كيف يموت الإنسان بردا وماذا ينتظر سكان غزة في شتاء الحرب الثالث؟
تاريخ النشر: 25th, November 2025 GMT
يعيش سكان قطاع غزة الشتاء الثالث في ظل تأثير حرب الإبادة التي استمرت لأكثر من سنتين، بينما تزداد الأوضاع سوءًا في كل مرة بسبب الدمار الهائل في البنية التحتية والمنازل، ومعيشة معظم السكان في خيام مهترئة، وانعدام شبكات الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار.
والمناخ الشتوي في قطاع غزة بارد نسبيًا ورطب، وتتراوح درجات الحرارة عادة بين 7 و16 درجة مئوية خلال شهري كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير، وقد تنخفض ليلًا إلى أقل من 5 درجات في بعض الليالي.
تشهد المنطقة تساقط أمطار متوسطة إلى غزيرة أحيانًا، بمتوسط سنوي يتراوح بين 300 و400 ملم، تتركز غالبيتها في شهور الشتاء. وتؤدي الرياح الباردة القادمة من البحر المتوسط إلى زيادة الإحساس بالبرودة، خصوصًا في المناطق المكشوفة، ورغم أن هذا المناخ معتدل أو دافئ نسبيًا، إلا أنه يصبح كارثيًا في ظل تأثيرات الإبادة الإسرائيلية.
كيف يموت الإنسان بردًا؟
يتعرّض الجسم البشري للبرد القارس بفقدان حرارة أكبر من مقدرته على توليدها، وعندما تنخفض حرارة الجسم المركزي إلى أقل من 35 درجة مئوية يُصنّف ذلك كـ"انخفاض حرارة - Hypothermia" وينذر بخطورة مباشرة.
وتُقسم درجات انخفاض الحرارة طبيًّا إلى ثلاث: خفيفة عند 32–35 درجة مئوية، ومتوسطة عند 28–32 درجة، وشديدة عندما تكون أقل من 28 درجة.
الطفل السادس خلال أيام …
توفي طفله الرضيع من شدة البرد القارس في غزة، وسط ظروف قاسية فرضتها حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال.
جمعة البطران، الذي فقد عددًا من أقاربه نتيجة استهدافات الاحتلال، يعيش اليوم مأساة أخرى بفقدان طفله الرضيع الذي لم يحتمل برودة الشتاء في ظل انعدام مقومات… pic.twitter.com/wQ5ZUPD0Ye — الحـكـيم (@Hakeam_ps) December 29, 2024
وتبدأ الأعراض بالارتجاف الشديد والتنميل في الأطراف وشحوب الجلد، ثم تعب عام وضعف التنسيق الحركي، ومع استمرار التعرّض إلى البرد تتوقف رجفات الجسم تدريجيًا، وينخفض معدل ضربات القلب والتنفس حتى الغيبوبة.
وإذا تُرِكَ الإنسان دون تدفئة، فإن وظائف القلب والرئتين تتعطل وقد يتوقف الجسد عن الأداء الحيوي مهدِّدًا للحياة، بحسب مجلة "جاما" الطبية الأمريكية.
وبعد نحو 50 يومًا من وقف إطلاق النار، لم يتحسن الواقع الإنساني في قطاع غزة، ولم يتم إدخال مواد غذائية هامة أو مسائل لإيواء الناس من الشتاء المقبل، سواء المنازل المؤقتة "كرافانات" أو خيام ومظلات مسطلة، إلا بكيمات شحيحة وقليلة جدا ولبعض هذه المستلزمات البسيطة جدا.
ومنذ بدء سريان وقف إطلاق النار، لم يدخل إلى قطاع غزة سوى أقل من 5000 شاحنة، من أصل 15,600 شاحنة كان يفترض وصولها وفق الترتيبات الإنسانية، أي بنسبة لا تتجاوز 30 بالمئة، وهذا العجز الكبير يعكس استمرار سياسة الخنق التي يتبعها الاحتلال.
ولا يتجاوز متوسط عدد الشاحنات التي تدخل غزة يوميًا 200 شاحنة، رغم أن البروتوكول الإنساني ينص على 600 شاحنة يوميًا لتلبية الاحتياجات الأساسية للغذاء والدواء والوقود، هذا الفارق الحاد يؤكد استمرار ضغط الاحتلال على السكان عبر التحكم في سلاسل الإمداد.
سوء التغذية وضعف المناعة
يُضعف سوء التغذية قدرة الجسم على توليد الحرارة والمناعة، ما يزيد من خطر انخفاض الحرارة والمضاعفات، كما أن الأطفال الذين تعرّضوا لسوء التغذية ينقصهم مخزون الطاقة والدهون اللازم للحفاظ على دفء أجسامهم، وانخفاض حرارة الجسم عند الأطفال يزداد بسبب نقص مخازن الطاقة.
