عربي21:
2025-11-16@05:44:26 GMT

جرائم في زنازين الاحتلال

تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT

تختم ن.أ، التي تبلغ الثانية والأربعين من عمرها، شهادتها للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بقولها:
«في هذا اليوم تعرّضت للاغتصاب مرتين. تُركت يوماً كاملاً بلا ملابس داخل الغرفة التي بقيت فيها ثلاثة أيام. في اليوم الأول تم اغتصابي مرتين، وفي اليوم الثاني مرتين، وفي اليوم الثالث بقيت بلا ملابس وكانوا ينظرون إليّ من فتحة الباب ويصوّرونني.

قال لي أحد الجنود: سوف ننشر صورك على مواقع التواصل. وخلال وجودي في الغرفة جاءتني الدورة الشهرية، فطلب مني ارتداء ملابس ونُقلت بعدها إلى غرفة أخرى».

وفي شهادة أخرى، يروي أ.أ، وهو رجل وأب فلسطيني يبلغ من العمر 35 عاماً، عن اعتقاله من مستشفى الشفاء في آذار 2024، تفاصيل 19 شهراً من التعذيب: التعرية، الشتائم النابية، التهديد باغتصابه هو وعائلته، وصولاً إلى اغتصابه من قبل كلب مُدرّب داخل معتقل سديه تيمان العسكري.
من هم هؤلاء الجنود الذين يقفون خلف هذه الشهادات؟ وما هي القيم والأخلاق التي ينتمون إليها؟ وما هو موقف المؤسسات الدولية المعنية إزاء هذا النوع من الجرائم بحق الأسرى والأسيرات؟ ولماذا، حين تقع جرائم مشابهة في أفريقيا أو سورية أو بحق الإيزيديات في العراق، تُعقد المؤتمرات ويُسلّط الضوء، بينما يُبتلع الصوت حين يكون الضحايا فلسطينيين؟

هل يعتبر العالم ما يحدث في فلسطين مجرد «أعراض جانبية للصراع»، أم أن مشاهد القتل والتدمير والتهجير والتجويع باتت تغطّي ما عداها، لتسدل ستار النسيان على الجرائم الجنسية في الزنازين؟

الشهادات التي وثّقها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان تكشف ارتكاب جرائم اغتصاب وتعذيب جنسي، خلف قضبانٍ حديدية وجدرانٍ صمّاء تختنق فيها الصرخات. في سجون تُدار تحت سلطة المتطرّف بن غفير، يُمارس الاحتلال سلسلة من الفظائع التي لا تقلّ وحشية عن المذابح. وهي شهادات تُحمِّل الضمير الإنساني عبء الكرامة المكسورة والإنسانية المهشّمة.

وفي المقلب الآخر، تُلاحَق المدعية العسكرية في سجن سديه تيمان لأنها سمحت بتسريب فيديو يُظهر جندياً يرتكب فعلاً جنسياً قسرياً بحق أسير من غزة.

الجريمة نفسها لا تهزّ منظومة الاحتلال، بينما تُوجَّه الانتقادات لِمن فضحتها!
هذه المفارقة وحدها كافية لفضح منطق المؤسسة العسكرية الحاكمة للسجون.
لقد وثّق المركز حالات اغتصاب وتحرّش جنسي وإذلال جسدي على لسان ناجين وناجيات، رغم أن العادة لا تتجه إلى الإدلاء بهذه النوعية من الجرائم الخادشة للحياء، ولأسباب تتعلق بالخصوصية الثقافية الفلسطينية، فيما تُحوّل سلطات الاحتلال أجساد الأسرى إلى أدوات للانتقام وكسر الإرادة.

وهذا يتطابق مع التوسيع الذي أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، لتعريف العنف الجنسي المرتبط بالصراع المسلح وأحدها الاحتلال، باعتباره جريمة قائمة بذاتها وذات صلة بالصراع نفسه وليست «أضراراً جانبية للحرب».

إن التعذيب في سجون الاحتلال ليس عشوائياً ولا فردياً. إنه منظومة منهجية مُخطّط لها، تستهدف هدم الشخصية الفلسطينية. فالاحتلال لا يكتفي بالقتل خارج السجن، بل يواصل داخل الزنازين منهج احتلال الجسد وتجريده من الإنسانية، ضمن منظومة مُحكمة من الإذلال والهيمنة، مغلقة عن العيون.

