اكتشف فريق من معهد نانجينغ لعلم الجيولوجيا والحفريات في الصين أقدم شبكة معقدة من الأنفاق التي حفرتها حيوانات في قاع البحر حتى الآن.

ووُجدت هذه الآثار في طبقات صخرية عمرها يقارب 550 مليون سنة ضمن موقع يُعرف باسم "أحيود شيبانتان" قرب مدينة ييتشانغ في مقاطعة هوبي في الوسط الشرقي للصين.

وتشير نتائج الدراسة -التي نشرت يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مجلة "ساينس أدفانسز"- إلى أن الحيوانات بدأت تغيير قاع البحر بسلوكيات معقدة قبل نحو 10 ملايين سنة مما كان يظن سابقا.

مسارات "تريبتكنس" في تجمّع شيبانتان (الأكاديمية الصينية للعلوم)من السجادات الميكروبية إلى الأنفاق

وتتعلق أهمية الاكتشاف بزمن يسبق مباشرة ما يسمى الانفجار الكامبري، وهو حدث كبير وقع قبل نحو 539 مليون سنة وشهد تسارعا واضحا في تنوع الكائنات الحية، وفقا للمؤلف الرئيسي للدراسة ليو يارونغ باحث الدكتوراه في معهد نانجينغ للجيولوجيا وعلم الحفريات التابع للأكاديمية الصينية للعلوم.

ويضيف ليو في تصريحات للجزيرة نت "في ذلك الوقت لم تعد الحيوانات الصغيرة تتحرك على سطح الرواسب فقط، بل بدأت تحفر إلى أسفل داخل الطين والرمال البحرية، فتقلبها وتعيد ترتيبها".

ويوضح أن هذا السلوك البسيط في مظهره غيّر شكل قاع البحر من سطح مستو تغطيه سجادات ميكروبية إلى قاع حديث مليء بالمسارات والأنفاق وطبقات مختلفة من النشاط الحيوي أقرب لما نعرفه اليوم في البيئات البحرية"، والسجادات الميكروبية هي طبقات رقيقة ومتعددة من كائنات دقيقة تعيش ملتصقة بسطح الرسوبيات في البيئات المائية الضحلة.

وفحص الباحثون آثار الحركة المحفوظة في صخور شيبانتان، وهي خطوط وأنفاق وأشكال تتركها الحيوانات حين تمشي أو تحفر، ووجدوا مجموعة من الآثار تُنسب إلى مسارات كائنات تعرف باسم "تريبتكنس"، وهو أثر أحفوري يمثل مسارات حفر تركتها حيوانات رخوة الجسم (غالبا ديدان بحرية) وهي تتحرك داخل رواسب قاع البحر في أواخر العصر الإدياكاري وبداية الكامبري.

إعلان

كما وصف أعضاء الفريق نوعا جديدا أطلقوا عليه "تريبتكنس ستريبتوسس"، وسجلوا أيضا أنماطا أخرى ضمن المجموعة نفسها.

ووفقا للباحثين، تكمن أهمية ذلك في أن ظهورا قريبا لهذه المجموعة يسمى "تي بيدوم" يُستخدم عالميا علامة على بداية العصر الكامبري.

أما آثار شيبانتان فهي أقدم من تلك العلامة، مما يعني أن الحفر في الأعماق بدأ قبل هذا الحد الفاصل بفترة ملحوظة.

رسم تخطيطي لآثار الحفريات في تجمّع شيبانتان (الأكاديمية الصينية للعلوم)حين تغير المشهد البيئي

ولم يقتصر الأمر على تريبتكنس، إذ عثر الفريق على أنفاق ثلاثية الأبعاد أخرى، بينها نمط يسمى "لامونت" وآثار تشبه الشرغوف (رأس وذيل).

ويشير تركز هذه الأنفاق في طبقات محددة إلى أن الكائنات كانت تبحث عن الغذاء على أعماق مختلفة، وأن قاع البحر بدأ مبكرا يتدرج إلى طبقات بيئية تمارس فيها الكائنات أدوارا متعددة.

كما وجد الباحثون أن آثار لامونت كانت كثيفة، لدرجة أنها سببت تقليبا شديدا للرواسب، مما مزق السجادات الميكروبية التي كانت تغطي السطح.

هذه السجادات كانت مهمة لكائنات العصور السحيقة التي اعتمدت عليها، ولذلك يرجح الباحثون أن هذا التقليب ساهم في تراجع تلك الكائنات، وربما في أول حدث انقراض لها قبل نحو 550 مليون سنة.

ويقول يارونغ إن الدراسة توضح أن هذه السلوكيات المعقدة وما تراكم عنها من آثار بيئية ازدادت مع اقتراب نهاية العصر الإدياكاري.

ومع الوقت تراجعت السجادات الميكروبية التي كانت تهيمن على السطح، وتزعزعت البيئات التي اعتمدت عليها كائنات عصر ما قبل الكامبري.

ويضيف "وفي المقابل، ظهرت فرص جديدة لكائنات أخرى لتتنوع وتنتشر، فتغير المشهد البيئي ببطء لكن بثبات، هذا التغيير لم يحدث بسبب عامل واحد، بل نتيجة تفاعل عوامل حيوية مثل سلوك الحفر والبحث عن الغذاء، وعوامل غير حيوية مثل طبيعة الرواسب والظروف البيئية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات قاع البحر ملیون سنة

إقرأ أيضاً:

ورثها عن والده.. رجل يعيد إلى اليونان قطعة أثرية عمرها 2600 عام

من قطعة رخام صغيرة استقرّت لعقود على رفّ في منزل العائلة وتحمل تاريخًا يعود لأكثر من 26 قرنًا، تبدأ حكاية إنريكو توستي-كروتشي، الذي قرر إعادة ما ورثه عن والده قبل سنوات طويلة.

