سراييفو- لم تدرك إيرينا آنتيتش أن قناصا كان يتربص بها وهي تبحث عن بعض المواد البلاستيكية للتدفئة، خلال برد سراييفو القارس في ديسمبر/كانون الأول 1994، حيث كان عمرها آنذاك 16عاما.

وتقول للجزيرة نت، وقد أصبحت صحفية اليوم "كنتُ أسير على طول زقاق القناصة، وهو اسم ذلك الجزء بين المتحف الوطني وكلية الفلسفة في منطقة ماريين دفور الشهيرة، ذهبت لأحصل على بعض البلاستيك الذي استخدمناه لإشعال الحرائق، وما إن وصلت قرب منطقة غربافيتسا، حتى أُطلقت عليّ النار، أصابتني الرصاصة الأولى، في حين أصابت الأخرى رجلا كان بجانبي".

وتضيف "قدّمت لي قوة الحماية التابعة للأمم المتحدة الإسعافات الأولية، ومن ثم نقلت إلى المستشفى وخضعت لعملية جراحية، كانت إمكانية إنقاذ ساقي موضع شك، ولحسن الحظ، تم ذلك، أما الرجل المصاب بجانبي فقد بترت ساقه".

قضت إيرينا حينها أسبوعين في المستشفى، وتقول "لم أستطع الركض أو حتى المشي بسرعة، لكن مع مرور الوقت اضطررت لذلك من أجل البحث عن الماء والحطب للبقاء على قيد الحياة، كان الأمر صعبا حينها".

قبل إصابة إيرينا بأسبوعين فقط، وفي الموقع ذاته، وثقت الكاميرات مقتل الطفل نرمين ديفوفيتش (7 أعوام) برصاصة أصابت رأسه مباشرة، لكن حتى اليوم، لا تعلم آنتيتش، الصحفية في "إذاعة اتحاد البوسنة والهرسك"، من أطلق عليها النار، أكان من جيش صرب البوسنة؟ أم سائحا دفع أموالا بهدف الترفيه عن نفسه من خلال قنص المدنيين المحاصرين في سراييفو؟

كيف تحركت إيطاليا بخصوص ملف "سياحة القناصة"؟

أعاد فتح النيابة العامة في إيطاليا تحقيقا باحتمال وجود قناصة إيطاليين دفعوا أموالا لجيش صرب البوسنة للسماح لهم بإطلاق النار على المدنيين على سبيل التسلية، أحد فصول حصار سراييفو الأكثر بشاعة.

وبعد أن رفع الصحفي والروائي إيزيو غافازيني شكوى قانونية بتهمة "القتل المصحوب بقسوة ودوافع دنيئة" ضد إيطاليين سافروا إلى سراييفو خلال الحصار، فُتح تحقيق ميلانو برئاسة المدعي العام أليساندرو غوبيس، حيث قدّم غافازيني الدعوى، بعدما تواصلت معه رئيسة بلدية سراييفو السابقة بنيامينا كاريتش، في أغسطس/آب 2025.

إعلان

ووفقا لوسائل الإعلام الإيطالية، يأمل المحققون في تعقب الأشخاص الذين شاركوا في "رحلات السفاري" المزعومة، وأوضحت صحيفة "لا ريبوبليكا" اليومية أن المشتبه بهم كانوا في الغالب من الأثرياء المتعاطفين مع اليمين المتطرف، والذين يعشقون حمل السلاح، حيث غادروا حينها من تريستي في شمال إيطاليا إلى التلال المحيطة بسراييفو.

ودفع القناصة ما يعادل 100 ألف يورو يوميا لقوات صرب البوسنة لإطلاق النار على المدنيين، في حين كانت تكلفة قنص الأطفال أعلى، بحسب أوراق الشكوى المكونة من 17 صفحة.

