يبين الباحث أدريان شو أن ما يميز الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الثانية ليس خروجه عن الأعراف الدولية بحد ذاته، فذلك سبق أن فعله رؤساء أميركيون آخرون، بل تشكيكه الجذري في التحالفات الإستراتيجية التي شكلت جوهر النفوذ الأميركي منذ الحرب العالمية الثانية.

وتشمل عملية الهدم التي يقودها ترامب -كما يوضح شو في مقابلة مع موقع ميديا بارت- ركائز الجمهورية الفدرالية الأميركية، لكنها لا تتوقف عند حدودها، فإعلاناته وتهديداته وتقلباته تشغل الأجندة الدولية بشكل غير مسبوق تقريبا، مقارنة بأي من أسلافه في البيت الأبيض.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع بريطاني: كل ما نعرفه عن الإصلاحات المرتقبة لنظام اللجوء البريطانيlist 2 of 2سوريات يروين لنيويورك تايمز فظائع مررن بها في سجون الأسدend of list

وقد أصبح ترامب -حسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة باريس بانتيون- أكثر تحررا من القيود مقارنة بولايته الأولى، بعدما أحاط نفسه بفريق شديد الولاء وقليل الخبرة، مما ألغى الكثير من الضوابط التقليدية داخل الإدارة الأميركية.

عملية الهدم التي يقودها ترامب تشمل ركائز الجمهورية الفدرالية الأميركية (أسوشيتد برس)

وهذا الفريق، الذي يمثله بشكل خاص وزير الحرب بيت هيغسيث، وجيه دي فانس نائب الرئيس، يضفي على السياسة الخارجية طابعا أيديولوجيا صداميا، انعكس على علاقة واشنطن بأوروبا وآسيا وحتى كندا والدانمارك، حيث ذهب ترامب إلى حد اقتراح شراء غرينلاند وضم كندا كولاية أميركية جديدة، كما يقول شو.

ازدراء العلاقات

ويبدو للباحث أن جوهر رؤية ترامب للعالم تشكل منذ الثمانينيات، حين رأى أن الولايات المتحدة قدمت الكثير لحلفائها دون أن تتلقى مقابلا، معتقدا أن الدول التي استفادت من مظلتها الأمنية استغلت ذلك لتتطور على حسابها، تجاريا واقتصاديا.

وذكر الباحث بأن التعامل المتعالي مع النظام الدولي ليس جديدا على الولايات المتحدة، حيث انسحب أسلاف ترامب من منظمات، كالرئيس رونالد ريغان من اليونسكو، والرئيس بوش الابن من اتفاقيات مناخية عام 2002، وتراجعوا عن اتفاقات للحد من الأسلحة النووية، وفرضوا رسوما جمركية تناقض خطابهم الليبرالي.

إعلان

بيد أن الجديد عند ترامب هو ازدراؤه للعلاقات المميزة مع عدد من الدول، كديمقراطيات السوق في أوروبا وآسيا وأوقيانوسيا، التي ترتبط مع الولايات المتحدة باتفاقات دفاع، لأنه لا يرى فيها شيئا خاصا، ويختزلها في مجرد علاقات تجارية.

جوهر رؤية ترامب للعالم تشكل منذ الثمانينيات، حين رأى أن الولايات المتحدة قدمت الكثير لحلفائها دون أن تتلقى مقابلا

لذلك يخضع ترامب العلاقات الدولية لمنطق تجاري بحت، متجاهلا المكاسب الإستراتيجية والسياسية للتحالفات، وعلى رأسها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في تحول يمثل قطيعة غير مسبوقة مع عقود من "الهيمنة الخيرة" -حسب تعبير الباحث- اعتمدت فيها واشنطن على بناء شبكة حلفاء من خلال الدعم والمزايا مقابل النفوذ.

وتمثل رئاسة ترامب تخليا واضحا عن هذه "الهيمنة الخيرة"، التي لا تعد سلوكا فاضلا -حسب الباحث- ولكنها نظام تبنيه قوة متفوقة عبر تقديم خدمات لحلفائها لكسبهم، لا لإخضاعهم بالقوة، إلا أن الولايات المتحدة أصبحت تتصرف اليوم كقوة متفوقة لكنها عدوانية، مما يزيد خطر عزلتها الدولية.

