فيما يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إثارة المزيد من المفاجآت لدولة الاحتلال الإسرائيلي في سياسته الخارجية، فإن القناعة السائدة لديها أن المساعدات الأمنية ليست هي التي تضر باستقلالها، بل سلسلة من التوجهات السلبية التي تشكل أساس العلاقات مع الولايات المتحدة، مما يعني أن سهما إسرائيليا آخر آخذ في الانخفاض.



نائب رئيس منظمة "مايند" إسرائيل"، والمسئول السابق في مجلس الأمن القومي، أفنير غولوف، ذكر أن "ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ينهي زيارة ناجحة إلى واشنطن، فقد عرض عليها شراكة تكنولوجية، وفي المقابل طلب ضمانات دفاعية من إدارة ترامب، بل وحتى صفقة لشراء طائرات “إف35” الأمريكية المتطورة، مع أنه الأحدث في سلسلة من القادة الذين استجابوا لحقيقة أن إدارة ترامب لم تعد تبحث عن حلفاء لحمايتهم مقابل الحفاظ على النفوذ الأمريكي، بل يبحث عن شريك في صراعه الأكبر، ألا وهو التنافس التكنولوجي مع الصين".

وأضاف في مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، وترجمته "عربي 21" أن ابن سلمان فهم جيدا اتجاه الرياح، وأعاد حساب مسار علاقاته مع الولايات المتحدة، مما يدفع دولة إسرائيل لإعادة التفكير في المرحلة التالية من علاقاتها مع الولايات المتحدة، لأنه في أقل من عامين، سينتهي العمل بمذكرة التفاهم الأمني مع الولايات المتحدة، الموقعة في عهد إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، التي وعدت بتقديم مساعدات أمنية ضخمة بقيمة 38 مليار دولار تقريبا كل عقد".

وأشار أن هناك حاجة إسرائيلية للتفاوض مع واشنطن على تجديد وتحديث مذكرة التفاهم المشار إليها، وهي فرصة ذهبية لدولة إسرائيل لتحديث علاقاتها مع الولايات المتحدة، والحفاظ على تفوقها النوعي، لاسيما وأن إدارة ترامب الحالية من المرجح أن يحل محلها رئيس أقل تعاطفا معها في أوائل عام 2029، وتشير التقديرات أن تل أبيب ستواجه صعوبة في التوصل لاتفاقات بشأن تجديد المساعدات العسكرية في إطارها الحالي مع القيادة الأمريكية القادمة، بغض النظر عن الحزب الذي تنتمي إليه".

وأوضح أنه على خلفية العامين الماضيين، وفي أعقاب الحرب، تزايدت مؤخرا أصوات حركة النجعل أمريكا عظيمة مجددا" (MAGA)، وهي قاعدة الدعم السياسي للرئيس في الحزب الجمهوري، التي تدعي أن مذكرة التفاهم القادمة يجب أن تبدو مختلفة، وتعتقد مؤسسة هيريتيج المحافظة، وشخصيات مؤثرة بارزة في اليمين الأمريكي، أن "إسرائيل" الثمانينيات لم تعد كما كانت دولة قوية وغنية لا ينبغي أن تبقى محمية أمريكية بحاجة لمساعدات تقوض استقلالها، برأيهم، ولا تقدم عائدا كافيا لأمريكا نفسها".


وأضاف أنه "في الحزب الديمقراطي، تضرر دعم إسرائيل بشدة خلال الحرب، ونتيجة لذلك، تضرر دعم تجديد المساعدات الأمنية لها، دون اشتراط تغيير في السياسة الإسرائيلية تجاه الساحة الفلسطينية، وأفادت تقارير مؤخرا أن دولة إسرائيل اقترحت تحويل جزء من المساعدات إلى صندوق بحث وتطوير مشترك، لتمديد مذكرة التفاهم حتى عام 2048 الذكرى المئوية لقيامها، وهي مبادرة تتماشى مع توصيات مؤسسة هيريتيج".

وأشار أن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو صرح علنا بأن المساعدات الأمريكية تضر باستقلال الدولة، بما يتماشى مع تزايد الأصوات فيها التي تطالب بوقف المساعدات تدريجيا، وهنا يصيب منتقدو النهج الحالي في تزايد اعتمادها الاستراتيجي على الولايات المتحدة، وضرورة تغيير العلاقة بينهما، لكنهم يقدمون حلا جزئيا لن يسمح لها بالحفاظ على تفوقها النوعي في عصر التسلح الإقليمي، والمنافسة التكنولوجية المتسارعة".

