يشكل الإفراج عن الكاتب الفرنسي الجزائري الأصل بوعلام صنصال مؤشرا إلى تهدئة دبلوماسية بين فرنسا والجزائر، غير أن الطريق لا يزال طويلا لتطبيع دائم للعلاقات المضطربة تاريخيا، والتي تمر بأزمة غير مسبوقة منذ عقود.

وقال السفير الفرنسي بالجزائر ستيفان روماتيه "نحن ندخل مرحلة جديدة بدأت قبل عدة أسابيع"، غداة إصدار الرئيس عبد المجيد تبون عفوا عن صنصال، المحكوم عليه بالسجن 5 سنوات في 27 مارس/آذار بتهمة "المساس بالوحدة الوطنية"، بناء على طلب نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، "نحن ندخل مرحلة جديدة بدأت قبل عدة أسابيع".

ومساء الأربعاء الماضي وصل الكاتب الثمانيني إلى برلين لتلقي العلاج الطبي قبل عودته المحتملة إلى فرنسا.

وأوضح روماتيه لوكالة الصحافة الفرنسية أن الأزمة بين باريس والجزائر وصلت إلى مستوى يتطلب تدخل "دولة ثالثة موثوق بها" لتأمين إطلاق سراح صنصال.

ومن المتوقع أن يعطي إطلاق سراح صنصال دفعا للعلاقات المتأزمة بين البلدين منذ نهاية يوليو/تموز 2024، عندما أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء الغربية. حيث ردت الجزائر على القرار الفرنسي بسحب سفيرها من باريس على الفور.

وتدهورت العلاقات أكثر مع توقيف موظف قنصلي جزائري في فرنسا بتهمة الضلوع في خطف الناشط المعارض البارز أمير بوخرص، مما أدى إلى عمليات طرد متبادلة لموظفين دبلوماسيين.

وتتمثل الأولوية العاجلة في استئناف التعاون في مجال الأمن والهجرة، في ظل تأزم الوضع في مالي والتوقف شبه التام لعمليات ترحيل المهاجرين الجزائريين الصادرة بحقهم قرارات طرد من الأراضي الفرنسية.

لقاء ماكرون وتبون؟

يجري بحث عدة خطوات مهمة لتطبيع العلاقات، بدءا بمكالمة هاتفية، أو حتى لقاء، بين الرئيسين اللذين سيحضران قمة مجموعة الـ20 يومي 22 و23 نوفمبر/تشرين الثاني في جوهانسبرغ.

إعلان

وأكد مصدر دبلوماسي مطلع أنه "لا اجتماع ثنائيا مقرر حاليا، لكننا نعمل على ذلك"، ورأى مصدر دبلوماسي ثان في قمة "مجموعة الـ20 فرصة" للقاء رئاسي.

وقال ماكرون، عقب الإعلان عن إطلاق سراح صنصال، إنه "مستعد لإجراء مناقشة" مع نظيره الجزائري بخصوص "جميع المواضيع ذات الاهتمام المشترك".

في الأثناء، من المنتظر أن يزور مسؤولون فرنسيون كبار الجزائر، من بينهم الأمين العام لوزارة الخارجية الفرنسية في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري أو تاريخ قريب منه، وفق المصدرين الدبلوماسيين.

ومن المتوقع أيضا تنظيم زيارة لوزير الداخلية لوران نونيز الذي يفضل التهدئة مع الجزائر على عكس سلفه برونو روتايو الذي تبنى نهجا صداميا معها.

وقال نونيز في تصريح لإذاعتي "بي إف إم" و"آر إم سي" "لقد دعاني وزير الداخلية الجزائري لزيارة الجزائر، وبالتالي فإن احتمالات ذهابي إلى هناك عالية جدا". ويجري العمل على تفاصيل الزيارة التي لم يتم تحديد موعدها بعد.

يرى مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسطي حسني عبيدي أن "الكرة الآن في الملعب الفرنسي، لأن باريس اشترطت العودة إلى الحوار الهادئ بالإفراج عن بوعلام صنصال".

