العالم الحاصل على نوبل: زراعة الأعضاء لا تخضع لقواعد السوق التقليدية
تاريخ النشر: 14th, November 2025 GMT
أعرب العالم الأمريكي الدكتور ألفين روث، الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد، عن سعادته الكبيرة بوجوده في مصر، مشيرًا إلى تطلعه لزيارة المتحف المصري الكبير ومنطقة الأهرامات غدًا، وذلك بعد زيارته أمس متحف الحضارة المصرية، التي وصفها بأنها "تجربة مدهشة تُجسد عمق التاريخ المصري وروعة حضارته".
وقال روث في لقائه مع الإعلامي شريف عامر ببرنامج "يحدث في مصر" على قناة MBC مصر، إنه استمتع كثيرًا بجولته في المتحف، معربًا عن إعجابه بما شاهده من كنوز ومعروضات، مؤكدًا أن مصر تظل وجهة حضارية فريدة تجمع بين العلم والتاريخ.
وتحدث العالم الحاصل على نوبل عن سوق زراعة الأعضاء، موضحًا أنه لا يمكن التعامل معه وفق قواعد المنافسة التقليدية، نظرًا لطبيعته الإنسانية والأخلاقية الدقيقة، مشددًا على أن الأولوية يجب أن تُمنح لأنظمة المطابقة الدقيقة بين المتبرعين والمرضى، بما يضمن أفضل النتائج الطبية والإنسانية.
وأكد روث أن هذا النهج العلمي القائم على العدالة والكفاءة يمكن تطبيقه في مجالات طبية أخرى، لتحقيق أقصى استفادة من التطور التكنولوجي والعلمي، وضمان توزيع عادل للموارد الصحية بما يخدم الإنسان قبل أي اعتبارات مادية أو سوقية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ألفين روث نوبل جائزة نوبل المتحف المصري المتحف المصري الكبير المتحف المصری
إقرأ أيضاً:
المتحف المصري الكبير: أهمية الحدث ودلالته
يحق للشعوب التي لها حضارات ضاربة في عمق التاريخ أن تتباهى بحضاراتها. لكن الأهم من التباهي هو السعي إلى إحياء إرثها الحضاري، لا بهدف العيش في الماضي من خلال توجهات نكوصية ارتدادية مثلما يفعل الإسلامويون في عالمنا العربي، الذين يريدون لنا أن نعيش في الماضي بكل مظاهره وتفاصيله الشكلية؛ وإنما بهدف بعث روح الإبداع الحضاري الماضوي في الحاضر الذي نعيشه.
وحينما تتكفل الدول صاحبة الحضارات بهذه المهمة، فإنها بذلك تستجيب لإرادة شعوبها التي تحمل إرث الماضي التليد في باطنها، ولا تقوم بتغييب هذا الإرث. وفي ضوء هذا أتحدث عن المتحف المصري الكبير كمثال راهن حي على ما أقول.
قصة إنشاء المتحف الكبير ترجع إلى سنة 1992 عندما طرح الفنان فاروق حسني ـ الذي أدار وزارة الثقافة المصرية طيلة ربع قرن ـ فكرة إنشاء المتحف على الرئيس الراحل حسني مبارك، من أجل إنقاذ الآثار المصرية المخزونة في المتحف القديم، وفي غيره من الأماكن الأثرية على نحو لا يليق بعظمة تلك الآثار.
استغرقت دراسات الجدوى والتوصل إلى مصادر التمويل عقدًا كاملًا إلى أن بدأ التنفيذ الفعلي سنة 2002 بوضع حجر الأساس والشروع في البناء الذي توقف بضع سنوات بعد أحداث ثورة يناير 2011.
ولذلك فإننا لا ينبغي أن ننسى أبدًا دور فاروق حسني في إنشاء هذا المتحف الذي هو صاحب فكرته والذي أشرف على بنائه سنوات عديدة. ولقد ساهم في إنشاء هذا المتحف مؤسسات دولية متخصصة في مجالات وتفاصيل كثيرة، تنتمي إلى اليابان وإيرلندا وهولندا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا وكندا، وغيرها، فضلًا عن المؤسسات المصرية.
بعد إنجاز المتحف الكبير، تم الاحتفاء بافتتاحه في حفل ضخم في أول نوفمبر. كان الحدث هائلًا ومثيرًا للإعجاب رغم ما شابه من بعض العيوب الفنية، خاصةً فيما يتعلق بالعروض الموسيقية التي لم تكن على مستوى الحدث، ولا ترقى إلى مستوى العرض الموسيقي في احتفالية موكب المومياوات في أثناء انتقالها إلى متحف الحضارة.
