سياسات المناخ العالمية في انهيار.. معالجة الانبعاثات لا تكفي
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
منذ توقيع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في 1992، مرورًا باتفاق باريس في 2015 الذي هدف إلى الحد من ارتفاع متوسط حرارة الأرض إلى درجتين مئويتين، ظل المجتمع الدولي يركّز على ما يُعرف بـ«إدارة الأطنان»—أي قياس وتداول وحدات الانبعاثات.
لكن هذه السياسات، بحسب جيسيكا غرين، أستاذة العلوم السياسية بجامعة تورونتو، لم تحقق سوى تقدم محدود ولم تواجه الجذر الحقيقي للأزمة.
وأوضحت أن الاتفاقيات الحالية تشجّع الحكومات على سياسات مرنة لتحقيق الكفاءة الاقتصادية، مثل تحديد أسعار الكربون أو شراء تعويضات الكربون، دون أن تحدث نقلة في اعتماد الطاقة المتجددة.
كما أن برامج التعويض عن الانبعاثات، على سبيل المثال، سمحت للشركات بتغطية انبعاثاتها عبر مشاريع خارجية، لكنها في كثير من الحالات لم تُقلل الانبعاثات فعليًا، إذ أظهرت الدراسات أن أقل من 16% من مشاريع التعويض منذ 2005 حققت تخفيضات حقيقية. أما تسعير الكربون، رغم نجاحات محدودة في الاتحاد الأوروبي، ففشلت عالميًا في خفض الانبعاثات، حيث يبلغ متوسط السعر العالمي خمسة دولارات للطن الواحد، بينما تتراوح تقديرات التكلفة الاجتماعية للكربون بين 44 و525 دولارًا للطن.
فضلاً عن ذلك، شهدت ثلاث عقود من سياسات الأمم المتحدة الفشل في تقديم تمويل كافٍ للدول النامية، مع وعود متكررة لم تتحقق. على سبيل المثال، التعهد بتقديم 100 مليار دولار سنويًا بحلول 2020 لدعم التحول الأخضر في هذه الدول تم الوفاء به متأخرًا ومن خلال إعادة توجيه أموال موجودة بالفعل، وليس بإضافة تمويل جديد.
والحل، بحسب غرين، لا يكمن في مزيد من الاجتماعات السنوية أو في برامج التسعير والتعويضات، بل في تحويل التركيز إلى التغيير الاقتصادي الهيكلي. لتحقيق انتقال حقيقي للطاقة النظيفة.
وهذا التحول يتطلب إصلاحات ضريبية واستثمارية: فرض ضرائب عادلة على الثروات الكبرى وتقليص حماية المستثمرين في قطاع الوقود الأحفوري عبر معاهدات الاستثمار الثنائية ومتعددة الأطراف، مما يحرر الموارد لتوجيهها نحو الاستثمارات الخضراء.
كما تشير غرين إلى أن الاتفاقيات مثل نظام تسوية النزاعات بين المستثمر والدولة (ISDS) تُعزز مصالح شركات الطاقة الأحفورية، حيث تُرفع قضايا التحكيم لتجنب سياسات من شأنها تقليل الأرباح، وهو ما يُثبط الحكومات عن تطبيق أي قيود بيئية. يمكن معالجة ذلك بسحب الدول من هذه الأنظمة أو استبعاد قطاع الطاقة الأحفورية من الحماية، كما فعلت بعض الدول بالفعل.
في ضوء ذلك، ترى غرين أن دور اتفاقية باريس والأمم المتحدة يجب أن يُقصر على جمع البيانات وتبادل المعلومات والتقنيات، وتقديم تمويل مساعد محدود، بينما تُترك الجهود الأساسية لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي بعيدًا عن السوق التقليدي للانبعاثات. وهذه الخطوة ليست ترفًا، بل ضرورة ملحة، إذ أن استمرار النهج الحالي يعرض الدول النامية—الأكثر تأثرًا بالتغير المناخي—لأضرار أكبر وفقدان للفرص في التحوّل الأخضر.
وأكد التحليل إن السياسات المناخية القائمة على إدارة الانبعاثات وحدها لن تزيل الكربون من الاقتصاد العالمي. الوقت قد حان لإعادة التفكير في الهيكل الاقتصادي للطاقة، وفرض ضرائب عادلة، وإعادة توجيه الاستثمار نحو المستقبل الأخضر، قبل أن يصبح التأخير كارثيًا للجميع.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سياسات المناخ العالمية الانبعاثات اتفاقية الأمم المتحدة اتفاق باريس
إقرأ أيضاً:
قيادات التأمين تطلق مبادرة تحييد الكربون بزراعة الأشجار في شرم الشيخ| صور
شارك الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، ونخبة من قيادات قطاع التأمين والبورصة ومحافظة جنوب سيناء، في مبادرة لزراعة عدد من الأشجار في "حديقة الصداقة" بمدينة شرم الشيخ كمساهمة فعلية من ملتقى شرم الشيخ السابع للتأمين وإعادة التأمين، المنعقد تحت رعاية الدكتور مصطفى مدبولي، في خفض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الطائرات التي نقلت ضيوف المؤتمر.
وضمّت قائمة المشاركين كلاً من الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي وعضو مجلس المديرين التنفيذيين لدى صندوق النقد الدولي، والدكتور إسلام عزام، رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية، وعلاء الزهيري، رئيس الاتحاد المصري لشركات التأمين، إلى جانب قيادات الهيئة.
وأكد البيان أن عملية التشجير جاءت بعد قياس دقيق للانبعاثات الكربونية الصادرة عن رحلات الطيران الخاصة بالمشاركين.
وتتسق هذه المبادرة البيئية مع جهود الهيئة المستمرة لتعزيز الاستدامة، حيث كانت الهيئة قد أطلقت مؤخراً أول سوق كربون طوعي منظم ومراقب في مصر وأفريقيا، لدعم جهود الدولة في تحقيق الحياد الكربوني. وتعمل الهيئة، من خلال المركز الإقليمي للتمويل المستدام، على قياس الانبعاثات الكربونية وتحديد الخفض المطلوب، سواء عبر زراعة الأشجار أو شراء شهادات خفض الانبعاثات.
ويُعقد ملتقى التأمين وإعادة التأمين لهذا العام تحت عنوان "التأمين في ظل المتغيرات العالمية"، لمناقشة دور الصناعة في بناء المرونة ومواجهة الأخطار المناخية والجيوسياسية، إضافة إلى التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي على .