يكشف تقرير موسع عن شبكة تمويل معقدة، داخلية وخارجية، تقف خلف استمرار المشروع الاستيطاني الإسرائيلي وتوسعه في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، رغم الإجماع الدولي على عدم قانونيته واعتباره عقبة جوهرية أمام تنفيذ حل الدولتين.

ووفق المعطيات الواردة، فإن التمويل -لا سيما الخارجي- يمثل الأداة المركزية في تكريس الوجود الاستيطاني، وبناء مزيد من الوحدات السكنية، وتوطين مئات الآلاف من المستوطنين، إضافة إلى دعم منظومات تعليمية دينية متشددة، وتقديم مساعدات لعائلات مستوطنين مدانين بجرائم إرهابية ضد فلسطينيين.

شركات عالمية في دائرة الاتهام

مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أدرجت في تحديث جديد لقاعدة بياناتها في 26 سبتمبر/أيلول 2025 ما مجموعه 158 شركة تنشط في المستوطنات، من بينها 138 شركة إسرائيلية و20 شركة أجنبية من 10 دول، أبرزها الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا.

وتصدرت الشركات الأميركية القائمة، بوجود أسماء كبرى مثل: Airbnb ،Booking Holdings ،Expedia Group ،Motorola Solutions ،Re/Max ،TripAdvisor.

كما تضمن التحديث 4 شركات إسبانية كبرى تعمل في مجالات البناء والبنى التحتية (ACS، CAF، Ineco، SEMI).

وفي القائمة شركتان هندسيتان من فرنسا هما Egis وEgis Rail، إضافة إلى شركتين بريطانيتين هما Greenkote P.L.C وJCB التي تُعرف بمعداتها الثقيلة المستخدمة في مشاريع البناء، إضافة إلى شركات من ألمانيا وهولندا ولوكسمبورغ والصين وكندا.

وتنشط هذه الشركات في قطاعات تتراوح بين البناء والعقارات والسياحة والتكنولوجيا والاتصالات، الأمر الذي يعني إسهاما مباشرا في "دعم بنية الاحتلال الاستيطانية".

قطاع مصرفي يدعم الاستيطان

ووفق تقرير سابق لهيومن رايتس ووتش (2018)، فإن أكبر 7 مصارف إسرائيلية تقدم خدمات مالية تتيح بناء المستوطنات وتوسعتها، من خلال الحصول على حقوق ملكية في مشاريع البناء، وتمويلها حتى اكتمالها، وفتح قروض وتسهيلات تُسهل انتقال المستوطنين إلى هذه الوحدات.

إعلان

وتشمل هذه المصارف: هبوعليم، ولئومي، وديسكونت، ومزراحي تفحوت، والبنك الدولي الأول لإسرائيل، والاتحاد الإسرائيلي، وبنك القدس.

كما كشفت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان في تقرير نشرته في 2017 أن 4 بنوك وشركة تأمين فرنسية تشارك بشكل غير مباشر في تمويل الاستيطان عبر شراكات مع مصارف إسرائيلية نشطة داخل المستوطنات، وهي: BNP Paribas – Société Générale – Crédit Agricole – BPCE – AXA للتأمين.

وأفادت الفدرالية بأن هذه المعاملات تُمكن من توسيع المستوطنات، وبناء وحدات سكنية مخصصة للإسرائيليين، مع الإضرار بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين.

الولايات المتحدة أكبر الممولين

وتُظهر تقارير إعلامية إسرائيلية أن الجمعيات اليمينية في إسرائيل تتلقى تبرعات بمئات الملايين من الدولارات من يهود الولايات المتحدة، معظمها معفاة من الضرائب.

ووفق هآرتس (2015)، فقد حولت أكثر من 50 منظمة يهودية أميركية ما يزيد على مليار شيكل (220 مليون دولار) بين عامي 2009 و2013 للمستوطنين في الضفة.

ولا تقتصر هذه الأموال على البناء، بل تُوجه أيضا إلى التعليم الديني اليهودي المتشدد (مثل مدرسة نافيه شموئيل في مستوطنة إفرات)، ودعم عائلات مستوطنين مدانين بجرائم قتل فلسطينيين، وتمويل منظمات يمينية متطرفة.

ومن أبرز الكيانات الممولة: صندوق إسرائيل المركزي وهو منظمة تعمل من حي مانهاتن (المركز المالي لمدينة نيويورك الأميركية)، وصندوق الخليل وهو منظمة تعمل من مدينة بروكلين الأميركية.

وذلك بالإضافة إلى صندوق كيرن هايسود وهو مؤسسة تنشط في 45 دولة، والوكالة اليهودية، وأصدقاء جيش الاحتلال (ميامي)، وصندوق التنمية اليهودي الأوروبي، ومؤسسة "روث بات سارة" المدعومة من الملياردير الأميركي إيرا رينيرت.

