القوى السياسية العراقية تبدأ مشاوراتها لتشكيل الحكومة
تاريخ النشر: 21st, November 2025 GMT
تذهب الأنظار في العراق نحو المسار السياسي لما بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث بدأت مرحلة مشاورات مكثفة بين القوى الشيعية والسنية والكردية لتشكيل الحكومة الجديدة، في ظل شكوك بشأن القدرة على الالتزام بالمهل الدستورية وسط تعقيدات المشهد السياسي.
أسفرت النتائج عن تصدّر ائتلاف الإعمار والتنمية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بـ46 مقعدا من أصل 329، يليه ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي بـ30 مقعدا، ثم الحزب الديمقراطي الكردستاني بـ28 مقعدا.
كما حصل كل من حزب تقدّم بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي وتحالف صادقون بزعامة قيس الخزعلي على 27 مقعدا، ثم قوى الدولة الوطنية بـ18، في حين نال كل من العزم والاتحاد الوطني الكردستاني 15 مقعدا، وحصدت حركة إشراقة كانون 10 مقاعد.
وبموجب الدستور، ينتخب مجلس النواب رئيس الجمهورية ويمنح الثقة للحكومة. ولا يستطيع أي حزب منفردا تشكيل حكومة، وذلك يفرض الدخول في تحالفات غالبا ما تستمر مفاوضاتها أشهرا.
وينص الدستور على دعوة رئيس الجمهورية البرلمان للانعقاد خلال 15 يوما من المصادقة على النتائج. وخلال الجلسة الأولى، التي يرأسها الأكبر سنا، يُنتخب رئيس البرلمان ونائباه. وبعدها يُفتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية التي يجب انتخابها خلال 30 يوما.
وبعد انتخاب الرئيس، يُكلّف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة خلال 15 يوما، ويُمنَح 30 يوما لتقديم تشكيلته الوزارية أمام البرلمان، وإلا يُكلف رئيس الجمهورية مرشحا بديلا.
ويرى المحلل السياسي بركات علي حمودي أن النتائج الحالية تجعل "الإطار التنسيقي" أقرب الأطراف إلى تشكيل الحكومة المقبلة. ويضم الإطار القوى السياسية الشيعية الكبرى مثل دولة القانون ومنظمة بدر وعصائب أهل الحق وتيار الحكمة، إضافة إلى قوى أخرى.
إعلانوأوضح حمودي أن السوداني لا يمتلك عددا كافيا من المقاعد ليصبح الكتلة الأكبر بمفرده، بينما يمتلك الإطار ما يقارب 120 مقعدا، وذلك يمنحه فرصة إعلان الكتلة الأكبر من دون الحاجة إلى مقاعد السوداني. كما استبعد قبول الإطار بأي شروط مسبقة قد يطرحها السوداني، ومنها السعي لولاية ثانية.
وأشار حمودي إلى أن القوى السنية والكردية لن تتخذ على الأرجح موقفا معارضا للإطار، مرجحا دخول أحزاب تقدّم وعزم والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في مفاوضات مباشرة بشأن الحقائب الوزارية وإدارة الدولة.
الإطار التنسيقيويتألف "الإطار التنسيقي" من مجموعة قوى سياسية شيعية رئيسية توحدت بعد انتخابات 2021، بهدف ضبط المواقف الداخلية، خاصة في ما يتعلق بتشكيل الحكومة وتسمية رئيس الوزراء وإدارة الملفات الأمنية والسياسية.
ويضم الإطار دولة القانون وبدر وعصائب أهل الحق وتيار الحكمة وائتلاف النصر، إضافة إلى كتائب حزب الله وسيد الشهداء وحزب الفضيلة وغيرها.
وتُعيد عودة الأغلبية الشيعية إلى الإطار التنسيقي -وفق حمودي- "طهران إلى واجهة التأثير في المشهد العراقي"، لكنه شدد على أن هذا لا يعني تخلّي الإطار عن علاقته البراغماتية مع واشنطن، إذ تسعى إيران بدورها إلى الحفاظ على نفوذها ضمن توازنات مستقرة بعيدا عن التصعيد. ويرجح اختيار رئيس وزراء قادر على إدارة علاقات متوازنة مع الطرفين.
صراع محتمل على رئاسة الجمهوريةويتوقع مراقبون بروز تنافس كردي سني على منصب رئاسة الجمهورية، مع رغبة زعيم "تقدّم" محمد الحلبوسي في أن يعود المنصب إلى العرب السنة.
وفي المقابل، يُرجح نشوب خلاف كردي كردي، إذ يسعى رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني إلى الاحتفاظ بالمنصب، بينما يتمسك الحزب الديمقراطي الكردستاني بالحق نفسه.
