ذكر موقع "دويتشه فيله" أنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يستعد للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارة واشنطن، وسط تقديرات بأن تحمل الزيارة أجواء إيجابية وتمهّد لإبرام صفقات واسعة، بما يعكس متانة الروابط بين الجانبين رغم استمرار بعض نقاط الخلاف.

أوضح الموقع في تقرير ترجمته "عربي21" أن زيارة محمد بن سلمان المرتقبة للبيت الأبيض في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر يُرجّح أن تفضي إلى لقاء ودي وتوقيع عدة اتفاقيات، لافتًا إلى أن هذه الزيارة تمثل عودة كاملة للأمير إلى المشهد السياسي في واشنطن، بعد غياب امتد منذ زيارته عام 2018 التي خيّم عليها الغضب الدولي عقب مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، في جريمة توجه فيها أصابع الاتهام على نطاق واسع إلى بن سلمان.



ولفت الموقع إلى أن الروابط بين واشنطن والرياض شهدت تحسنا ملحوظا خلال السنوات الماضية، موضحا أن أول جولة خارجية لترامب بعد عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير 2025 كانت إلى الرياض، حيث كشف هناك عن استثمار سعودي ضخم داخل الولايات المتحدة بلغت قيمته 600 مليار دولار.



ويرجح أن تركز محادثات واشنطن هذه المرة على ملفات واسعة تشمل الذكاء الاصطناعي والاستثمارات والتعاون الدفاعي والأمني إلى جانب القضية النووية، وذلك في ظل المشهد الإقليمي المضطرب والهش الذي يخيّم على الشرق الأوسط.

اتفاق أمني يوازي اتفاق قطر
ورجح نيل كويليام، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز "تشاتام هاوس"، أن يعمل محمد بن سلمان خلال زيارته على كسب اتفاق أمني يوازي في أهميته ذلك الذي قدمه ترامب لقطر.

وشهد أيلول/ سبتمبر توقيع اتفاق ثنائي بين ترامب وقطر عقب الهجوم الإسرائيلي على القيادة السياسية لحركة حماس في الدوحة، حيث منح ترامب بموجبه ضمانات أمنية للدوحة.

وصدر الاتفاق بقرار تنفيذي، إذ لم يتطلب إلى موافقة مجلس الشيوخ، الأمر الذي يجعله عرضة للانتهاء مع ختام ولاية ترامب.

وأشار الموقع إلى مايكل ستيفنز، كبير مستشاري الأمن في الشرق الأوسط في "المعهد الملكي للخدمات المتحدة" في لندن، قوله إن "اتفاقا دفاعيا يجري الإعداد له منذ ما لا يقل عن ثلاث سنوات، إلا أن التطورات الأخيرة تستدعي تسريع العمل عليه بعدما تقدمت قطر في هذا المسار".

قبل هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كانت السعودية ودولة الاحتلال تقتربان من إبرام اتفاق تطبيع برعاية أمريكية ضمن إطار "اتفاقات إبراهيم"، في وقت كانت فيه دول عربية أخرى مثل البحرين والإمارات والسودان والمغرب قد أقدمت على تطبيع علاقاتها مع الاحتلال خلال عامي 2020 و2021.

الاتفاق المطروح بالنسبة للسعودية كان سيأخذ حينها شكل تفاهم ثلاثي، تحصل بموجبه الرياض على ضمانات أمنية أمريكية توفر حماية ودعما مشابها لما تناله دول "الناتو"، إلى جانب تضمين برنامج نووي مدني ضمن بنود الاتفاق.



ومع اندلاع حرب غزة، تراجعت الرياض عن المضي في أي اتفاق مع دولة الاحتلال ما لم يظهر مسار واضح وجدّي نحو حل الدولتين يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة الاحتلال، في حين أعلن نتنياهو رفضه العلني لهذا الطرح.

وعلى الرغم من هذا التباين، واصل ترامب الإفصاح عن قناعته بأن السعودية ستلتحق في النهاية بـ"اتفاقات إبراهيم". وخلال مقابلة تلفزيونية في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، توقع أن تنضم الرياض قريباً إلى هذه الاتفاقات، حتى من دون إحراز تقدم في ملف الدولة الفلسطينية.