لجوانب أخرى عن تبعات الإبادة الإسرائيلية: "إطعام قاتل".. كيف تمنع "إسرائيل" علاج سوء التغذية بعد مجاعة غزة؟
ويتسبّب نقص الغذاء في تراجع عمل الجهاز المناعي، فيصبح الجسم أكثر عُرضةً للعدوى والأمراض، وحذّرت مؤسسة "إنقاذ الطفل - Save the Children" من أن البرد الطويل يُضعف مناعة الطفل، ويشكّل مع سوء التغذية مزيجًا قاتلًا.
وبالمثل، أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" أن الأطفال في غزة يعانون من مناعة مُقعَّدة بسبب نقص الغذاء لأشهر طويلة، مما يجعل قدوم فصل الشتاء القارس أمرًا مميتًا في ظل افتقارهم للمأوى والتدفئة.
وزارة الصحة: وفاة الرضيع يوسف أحمد أنور كلوب (35 يومًا) نتيجة البرد القارس الذي يضرب قطاع غزة، ليرتفع إجمالي الوفيات بسبب البرد إلى 8 حالات حتى الآن. pic.twitter.com/YrA5ZrP4Yq — Islam bader (@islambader_1988) January 6, 2025
وطبقًا للدراسات الطبية، فإن أصحاب الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب وكبار السن وذوي المناعة الضعيفة هم أكثر ميلًا للإصابة بانخفاض الحرارة، كما أن الأمراض المعدية المنتشرة كالالتهابات التنفسية والإسهالات تُنهك الجسم وتُضعفه، فلا يستطيع مقاومة البرد بسهولة.
وحذّرت تقارير صحية من أن فصل الشتاء سيصاحبه ارتفاع في حالات الالتهاب الرئوي والأمراض المنقولة بالمياه، خصوصًا بين الرضع والأطفال الصغار.
ويُضعف هذا العبء الصحي الإضافي قدرة الجسم على التدفئة الذاتية ويزيد حالات الوفيات المرتبطة بالبرد والشتاء، في ظل انهيار الخدمات الصحية.
الخيام
تؤدي الظروف المعيشية الرديئة إلى تفاقم مخاطر البرد كثيرًا، يعيش معظم السكان النازحين في غزة داخل خيام خفيفة من النايلون والبطانيات والأقمشة الخفيفة، أو ملاجئ مؤقتة لا تعزل الحرارة ولا تحمي من الرطوبة.
وفاة الحكيم أحمد الزهارنة الذي يعمل في مستشفى غزة الأوروبي ومستشفى الصليب الأحمر الميداني نتيجة البرد القارس حيث عثر عليه جثة هامدة داخل خيمته في منطقة المواصي غربي مدينة خانيونس جنوبي القطاع. pic.twitter.com/DOie3FDKUj — حسن اصليح | Hassan (@hassaneslayeh) December 27, 2024
وبحسب التقارير المحلية والدولية، فإن الأمطار أغرقت آلاف الخيام بالمياه الملوثة بالصرف الصحي، وتُرك الأطفال نائمين في ملابسهم المبتلّة، مما يزيد احتمال الإصابة بالأمراض.
ووَظّفت مختلف منظمات حقوق الإنسان الأممية والدولية أن الخيام المتهالكة التي امتدّت الإقامة فيها عامين لا تقف أمام عواصف الشتاء والأمطار، ويُقدَّر أن نحو 700,000 طفل يعيشون في خيام مُنحلّة بعد دمار المساكن، ما يجعلهم معرّضين للبرد والأمراض.
ويُعاني العديد من الأطفال الآخرين من أمراض تنفسية وإسهالات حادة بسبب البرد والرطوبة المستمرة، وهي حالات تتفاقم بسبب تأثيرات المجاعة السابقة وسوء التغذية.
ظروف شتاء غزة
يتميّز مناخ غزة بأنه متوسّطي معتدل في الشتاء، حيث تتراوح درجات الحرارة في كانون الثاني/ يناير عادة بين 9 درجات مئوية كحدّ أدنى و18 درجة كحدّ أقصى، إلا أن قساوة حرب الإبادة والفقر حوّلت هذه الظروف إلى تهديد مباشر: إذ يتعرّض النازحون لعواصف شديدة وتنخفض الحرارة أحيانًا إلى ما دون الصفر لعدة ليالٍ متوالية.
وتُسهم هذه العوامل في تفاقم الأزمة الصحية في غزة. تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى تراجع الخدمات الطبية حتى "على حافة الانهيار"؛ فالمستشفيات العاملة تعمل فوق طاقتها مع نفاد الوقود وتوقّف إمدادات المياه.
حصيلة الشهداء بردًا
أفاد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن 17 شهيدًا قضوا منذ بداية الحرب بسبب البرد في مخيمات النزوح القسري، منهم 14 طفلًا، وهو ما تمكّن من توثيقه فقط في الأماكن التي استطاع الوصول إليها، علمًا أن الكثير من المناطق التي لم يُنسحب منها الاحتلال ظلّت بدون أي توثيق حتى الآن.
"تجمداً حتى الموت"..