وفي مقابلة مع "لا ريبوبليكا"، قدّر غافازيني عدد الإيطاليين المشاركين في العملية بما لا يقل عن 100 شخص، بينما ذكرت "إل جورنالي" ضعف هذا العدد على الأقل، إضافة إلى أجانب من دول أخرى، من بينهم الكاتب الروسي إدوارد ليمونوف الذي وثق فيديو قدومه إلى تلال سراييفو وإطلاقه النار على المدنيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات

إقرأ أيضاً:

واشنطن تتهم الدعم السريع بارتكاب فظائع وتدعو لوقف تسليحها

اتهم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قوات الدعم السريع بالتورط في ارتكاب فظائع بحق المدنيين وحمّلها مسؤولية التصعيد الدامي للنزاع في السودان، وأكد أن هذه القوات لا تفي بالتزاماتها ويجب حظر تزويدها بالسلاح.

وقال روبيو للصحفيين أثناء مغادرته اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في كندا أمس الأربعاء "ما يحدث هناك أمر مرعب"، وألقى باللوم على قوات الدعم السريع التي تخوض حربا مع الجيش منذ أبريل/ نيسان 2023 وسيطرت أخيرا على مدينة الفاشر الرئيسية غربي البلاد.

وأضاف "أعتقد أن المشكلة الأساسية التي نواجهها هي أن قوات الدعم السريع توافق على أشياء ثم لا تمضي فيها.. أعتقد أنه يجب القيام بشيء ما لقطع إمدادات الأسلحة والدعم الذي تتلقاه قوات الدعم مع تواصل تحقيقها تقدما".

وقال روبيو إن قوات الدعم تعتمد على الأموال والدعم الخارجيين لأنها تفتقر إلى مرافق تصنيع الأسلحة الخاصة بها، مشيرا إلى أنهما يأتيان "من بعض البلدان ونحن نعرف من هي وسنتحدث معها بشأن ذلك ونجعلها تفهم أن ذلك سينعكس بشكل سيئ عليها وعلى العالم إذا لم نتمكن من وقف ما يحدث".

ورفض الوزير الأميركي الإشارة إلى الإمارات العربية المتحدة عندما سئل عما إذا كان يقصدها.

ويتهم الجيش السوداني الإمارات بدعم قوات الدعم بإرسال أسلحة ومرتزقة عبر دول أفريقية، ونفت أبو ظبي هذه الاتهامات مرارا.

من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى ضرورة وقف الأعمال القتالية في السودان ووقف تدفق الأسلحة والمقاتلين من الأطراف الخارجية.

وقال غوتيريش "أشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الأخيرة عن الفظائع الجماعية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الفاشر، وتفاقم العنف في كردفان. يجب وقف تدفق الأسلحة والمقاتلين من الأطراف الخارجية، وتمكين تدفق المساعدات الإنسانية من الوصول بسرعة إلى المدنيين المحتاجين، ووقف الأعمال العدائية".

إعلان

وأضاف "أدعو القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى التعاون مع مبعوثي الشخصي إلى السودان، رمطان لعمامرة، واتخاذ خطوات سريعة وملموسة نحو تسوية تفاوضية".

أزمة إنسانية

من جهة أخرى، حذّرت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب من أن حجم الاحتياج الإنساني في السودان كبير للغاية، وأشارت إلى أن أزمة النزوح الحالية وصلت إلى "نطاق هائل"، مع تزايد التقارير عن العنف المروع ضد المدنيين.

وفي إحاطة صحفية من العاصمة السودانية الخرطوم، للصحفيين في نيويورك أمس الأربعاء، كشفت بوب عن أرقام كبيرة للنزوح، مشددة على أن هدف زيارتها لفت الانتباه إلى الأزمة التي تتزامن مع تراجع غير مسبوق في المساعدات الإنسانية عالميا.

ووصلت بوب إلى السودان الاثنين في زيارة تستغرق 5 أيام تلتقي فيها عددا من المسؤولين، وتزور كذلك تجمعات لنازحين في مدينة الدبة بالولاية الشمالية، والعاصمة الخرطوم.

وتحدثت بوب عن نزوح 90 ألف من مدينة الفاشر خلال الأسبوعين الماضيين، وفرار نحو 50 ألف شخص إثر الأحداث التي وقعت في إقليم كردفان جنوبي البلاد.

ونقلت المسؤولة الدولية شهادات النازحين الذين يفرون من مناطق القتال، حيث يواجهون مخاطر مروعة على طول الطريق، وقالت "الأشخاص الذين يخرجون من المنطقة يُبلغون عن انتشار واسع للعنف والاعتداءات الجنسية، وإطلاق النار على المدنيين. وتحدثوا عن رؤية جثث القتلى على طول الطريق".