ويرى حمودي أن الأعراف المتبعة بين أربيل والسليمانية قد تمنع أزمة داخلية كردية شاملة.
ومن جهته، يرى المحلل السياسي العراقي علي ناجي أن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني وحركة الجيل الجديد جميعها تسعى للمشاركة في الحكومة المقبلة. كما توقع أن الخلاف حول منصب الرئاسة لن يتحول إلى أزمة كبرى، مع استبعاد حصول الحلبوسي على منصب بارز في المرحلة القادمة.
وأكد ناجي أن رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان بات "الحاكم الفعلي" في العراق، بعد القرارات القضائية التي أدت إلى إنهاء عمل الحكومة والبرلمان السابقين.
وبينما تتواصل الاجتماعات والمشاورات بين الكتل، يبقى المشهد العراقي مفتوحا على سيناريوهات عدة، في ظل سباق مع الزمن للالتزام بالمسار الدستوري وتجنب فراغ سياسي جديد قد يعمّق الأزمات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الدیمقراطی الکردستانی
إقرأ أيضاً:
السوداني ينضم للكتلة البرلمانية الأكبر ويطمح لولاية ثانية
أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء، أن "ائتلاف الإعمار والتنمية" الذي يتزعمه انضم إلى ما يعرف بتحالف "الإطار التنسيقي" المؤلف من أحزاب شيعية، تحت مظلة أكبر كتلة برلمانية، مؤكدا بدء التفاوض لاختيار رئيس للحكومة المقبلة.
وقال السوداني خلال منتدى الشرق الأوسط للسلام والأمن في الجامعة الأميركية في دهوك شمالي العراق، إن الولاية الثانية في رئاسة الحكومة العراقية الجديدة ليست طموحا شخصيا بل لتحمل مسؤولية إكمال المهمة لما نمتلكه من مشروع ورؤية للمرحلة المقبلة. وأضاف "سوف نباشر بحوارات مع باقي الكتل السياسية في الفضاء الوطني للتأسيس للاستحقاقات الدستورية وتشكيل الرئاسات".
وشدد السوداني على أن بلاده لن تكون ساحة لنفوذ أي دولة، وإن العراق لن يكون ساحة لنفوذ أي دولة، وأنه يحترم العلاقة مع الدول، مشيرا إلى أن ما يشاع إعلاميا بوجود ضغوط خارجية هو أمر لن يحدث
الكتلة النيابية الأكبر
وكان "الإطار التنسيقي" أعلن، مساء أمس، تشكيل أكبر كتلة نيابية وشروعه في اختيار رئيس لمجلس الوزراء والتفاوض مع الكتل السنية والكردية الأخرى لاختيار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ونائبيه وترشيح رئيس الحكومة.
وتوقع مسؤولون بتلك الأحزاب أن تفضي المشاورات إلى تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر عددا. وسيكون لتلك الكتلة حق اختيار رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ونائبيه وترشيح رئيس الحكومة.
وبينت النتائج النهائية لانتخابات 11 نوفمبر/ تشرين الثاني التي نشرتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أمس الاثنين أن أحزاب "الإطار التنسيقي الشيعي" حافظت على موقعها المهيمن في البرلمان المؤلف من 329 مقعدا، وأبرزها ائتلاف "الإعمار والتنمية" بقيادة السوداني الذي تصدر النتائج بحصوله على 46 مقعدا، تلاه ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي على 29 مقعدا، و"صادقون" بزعامة قيس الخزعلي على 27 مقعدا.
إعلانكما حصل حزب "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي على 27 مقعدا، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني (26 مقعدا).
ويُقلق تنامي سلطة السوداني الذي اعتمد سياسة توازن دقيق بين حليفي العراق الخصمَين، واشنطن وطهران، القوى السياسية الكبرى في العراق الذي يشهد استقرارا نسبيا بعد عقود من نزاعات أهلكت البنى التحتية وتركت فسادا مزمنا.
وقال مصدران في أحزاب شيعية لوكالة الصحافة الفرنسية إن أحزاب "الإطار التنسيقي" تأمل في التوصل إلى اتفاق شامل يضم رئيسا للوزراء ورئيسا للبرلمان ورئيسا للجمهورية، قبل انعقاد البرلمان الجديد في يناير/كانون الثاني.
ومنذ أول انتخابات متعددة شهدها العراق في 2005 بعد عامَين من الغزو الأميركي الذي أطاح بنظام صدام حسين، أصبح رئيس الوزراء شيعيا، وهو الممثل الفعلي للسلطة التنفيذية، ورئيس الجمهورية كُرديا، ورئيس مجلس النواب سنيا، بناء على نظام محاصصة بين القوى السياسية النافذة.