شهدت الدورة الـ44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، جلسة نقاشية بعنوان "اكتشاف الحضارات القديمة"، شارك فيها كل من الكاتبة والناقدة والمترجمة الباكستانية الدكتورة هينا جمشيد، والروائي المصري هاني عبد المريد، والكاتب الإندونيسي المتخصص في أدب الرحلات أغسطينيوس ويبوو، وأدارتها ليلى محمد.

 

وأكد المشاركون في النقاشات أهمية استلهام قصص الحضارات القديمة وتبادلها بين الشعوب، باعتبارها مخزنًا للخبرات والأفكار وليس بدافع من حالة "نوستالجيا"، مشددين على أن الحاضر يتأسس على دعائم الماضي، والعودة إليه تعد حتمية لصناعة المستقبل.

 

وقالت الدكتورة هينا جمشيد إن الحديث عن الحضارات القديمة لا يقتصر على التاريخ، ولا يعني الاستغراق في الأمس، بل يمتد ليشكل رؤية مستقبلية ذكية للمجتمعات الحديثة.

 

وأضافت أن الثقافات القديمة مهمة جدًا لأنها ترينا كيف أسّس الإنسان المدن وبنى البيوت، وربط الحاضر بالماضي، ومن خلال رحلة كفاحه ضد الصعوبات يمكننا استلهام القصص واستخلاص العبر.

 

وأشارت إلى أن تجربتها في الكتابة تأسست فكريًا وفلسفيًا ووجدانيا على التراث الحضاري لمسقط رأسها؛ قرية «هاري با» بباكستان، حيث دأبت على زيارة المعابد الأثرية وتأمل النقوش القديمة لفهم أساليب الحياة في العصور الماضية.

 

واعتبرت أن فهم الماضي ضرورة لمواصلة تطور البشرية، خصوصًا في ظل التحديات التي تواجه العالم اليوم، ومع المستحدثات المتلاحقة التي تكاد البشرية لا تستوعبها.

 

من جانبه، أكد الروائي هاني عبد المريد أنه لا يكتب التاريخ بصفته مؤرخًا بل روائيًا يسعى لالتقاط ما سماه: "النقطة السحرية" بين الواقع والماضي، موضحًا أنه ليس مهمًا نوعية الكتابة، تاريخية أو رومانسية أو اجتماعية، لكن المهم أن تكون صادقة وهذا الصدق لا يتسنى إلا بإخلاص الكاتب لما يكتبه وانشغاله به.

وأشار إلى أن روايته "سافو" أعادته إلى الحضارة اليونانية، موضحًا أنه استلهمها من قصة الشاعرة الإغريقية سافو التي وُلدت عام 620 قبل الميلاد، والتي أُحرقت أعمالها باعتبارها "خارجة عن الدين"، قبل أن تُكتشف لفائف من شعرها على مومياء في عام 1920.

 

وأضاف أن بحثه عن سافو قاده إلى دراسة العلاقات التاريخية بين اليونان ومصر، ما شكّل المرتكز المحوري لحبكة الرواية.

 

أما الكاتب الإندونيسي أغسطينيوس ويبوو، فأوضح أن اهتمامه بالحضارات القديمة بدأ من طفولته مع القصص و الميثولوجيا الصينية التي كانت تمزج بين السحر والخيال والحقيقة.

 

وقال: "إن تلك الحكايات دفعتني إلى السفر والترحال من الصين إلى آسيا الوسطى وأفغانستان"، مؤكدًا أن دراسة التاريخ تكشف عن تشابهات مذهلة بين الحضارات المختلفة، الأمر الذي يمكن للمبدعين أن يستندوا عليه لتعزيز التفاهم الإنساني والتواصل الحضاري بين الشعوب في اللحظة الراهنة من التاريخ.