مرحلة أكثر اضطرابا

وهذا النهج الذي اعتمده ترامب، يؤدي -حسب شو- إلى سياسة خارجية متقلبة وقصيرة المدى، تتعامل مع الملفات بشكل منفصل دون رؤية شاملة، كما يظهر في مثال توتر العلاقات مع الهند رغم حاجة الولايات المتحدة إليها في مواجهة الصين.

سياسة ترامب (يسار) في أميركا اللاتينية وتهديده لفنزويلا، تعد امتدادا للنزعة الإمبريالية القديمة (الفرنسية)

وفي أميركا اللاتينية، تبدو سياسة ترامب امتدادا للنزعة الإمبريالية القديمة التي منحت واشنطن حق التدخل باسم "الأمن الإقليمي" -كما يقول الباحث- رغم أن الإدارات السابقة حاولت تبني مقاربة أكثر احتراما للسيادة الوطنية.

وبالنسبة للأوروبيين، أكدت عودة ترامب إلى البيت الأبيض أن التشكيك في الناتو ليس عارضا، بل هو تحول بنيوي داخل الحزب الجمهوري نفسه، وعلى الرغم من خطوات إعادة التسلح والتنسيق الدفاعي، فإن اعتماد أوروبا المستمر على المعدات الأميركية زاد من هشاشتها الإستراتيجية.

ويختتم شو بالإشارة إلى أن هامش المناورة مع ترامب لا يزال قائما بسبب قابلية الرئيس للإطراء وتقلب مواقفه، لكن ذلك لا يلغي حقيقة أن ولايته الثانية تضعف التحالفات الغربية وتدخل النظام الدولي في مرحلة جديدة أكثر اضطرابا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تختبر قنبلة نووية

الثورة نت/وكالات أعلن مختبر “سانديا” التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، أنّ “طائرة مقاتلة من طراز إف-35 أسقطت قنابل نووية من طراز بي-61-12 بدون رؤوس حربية في ميدان تونوباه للتجارب في نيفادا” ،حسبما أفادت وسائل إعلام أمريكية اليوم السبت. وأوضح المختبر أنّ “الاختبارات أجريت في الفترة من 19 إلى 21 أغسطس، في إطار تقييم سنوي لموثوقية الترسانة النووية وتدريب الطيارين”. وقد مددت مدة خدمة قنابل “بي-61-12” لمدة 20 عاماً أخرى في عام 2024. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد نيته استئناف الولايات المتحدة تجارب الأسلحة النووية “قريباً جداً”، دون تقديم أي تفاصيل. كما أعرب عن تأييده لنزع السلاح النووي، معلناً رغبته في عقد اجتماع مع قيادات روسيا والصين بشأن هذه القضية. في غضون ذلك، من المقرر أن يجتمع مسؤولون من وزارة الطاقة مع مسؤولين من البيت الأبيض لرفض فكرة ترامب بشأن إجراء تجارب نووية متفجرة، وفق ما أوردت “سي أن أن”. ويعد هذا أحدث مؤشر على تداعيات منشور ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي في أكتوبر، والذي أصدر فيه تعليمات لوزارة الدفاع ببدء اختبار الأسلحة النووية “بسبب برامج اختبار دول أخرى”.

مقالات مشابهة

  • لأول مرة منذ 7 سنوات.. ولي العهد السعودي يزور الولايات المتحدة
  • ارتفاع كبير في فائض تجارة منطقة اليورو بدعم من الاتفاق الجديد مع الولايات المتحدة
  • الولايات المتحدة تختبر قنبلة نووية
  • ترامب: الولايات المتحدة ستجري اختبارات نووية “قريبا جدا”
  • ترامب : الولايات المتحدة ستجري تجارب نووية قريبا جدا
  • باحث إسرائيلي: ترامب يدير ملف غزة وقد يوجه ضربة قاصمة لنتنياهو
  • روسيا تنافس الولايات المتحدة على مشروع قرار بشأن غزة في مجلس الأمن
  • أول صفقة منذ عودة ترامب.. الولايات المتحدة توافق على دعم تايوان عسكريًا
  • الولايات المتحدة توافق على أول صفقة سلاح مع تايوان في عهد ترامب