من السيجار إلى السلطة.. كيف يوظف نتنياهو نفوذه للهروب من المحاكمة؟
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
في مشهد يعكس واحدة من أكثر القضايا السياسية والقضائية إثارة للجدل في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، شهدت محكمة تل أبيب المركزية انعقاد الجلسة الخمسين من جلسات محاكمة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ضمن ما يعرف بـ “القضية 1000” أو “قضية الهدايا”.
وهذه الجلسة حملت بين طياتها توترا واضحا، وتوبيخا قضائيا حادا، في قضية تتقاطع فيها السياسة بالمال والإعلام والسلطة.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور أحمد يونس، الباحث الأكاديمي، والمحلل السياسي اللبناني، إن يواجه نتنياهو منذ سنوات سلسلة من المحاكمات تتعلق بتلقيه هدايا ثمينة من رجال أعمال مقابل تسهيلات سياسية وإعلامية، إلا أن هذه القضايا لا تزال تراوح مكانها دون صدور حكم نهائي، ويعزى ذلك إلى قدرته على توظيف نفوذه السياسي والقانوني للمماطلة وكسب الوقت.
وأضاف يونس- خلال تصريحات لـ “صدى البلد”، أن لقد استخدم نتنياهو موقعه على رأس الحكومة اليمينية المتشددة لتأجيل جلسات المحاكمة مرارا، متذرعا بانشغاله في اجتماعات أمنية أو بتطورات ميدانية مرتبطة بالحروب المتكررة مع غزة ولبنان، ومع كل تصعيد أمني، يجد ذريعة جديدة لتأجيل النظر في قضاياه تحت عنوان “الظروف الطارئة”، وهو ما أضعف قدرة القضاء الإسرائيلي على فرض إيقاعه الطبيعي، وجعل العدالة تبدو أسيرة الحسابات السياسية.
وأشار يونس، إلى أنه لا يمكن إغفال الدعم السياسي الواسع الذي يحظى به نتنياهو داخل الائتلاف الحاكم، إلى جانب التأييد الذي يتلقاه من بعض الدوائر الأميركية المؤثرة التي تعتبره ركيزة أساسية في الاستراتيجية الأميركية بالشرق الأوسط، وأكد أن هذا الدعم يشكل في الواقع حصانة غير مكتوبة، تحميه من أي تهديد حقيقي بإسقاطه أو محاسبته في الوقت الراهن.
وتابع: “يمنح النظام السياسي الإسرائيلي رئيس الحكومة الحق في الاستمرار بمنصبه حتى صدور حكم قضائي نهائي بالإدانة، وهو ما يتيح لنتنياهو استغلال الوقت لتقويض القضية تدريجيا والتأثير على الرأي العام بخطابات يهاجم فيها القضاء ويتهمه بالتسييي، وعلى الرغم من أن القانون لا يوفر له حماية مطلقة”.
واختتم: “فإن الواقع السياسي المضطرب يمنحه مناعة مؤقتة، خاصة في ظل انشغال إسرائيل بصراعاتها الخارجية وأزماتها الداخلية التي يحسن توظيفها كذريعة للبقاء في السلطة”.
وتتضمن لائحة الاتهام الموجهة إلى نتنياهو ادعاءات بتلقيه وزوجته هدايا فاخرة من المليارديرين أرنون ميلشان وجيمس باكر، شملت كميات من السيجار الفاخر وأنواعا من المشروبات الكحولية.
ورغم نفي نتنياهو لهذه التهم، مؤكدا خلال التحقيقات أنه يشتري السيجار بنفسه ولا يتلقاه كهدايا، إلا أن الصحف العبرية، وعلى رأسها “معاريف”، نقلت عن مصادر قضائية أن أقواله تناقضت مع شهادات السائقين والضباط العاملين في مكتبه.
فخلال التحقيقات، قال نتنياهو إن ضباط الشرطة وسائقيه هم من يشترون له السيجار، لكن النيابة العامة كشفت أن أغلب هؤلاء السائقين نفوا تماما قيامهم بذلك، مما عزز موقف الادعاء العام في القضية.
توتر في قاعة المحكمة
شهدت الجلسة الخمسون من المحاكمة توترا غير مسبوق بين نتنياهو وهيئة المحكمة، حيث اضطر القاضي فريدمان فيلدمان إلى التدخل بحزم لوقف انفعالات نتنياهو المتكررة أثناء استجوابه.
