أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ورقة تحليل سياسات بعنوان "الضمّ المتسارع وسياسات الحسم الإسرائيلية في الضفة الغربية"، أعدّتها الباحثة إيمان رياض بديوي، وتناولت فيها التحوّل النوعي الذي تشهده الضفة الغربية منذ اندلاع الحرب على غزة، حيث انتقلت السياسة الإسرائيلية من إدارة الاحتلال إلى إدارة الضمّ الفعلي، بما يهدّد بإغلاق أفق فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة عبر تفكيك مقومات الوجود الوطني الفلسطيني.



وبيّنت الورقة أنّ الإجراءات الإسرائيلية الراهنة لم تعد تقتصر على السيطرة الأمنية أو التوسع الاستيطاني، بل باتت تسير بمنطق الحسم الشامل الذي يوظّف أدوات القانون والإدارة والاقتصاد والبنى التحتية لإنتاج واقع مندمج في المنظومة الإسرائيلية دون إعلان رسمي، في مسعى لإعادة تعريف العلاقة بين الأرض والسكان والسلطة في الضفة الغربية.

ورصدت الورقة أبعاد هذا التحوّل بوصفه مشروع ضمّ متكامل يستهدف إعادة تشكيل الواقع الجغرافي والسياسي والاجتماعي الفلسطيني، وتحويل أيّ إمكانية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة إلى خيار نظري غير قابل للتحقق ميدانياً. كما أشارت إلى أنّ هذه السياسات تمثّل مرحلة مفصلية في تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ تشهد الضفة الغربية تسارعاً ممنهجاً في إجراءات الضمّ يهدف إلى ترسيخ استحالة وجود أيّ خيار سياسي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة فاعلة.

ورأت الورقة أنّ السياسات الإسرائيلية الراهنة تُحدث تهجيراً داخلياً صامتاً للسكان من خلال القيود الاقتصادية والسياسية وعنف المستوطنين وعمليات الهدم. كما نبّهت إلى سعي "إسرائيل" إلى إضعاف السلطة الفلسطينية، وتقويض شرعيتها، وتقليص قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية، بما يُضعف موقعها السياسي أمام المجتمعَيْن الفلسطيني والدولي، ويغيّب أي أفق سياسي فلسطيني.

وأكّدت الورقة في توصياتها على ضرورة تبنّي استراتيجية فلسطينية شاملة وعملية وقابلة للتطبيق، تركّز على تحييد أثر الإجراءات الإسرائيلية ودعم الصمود، وتوازن بين حماية الأرض والسكان بتعزيز القدرة الاقتصادية والسياسية، مع الحفاظ على أفق سياسي قابل للتحقيق على الرغم من تفوّق "إسرائيل" على الأرض وتعقيدات الظروف الراهنة، بالحفاظ على استمرارية طرح القضية الفلسطينية على الأجندة العالمية وفي المؤسسات الأممية مثل المحاكم الدولية، ومجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة، لتشكيل أدوات ضغط مستمرة على "إسرائيل" ضمن حدود الواقع الحالي وإمكانياته، حيث يجب أن يكون الرد الفلسطيني والدولي على سياسات الضمّ متعدد الأبعاد بالتركيز على الاستراتيجيات السياسية، المدنية، والاقتصادية، والقانونية، والتقنية، والإعلامية؛ لتوفير أي إمكانية واقعية لتقليل آثار الضمّ وإيقاف أيّ من مشاريعه عبر تعزيز الضغوط على "إسرائيل" لوقف سياساتها التوسعية، مع تشكيل إطار عملي يتيح للفلسطينيين الحفاظ على وجودهم وحقوقهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب الذاكرة السياسية تقارير كتب ورقة الاحتلال الفلسطينية الاستيطاني احتلال فلسطين استيطان تحذير ورقة كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة

إقرأ أيضاً:

ملتقى الحوار الوطني الثالث بإسطنبول يدعو لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني

تتواصل في مدينة إسطنبول التركية لليوم الثاني فعاليات ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني الثالث الذي ينظمه المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، بمشاركة واسعة من قيادات سياسية وأكاديميين وحقوقيين وممثلين عن التجمعات الفلسطينية من مختلف القارات، تحت شعار "وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة الإبادة والتهجير والضم".

ويأتي انعقاد الملتقى في لحظة سياسية فلسطينية بالغة الدقة، إذ تتقاطع فيه تطورات الحرب على غزة مع استحقاقات إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، ومعالجة الانقسام الداخلي، ومناقشة أوضاع الفلسطينيين في الشتات، والبحث في رؤى وطنية لمستقبل قطاع غزة بعد الدمار الهائل الذي خلّفته آلة الحرب الإسرائيلية.