 

وأشار إلى أن رحلاته كانت وسيلة لفهم ذاته وهويته الثقافية، فضلًا عن كونها رحلة تأمل داخلي للإجابة عن أسئلة الإنسان الكبرى، موضحًا أن الأديب الحقيقي لا بد أن يطرح الأسئلة ويسعى لإيجاد إجابات لها.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: الحضارات القدیمة

إقرأ أيضاً:

مسؤولون وخبراء يؤكدون أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية

أكد عدد من المسؤولين والخبراء في مجال الآثار والتراث في قطر والعالم العربي، ضرورة اعتماد الوسائل التكنولوجية الحديثة في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية.

وشددوا في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية " قنا "، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، الذي يوافق الرابع عشر من نوفمبر من كل عام، على أهمية التوثيق العلمي والتعاون الدولي والتوعية المجتمعية في حماية التراث الثقافي وضمان استرداد القطع المفقودة.

وقال المهندس عبد اللطيف الجسمي، مدير إدارة حماية التراث الثقافي في متاحف قطر، في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن اليوم العالمي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية يشكل مناسبة مهمة لتعزيز الوعي بأهمية حماية التراث الثقافي باعتباره رمزا للصمود واستمرارية الهوية الوطنية.

وأوضح أن الممتلكات التراثية، سواء كانت قطعا أثرية أو مخطوطات أو رسائل أو ممارسات ثقافية، تمثل رواية متصلة للأجيال السابقة، وأن المحافظة عليها تضمن استمرار التاريخ والهوية الوطنية للمستقبل.

وأضاف أن مسؤولية الإدارة تشمل التشغيل اليومي للمرافق، وحماية القطع وصيانتها وتوثيقها علميا، والترويج لها محليا ودوليا.

وأشار إلى أن متاحف قطر تعتمد اليوم على وسائل تكنولوجية متقدمة في حماية التراث، من بينها التوثيق الرقمي المستمر واستخدام الذكاء الاصطناعي، الذي يتيح استخراج المعلومات من الأرشيفات الإلكترونية والمخطوطات اليدوية وتوفيرها للزوار والباحثين والأكاديميين، بما يعزز الوصول إلى المعرفة وحماية التراث من الفقدان أو التزييف.

وأكد الجسمي أن هذه الجهود تأتي في إطار تأمين التراث الثقافي والحفاظ على هوية قطر، ومواجهة التحديات المرتبطة بالاتجار غير المشروع بالممتلكات التراثية والتقليدية، لافتا إلى أن حماية التراث الثقافي تبدأ بالتوعية المجتمعية والعلمية أكثر من التدابير الأمنية أو العقابية، مشيرا إلى أهمية شعور الفرد بأن المقتنيات العامة والمواقع التراثية ملك له، ما يعزز مسؤولية المجتمع تجاه الحفاظ عليها.

وأوضح أن إدارة التراث تعتمد على استراتيجية متكاملة تشمل حماية المواقع، والتفتيش، وتأمين القطع الأثرية، والتوثيق الرقمي، مع التركيز على البرامج التعليمية وزيارات المدارس والجهات الحكومية لتعريف الجمهور بقيمة التراث القطري وأهميته التاريخية.

وأضاف أن التعاون الدولي جزء أساسي من هذه الاستراتيجية، من خلال برامج شراكة مثل برنامج السنوات الثقافية الذي بدأ عام 2012، ويتيح تبادل الخبرات والمعرفة مع متاحف ودول صديقة، ما يثري التجارب المحلية ويعزز القدرة على حماية التراث واستدامته.

من جانبه، أكد الدكتور شعبان عبد الجواد، مدير عام الإدارة العامة لاسترداد الآثار بوزارة السياحة والآثار المصرية، في تصريح مماثل لـ" قنا"، أن مكافحة سرقة أو الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية تتطلب اعتماد التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لتتبع القطع الأثرية وتسجيل معلومات دقيقة عنها، بما يسهل عمليات الاسترداد والمتابعة الدولية.

وأضاف أن هذه الاستراتيجية تعتمد على تأسيس قواعد بيانات موثقة ومحدثة باستمرار لكل القطع والمخطوطات والممتلكات الثقافية، مع متابعة المزادات ودور البيع حول العالم، والتعاون مع المنظمات الدولية مثل الإيكوم واليونسكو والإنتربول، لضمان استرداد القطع وحمايتها.