وأوضح أنه من المهم التأكيد على أن المساعدات الأمنية ليست هي التي تضر بدولة إسرائيل بل سلسلة من الاتجاهات السلبية التي تُشكل أساس العلاقات مع الولايات المتحدة، لأن مخزون إسرائيل آخذ في التناقص، وإن فقدان مكانتها كإجماع ثنائي الحزبين الأمريكيين لصالح جبهة معادية عابرة للأحزاب، تتألف من التقدميين والانفصاليين والشباب، يهدد بترسيخ دولة إسرائيل كقضية حزبية في بداية عام انتخابي مزدوج؛ كما أن عزلتها الدولية المتزايدة في الغرب تعمق اعتمادها الاستراتيجي على الولايات المتحدة".

وأضاف أن "هذا الضرر بمكانة دولة إسرائيل في الإقليم والعالم خاصة في أعقاب الحرب أدى لتحييد مكانتها كبوابة إلى واشنطن للدول العربية، رغم حاجتها لتحالف تكنولوجي بينهما، واستثمارا مشتركا في التكنولوجيا المتقدمة في مجالات الحوسبة المتقدمة والذكاء الاصطناعي والرقائق والطاقة، وتعزيز الحماية في القانون ضد تسرب التكنولوجيا".

ودعا الكاتب لاستدراك المزيد من التدهور في علاقات تل أبيب مع واشنطن من خلال توقيع مذكرة تفاهم تكنولوجية منفصلة عن مذكرة التفاهم الأمنية، لتحقيق أربعة أهداف أولها ربطها بعمق بالبنية التحتية والنظام البيئي الأمريكي، والمساهمة بضمان ريادتها في تقنيات التكنولوجيا المتقدمة الحيوية لأمنها القومي، لأن إسرائيل تحتل المرتبة 45 عالمياً في البنية التحتية التكنولوجية، والمرتبة 46 في الاستثمارات الحكومية في التكنولوجيا، وثانيها إرساء هذه الشراكة الشراكة تكنولوجية إقليمية مع دول الخليج، بما يتماشى مع رؤية ترامب لتوسيع اتفاقيات التطبيع".


وأوضح أن الهدف الثالث يتمثل بالحفاظ على استمرار المساعدات الأمريكية في إطار مماثل للإطار الحالي، ومنع أي انخفاض أو توقف حاد لدعم إسرائيل لأن لهذه الخطوة تداعيات اقتصادية كبيرة، نظرا لضرورة الحفاظ على منجزات الحرب، والاستعداد لأي صراع مستقبلي، كما قد يفسر أعداء إسرائيل هذا القرار بأنه انتهاك للدعم الاستراتيجي الأمريكي له، وهو تطور قد يلحق ضررا بالغا بقوة الردع الإسرائيلية مستقبلا".

وختم بالقول إن "الهدف الرابع أن إنشاء هذه الشراكة قد يؤدي للارتقاء بمكانة إسرائيل الأمنية، كمنصة لاقتناء منصات متقدمة، وتحسين التطوير المشترك في مجال الدفاع الجوي، وبهذه الطريقة، يمكننا الحفاظ على تفوقنا التكنولوجي، وتعزيزه ضد منافسيه في المنطقة، في عصر تتآكل فيه بالفعل الميزة النوعية التقليدية بسبب ثورة الذكاء الاصطناعي، واستعداد إدارة ترامب لبيع أسلحة متطورة لشركائها في المنطقة، وقدرة دول مثل تركيا وإيران على الإنتاج الذاتي".

تأتي هذه السطور التي تعبر عن قلق إسرائيلي في عصر تقاس فيه التحالفات الاستراتيجية بالمنافع، وتشهد فيه العلاقات مع الولايات المتحدة تحولات تاريخية، تجد دولة إسرائيل نفسها مطالبة بإجراء تعديلات سريعة للتكيف مع الواقع المتغير، بحيث يمكن لها الانتقال من التبعية إلى الشراكة، والوصول إلى علاقة مستقرة وتقدمية ومستدامة مع الولايات المتحدة، خشية حدوث مزيد من التطورات المقلقة على مستقبل هذه العلاقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية ترامب الإسرائيلي نتنياهو إسرائيل نتنياهو تسليح ترامب صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع الولایات المتحدة مذکرة التفاهم دولة إسرائیل إدارة ترامب

