أيمن أبو عمر: الإسلام يعلّمنا ألا نحكم إلا بالظاهر ونجعل الباطن لله وحده
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
أكد الدكتور أيمن أبو عمر، من علماء الأزهر الشريف، أن منهج الإسلام الواضح في التعامل مع الناس يقوم على الحكم بالظاهر دون التطرق إلى ما في القلوب، لأن النيات من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، مشددًا على أن الحكم على الناس يكون بما يظهر من أقوالهم وأفعالهم، أما الباطن فحسابه عند الله وحده.
وخلال لقاء تلفزيوني، أوضح الدكتور أيمن أن حديث النبي ﷺ في موقفه مع أسامة بن زيد رضي الله عنهما يمثل حدًّا فاصلاً بين ما هو من اختصاص البشر وما هو من اختصاص الله تعالى، فالنبي ﷺ علّم الأمة أن النيات لا تُفتَّش ولا تُحكم، لأن الإخلاص سرٌّ بين العبد وربّه لا يراه ملك فيكتبه ولا شيطان فيفسده.
وأشار إلى أن النبي ﷺ قد عاتب أسامة بن زيد بشدة عندما قتل رجلًا نطق بقول «لا إله إلا الله»، فقال له الرسول ﷺ: «أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟!»، موضحًا أن الضابط في الحكم كان الكلمة الظاهرة التي نطق بها الرجل، لا ما في باطنه أو ما نواه في قلبه، لأن الحكم في الدنيا يكون على الظاهر فقط، أما الباطن فحسابه عند الله يوم القيامة.
وبيّن الدكتور أيمن أبو عمر أن النبي ﷺ أرسى هذا المبدأ العظيم مرة أخرى عندما جاءه أحد الأنصار يستأذنه في قتل رجل معروف بالنفاق، فقال له النبي ﷺ: «أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟»، فأجاب: بلى، ولكن لا شهادة له. فقال النبي ﷺ: «أليس يصلي؟»، قال: بلى، ولكن لا صلاة له.
فقال النبي ﷺ: «فهؤلاء الذين نُهينا أن نقتلهم»، في إشارة واضحة إلى أن الحكم لا يكون بالنوايا أو الظنون بل بما يظهر من أعمال الناس أمامنا.
وأضاف العالم الأزهري أن الرسول ﷺ لم يُؤمر أن يشق عن قلوب الناس أو يبحث في أسرارهم، وإنما علّمنا أن نحكم بما نراه ونسمعه من ظاهر القول والعمل، مؤكدًا أن الله وحده هو الذي يعلم ما تخفي الصدور ويحاسب عليه، مصداقًا لقوله تعالى: «يوم تُبلَى السرائر».
وختم الدكتور أيمن حديثه بالتأكيد على أن هذا المبدأ النبوي هو ضمانة للعدل بين الناس وحماية للمجتمعات من التسرع في الحكم وسوء الظن، داعيًا إلى التمسك بتعاليم الإسلام في الرحمة والإنصاف، والابتعاد عن محاكمة النيات أو تفسير الأعمال بما لا نعلم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أيمن أبو عمر الأزهر النيات الدکتور أیمن أیمن أبو عمر إلا الله النبی ﷺ
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: النبي نهانا عن المراء والجدال بغير علم .. لهذا السبب
قال الدكتور علي جمعة ، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عبر صفحته الرسمية على فيس بوك ، إن من السلوكيات التي تركها لنا رسول الله ﷺ، وأمر المؤمن أن يتلبَّس بها، عدمُ المراء والجدالِ بغير علم، والله سبحانه وتعالى يقول: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ}، ويقول تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}.
وتابع: وسيدُنا النبي ﷺ ينهانا عن الجدال والمراء بغير علم، لأنه يكون فيه نوعٌ من أنواع البهتان، وفيه نوعٌ من أنواع الكذب، وفيه نوعٌ من أنواع الجهل، فعن كعب بن مالكٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ» [الترمذي]. حديثٌ في منتهى القوة.
ونوه: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ» يعني: هو لا يريد العلمَ من أجل منفعة البشرية، وعمارة الأرض، وتصحيح عبادة الله، بل يريد أن يُقال عنه إنه عالم، حتى يشاغب العلماء، وحتى إذا جلس في المجالس التفت الناس إليه، إذًا: أين الإخلاص؟ أين النية؟ أين خلوص النية لله سبحانه وتعالى؟ ليس هناك إخلاصٌ، ولا خلوصٌ، ولا نيةٌ صادقة، إذًا يكون مصيره إلى النار.
واسترسل: وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ». ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ هَذِهِ الآيَةَ: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [سنن الترمذي]، يريدون المخاصمة، والجدال، والمنازعة، ولا يريدون أن يصلوا إلى الحق الذي هو عند الله، إذًا هناك فرقٌ بين المراء والجدال وبين المناقشة؛ فالمناقشة لابد أن تقوم على علم، ثانيًا: تتغيا الوصول إلى الحق، ثالثًا: تريد الوضوح، وعدم الرياء، وعدم السمعة، بل تريد المنفعة.
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ بُنِيَ لَهُ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا، وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلَاهَا» [الترمذي].