مرة أخرى يطلّ علينا وجه المستعمِر
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
هذا الرجل كان أعظم مُبتزّ في التاريخ -يقصد جيفري إبستين- ، هارولد لوتنيك ، وزير التجارة الأمريكي الأسبق.
قبل أكثر من شهر كتبت مقالة عن توم باراك ، السفير الأمريكي لدى تركيا والمبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب إلى لبنان بعنوان وجه المستعمر. في تلك المقالة ناقشنا فكرة أن توم باراك يمثّل الوجه العاري للاستعمار، بلا أي مساحيق تجميل أو محاولات للتزييف.
أفرجت لجنة المراقبة في مجلس النواب الأمريكي عن أكثر من مئتي ألف وثيقة من ملفات ومراسلات جيفري إبستين، كشفت تورّط توم باراك في شبكة علاقاته. فمن بين تلك المراسلات رسالة كتبها إبستين في آذار عام 2016 إلى شخص خاطبه باعتباره السفير الأمريكي في تركيا، وهو المنصب الذي تسلّمه باراك لاحقًا، قال فيها:
«أرسل لي صورة لك ومع الطفل اجعلني أبتسم!»
ثم أعقبها إبستين برد على رسالة من باراك قائلاً:
«الصور تبدو جيدة!»
جيفري إبستين مستثمرٌ ملياردير أمريكي، أدار شبكة اتّجارٍ جنسي بالقاصرات على مدى عقود، مستغلًا نفوذه وثراءه وعلاقاته الممتدة مع سياسيين ورجال أعمال وشخصيات نافذة من النخبة العالمية.
وفي عام 2019 تم اعتقاله بتهم تتعلق باستغلال فتيات قاصرات واستخدام طائراته وممتلكاته لإدارة شبكة الاستغلال. وبعد أسابيع من احتجازه عُثر عليه ميتًا في زنزانته في ظروف غامضة قيل إنها «انتحار»، ما أثار جدلًا واسعًا وتشكيكًا عالميًا في ظل تورّط أسماء كبيرة خشيت من انكشاف أسرارها.
وقد ظهرت تقارير متعددة تشير إلى صلات وثيقة بين إبستين وجهاز الموساد، وبرأيي فإنه كان يعمل واجهةً لتنفيذ مهام استخباراتية قائمة على الابتزاز والسيطرة على شخصيات حسّاسة ومؤثرة.
وفي وقت كتابة تلك الرسائل، لم يكن باراك يشغل أي منصب حكومي، لكنه كان يعمل خلف الكواليس لترتيب لقاءات لصديقه المرشّح آنذاك دونالد ترامب مع مسؤولين كبار في العالم تربطه بهم علاقات شخصية، قبل أن يتولى لاحقًا مسؤولية الإشراف على حفل تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة.
ومن بين الرسائل التي أُفرج عنها أيضًا، رسالة يشير فيها إبستين إلى أنّه يتلقى العديد من الاتصالات من صحفيين يستفسرون عن علاقته بتوم باراك. وفي مراسلة أخرى، يطلب إبستين من باراك أن يرسل رسالة إلى سيرغي، وهو مسؤول روسي، مضمونها أنّ بوتين ومستشاريه قد يستفيدون من قضاء بعض الوقت مع إبستين. وهو ما يكشف بوضوح أنّ إبستين كان يستخدم باراك كوسيطٍ لخدماته المشبوهة، أو كما يمكن وصفه مجازًا: سمسارًا للفاحشة.
وبحسب تقرير نشره موقع فيرست سبوت FirstSpot، تبيّن أن إحدى الهدايا التي تلقاها إبستين كانت ساعة رولكس فاخرة قدّمها له توم باراك.
لا يوجد أدنى مجال للشك في أنّ توم باراك متورّط حتى أخمص قدميه مع إبستين، ويبدو أنه كان أقرب إلى موظف أو أداة بيده. ويرجّح أن باراك جُنّد لحساب الموساد منذ سبعينيات القرن الماضي عندما كان محاميًا شابًا يعمل في العالم العربي، حيث جمع ثروته من خيرات منطقتنا. وقد أصبح عام 1988 صديقًا مقرّبًا للرئيس ترامب بعد أن توسط في صفقة بيع فندق بقيمة 400 مليون دولار.
كما أثبتت التحقيقات، وعلى الرغم من نفي الساسة الامريكان والكيان الصهيوني لأي صلة بين إبستين والموساد، فإن وثائق عديدة تؤكد أنّه كان على علاقة وثيقة بالجهاز الاستخباراتي الصهيوني.
فقد زار إبستين الكيان مرات عدة، شملت زيارات لقواعد عسكرية حساسة، وكان على علاقة مباشرة بإيهود باراك، رئيس الوزراء الأسبق. وكشفت تقارير أن ضابطًا من المخابرات الصهيونية أقام في شقة إبستين في مانهاتن بين عامَي 2013 و2015، وأن إبستين لعب دور الوسيط في صفقات عسكرية واستخباراتية بين الكيان ودول متعددة.
