في مقال نشرته مجلة "+972" الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني بعنوان "كيف غذّت حملة الملصقات آلة الحرب الإسرائيلية" تناول الكاتب والناشط نيسي بيلي كيف تحوّلت مبادرة لتخليد الجنود القتلى في الحرب على غزة إلى أداة دعائية تعزز النزعة العسكرية وتبرر استمرار القتال.

واستهل الكاتب مقاله بتتبع السردية الإسرائيلية التي تتجسد في 3 أعياد وطنية (ذكرى المحرقة النازية (الهولوكوست) ويوم ذكرى سقوط الجنود في معارك إسرائيل، ويوم الاستقلال) لتروي قصة تحوّل اليهود من "ضحايا بلا دولة" إلى "مواطنين مسلحين" يحرسون وجودهم بالقوة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تصاعد الدعاوى القضائية في أوروبا ضد تزويد إسرائيل بالأسلحةlist 2 of 2استخبارات أميركية تكشف نقاشات إسرائيلية عن استخدام فلسطينيين دروعا بشرية بغزةend of list

ويشير المقال إلى أن هذه السردية تُغرس مبكرا في مناهج التعليم والثقافة لتُلقِّن الإسرائيليين منذ صغرهم أن التضحية في سبيل الدولة هي ما يمنح الوجود اليهودي معناه.

استغلال

ويؤكد الكاتب أن هذه الرواية أُعيد تفعيلها فورا بعد هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والحرب الإسرائيلية "المتعددة الجبهات" والتي جرى توصيفها في الإعلام والسياسة الإسرائيلية على أنها "مذبحة" جديدة ضد اليهود على غرار ما تعرضوا له في ألمانيا النازية إبان الحرب العالمية الثانية.

ولطالما استخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب- هذا التشبيه، واصفا ما حدث بأنه "أسوأ اعتداء على اليهود منذ الهولوكوست".

ويقول الكاتب إن هذا المنطق وجد تعبيره البصري في الأسابيع الأولى من الحرب. ففي "الجبهة الداخلية" أُغرِق الإسرائيليون بسيل من الرموز والشعارات التي تهدف إلى تعبئتهم للمجهود الحربي، في حملة شنّتها الدولة والقطاع الخاص معا.

ويضيف أن اللوحات الإعلانية والشرفات وعبوات المنتجات الاستهلاكية -وحتى إعلانات الحافلات- غصّت ببحر لا ينتهي من الأعلام والتحيات للجنود الإسرائيليين، تحمل جميعها شعارا موحدا في كل مكان هو "معا سننتصر".

تلك الصور والملصقات رسخت لسردية جماعية تكرّس فكرة "الواجب الوطني" وتُغذي روح الانتقام، وتربط الفقدان الشخصي بالحرب الشاملة ضد غزة.

ملصقات

لكن ما إن سقطت أولى القنابل على غزة حتى بدأت ثقافة بصرية شعبية مغايرة تماما تنتشر في شوارع إسرائيل. فقد بدأت عائلات وأصدقاء الجنود القتلى بطباعة ملصقات تذكارية تتضمن صورا لجنود مبتسمين بالزي العسكري مع عبارة باللغة العبرية تحت اسم كل جندي تقول "لينتقم الله لدمه".

إعلان

وسرعان ما انتشرت هذه الملصقات في كل مكان "على الأعمدة ونوافذ المقاهي وصناديق السيارات وآلات البيع" وفق كاتب المقال الذي يرى أنه -رغم طابعها الحزين والخاص- أصبحت جزءا من منظومة رمزية تعبّئ المجتمع لمواصلة القتال.

فهي -من وجهة نظره- رسخت لسردية جماعية تكرّس فكرة "الواجب الوطني" وتُغذي روح الانتقام، وتربط الفقدان الشخصي بالحرب الشاملة ضد غزة.

وإلى جانب صور الأسرى الإسرائيليين، تصنع الملصقات تسلسلا بصريا يقنع الجمهور بأن الدماء التي أُريقت تستوجب الاستمرار "حتى النصر".

ومع تزايد أعداد القتلى الإسرائيليين، تبنّت الحكومة هذه الرموز رسميا. فقد أطلقت "الوكالة الحكومية للإعلانات" مطلع العام الجاري حملة "الذكرى الثانية لـ7 أكتوبر" التي اعتبرت التذكر "عملا وطنيا" وأنشأت جدارا افتراضيا للملصقات وأغنية وطنية مؤلفة من عباراتها.

وهكذا يرى الكاتب أن المبادرة العفوية تحولت إلى جزء من الدعاية المؤسسية التي توحّد المجتمع الإسرائيلي حول فكرة النصر الكامل، وتُخضع الحزن الفردي لاحتياجات الحرب.

ورغم أن بعض هذه الملصقات اختفت بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق هدنة جديد، فإن معظمها ما يزال حاضرا ويقف شاهدا على مجتمع بات فيه الحداد والعسكرة وجهين لعملة واحدة.

ويخلص الكاتب إلى أن هذه الظاهرة تكشف إلى أي مدى حوّلت إسرائيل الحزن ذاته إلى وقود لآلة الحرب المستمرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات

إقرأ أيضاً:

ما مدى تأثر سوق الأسلحة بين إسرائيل وأوروبا في أعقاب الحرب على قطاع غزة؟

مكانة يبدو أنها باتت تشهد تحولات لافتة، في أعقاب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتي صنفتها دول أوروبية عدة إبادة الجماعية، وهو ما ينذر بتحولات قد تعصف بمنزلة إسرائيل في سوق السلاح الأوروبي. التقرير يسلط الضوء على مدى تأثر تجارة الأسلحة بين إسرائيل وأوروبا في أعقاب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

Published On 13/11/202513/11/2025|آخر تحديث: 14:05 (توقيت مكة)آخر تحديث: 14:05 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • فاو: تضرر 87% من الأراضي الزراعية في غزة بسبب الهجمات الإسرائيلية
  • مستشفى حمد.. يجدد أمل مبتوري الأطراف في الحرب الإسرائيلية على غزة
  • ما مدى تأثر سوق الأسلحة بين إسرائيل وأوروبا في أعقاب الحرب على قطاع غزة؟
  • إسرائيل في حالة تأهب قصوى للقاء بن سلمان وترامب: “الصفقة التي ستحدد مسار نتنياهو”
  • القناة 12 الإسرائيلية: آلاف الجنود والضباط يطلبون إنهاء خدمتهم العسكرية مبكرا بسبب استنزاف الحرب
  • محللون: قانون الإعدام تشريع للعنصرية وشرعنة لجرائم الحرب الإسرائيلية
  • حملة تطعيم في غزة بعد انقطاع الرعاية بسبب الحرب
  • دعوة إسرائيلية لعدم تكرار أخطاء حرب غزة خلال المواجهة القادمة مع حزب الله
  • دعوة إسرائيلية لعد تكرار أخطاء حرب غزة خلال المواجهة القادمة مع حزب الله