وأشار إلى أن التجربة المصرية تعد رائدة في هذا المجال، حيث تم توقيع اتفاقيات ثنائية مع عدة دول من بينها الولايات المتحدة، الأردن، لبنان، المملكة العربية السعودية، إيطاليا، وإسبانيا، ما أسهم في استرداد مجموعات مهمة من القطع الأثرية سنويا، بلغ عددها على مدار السنوات الماضية نحو 30 ألف قطعة أثرية، رغم بعض المعوقات القانونية الدولية.

ومن جهته، أكد الدكتور فتحي الجراي، الأكاديمي التونسي وخبير التراث الثقافي لدى المنظمات والمراكز المتخصصة في تصريح لوكالة الأنباء القطرية " قنا"، أن اليوم العالمي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالآثار يمثل مناسبة مهمة لتعزيز الوعي بخطورة هذه الآفة، وتحفيز الدول والمؤسسات على تطوير منظوماتها القانونية والفنية لحماية القطع الأثرية.

وأوضح أن مكافحة الاتجار بالآثار تعتمد على القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية، إلى جانب جهود الأجهزة التنفيذية من جمارك وسلطات حدود ومطارات، مشددًا على أن الجانبين العلمي والفني أصبح عنصران أساسيان من خلال التوثيق الدقيق للقطع الأثرية باستخدام تقنيات حديثة، مثل التصوير المعمّق والتقنيات النووية السلمية، التي توفر معلومات دقيقة عن التركيب الكيميائي وطريقة صنع القطع دون الحاجة إلى أخذ عينات أو الإضرار بها.

وأشار الدكتور جراي إلى أن التوثيق العلمي يساعد في متابعة حالة القطع بشكل دوري، ورصد التغيرات مثل التآكل أو فقدان العناصر، كما يسهم في إعداد ملفات استرداد موثوقة والتحقق من أصالة القطع، ويُعد أداة مهمة لمكافحة التزييف.

وأضاف أن الجهات المعنية تشمل المتاحف، المختبرات، الجهات القضائية، الباحثين، الفنانين، والحرفيين، ما يعكس أهمية التعاون بين جميع الأطراف لضمان حماية التراث ونقله للأجيال القادمة.

وأكد خبير التراث التونسي، أن استخدام التقنيات الحديثة في التوثيق يتيح تاريخًا أكثر دقة للقطع مقارنة بالطرق التقليدية، ويعزز القدرة على دراستها وعرضها بأمان، مشيرًا إلى أن حماية التراث بالوسائل العلمية الحديثة أصبحت ركيزة أساسية للحفاظ على الهوية الثقافية ومواجهة التحديات المعاصرة في مجال الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية.

يُذكر أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، اعتمدت الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية في 14 نوفمبر من كل عام، خلال الدورة الأربعين لمؤتمرها عام 2019، بهدف لفت الانتباه إلى هذه الجريمة وسبل مكافحتها، وإبراز أهمية التعاون الدولي في هذا الصدد.

مقالات مشابهة

  • حاكم الشارقة يوجِّه بإعفاء دور النشر السودانية من رسوم المشاركة في «معرض الشارقة الدولي للكتاب» 2025
  • أكثر من 30 إصداراً جديداً ضمن برنامج ثقافي متنوّع لـ"مجموعة كلمات" في "الشارقة الدولي للكتاب 2025"
  • الشارقة ضيف شرف معرض وارسو الدولي للكتاب 2026
  • «صيدلية الشعر».. التشافي بالكلمات في «الشارقة الدولي للكتاب»
  • الشارقة تستقبل القادمين إلى الإمارات بختم يحمل شعار معرضها الدولي للكتاب
  • «إرثي» في «الشارقة الدولي للكتاب» يضيء على حرفة التلي
  • “مريم ورقعة الشطرنج”.. قصة نجاح ملهمة في معرض الشارقة الدولي للكتاب
  • مسؤولون وخبراء يؤكدون أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية
  • مختصون يؤكدون أهمية تكامل الجهود في صون التراث الإماراتي