغت ذروتها التاريخية وبلغت 35,828 طنا.
وبينت دائرة الإحصاءات العامة استمرارها في رصد كميات الزيت المنتجة في معاصر الزيتون حتى نهاية موسم العصر، وذلك من خلال المسح الميداني الذي يُنفّذ سنويًا بالتعاون مع وزارة الزراعة، بهدف توفير بيانات دقيقة وشاملة تدعم اتخاذ القرارات والسياسات الزراعية المناسبة.