جلستان حول علم الآثار والسّرد التاريخي في «الشارقة للكتاب»
تاريخ النشر: 12th, November 2025 GMT
الشارقة (الاتحاد)
نظّمت «هيئة الشارقة للآثار» خلال مشاركتها في فعاليات الدورة الـ 44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، جلستين متخصصتين سلّطت خلالهما الضوء على العلاقة الوثيقة بين علم الآثار والسّرد التاريخي في توثيق الوجود الإنساني والحضاري على أرض الإمارات، وتناولت الإرث الأثري العريق للدولة، ودور السّرد في حفظ الذاكرة الوطنية واستعادة مشاهد الحياة منذ فجر التاريخ حتى العصر الحديث.
في جلسة بعنوان «الآثار والتراث بين السّرد والتاريخ في دولة الإمارات»، ناقش كل من عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، والدكتور حمد بن صراي، الباحث في التاريخ والآثار، مسيرة الاكتشافات الأثرية في الدولة والجهود، التي قادت إلى بناء سجلٍّ حضاري موثّق يعكس عمق الحضور الإنساني على هذه الأرض.
وأوضح عيسى يوسف أن بدايات علم الآثار في الدولة تعود إلى عام 1959 مع أول بعثة دنماركية للتنقيب، لتتواصل بعدها جهود البحث والتوثيق لأكثر من ستة وستين عاماً، شهدت تأسيس أول قانون للآثار في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتوقيع أول اتفاقية تعاون أثري مع العراق عام 1973، التي مهّدت لعمل بعثات عربية ودولية لاحقة.
وتحدّث عن أبرز الاكتشافات الأثرية في الدولة التي تنوعت بين العصور الحجرية والبرونزية، مشيراً إلى أن مكتشفات جزيرة أم النار شكّلت منعطفاً مهماً في دراسة حضارات المنطقة، قبل أن تكشف تقنيات التنقيب الحديثة عن مواقع جديدة مثل شمل في كلباء التي تعود إلى العصر البرونزي. كما أشار إلى اكتشافات مدينة العين التي تعود إلى القرن الأول الميلادي، مؤكداً أن التواجد البشري في الدولة أصبح اليوم موثقاً بعمقٍ يصل إلى نحو 210 آلاف سنة.
من جانبه، أكد الدكتور حمد بن صراي أن التاريخ الإماراتي يمتاز بتنوّع الحوادث وتجذر الوجود الإنساني على الأرض، مشيراً إلى أن الخمسة عقود الماضية شهدت تحولات عميقة في المجتمع والهوية والثقافة، وأن الروايات التاريخية والأدبية تُسهم في إبراز هذا العمق من خلال القصص والحكايات المستندة إلى أصول علمية ووثائق مادية. ودعا إلى تحري الدقة في تدوين التاريخ والتراث، والاعتماد على المتخصصين والباحثين لتوثيق الأحداث والوقائع، موضحاً أن السرد التاريخي يجمع بين الجانب العلمي والجانب الاجتماعي، وأن التراث الشفهي والمكتوب يشكلان معاً روافد أساسية لحفظ الذاكرة الوطنية.
وفي جلسة أخرى بعنوان «المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية»، استضافت عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار، وخلود الهولي، مدير إدارة التراث الثقافي المادي في الهيئة، تمّ عرض الفيلم الوثائقي «الفاية»، الذي أتاح للحضور فرصة التعرّف إلى أسرار هذه المنطقة التاريخية الغنية. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: معرض الشارقة الدولي للكتاب فی الدولة
إقرأ أيضاً:
مؤلف مسلسل «د.هاوس» يكشف أسرار الصنعة لجمهور «الشارقة للكتاب»
الشارقة (الاتحاد)
قدّم الكاتب والسيناريست الأميركي الشهير مات ويتن مؤلف «د.هاوس» و«بريتي ليتل لايرز» و«لو آند أوردر» ورشة عمل تقنية تحت عنوان: «خمس خطوات ونصف للنجاح في كتابة الحبكات»، ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025، مستعرضاً رؤى قيمة حول صناعة الدراما التلفزيونية وكيفية بناء قصص مشوّقة وشخصيات حية تتفاعل مع المشاهد، كشف ويتن أسرار الكتابة الناجحة، بدءاً من صياغة الفكرة المركزية مروراً بتطوير الشخصيات، وصولاً إلى إعداد العرض التقديمي (Pitch) الذي يجذب المنتجين والجمهور على حد سواء. استهلّ مات ويتن الورشة بدعوة الحضور إلى التفكير في مسلسلاتهم المفضلة، مؤكداً أن هذه الخطوة البسيطة تفتح الباب لفهم ما يجعل العمل الدرامي ناجحاً ومؤثراً، وانطلاقاً من هذا السؤال شرح فلسفته في الكتابة، مشدداً على أن الخطوة الأولى في بناء أي مسلسل ناجح هي صياغة فكرة مركزية واضحة يمكن التعبير عنها في جملة واحدة، قائلاً: «إذا لم تستطع تلخيص فكرتك في جملة واحدة، فهي ليست ناضجة بعد».