وأكدت أن الهدف من وجودها في البلاد "التأكد من حصول الفئات الأكثر ضعفا، وخاصة النساء والأطفال، على الخدمات التي يحتاجونها".

وأقرت بوجود "تحديات كبيرة"، مشيرة إلى أن الإمكانيات الحالية لا تفي بالاحتياج، ودعت إلى اتخاذ إجراءات فورية وعاجلة لفتح ممرات المساعدات.

هدنة إنسانية

بدوره، دعا مستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية مسعد بولس إلى "الموافقة الفورية على الهدنة الإنسانية المقترحة وتنفيذها"، وقال في بيان "لقد بلغت معاناة المدنيين مستويات كارثية، إذ يفتقر ملايين الأشخاص إلى الغذاء والمياه والرعاية الطبية، وكل يوم من استمرار القتال يحصد مزيدا من الأرواح البريئة".

وتتفاقم المعاناة الإنسانية في السودان جراء استمرار الحرب منذ أبريل/ نيسان 2023، أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.

وأشار بولس، إلى أنه "تم طرح نص قوي للهدنة على أمل أن يلتزم به الطرفان سريعا، من دون أي مناورة سياسية أو عسكرية تكلّف مزيدا من الأرواح". وشدد على أنه يجب على جميع الأطراف احترام التزاماتها ووقف الأعمال العدائية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ومن دون عوائق.

ولم يوضح بولس تفاصيل الهدنة التي تحدث عنها وآلية تنفيذها، غير أن قوات الدعم السريع أعلنت مساء الخميس الماضي موافقتها على "الانضمام إلى الهدنة الإنسانية" التي اقترحتها دول "الرباعية" التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات.

وفي 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلن بولس أن الرباعية بحثت بواشنطن التوصل إلى هدنة إنسانية عاجلة ووقف دائم لإطلاق النار بالسودان، وشكلت لجنة مشتركة للتنسيق بشأن الأولويات العاجلة، وأكد التزام دول الرباعية بالبيان الوزاري الصادر في 12 سبتمبر/ أيلول الماضي.

والبيان الوزاري الذي أشار إليه بولس، دعت خلاله الرباعية إلى هدنة إنسانية أولية مدتها 3 أشهر في السودان، لتمكين دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى جميع المناطق تمهيدا لوقف دائم لإطلاق النار.

إعلان

يلي ذلك إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تُستكمل خلال 9 أشهر، بما يلبي تطلعات الشعب السوداني نحو إقامة حكومة مدنية مستقلة تحظى بقاعدة واسعة من الشرعية والمساءلة.

والثلاثاء، شدد وزير الخارجية السوداني محي الدين سالم على أن حكومة بلاده "ستواصل مساعيها الجادة لإخراج المليشيا (الدعم السريع) والمرتزقة من البلاد"، ولفت إلى أن "الرباعية لم تَصدُر بقرار من مجلس الأمن أو أي منظمة دولية، وبالتالي لا تتعامل معها الحكومة السودانية بصفة رسمية".

مقالات مشابهة

  • صحيفة بريطانية تكشف دور الإمارات في تأجيج فظائع السودان
  • إضراب لعمال فولوتيا و إيزي جيت في إيطاليا غدا: معلومات تهم المسافرين
  • سياحة القناصة.. أثرياء أوروبيون دفعوا أموالا للصرب لقتل سكان سراييفو خلال الحرب
  • واشنطن تتهم الدعم السريع بارتكاب فظائع وتدعو لوقف تسليحها
  • فظائع السجون الإسرائيلية دليل جديد على انحطاط الدولة الصهيونية
  • افتتاح المتحف الكبير يدفع سياحة اليوم الواحد للنمو
  • مي حلى تثير الجدل بإطلالتها من إيطاليا
  • “أوتشا” : المدنيين عرضة للسلب والتجنيد القسري والعنف.. الوضع في الفاشر لا يزال متقلبًا
  • بعد 26 ألف عقوبة غربية.. الاقتصاد الروسي ينهض من تحت الركام ويتحدى حصار الغرب!