ويشارك في الملتقى نحو 220 شخصية فلسطينية من 28 دولة، يجتمعون على هدف رئيس يتمثل في صياغة مواقف عملية وخطط تحرك جماعية، وصولا إلى تشكيل قيادة فلسطينية موحدة في الداخل والخارج قادرة على حماية المشروع الوطني، وفتح أفق سياسي جديد يتجاوز حالة التشرذم الراهنة.

ماجد الزير النائب الأول لرئيس الهيئة العامة للمؤتمر الشعبي رفض "تهميش الفلسطينيين في الخارج" (الجزيرة)ضرورة ترتيب البيت الفلسطيني

وفي جلسة حملت عنوان "ترتيب البيت الفلسطيني وتحقيق التوافق الوطني"، أجمع المتحدثون على أن وحدة القرار السياسي الفلسطيني باتت ضرورة وجودية في ظل ما تواجهه القضية من محاولات لتصفية الحقوق الوطنية، مشددين على أن استمرار الانقسام يفتح الباب أمام الاحتلال لتعميق سياساته الاستيطانية وتهجير الفلسطينيين وقضم أراضيهم.

وقال أمين سر الهيئة العامة في المؤتمر الوطني الفلسطيني معين الطاهر إن المقاومة، بفضل صمودها، "أعادت القضية الفلسطينية من حالة التصفية إلى واجهة الأحداث"، مشيرا إلى أن الإستراتيجية الوطنية المقبلة يجب أن تقوم على تثبيت الشعب الفلسطيني في جميع أماكن وجوده، ودعم المقاومة بأشكالها كافة، والعمل على عزل الاحتلال دوليا عبر فضح جرائمه وملاحقة قادته كمجرمي حرب.

إعلان

وأضاف الطاهر أن واقع الفصائل الفلسطينية، التي يزيد عددها على 25 فصيلا، يتطلب مراجعة نقدية جادة لبرامجها وأدائها كي تكون جزءا من الحل لا جزءا من الأزمة، مؤكدا أن إعادة بناء منظمة التحرير تحتاج إلى إعادة تشكيل بنية الحركة الوطنية في إطار تعددي وديمقراطي واسع، بعيدا عن الاشتراطات التي يفرضها المستعمر.

أما الكاتب والأكاديمي خالد الحروب فقال إن "التجزئة في البيت الفلسطيني هي الثغرة التي يتسلل منها الاحتلال ليمنع قيام قيادة موحدة"، داعيا إلى إنهاء الانقسام باعتباره شرطا لا غنى عنه لمواجهة المخططات الإسرائيلية التي تستهدف نفي وجود الشعب الفلسطيني ذاته.

جلسة بعنوان "رؤية وطنية مستقلة لإدارة غزة" ناقشت أوضاع الأسرى والواقع الإنساني في غزة (إعلام المؤتمر الشعبي)أقدم أسير فلسطيني

وفي جلسة بعنوان "رؤية وطنية مستقلة لإدارة غزة"، انتقل النقاش إلى أوضاع الأسرى والواقع الإنساني في غزة بعد وقف الحرب، حيث تحدث أقدم أسير فلسطيني محرر ومبعد نائل البرغوثي عن الظروف القاسية التي يعيشها الأسرى داخل سجون الاحتلال، والانتهاكات الممنهجة التي تصاعدت في السنوات الأخيرة.

وأكد البرغوثي على أن غياب جهة فلسطينية رسمية تتابع ملف الأسرى أمام المحافل الدولية يفاقم معاناتهم، داعيا إلى تفعيل التحرك القانوني لمحاسبة الاحتلال، وإلى فتح أبواب الدول العربية والإسلامية أمام الأسرى المبعدين، وتوحيد الخطاب الإعلامي في دعم المقاومة وحقوق الأسرى. وشدد على أن قانون الإعدام الإسرائيلي بحقهم "لن يكسر عزيمة شعبنا ولا إرادة مناضلينا خلف القضبان".

من جهته، قدم الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أشرف القدرة عرضا بالأرقام يعكس حجم التدهور في القطاع الصحي تحت الحصار والحرب، مشيرا إلى الإنجازات التي حققها الكادر الطبي رغم شح الموارد، وداعيا إلى تشكيل هيئة وطنية للتعافي الصحي، وتوحيد الموقف الفلسطيني خلف إنقاذ المنظومة الطبية المهددة بالانهيار الكامل.