إقرأ أيضاً:

الإمارات الثالثة عالميا في المساعدات الخارجية لعام 2025

 

 

 

أكد سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية رئيس مجلس أمناء مؤسسة إرث زايد الإنساني، على مواصلة دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، ريادتها العالمية في المجالات الإنسانية والتنموية، انطلاقا من رسالتها السامية وقيمها الحضارية نحو المساعدة والتضامن والتنمية والتعاون لخير البشرية جمعاء في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن الأصل أو العرق أو الدين أو العقيدة أو الملة أو الموقع الجغرافي.

جاء ذلك بمناسبة تصنيف دولة الإمارات كثالث أكبر مانح للمساعدات الإنسانية في عام 2025 بناء على نظام التتبع المالي لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “FTS UNOCHA”، حيث أوضح سموه بأن الإمارات ماضية قدما في الاستجابة الإنسانية العاجلة لمختلف الكوارث والأزمات ومواجهة التحديات المُلحة للتحفيف من معاناة المتأثرين جراء الحروب والصراعات في كل الظروف والأوقات، سيراً على النهج الإنساني الخالد للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، وترجمة للرؤية الملهمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، نحو التنمية والازدهار وتحقيق الأمن والاستقرار لمختلف الشعوب والمجتمعات بالشراكة مع المنظمات الدولية والجهات المحلية المعنية.

وأشار سموه إلى أن المساعدات الخارجية التي تقدمها دولة الإمارات في المجالات الإنسانية والتنموية والخيرية تُمثل عطاءً مستمراً لنهج إماراتي أصيل قيادةً وحكومةً وشعباً لمساعدة المحتاجين وإغاثة المنكوبين ومد يد العون للمتضررين بسبب الكوارث الطبيعية والأزمات الإنسانية، منوهاً سموه إلى التزام الدولة بمسؤولياتها الإنسانية الدولية عبر الاستجابة الفورية ومساعدة المجتمعات والشعوب المتأثرة من خلال تقديم كافة أشكال الدعم الإغاثي لتحقيق التعافي المبكر وضمان الحصول على الاحتياجات الأساسية من الغذاء الدواء والكساء والمأوى، فضلاً عن تنفيذ المبادرات والمشروعات والبرامج الإنسانية والتنموية متوسطة وطويل الأجل في القطاعات الحيوية لاسيما قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والطاقة والبنية التحتية وغيرها.

وبحسب نظام التتبع المالي لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “FTS UNOCHA”، بلغ إجمالي قيمة المساعدات الإنسانية لدولة الإمارات في عام 2025 مبلغ قدره (1.46 مليار دولار)، ما يُشكل 7.2% من إجمالي المساعدات الإنسانية الموثقة لدى منظمة الأمم المتحدة لجميع المساعدات التي تقدمها دول العالم البالغة (20.28 مليار دولار)، حيث جاءت دولة الإمارات في المرتبة الثالثة عالمياً بعد كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.

وتأتي مساعدات الإمارات الخارجية انسجاماً مع المبدأ التاسع من مبادئ الخمسين بشأن المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات كجزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً، إذ لا ترتبط المساعدات الإماراتية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة، كما أن الاختلاف السياسي مع أي دولة لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات.وام


مقالات مشابهة

  • الانتخابات العراقية تضع واشنطن وطهران في اختبار النفوذ
  • الإمارات الثالثة عالميا في المساعدات الخارجية لعام 2025
  • إثر مغادرته واشنطن.. ولي العهد يبعث برقية شكر لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية
  • ولي العهد يبعث برقية شكر لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية إثر مغادرته واشنطن
  • جي 42 تحصل على موافقة الولايات المتحدة لتصدير شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدّمة
  • ترامب: الولايات المتحدة تنوي بيع الأسلحة الأمريكية الأكثر تطورا للسعودية
  • زيارة بن سلمان لواشنطن تعزز العلاقات الأمريكية السعودية الشاملة
  • سمو ولي العهد ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية يوقعان اتفاقية الدفاع الإستراتيجية بين البلدين
  • رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يستقبل سمو ولي العهد في البيت الأبيض ويرأسان القمة السعودية الأمريكية