خمسة أطفال بعمر الورود ماتوا برداً داخل خيّام النازحين مع بداية الشتاء القاسية في قطاع غزة، في أقل من شهر.
- الطفلة الرضيعة عائشة القصاص (21 يوماً)
- الطفل الرضيع علي عصام صقر (23 يوماً)
- الطفل الرضيع علي حسام عزام (4 أيام)
- الطفلة الرضيعة سيلا الفصيح… pic.twitter.com/ET41U1BiT1 — هيئة علماء فلسطين (@palscholars48) December 29, 2024
وبلغت حصيلة الشهداء منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أكثر من 69 ألفًا و775 شهيدًا، و170 ألفًا و965 مصابًا، مع تقديرات بوجود نحو 9500 فلسطيني مفقودين، إما تحت الأنقاض، أو لا يزال مصيرهم مجهولًا جراء الإبادة الإسرائيلية.
وبلغ عدد الشهداء الأطفال من هذه الإحصائية أكثر من 20 ألف طفل، منهم 1015 طفلًا كانت أعمارهم أقل من عام واحد، وأكثر من 450 رضيعًا وُلِدوا واستشهدوا خلال حرب الإبادة الجماعية.
وتضمّنت الإحصائية أكثر من 154 طفلًا استُشهدوا جوعًا نتيجة الحصار الخانق ومنع الاحتلال إدخال الطعام وحليب الأطفال، و14 طفلًا استُشهدوا بسبب البرد داخل مخيمات النزوح القسري، في ظل انعدام المأوى والملابس ووسائل التدفئة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية غزة الشتاء البرد غزة البرد الشتاء المطر المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرب الإبادة سوء التغذیة بسبب البرد قطاع غزة pic twitter com أکثر من أقل من فی غزة
إقرأ أيضاً:
«احمي طفلك من نزلات البرد».. أفضل الوصفات الدافئة لمناعة أقوى
يبدأ الأطفال في مواجهة تحديات صحية تتمثل في زيادة خطر الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا، وذلك في ظل التقلبات الجوية التي نشهدها، ولذلك يجب حماية اللأطفال من هذه الفيروسات وتعزيز مناعتهم.
أكلات تقوى المناعة للاطفال- الزبادي:
يعد الزبادي مصدر البروبيوتيك فيما يعرف بالبكتيريا النافعة التي تُساعد على توازن الأمعاء، حيث يوجد الجزء الأكبر من جهاز المناعة، يُفضل تقديم الزبادي العادي غير المُحلى.
- الحمضيات:
تحتوي الحمضيات على فيتامين سي الذي يعزز المناعة، ويمكن تقديمه بكوب من الماء الدافئ مع الليمون لطفلك.
- الكركم:
يُعرف الكركم بخصائصه القوية المضادة للالتهابات وذلك لإحتوائه على مادة الكركمين، يمكن إضافة رشة منه إلى الحليب الدافئ أو أطباق الأرز.
- اللوز:
يحتوي اللوز على فيتامين هـ، ودهون صحية، ومضادات أكسدة، مما يجعله وجبة خفيفة مثالية لتعزيز المناعة، ويمكن تقديمه كوجبة مستقلة، أو مزجه مع العصائر ودقيق الشوفان.
- السبانخ:
تعد السبانخ دراع واقي لإحتوائها على بالحديد، وفيتامين ج، والبيتا كاروتين، مما يعزز قدرة الجسم على محاربة العدوى.
- الثوم:
يعد الثوم مضاد حيوي طبيعي ويتميز بخصائص قوية مضادة للميكروبات، يمكنك إضافته إلى الحساء، أو الأطباق المطهوة لتقوية مناعة طفلك.
- البيض:
يُوفر البيض بروتينًا كاملًا وفيتامين ب12 والزنك، وهي عناصر حيويةتعمل على تقوية المناعة.
- الجزر والبطاطا الحلوة:
الجزر والبطاطا الحلوة مصدران غنيان بالبيتا كاروتين، الذي يتحول في الجسم إلى فيتامين أ، هذا الفيتامين يساعد على حماية الأغشية المخاطية في الجسم من العدوى.
- التوت:
يُمكن إدراج التوت ضمن أطعمة تقوي المناعة للأطفال لإحتوائه على مضادات أكسدة، يمكن إضافته إلى العصائر، أو الزبادي للحصول على فوائده.
أفضل المشروبات لتقوية المناعة عند الأطفال- مشروب الليمون الدافئ بالعسل.
- مشروب الزنجبيل الخفيف.
- شاى البابونج.
- عصير البرتقال الطازج.
- مشروب القرفة بالحليب.
- ماء دافئ بنقطة عسل، .
- مشروب الكمون الدافئ.
- مغلى النعناع الخفيف.
اقرأ أيضاًالوقاية خير من العلاج.. 7 نصائح لحماية طفلك من البرد والانفلوانزا الموسمية
لمنع الإصابة بالفيروسات التنفسية.. الصحة توجه رسائل مهمة لطلاب المدارس
مشروبات للوقاية من نزلات البرد في فصل الشتاء