لذلك يمكن القول إن فجاجة وصراحة واستعلاء توم باراك نابعة من تورّطه العميق مع إبستين منذ سنوات. فقد كان صديقه وعميلًا له، وتوجد بحوزة إبستين وفقًا للوثائق والتسريبات عشرات الأشرطة والصور المشبوهة التي استُخدمت للضغط عليه وضمان ولائه المطلق. ولاحقًا تم تعيينه سفيرًا للولايات المتحدة في تركيا، ثم مبعوثًا لترامب في الملفين السوري واللبناني، ومن هنا يمكن فهم مواقفه العدائية تجاه العرب وخدمته الواضحة لمصالح الكيان الصهيوني، فهذه هي وظيفته التي جُند لأجلها.
وتكشف قصة باراك مع إبستين وجود بنية متكاملة من النفوذ السياسي والمالي تقوم على الابتزاز والمصالح المتبادلة، تُستخدم فيها أدوات مثل الجنس والمال للسيطرة والتأثير في القرار السياسي. وأجزم بأنّ الصهاينة يقفون على رأس هذه الهرمية لخدمة مصالحهم، بينما يتحول الآخرون إلى بنادق مأجورة يحرّكونها كيفما يشاؤون.
الدستور الأردنية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الموساد الاحتلال الموساد ابستين توماس براك مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة توم باراک مع إبستین
إقرأ أيضاً:
ترامب يأمر بالتحقيق في علاقات إبستين مع بيل كلينتون
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب -اليوم الجمعة- إنه طلب من وزارة العدل التحقيق في علاقات رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين المزعومة مع الرئيس الأسبق بيل كلينتون ووزير الخزانة في عهده لاري سامرز وآخرين.
واتهم ترامب الديمقراطيين بأنهم يبذلون قصارى جهدهم لإعادة ترويج ما سماها "كذبة إبستين" مجددا رغم أن وزارة العدل نشرت 50 ألف صفحة من الوثائق.
وكتب ترامب على منصة "تروث سوشيال" أنهم يفعلون ذلك لصرف الأنظار عن سياساتهم الفاشلة وخسائرهم، لا سيما فضيحة الإغلاق الحكومي. وقال إن الحزب الديمقراطي في حالة فوضى تامة ولا يعرف ما يفعل.
وأضاف أنّ بعض الجمهوريين الذين وصفهم بالضعفاء وقعوا في براثنهم لأنهم ضعاف وسذج، على حدّ تعبيره.
وذكر أيضا أن إبستين كان ديمقراطيا وهو مشكلة الديمقراطيين، لا الجمهوريين، قائلا: "اسألوا كلينتون وريد هوفمان وسامرز عن إبستين، فهم يعرفون كل شيء عنه".
ودعا الديمقراطيين إلى عدم تضييع وقتهم معه فلديه بلد يجب أن يديره، على حدّ تعبيره.
مراسلاتوكان أعضاء ديمقراطيون في مجلس النواب الأميركي نشروا، الأربعاء الماضي، رسائل بريد إلكتروني تفترض أن ترامب كان يعلم باعتداءات إبستين على فتيات قاصرات، الأمر الذي أغضب البيت الأبيض.
واستشهد الديمقراطيون بمراسلات متبادلة بين إبستين وكل من المؤلف مايكل وولف وجيلين ماكسويل، وهي سيدة مجتمع بريطانية وصديقة سابقة لرجل الأعمال، تقضي عقوبة السجن لمدة 20 عاما بتهم من بينها الاتجار بقاصر جنسيا.
وقال الديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب -في بيان- إن "إبستين كتب في مراسلات خاصة مع جيسلين ماكسويل عام 2011 أن دونالد ترامب قضى ساعات في منزلي مع إحدى ضحايا الاتجار الجنسي".
واستشهد الديمقراطيون برسالة بريد إلكتروني أخرى مع وولف عام 2019، ذكر فيها إبستين صراحة أن دونالد ترامب كان على علم بالفتيات، بحسب ما ورد في نص المراسلة.
إعلانورد البيت الأبيض باتهام الديمقراطيين في مجلس النواب بنشر رسائل البريد الإلكتروني لتشويه سمعة ترامب.
ودأب الرئيس الأميركي على نفي أي علم له بنشاطات الاستغلال الجنسي التي ارتكبها إبستين، والذي عُثر عليه ميتا في زنزانته عام 2019 قبل محاكمته بتهمة الاتجار الجنسي بقاصرات كان يستدرجهن.
وكان ترامب صديقا لرجل الأعمال جيفري إبستين لسنوات، لكن العلاقة بينهما توترت قبل نحو عقدين، وأكد ترامب أن خلافا وقع بينهما قبل سنوات من افتضاح أمر جرائم إبستين.
وحضر ترامب مناسبات اجتماعية مع إبستين في التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الـ21، لكنه نفى ارتكاب أي مخالفات، وأدت وفاة إبستين إلى تأجيج كثير من نظريات المؤامرة التي تقول إنه قُتل لمنع الكشف عن معلومات محرجة تتعلق بمجموعة من الشخصيات البارزة.