ولا يتوقف تمويل الاستيطان على يهود الولايات المتحدة وحدهم، ففي دول عديدة ترسل شخصيات أموالا لبناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، حيث تبرع الملياردير الروسي الإسرائيلي رومان أبراموفيتش بملايين الدولارات لجمعيات استيطانية أبرزها "يشع" و"إلعاد".

جمعيات استيطانية

تعد جمعية "إلعاد"، التي تنشط في مدينة القدس على وجه الخصوص، إحدى أكثر الجهات الاستيطانية حصولا على تمويل خارجي، إذ تلقت بين 2006 و2013 ما يقارب 450 مليون شيكل (125 مليون دولار)، وفق هآرتس.

وجاء أكثر من نصف التمويل عبر حسابات مسجلة في جزر البهاما وجزر فيرجن وسيشل، من دون معرفة الجهة الحقيقية وراءها.

كما تلقت الجمعية نحو 28 مليون شيكل من الحكومة الإسرائيلية في 2022 لدعم مشاريعها التهويدية في وادي الربابة بسلوان جنوبي المسجد الأقصى.

وإجمالا، أفادت هآرتس أيضا بأن نحو 40 منظمة تبرعت بحوالي 200 مليون دولار للمستوطنات بين 2000 و2010.

يهود أميركا

وكانت القناة العاشرة الإسرائيلية حذرت في 2016 من أن خلافات داخل إسرائيل مع التيار اليهودي الإصلاحي قد تُقلل من حجم التبرعات الواردة من الولايات المتحدة.

وأوصت القناة الحركات اليمينية بعدم استفزاز الإصلاحيين حتى لا يتوقفوا عن التبرعات، كما عزت ذلك إلى الرغبة في عدم دفعهم في الولايات المتحدة إلى أحضان حركات المقاطعة لإسرائيل، ومن ثم خسارة تمويل اليهود الأميركيين.

إعلان

كما أكدت القناة ضرورة تلقي تبرعات كل اليهود الأميركيين، بمن فيهم "الإصلاحيون"، "فكثير من الأموال التي يتلقاها اليهود في إسرائيل تأتي من يهود الولايات المتحدة".

ولا تقتصر التبرعات الأميركية على البناء الاستيطاني، بل تمول أيضا شخصيات ومنظمات إسرائيلية مدانة بارتكاب عمليات إرهابية بحق فلسطينيين، بحسب "هآرتس" في 7 ديسمبر/كانون الأول 2015.

فقد شملت التبرعات دعم شخصيات متطرفة، بينها عامي بوبر الذي قتل 7 عمال فلسطينيين عام 1990، كما شملت دعم منظمة "بات عاين" التي حاولت تفجير مدرسة للبنات في القدس الشرقية عام 2002.

ووفق تقرير لمنظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية صدر في مايو/أيار 2025، فقد بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة أكثر من 730 ألفا، بزيادة 8% مقارنة بالعام السابق 2024.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الولایات المتحدة فی الضفة

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يشن حملة اعتقالات في الضفة والقدس

الضفة الغربية - صفا

شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة فجر اليوم في عدة مناطق بالضفة الغربية والقدس المحتلتين، ترافقت مع اقتحامات متتالية وتشديدات عسكرية، خصوصاً في محافظتي الخليل والقدس.

وفي بلدة بيت أمر شمال الخليل، فرضت قوات الاحتلال منع تجول كامل ونفذت حملة اعتقالات موسّعة، قبل أن تجمع المعتقلين في ملعب البلدة وسط عمليات تنكيل وتفتيش.

كما طالت الاعتقالات عدداً من الشبان في الخليل والقدس، إلى جانب احتجاز ميداني في دير سامت غرب دورا انتهى بالإفراج عن الموقوفين بعد التحقيق معهم ميدانياً داخل أحد المنازل.

مقالات مشابهة

  • “رايتس ووتش”تتهم العدو الإسرائيلي بارتكاب تهجير واسع للسكان في الضفة الغربية
  • منظمات إسرائيلية تقدم التماسًا لاستئناف علاج مرضى غزة بمستشفيات الضفة والقدس
  • آخر الأوضاع بالقطاع.. مصر ترسل القافلة 77 من المساعدات الإنسانية لغزة.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل اقتحام الضفة الغربية
  • بريطانيا تبحث جديا فرض حظر على بضائع المستوطنات الإسرائيلية
  • الاحتلال يشن حملة اعتقالات في الضفة والقدس
  • الأمم المتحدة: الاستيطان الإسرائيلي يتوسع في الجولان
  • الخارجية الأردنية تطالب المجتمع الدولي بإلزام الاحتلال الإسرائيلي بوقف تصعيده في الضفة الغربية
  • منظمة إسرائيلية: مقتل شخص وإصابة 3 بهجوم في الضفة الغربية
  • دراسة: خفض المساعدات الغربية الخارجية قد يتسبب بـ22,6 مليون وفاة