دخلت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عام 2025 محمّلة بوعود طموحة لخفض الأسعار وتعزيز القدرة على تحمل تكاليف المعيشة، فقد أظهرت نتائج الانتخابات النصفية السابقة أن التضخم وضغط النفقات يمثلان أولويات الناخب الأمريكي، ما منح الديمقراطيين مكاسب مهمة في ولايات رئيسية.

وتعهد البيت الأبيض بإحياء الصناعة المحلية تحت شعار “أمريكا أولاً”، إلا أن الأداة الأساسية التي اعتمد عليها — التعريفات الجمركية الواسعة — كانت بطبيعتها تتعارض مع الهدف نفسه، إذ إن السياسات الحمائية تؤدي تقليدياً إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وأسعار المستهلكين.

مداهمات تشل شارلوت.. فوضى واحتجاز أمريكيين في حملة لسلطات الأمن والهجرة بنورث كارولايناملفات إبستين تهز واشنطن.. رسائل جديدة تضع ترامب في مرمى الانتقادات

ووفقا لموقع بيزنس انسايدر فإن التناقض الذي يبدو واضحا، جعل من تلك السياسات وصفة مؤكدة لإثارة الغضب الشعبي.

الرسوم الجمركية

في مطلع 2025 أعلنت الإدارة الأمريكية عن حزمة واسعة من الرسوم الجمركية، وُصفت بأنها الأكثر حدة منذ عقود. شملت: 20% على جميع الواردات الصينية و25% على الواردات من كندا والمكسيك الخارجة عن USMCA و25% على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات و10% تعريفات “تبادلية” أساسية على جميع دول العالم و50% رسوماً انتقامية على واردات من دول مثل البرازيل والهند

ولم تُبنَ هذه الرسوم على اعتبارات اقتصادية خالصة، بل جاءت في كثير من الأحيان كرد فعل سياسي، ما حول التعريفات من أداة حماية إلى أداة عقابية تفتقر إلى الاتساق.

ومع اقتصاد يعتمد على سلاسل توريد عالمية شديدة التشابك، أدّى هذا التوسع الواسع إلى زيادة مباشرة في تكاليف الإنتاج وارتفاع التضخم، وهو عكس الهدف المعلن للإدارة بخفض أسعار السلع، وفقا لما أشار إليه موقع بيزنس انسايدر.

رأت مؤسسات مالية أن نطاق التعريفات الجديدة يذكّر بسياسات قانون سموت–هاولي لعام 1930، الذي تسببت رسومه المرتفعة في موجة ردود فعل انتقامية عالمية فاقمت الكساد الكبير

ميزانية غير مدروسة

كما قارن خبراء الخطوة بقرارات ليز تراس في بريطانيا عام 2022، حين أدى الإعلان عن “ميزانية راديكالية” غير مدروسة إلى انهيار ثقة الأسواق، وتراجع الجنيه، وأزمة سندات، انتهت بسقوط حكومة تراس في 49 يوماً.

وأشار اقتصاديون إلى أن الإدارة الأمريكية بدت وكأنها تتجاهل هذه الدروس بفرض سياسات عالية المخاطر وغير متوقعة قد تثير أزمة مشابهة — ولكن في سوق الأسهم الأمريكية هذه المرة.

تآكل ثقة المستثمرين 

لم يقتصر الأثر السلبي للتعريفات على المستهلكين؛ بل إن التقلب المفرط في السياسة التجارية دمّر ثقة المستثمرين.
تعتمد مشاريع إعادة توطين الصناعة (Reshoring) على استثمارات بمليارات الدولارات تتطلب استقراراً سياسياً وتنظيمياً طويل الأمد. لكن سلسلة التراجعات السريعة والقرارات المفاجئة جعلت بيئة الاستثمار شديدة الخطورة وغير قابلة للتنبؤ، ما أوقف أي مكاسب محتملة من التعريفات.

 فشل تحمل التكاليف

ركّزت الإدارة على حرب الرسوم الجمركية بدلاً من التصدي للقضايا البنيوية التي تُرهق الأسرة الأمريكية: الإسكان ورعاية الأطفال والصحة والتعليم، وهي عوامل تشكل الجزء الأكبر من نفقات الأسرة.
حتى مع انخفاض أسعار بعض السلع أو المواد الخام، فإن هذه التكاليف الثابتة تُبقي شعور الناخب بـ “الأزمة المعيشية” قائماً.

توتر بين البيت الأبيض والاحتياطي الفيدرالي

أدت السياسات الجمركية إلى خلق حالة من “حرب الرسائل” بين الإدارة والاحتياطي الفيدرالي.

فبينما كان البيت الأبيض يضغط لخفض الفائدة لدعم الاستثمار المحلي، كان البنك المركزي يخفض الفائدة لأسباب مختلفة: وهي ضعف سوق العمل وليس تراجع التضخم، الذي ظل مرتفعاً بفعل الرسوم الجمركية.

هذه الازدواجية خلقت تناقضاً خطيراً بين سياسة مالية تضخمية وسياسة نقدية توسعية، ما يضع الفيدرالي أمام خيارات مكلفة، إما دعم التوظيف وتعميق موجة التضخم، أو كبح التضخم على حساب الدخول في ركود.