تعود رحلة القطعة الرخامية إلى عام 1930، حين زار غايتانو توستي-كروتشي، والد إنريكو، أثينا ضمن البحرية الإيطالية. كان مهندساً متخصصاً في الغواصات وشارك لاحقاً في الحرب العالمية الثانية، وقد التقط من محيط قاعدة البارثينون على هضبة الأكروبوليس قطعة صغيرة من الرخام المحفور.

تزن القطعة أكثر من كيلوغرام، ويبلغ ارتفاعها نحو ثلاثة إنشات وعرضها أربعة إنشات ونصف، وتحمل نقشاً لجزء من زهرة اللوتس. احتفظ بها غايتانو ثم انتقلت معه عندما هاجرت العائلة إلى فينيا دل مار في تشيلي بعد الحرب.

بعد وفاة والديه عام 1994، ورث إنريكو القطعة ونقلها لاحقاً إلى منزله في فياريكا، وظلّ يعرّفها لزوّاره على أنها جزء من البارثينون، يقول: "بعضهم صدّقني، وبعضهم لا".

لاحقًا، وبعد تسليمه القطعة، أشارت مديرة دائرة الآثار اليونانية أوليمبيا فيكاتو إلى أنّ تحليل العلماء يرجّح ارتباطها بقناة تصريف أو مزراب في معبد "هيكاتومبيدون"، أقدم معبد ضخم في الأكروبوليس، بُني نحو عام 570 قبل الميلاد خلال المرحلة الأركائية، ما دفع إنريكو إلى التوضيح لاحقاً: "تبيّن أن القطعة ليست من البارثينون، بل من معبد أقدم منه".

معبد البارثينون في أثينا، الأحد، 12 أكتوبر 2025. Yorgos Karahalis/ AP لماذا قرّر إنريكو إعادة القطعة؟

بدأت رحلة إنريكو حين استمع عبر الراديو إلى تقارير عن سعي اليونان لاستعادة منحوتات الأكروبوليس. يقول: "عندما سمعت الخبر، قلت لنفسي: لدي قطعة صغيرة من البارثينون. ومن مسؤوليتي أن أعيدها".

بدافع هذا الشعور، تواصل مع السفارة اليونانية في تشيلي في يناير الماضي، وكتب إلى نائب رئيس البعثة ثيودوسيوس ثيوس مدعياً امتلاك قطعة من البارثينون، وأرسل صوراً ومعلومات عنها قبل أن يحضرها إلى السفارة في سانتياغو في أواخر مارس.

بعد تسليم القطعة الرخامية إلى دائرة آثار مدينة أثينا، قال إنريكو إنه شعر بأنه" قام بشيء جيد". أما ثيوس فأعرب عن أمله في أن تكون هذه المبادرة "مثالاً على الشرف والشجاعة لآخرين في تشيلي أو خارجها لفعل الشيء نفسه".

Related بعد سرقة السوار الذهبي من المتحف المصري.. اختفاء لوحة فرعونية نادرة من مقبرة سقارةتماثيل مسروقة ومخدرات في قبضة الأمن خلال مداهمة في جزيرة كريت اليونانيةآثار نادرة تسرق من المتحف الوطني في السودان والجماعات المسلحة في دائرة الاتهام الإرث اليوناني

تأتي هذه الخطوة الرمزية لإنريكو في ظلّ سعي الحكومة اليونانية المستمر منذ ثمانينيات القرن الماضي لاستعادة مجموعة متحف البريطاني من منحوتات الأكروبوليس، المعروفة بـ"رخاميات البارثينون" أو "رخاميات إلغين".

تشمل هذه المجموعة نقوشاً وتماثيل وقطع إفريز تعود للقرن الخامس قبل الميلاد، وقد نُقل معظمها إلى المملكة المتحدة أوائل القرن التاسع عشر على يد اللورد إلغين، سفير بريطانيا لدى الإمبراطورية العثمانية، حين كانت أثينا تحت الحكم العثماني.

وكانت وزيرة الثقافة لينا مندوني قد صرّحت في بيان عام 2022 بأن إلغين لجأ إلى "وسائل غير قانونية وغير عادلة" للاستيلاء على منحوتات البارثينون ونقلها "من دون أي إذن قانوني"، معتبرة ذلك "سرقة".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • تبقى 18 مقعداً.. إليك المنتخبات التي أصبحت على أعتاب التأهل لكأس العالم 2026
  • خبراء وأكاديميون دوليون: مصر أقدم حضارات العالم والمتحف الكبير إنجاز تاريخي فريد
  • مصر أصل الحكاية.. 700 ألف سنة من العلوم التي سبقت العالم كله
  • ورثها عن والده.. رجل يعيد إلى اليونان قطعة أثرية عمرها 2600 عام
  • من أقنعة البندقية إلى تطريز المياو: كيف تحافظ أوروبا والصين على تقاليد حرفية عمرها قرون
  • عاجل| مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الفظائع بالفاشر هي أخطر الجرائم التي كانت متوقعة
  • ولادة أول طفل بالذكاء الاصطناعي.. المعجزة الإلكترونية التي تغير المستقبل
  • دول عربية بينها اليمن ضمن أسوأ البلدان في العالم التي تواجه المجاعة
  • أقدم سبعة مساجد في روسيا