وفي مداخلة تحليلية، قال الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي محمود يزبك إن صمود أهالي غزة أفشل مشاريع التهجير وكشف حقيقة الاحتلال أمام الرأي العام العالمي، مضيفا أن "إسرائيل تحولت من كيان يحظى بالتعاطف في بداية الحرب إلى عبء على داعميه، خاصة الولايات المتحدة".

كما أشاد بدور وسائل الإعلام في كسر الحجب الإسرائيلي ونقل مشاهد الإبادة إلى كل العالم، ما أسهم في تعزيز التحول الدولي ضد الاحتلال.

أما المحامية والناشطة الحقوقية الأميركية هويدا عراف، فأكدت أهمية التحرك الفلسطيني في المحافل الدولية واستثمار زخم التضامن العالمي، مشيرة إلى أن سفن كسر الحصار عن غزة كانت رسالة سياسية وإنسانية لضرورة إنهاء الحصار وفضح الحكومات الغربية الداعمة لإسرائيل، والدفع نحو سحب الشرعية عن نظامها العنصري.

دور الشتات الفلسطيني

وفي محور آخر، شدد حسن خريشة النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني على أن فلسطينيي الخارج أثبتوا قدرتهم على صناعة رأي عام عالمي لصالح القضية، وحشد الدعم الإنساني والسياسي لها، في وقت تكشفت فيه ازدواجية المعايير وانهيار منظومة القيم الغربية التي طالما تشدقت بحقوق الإنسان.

إعلان

أما رئيس الهيئة العامة للمؤتمر الشعبي سمعان خوري، فدعا إلى إعادة تفعيل دور الشتات باعتباره رافعة سياسية وشعبية وإعلامية وقانونية ودبلوماسية، وإطلاق مبادرات وطنية جامعة تعبر عن المصالح العليا للشعب الفلسطيني وتكرس الوحدة كضمانة أولى لحماية المشروع الوطني.

بدوره، رفض ماجد الزير النائب الأول لرئيس الهيئة العامة للمؤتمر الشعبي ما وصفه بـ"تهميش الفلسطينيين في الخارج" في مختلف المجالات، بما فيها التمثيل الوطني، وحتى في الإحصاءات الرسمية التي لا تشملهم ضمن تعداد الشعب الفلسطيني.

تكريم مستشار الرئيس الكولومبي (الأول يمين) في ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني الثالث بإسطنبول (إعلام المؤتمر الشعبي)تكريم كولومبي

وفي لفتة تقديرية، كرّم منظمو ملتقى الوطني الحوار الوطني الفلسطينيي الثالث فيكتور لوغو مستشار الرئيس الكولومبي لشؤون الشرق الأوسط، تقديرا لموقف بلاده الداعم للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
وبدوره، أكد لوغو -في كلمة له ضمن فعاليات الملتقى- أن أي تدخل دولي في غزة يجب أن يحترم إرادة الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وأن كولومبيا مستعدة لتقديم الدعم لإعادة البناء في غزة وكل فلسطين، مشددا على أن تحقيق العدل والسلم مرتبط بوقف الإبادة الجماعية وانتصار الفلسطينيين على الاحتلال.

وتعقيبا على هذا التكريم، أشاد هشام أبو محفوظ القائم بأعمال الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج بالدور المتقدم لكولومبيا، داعيا باقي الدول إلى اتخاذ مواقف مماثلة والاستجابة لنداء العدالة في فلسطين.

يذكر أن فعاليات الملتقى تختتم مساء اليوم السبت، حيث من المتوقع صدور بيان ختامي يتضمن توصيات تمثل خطة عمل للفترة المقبلة، وتركّز على إعادة بناء الوحدة الوطنية، وتفعيل دور الشتات، وتبني آليات عملية لدعم صمود الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، بما يحوّل مقررات الملتقى إلى خطوات ملموسة على الأرض.

مقالات مشابهة

  • ايران تدين استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: لا دولة فلسطينية ولا انسحاب من جبل الشيخ
  • الأمم المتحدة: الجيش الإسرائيلي ينفذ تهجيراً قسرياً بالضفة الغربية
  • قوات العدو الإسرائيلي تصعّد من اعتداءاتها في الضفة الغربية
  • وزير الخارجية المصري يدعو لهدنة إنسانية شاملة بالسودان
  • ملتقى الحوار الوطني الثالث بإسطنبول يدعو لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني
  • وفرت الحماية لاعتداءات المستوطنين على المدنيين.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 15 فلسطينيًا من الضفة الغربية
  • عاجل | مراسلة الجزيرة: آليات للاحتلال الإسرائيلي تقتحم مدينة رام الله وسط الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مخيم الفارعة في الضفة الغربية