وفي تحليله، أكد موقع بيزنس انسايدر أن الرسوم الجمركية  لم تُحدث "نهضة صناعية”، ولم تُخفّض الأسعار، ولم تُعِد الثقة إلى الناخبين، بل تسببت في ارتفاع الأسعار، وتراجع الاستثمار، وتعميق الغضب الشعبي — مما يجعلها أحد أكبر الأخطاء الاقتصادية للإدارة خلال ولايتها الثانية.
 

طباعة شارك دونالد ترامب البيت الأبيض الرسوم الجمركية ليز تراس السياسات الجمركية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دونالد ترامب البيت الأبيض الرسوم الجمركية ليز تراس السياسات الجمركية الرسوم الجمرکیة البیت الأبیض

إقرأ أيضاً:

بعد خطوة من قرار ترامب البرازيل تطالب بخفض المزيد من الرسوم الجمركية

تأمل البرازيل في مزيد من خفض الرسوم الجمركية الأميركية خلال المفاوضات الجارية مع واشنطن، وذلك بعدما خفض الرئيس دونالد ترامب رسوما لبعض المنتجات مثل القهوة، الأمر الذي اعتبرته برازيليا "خطوة في الاتجاه الصحيح".

ورغم إعلان ترامب أول أمس الجمعة خفض رسوم جمركية على بعض المنتجات الزراعية بنسبة 10% مطبقة منذ أبريل/نيسان الماضي، فما زالت البرازيل تواجه رسوما جمركية عقابية بنسبة 40% فرضتها واشنطن على جزء كبير من صادراتها إلى الولايات المتحدة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ارتفاع سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار نهاية الأسبوعlist 2 of 2لماذا تعثرت أضخم صفقة غاز بين مصر وإسرائيل؟end of list

وعليه، تُفرض حاليا ضريبة بنسبة 40% على القهوة ولحوم البقر بعدما كانت 50% منذ أغسطس/آب، وتُعدّ البرازيل أكبر مُنتج ومُصدّر لهذين المنتجين في العالم.

وقد فرض الرئيس الأميركي الرسوم الجمركية بنسبة 40% ردا على محاكمة حليفه السياسي "اليميني" الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، وقد وصف ترامب هذه المحاكمة بأنها "اضطهاد".

وحُكم على بولسونارو بالسجن 27 عاما في سبتمبر/أيلول لإدانته بتدبير محاولة انقلاب.

خطوة إيجابية

ورأى جيرالدو ألكمين نائب الرئيس البرازيلي -خلال مؤتمر صحفي في برازيليا أمس السبت- أن خفض بعض الرسوم الجمركية أول أمس "خطوة إيجابية وفي الاتجاه الصحيح".

وأضاف "سنواصل العمل لتحقيق مزيد من الخفض" ولاحظ أنه "بالنسبة إلى القهوة، ليس منطقيا الإبقاء على نسبة 40% لكون البرازيل المورد الرئيسي للولايات المتحدة".

وقد استُؤنف الحوار بين واشنطن وبرازيليا الأسابيع الأخيرة، عبر اجتماع عُقد بين ترامب ونظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا في ماليزيا نهاية أكتوبر/تشرين الأول على هامش قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان".

وما زالت المفاوضات قائمة، إذ التقى وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو مرتين نظيره البرازيلي ماورو فييرا هذا الأسبوع، الأولى يوم الأربعاء في كندا، ثم الخميس في واشنطن.

إعلان

وبخلاف غالبية الدول التي فرضت واشنطن رسوما جمركية عليها، يعاني الميزان التجاري للبرازيل عجزا حيال الولايات المتحدة.

قرار ترامب إعفاء السلع الغذائية من الرسوم يشمل القهوة والموز ولحوم الأبقار (شترستوك)

وأول أمس، أعلن الرئيس الأميركي عن مرسوم تنفيذي يستثني عشرات السلع الغذائية من الرسوم الجمركية التي فرضها سابقا، في محاولة لاحتواء ارتفاع تكلفة المعيشة.

وشمل القرار منتجات لا تُنتج محليا بكميات كافية، مثل القهوة والموز ولحوم الأبقار، في تراجع واضح عن سياسة الرسوم الواسعة التي تبنّاها البيت الأبيض منذ تولي ترامب ولايته الثانية، ويواجه البيت الأبيض ضغوطا متزايدة بسبب ارتفاع أسعار السلع.

وتشير المعلومات إلى أن الإعفاءات تُطبّق بأثر رجعي اعتبارا من منتصف ليل 13 نوفمبر/تشرين الثاني، في حين أدرجت الإدارة تخفيضا إضافيا لرسوم القهوة والموز ضمن صفقات تجارية مع 4 دول من أميركا اللاتينية.

مقالات مشابهة

  • اقتصاد اليابان ينكمش مع تضرر الصادرات بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية
  • اقتصاد اليابان ينكمش بعد تضرر الصادرات بفعل رسوم الرئيس ترامب الجمركية
  • البرازيل: خفض الرسوم الجمركية الأمريكية خطوة في الاتجاه الصحيح
  • ترامب يلغي «الرسوم الجمركية» على أكثر من 200 منتج غذائي
  • بعد خطوة من قرار ترامب البرازيل تطالب بخفض المزيد من الرسوم الجمركية
  • البيت الأبيض يلغي الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع الاستهلاكية
  • ترامب يتراجع عن التعريفات على أكثر من 100 سلعة غذائية
  • ترامب يلغي الرسوم الجمركية على سلع غذائية واللحوم وسط مخاوف تصاعد التضخم
  • منها اللحوم والبن.. ترامب يخفض الرسوم الجمركية على بعض المنتجات