الاتفاقية الأوروبية الجزائرية

يضيف الباحث أن إيمانويل ماكرون "متحرر من الضغوط السياسية الداخلية بشأن هذه القضية"، لكن "سيتعين عليه القيام بأكثر من مجرد الإدلاء بتصريح".

وعندما سُئل عن المقابل المحتمل لإطلاق سراح الكاتب، أكد ستيفان روماتيه أنه لا يوجد مقابل، لكن حسني عبيدي يشير إلى أن قضية الموظف القنصلي الموقوف تشكل أهمية بالغة بالنسبة إلى الجزائر.

كما أن الجزائر مهتمة بضمان دعم باريس وبرلين في إطار مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، شريكها التجاري الأكبر.

وتنص الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ عام 2005، على الإلغاء التدريجي والمتبادل للرسوم الجمركية على السلع المستوردة.

في الربيع، وخلال مرحلة قصيرة تجدد خلالها الحوار، أبلغ ماكرون تبون "بدعم فرنسا لمراجعة" هذه الاتفاقية.

ويتطلب تحسين العلاقات اتخاذ خطوات أخرى، لا سيما على صعيد الذاكرة التاريخية.

وقد أكد الرئيس الفرنسي مرارا عزمه على تحقيق تقدم في ملف "الذاكرة والحقيقة والمصالحة" مع الجزائر فيما يتعلق بالاستعمار الفرنسي.

وأكد روماتيه أن "كلمة السر الآن هي العودة إلى الحوار الذي يمكن أن يتم بشكل غير معلن، وبطريقة هادئة ومتساوية، ولكن أيضا بهدف تحقيق نتائج"، مع إدراكه أن الحوار سيبقى هشا بمجرد استئنافه.

في أبريل/نيسان، قام وزير الخارجية الفرنسي جون نويل بارو بزيارة للجزائر كان من المفترض أن تدشن "مرحلة جديدة" إيجابية بين البلدين، لكن التوترات الثنائية سرعان ما تجددت في الأسبوع التالي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات

إقرأ أيضاً:

بعد الإفراج عن صنصال.. الرئيس الألماني يشكر الرئيس تبون

وجه رئيس جمهورية ألمانيا الفيدرالية شكره لنظيره الجزائري، رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، على التفاتته الإنسانية، مُصرحاً : “أنا سعيد باستجابة الرئيس الجزائري لطلبي، المتضمن العفو عن الكاتب بوعلام صنصال، الذي يملك في ألمانيا قراءً وأصدقاء، وكان الأمر بالنسبة إلي انشغالا هاما، و إنه لأمر إيجابي أن يكون حراً.
أشكر نظيري الجزائري السيد عبد المجيد تبون، على هذه الالتفاتة الإنسانية المهمة، فهي تؤشر كذلك على نوعية العلاقات والثقة بين ألمانيا والجزائر”.

مقالات مشابهة

  • بعد الإفراج عن صنصال.. الرئيس الألماني يشكر الرئيس تبون
  • بعد تدخل ألماني.. الرئيس الجزائري يمنح العفو عن «بوعلام صنصال»
  • بريطانيا..إطلاق سراح 91 سجينا عن طريق الخطأ
  • لوبوان: المفاوضات السرية التي سمحت بإطلاق سراح بوعلام صنصال
  • الأرندي يؤكد أن قرار الإفراج عن صنصال يندرج ضمن الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية
  • تبون يوافق على طلب ألماني بالعفو عن الكاتب بوعلام صنصال
  • استجابة لطلب ألماني.. الجزائر توافق على العفو عن الكاتب بوعلام صنصال
  • الرئاسة الجزائرية تعفو عن الكاتب بوعلام صنصال وتوافق على نقله إلى ألمانيا
  • العفو الرئاسي عن بوعلام صنصال.. جبهة المستقبل تصف القرار بالحكيم