وأنا أقول ذلك باعتباري متخصصًا في مجال الجماليات، بما في ذلك جماليات الموسيقى. وكم كنت أتمنى أن يتولى الفنان الكبير فاروق حسني الإشراف ـ أو على الأقل المشاركة في الإشراف ـ على العروض الموسيقية باعتباره على ثقافة فنية وموسيقية رفيعة المستوى قلّما نجد لها مثيلًا، وهوـ كما ذكر لي ـ لم يكن ليتأخر عن هذه المهمة لو طُلِب منه ذلك. ولكن كل ذلك لا يطعن في أهمية الاحتفال وروعته في تفاصيل أخرى عديدة، ولا يطعن في أهمية الدلالة الكبرى التي يعبر عنها هذا الحدث.
وللأسف فإن الجماعات الإسلاموية (ولا أقول الإسلامية) راحت تطعن في قيمة هذه الاحتفالية وأهميتها في الدلالة على هذا الحدث العظيم؛ فذهب بعض أعضائها إلى القول بأن هذه الاحتفالية لا ضرورة لها من وجوه عديدة، ومن ذلك: القول بأن هذه الاحتفالية قد تكلفت كلفة باهظة في وقت تحتاج فيه الدولة إلى تلك الأموال التي تم إنفاقها.
بل زاد بعضهم على ذلك بالقول في استنكار: وما قيمة الاحتفال بأصنام الماضي من آل فرعون؟ وهو ما يكشف عن جهالة وعن نية سيئة في تسفيه دلالة الحدث؛ إذ راح بعضهم يتندر على قيمة التمثال المهيب لرمسيس الثاني، بل على قيمة وأهمية كل تماثيل الحضارة المصرية القديمة، وهم يستشهدون في موقفهم هذا بآيات القرآن التي تستنكر أفعال آل فرعون من دون أن يتساءلوا عن حقيقة الفرعون المقصود في القرآن: فكلمة فرعون في القرآن لا تعني كل أو أي فرعون حكم مصر، وإنما تشير إلى فرعون الخروج، وهو بالمناسبة ليس الملك العظيم رمسيس الثاني، وإنما هو على الأرجح ابنه مرنبتاح صاحب لوحة الانتصار التي ورد فيها النص الوحيد الذي قد يكون له صلة بذلك؛ إذ جاء فيه قوله: إنه الآن قد استأصل شأفة بني إسرائيل وقضى عبى ذريتهم؛ ولذلك يُعتقد أنه هو فرعون الخروج، وإن كان هذا غير مؤكد؛ إذ يُقال أيضًا أنه أحد ملوك الهكسوس الذي حكم مصر في فترة النبي موسى.
والحقيقة أن كلمة «فرعون» تعني البيت العالي، وهو أي بيت يسكنه الحاكم الملك، ولا تشير إلى حاكم بعينه.
ومن حسن الحظ أن مثل هؤلاء لا يمثلون جموع الشعب المصري الذي ظل يحفظ إرث الأجداد في باطنه، فحتى المصري العامي البسيط يحفظ هذا الإرث بطريقة مضمرة في لغته وإن كان بطريقة لا واعية؛ إذ إن اللغة العامية المصرية لا تزال تنطوي على آلاف الكلمات الهيروغليفية والمستمدة منها.
ومن هنا يمكن أن نفهم فرحة المصريين بافتتاح المتحف المصري، حتى إن حوالي مليوني مصري قد نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الذكاء الاصطناعي صورًا لهم ولأطفالهم وقد ارتدوا الأزياء الفرعونية.
والحقيقة أن أغلب من طعنوا في أهمية افتتاح المتحف المصري هم من المتأسلمين الجاهلين بالحضارة المصرية القديمة، فهم لم يقرأوا شيئًا من الموسوعات العربية عن هذه الحضارة، ومنها موسوعة سليم حسن؛ بل لم يقرأوا حتى كتاب جيمس هنري برستيد بعنوان «فجر الضمير».
فالفراعنة لم يكونوا مستبدين بل كانوا يمتثلون لأحكام الآلهة «ماعت» آلهة التوازن في الكون والعدالة والأخلاق في النفس بالنسبة إلى الحكام والمحكومين؛ وتاريخ حضارتهم العظيمة هو الذي خلد ذكراهم وجعل العالم يفتتن بإنجازاتها في مجالات العلم والفن والأخلاق؛ ويا ليتنا نتأسى بشيء من ذلك في زماننا هذا.