ونقل التقرير عن نيل كويليام قوله إنّ "ترامب لن يتمكن في الوقت الراهن من انتزاع تعهّد سعودي بتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال"، موضحاً أن ترامب سيحاول خلال لقاء واشنطن الحصول على التزام سعودي يدعم مسار السلام في غزة، سواء على المستوى السياسي أو عبر المساهمة مالياً في إعادة إعمار القطاع وتقديم دعم اقتصادي لسوريا.

ومن جهة أخرى، ستسعى الرياض إلى تأمين موقف أمريكي أكثر صلابة تجاه إقامة دولة فلسطينية، إضافة إلى ضمان التزام واضح بالانتقال إلى "المرحلة الثانية" من وقف إطلاق النار بين الاحتلال وحماس، وهي المرحلة التي تشمل انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلية من غزة، ونزع سلاح حماس، وتشكيل سلطة انتقالية، إلى جانب نشر قوة أمنية متعددة الجنسيات داخل القطاع.

وأضاف كويليام: "من خلال تقديم التزام أمني أمريكي، سيتوقّع ترامب أن يكون إدماج دولة الاحتلال في المنطقة مطروحاً بقوة، وأن تكون نقطة النهاية هي التطبيع مع الرياض، لن يحصل ترامب على التزام من السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل الآن".

ما هي طموحات واشنطن؟
قال مايكل ستيفنز، من معهد "روسي" للدفاع في لندن، إنّ "النقاش سيشمل على الأرجح ملف الطاقة النووية المدنية"، مشيراً في الوقت نفسه إلى وجود قلق أمريكي من الاتفاق الدفاعي الذي أبرمته السعودية مؤخراً مع باكستان وما إذا كان يحمل قوة نووية.



وأضاف: "لا يبدو أن الولايات المتحدة ترغب في أن تمضي السعودية في مسار نووي خاص بها من دون ضوابط واضحة".

وإلى جانب الملفات النووية، يرجح أن تطرح واشنطن ملف الذكاء الاصطناعي أيضا، إذ يوضح ستيفنز أنّ "ترامب يسعى لمعرفة توجه السعوديين بشأن الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي الأمريكية أو إمكانية استضافة مراكز أبحاث أمريكية داخل السعودية".

ويرى ستيفنز أن ترامب يسعى للصحول على التزام سعودي يميل بوضوح نحو واشنطن في سباق التكنولوجيا العالمي، خصوصا في ما يتعلق بـ"حرب الرقائق الإلكترونية" ومنافسات الذكاء الاصطناعي المتسارعة.

وأشار التقرير إلى أن السعودية، ضمن مشروعها الاقتصادي الواسع "رؤية 2030"، تعمل على توسيع قاعدة مواردها وتطوير قطاع وطني قادر على إنتاج تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعزيز حضورها في هذا المجال.

النفط وتذبذب الأسعار
ورغم بقاء عدد من نقاط الخلاف مفتوحة، يرجح أن يختلف الجانبان بملف إنتاج النفط، فواشنطن تضغط باتجاه زيادة الضخ، في حين تتمسك الرياض بوقف أي رفع في الإنتاج، معتبرة أن الأسعار الحالية لا تلبي مستوى طموحها.

وختم التقرير بالإشارة إلى احتمال طرح ملف حقوق الإنسان في السعودية كإحدى القضايا الخلافية، غير أن ستيفنز لا يتوقع أن يؤثر هذا النقاش على سير اللقاء، قائلا: "أتصور أنه سيكون اجتماعا وديا ومثمرا للغاية"، مضيفا أن أمام الطرفين "الكثير من الأسئلة الجيوسياسية التي تحتاج إلى حلول".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية ترامب السعودية امريكا السعودية سياسة ترامب اخبار العالم المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الذکاء الاصطناعی دولة الاحتلال بن سلمان إلى جانب

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: توقعات بصفقة عقارية كبرى في الدرعية بين السعودية وترامب

دخلت منظمة ترامب في مفاوضات متقدمة قد تفضي إلى مشروع عقاري جديد يحمل العلامة التجارية لـ ترامب داخل أحد أضخم المشاريع الحكومية السعودية، وفق ما أكده الرئيس التنفيذي لمشروع الدرعية، المملوك للحكومة السعودية، في تصريحات لصحيفة “نيويورك تايمز”.