ثم أوضح ويتن أن الجملة المركزية لا بد أن تحتوي عنصر الصراع، فهو قلب الدراما وحركتها، والصراع يمكن أن يكون داخلياً في الشخصية، أو خارجياً مع شخص آخر، أو اجتماعياً مع العالم المحيط، واستشهد بأمثلة واقعية من أعمال درامية ناجحة، منها مسلسل «د.هاوس»، و«بريكنغ باد» مؤكداً أن الفكرة القوية يجب أن تتضمن هذا التوتر المزدوج: بين ما يريده البطل وما يفعله فعلاً، وبين ما يقبله المجتمع وما يرفضه.
العرض التقديمي وانتقل بعد ذلك إلى الخطوة الثانية، التي تتمثل في إعداد العرض التقديمي (Pitch) للفكرة، وهو نصّ أو عرض شفهي يقدّم جوهر العمل بطريقة موجزة وجذابة، تتراوح بين ثلاث إلى ثماني صفحات عند كتابته، أو من خمس عشرة إلى عشرين دقيقة عند تقديمه أمام المنتجين أو لجان القراءة.
وشدّد ويتن على أن الكاتب الناجح هو من يخلق شخصيات فاعلة لا منفعلة، معتبراً ذلك الخطوة الثالثة في مسار الكتابة، قائلاً: «إذا كانت شخصيتك تحاول النجاة، فهذا مختلف تماماً لو كانت تقاتل من أجل النجاة، فالشخصيات السلبية التي تتلقى الأحداث دون مقاومة تفقد المشاهد اهتمامه سريعاً، بينما الأبطال الذين يصنعون مصيرهم بأفعالهم هم من يُحدثون الأثر الحقيقي».
كما أوصى بأن تُكتب بعد الجملة المركزية فقرة موجزة عن كل شخصية رئيسية توضّح دوافعها العميقة وتاريخها الشخصي، مشيراً إلى أن التفاصيل الصغيرة هي ما يمنح الشخصية صدقها الإنساني، فيما اعتبر الحفاظ على التطور المستمر للشخصيات عبر كل حلقة وكل موسم هي الخطوة الرابعة في البناء الدرامي. البوصلة الإبداعية أما الخطوة الأخيرة فهي التركيز على الجملة الأولى التي تلخص جوهر العمل، داعياً الكتّاب إلى أن يحتفظوا بها أمامهم طوال مراحل الكتابة، لأنها البوصلة التي تعيدهم إلى الهدف الأصلي إذا تاهوا في التفاصيل، أما ما وصفه بالنصف بعد الخطوة الخامسة، فيقصد بها المرونة الإبداعية، أي السماح للنص بالتغيّر والتطور مع تقدّم العمل دون الخضوع التام للقواعد أو الخطط المسبقة. المكان، العالم، الحلقة التجريبية وأكّد ويتن أن وصف العالم الذي يجري فيه المسلسل يمثل عنصراً أساسياً في أي عرض تقديمي، خصوصاً إذا كان العمل مستقبلياً أو مبتكراً، فالتفاصيل الدقيقة تمنح النص مصداقية وتجذب المشاهدين، وغالباً ما يطلب المنتجون توضيح هذه البيئة منذ البداية، إلى جانب تحديد نبرة العمل (Tone) منذ البداية مع الحفاظ على إيجاز النص لتجنب فقدان انتباه الجمهور.
كما شدّد على أن الحلقة التجريبية (Pilot Story) يجب أن تعكس تعقيدات المسلسل وتوضح الصراع المركزي وطبيعة الأحداث. وختم حديثه بضرورة تركيز الكتّاب على كتابة نهاية مرضية تلمّح إلى القضايا الكبرى للمواسم المقبلة، بما يتيح بناء السلسلة وتوسيعها كسلسلة متسلسلة (Franchise)، قائلاً: «كل مشهد في الحلقة التجريبية يجب أن يعكس جوهر العمل ويبرهن على سبب نجاحه المحتمل»، مؤكداً أهمية الثقة بالعملية الإبداعية والتمسك بالفكرة المركزية طوال مراحل الكتابة.