ماذا علينا أن نفعل؟
لا يكفي نشر تقرير مجلس حقوق الإنسان؛ بل يجب تحويله إلى معركة مفتوحة لعزل الاحتلال حتى النهاية وآخر نقطة في سطور الوثائق والشهادات المقدمة. المطلوب حملات وطنية ودولية تُسلّط الضوء على هذه الجرائم، والتواصل مع المنظمات الدولية ووسائل الإعلام، ودفع الأمم المتحدة لفتح تحقيقات، وتحويل الشهادات إلى ملفات قانونية تُقدَّم للمحاكم الدولية، وملاحقة كل مسؤول عن الجريمة، ومنع إفلاتهم من العقاب، لأن الصمت تواطؤ، وكل من يصمت شريك. والانتظار يعطي الاحتلال ضوءا أخضر للاستمرار. كل هذا يحصل ويعمم على الملأ، بينما يستمر العالم في محاولات بيعنا الخطط التي تحمل عناوينها السلام الذي يبقي الاحتلال على مقربة من المصيد.

لا تكفي قراءة الشهادات، بل ينبغي تحويل قصص الأسرى وعذاباتهم إلى مادة إعلامية وسينمائية تُظهر للعالم أن جرائم الاحتلال لا تجري فقط في ميادين القتل المكشوفة، بل في دهاليز السجون المغلقة حيث تُرتكب الفظائع التي لا تُرى.

وأختم بما قالته إحدى المعتقلات في شهادتها، لتكون دافعاً لرفع صوت الأسرى والأسيرات:
«انتهكوني عدة مرات. لا أحد يسمع. لا أحد يرى. يبدأ كل شيء كيوم عادي، ثم يتحوّل إلى ليلة لا تُحتمل. ليس هذا سرداً متخيّلاً، بل واقع يُسجَّل في السجن بهدوءٍ مُخيف، لأن خلف هدوء السجون فظائع لا تُرى».

الأيام الفلسطينية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه التعذيب الأسرى الاحتلال الأسرى الاحتلال التعذيب الاغتصاب مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

سرايا القدس وكتائب القسام تسلم جثة أحد الأسرى لسلطات الاحتلال

أفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن سرايا القدس وكتائب الشهيد عز الدين القسام ستقوم عند الساعة 8 مساء بتوقيت غزة  بتسليم جثة أحد أسرى الاحتلال التي تم العثور عليها اليوم في منطقة موراج شمال مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة وذلك في إطار صفقة طوفان الأقصى لتبادل الأسرى.

القسام: تسليم جثة أسير إسرائيلي عثر عليها بحي الشجاعية عند التاسعة مساءًوسائل إعلام فلسطينية: العثور على جثة الأسير الإسرائيلي ساهر باروخ بمخيم النصيراتالقسام: تأجيل تسليم جثة أسير كان مقررا اليوم بسبب "خروقات الاحتلال"كتائب القسام تعلن تسليم جثة أسير إسرائيلي عثر عليها داخل نفق في غزة

وفي وقت سابق أكد المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم أن الحركة مستمرة في التزامها بتطبيق اتفاق وقف الحرب على قطاع غزة بتسليمها جثث أسرى الاحتلال الإسرائيلي حيث  ستواصل العمل لإنجاز كامل مسار التبادل.

وشدد قاسم في تصريحات على أنه سيظل مطلوبًا من جميع الأطراف دفع الاحتلال للالتزام بالاتفاق ووقف خروقاته المتمثلة بالقتل اليومي وعدم  إدخال المساعدات الكافية لأهالي القطاع.

كما  أفادت وسائل إعلام عربية، باستمرار البحث عن جثث المختطفين في قطاع غزة ممن لم يُعاد دفنهم في إسرائيل بعد.

ووفقًا للتقارير، نشر فلسطينيون من خان يونس، لقطات، تُظهر "بحثًا عن جثة مختطف" مفقودة منذ انهيار أحد الأنفاق التي كان المختطفون محتجزين فيها في المدينة الجنوبية.

وفي وقت سابق، سلمت حركة حماس جثتي رهينتين في نعشين إلى الصليب الأحمر في قطاع غزة، وفقًا لجيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الأمن العام "الشاباك".

طباعة شارك جثة أثير إسرائيلي القسام سرايا القدس حماس قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • دعوة أممية عاجلة في اليوم العالمي لمكافحة الجريمة المنظمة
  • مركز: الأسرى يعانون ظروفًا إنسانية بفعل دخول الشتاء
  • الأسرى بين القهر والتفاوض
  • الاحتلال يسلم جثامين 15 شهيدا ضمن صفقة تبادل الأسرى
  • عاجل| مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الفظائع بالفاشر هي أخطر الجرائم التي كانت متوقعة
  • "الشعبية": تصاعد جرائم الاحتلال بالضفة تهدف لخلق واقع استيطاني جديد
  • سرايا القدس وكتائب القسام تسلم جثة أحد الأسرى لسلطات الاحتلال
  • العربية لحقوق الإنسان تدين الانتهاكات الجنسية الممنهجة بحق الأسرى الفلسطينيين
  • الأسير القائد جمال الهور يدخل عامه الـ 29 في سجون الاحتلال