فبينما كان نتنياهو يسأل عن طبيعة الهدايا التي تلقاها من رجل الأعمال أرنون ميلشان، فقد أعرب عن غضبه واستيائه، مؤكدا أن ميلشان كان يقدم له الهدايا فقط “لرفع معنوياته”، واصفا إياه بأنه “بمثابة أخ له”، ومضيفا بانفعال: “لا أصدق أننا نناقش هذا الآن، هل نتحدث هنا عن سيجار من صديق؟!”.
وقد رد عليه القاضي بصرامة قائلا: “نتنياهو، أجب عن الأسئلة الموجهة إليك دون أي تعليق”.
كما حاول نتنياهو خلال الجلسة تعليق إفادته بحجة تلقيه “اتصالا هاتفيا مهما”، الأمر الذي اعتبرته الصحف العبرية محاولة جديدة للتهرب من مجريات المحاكمة واستغلال موقعه الرسمي للتأثير على سير الجلسة.
لا تتوقف متاعب نتنياهو القضائية عند حدود “القضية 1000″، بل تمتد لتشمل ثلاث قضايا رئيسية باتت تعرف في الأوساط السياسية والقضائية الإسرائيلية برموزها الرقمية:
– القضية 1000 (قضية الهدايا):
يتهم فيها نتنياهو وأفراد من عائلته بتلقي هدايا ثمينة من رجال أعمال، تضمنت مجوهرات وسيجارا فاخرا وزجاجات شامبانيا، مقابل تقديم تسهيلات ومنافع لهؤلاء الأشخاص في مجالات مختلفة.
– القضية 2000 (قضية يديعوت أحرونوت):
تتعلق باتهامه بالتفاوض مع أرنون موزيس، ناشر صحيفة “يديعوت أحرونوت”، للحصول على تغطية إعلامية إيجابية مقابل اتخاذ ترتيبات قد تؤثر على سوق الإعلام الإسرائيلي لصالح الصحيفة.
– القضية 4000 (قضية بيزك – والا):
وتعد الأخطر، إذ يتهم نتنياهو فيها بتقديم تسهيلات حكومية لصالح رجل الأعمال شاؤول إلوفيتش، المالك السابق لموقع “والا” وشركة الاتصالات “بيزك”، مقابل تغطية إعلامية إيجابية تخدم مصالحه السياسية.
والجدير بالذكر، أن تستمر وصول محاكمة نتنياهو لتشكل حدثا مفصليا في تاريخ السياسة الإسرائيلية، حيث تتشابك فيها خيوط المال والإعلام والنفوذ.
ومع كل جلسة جديدة، تتكشف المزيد من التفاصيل التي تهدد مستقبل رجل لطالما قدّم نفسه كأقوى سياسي في إسرائيل خلال العقود الأخيرة.
صدى البلد
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
رد الرئيس الإسرائيلي على طلب ترامب العفو عن نتنياهو
رفض الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، بـ"أدب"، طلب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الأربعاء، لإصدار العفو عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
اقرأ ايضاًوتقدم ترامب بطلب عبر رسالة من البيت الأبيض موقّعة باسمه، لإصدار العفو عن نتنياهو، ووقف محاكمته بتهم الفساد المنسوبة إليه في عدة قضايا وملفات، إلا أن الرئيس هرتسوغ "رفض" طلب ترامب، بعدما قال إن استجابته لطلب ترامب تجعله "يخرق القانون".
أما عن البيان الرسمي الصادر عن مكتب هرتسوغ، فقال فيه إن "رئيس الدولة يكن احتراماً كبيراً للرئيس ترامب، ويكرر تقديره لدعمه غير المشروط لإسرائيل، ومساهمته الكبيرة في إعادة المختطفين، وتغيير وجه الشرق الأوسط وغزة، والحفاظ على أمن دولة إسرائيل".
ونتنياهو من الناحية العملية "متهم جنائي" إذ يواجه نتنياهو اتهامات بالفساد والرشوة وخيانة الأمانة في ثلاثة ملفات فساد معروفة بملفات 1000 و2000 و4000.
اقرأ ايضاًولكي يُمنح العفو لأي متهم جنائي، ينص القانون الإسرائيلي على أن يصدر حكم من المحكمة بالإدانة أولاً، ثم يتقدم المتهم المدان بطلب إصدار عفو يتضمن اعترافاً بالجناية واعتذاراً عنها، وبعد ذلك فقط تبدأ إجراءات العفو. وهذه الإجراءات تبدأ بقرار من وزارة القضاء، وبعدها ينظر رئيس الدولة في الطلب.
المصدر: وكالات
© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)
محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي.
الأحدثترنداشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن
اشترك الآن