وقال جيري إنزيريلو، الرئيس التنفيذي لتطوير الدرعية، إن التوصل إلى صفقة مع منظمة ترامب بات “مسألة وقت فقط”، مؤكداً وجود محادثات نشطة لإضافة مشروع يحمل اسم ترامب ضمن المرحلة الجديدة من تطوير المنطقة التاريخية.

خلفية المشروع السعودي

يعد مشروع الدرعية واحدًا من “المشاريع العملاقة” التي تنفذها السعودية ضمن خطط التحول الاقتصادي.

ويشمل المشروع تحويل المدينة التاريخية، التي تعد موطن الأسرة الحاكمة، إلى وجهة فاخرة تضم 40 فندقًا، ومناطق تجارية وسكنية ومرافق ترفيهية.

بحسب إنزيريلو، فقد أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارته الرسمية للرياض في مايو الماضي، إعجابًا كبيرًا بحجم المشروع وعدد الرافعات والمباني قيد الإنشاء، وهو ما شجع مسئولي الدرعية على استكشاف صفقة تجارية معه.

تشابك ملفي السياسة والأعمال

ويعكس هذا التطور استمرار تداخل الأعمال التجارية لعائلة ترامب مع الملفات السياسية، خاصة في الخليج، حيث يجري الرئيس الأمريكي سلسلة خطوات تجمع بين الدبلوماسية ومصالح العائلة الاقتصادية.

ومن المتوقع أن يستقبل ترامب ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في واشنطن الأسبوع المقبل، في زيارة هي الأولى له منذ سبع سنوات، لبحث اتفاق دفاعي محتمل والتعاون في مجال التكنولوجيا النووية. 

ويثير هذا التزامن بين الملفات الأمنية والعقارية مرة أخرى أسئلة حول تضارب المصالح داخل الإدارة الأمريكية.

توسع تجاري لترامب في الخليج

وشهدت الأشهر الأخيرة موجة من المشاريع التي تحمل اسم ترامب في المنطقة، من بينها:

برج ترامب في جدةمشروعان في الرياض قيد التطويرفندق وبرج في دبيصفقة ملاعب غولف في قطر مع شركة عقارية حكوميةصفقة محتملة في الدرعية

وأشار إنزيريلو إلى أن عرض نماذج معمارية لمشروع الدرعية خلال زيارة ترامب الرسمية كان خطوة “مدروسة” لجذب الرئيس من موقعه كـ“مطور عقاري” وليس فقط كرئيس دولة.

ويأتي المشروع ضمن استراتيجية سعودية كبرى، إذ تدير حكومة المملكة عبر صندوقها السيادي مشاريع تتجاوز قيمتها تريليون دولار، ويترأس ولي العهد جميع هذه المشاريع.

انعكاسات داخل الولايات المتحدة

ويعيد إعلان مثل هذه الصفقة المحتملة فتح النقاش داخل الولايات المتحدة بشأن حدود الفصل بين مصالح الرئيس التجارية ودوره السياسي، خاصة أن منظمة ترامب كانت قد تعهدت سابقًا –خلال ولايته الأولى– بعدم الدخول في صفقات خارجية جديدة، قبل أن تتراجع عن ذلك لاحقًا.

طباعة شارك محمد بن سلمان العاهل السعودي ترامب الدرعية دبي

مقالات مشابهة

  • زيارة ابن سلمان لواشنطن تربك تل أبيب.. هدية ترامب الكبرى بلا تطبيع
  • السعودية.. ريما بنت بندر تُعلّق على زيارة محمد بن سلمان لأمريكا
  • زيارة تاريخية للأمير محمد بن سلمان الى واشنطن والملف اليمني حاضر في مباحثاته مع ترامب
  • لقاء مرتقب بين ولي العهد السعودي وترامب.. ملفات دفاع وطاقة واتفاقيات تاريخية على الطاولة
  • اتفاقيات دفاعية واقتصادية على طاولة بن سلمان وترامب
  • روسيا: لقاء بوتين وترامب تأجل لبعض الوقت ولكن الاتصالات حول اللقاء مستمرة
  • فضيحة إبستين تعود إلى الواجهة.. وترامب يلوّح بالقضاء
  • واشنطن بوست: البيت الأبيض يكافئ ابن سلمان بـ عشاء دولة على أمل تطبيع العلاقات مع إسرائيل
  • نيويورك تايمز: توقعات بصفقة عقارية كبرى في الدرعية بين السعودية وترامب