فصلٌ جديد في الجغرافيا السياسية.. قراءة عميقة لزيارة ولي العهد لأمريكا
تاريخ النشر: 26th, November 2025 GMT
اتسمت زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- إلى الولايات المتحدة بلحظة سياسية ممتلئة بالتعقيد والتحول، ليس فقط علي المستوي الإقليمي، بل علي مستوى النظام الدولي بأسره، وقد بدت الزيارة الأخيرة، التي تكللت بالنجاح، الذي لاقي صدى واسعًا بجميع دول العالم، تتجاوز طابع البروتوكول الدبلوماسي المعتاد، فقد أصبحت حدثًا ذا دلالة سياسية عميقة يعيد رسم ملامح الدور السعودي في المنطقة والعالم، ويعكس بلا مواربة براعة الأمير الشاب، الذي استطاع أن يضع بلاده في قلب المشهد الجيوسياسي العالمي، فمنذ تولي ولي العهد زمام المبادرات الكبرى في المملكة، أثبت الأمير الشاب محمد بن سلمان قدرة لافتة علي إدارة الملفات الشائكة ببراغماتية محسوبة ورؤية إستراتيجية طويلة الأمد، وفي زيارته الأخيرة لواشنطن، بدا واضحًا أنه لا يتحرك من موقع الباحث عن اعتراف أو دعم، بل من موقع الشريك الذي يملك أوراق قوة حقيقية، فهو شريك يدرك حجم تأثير بلاده في معادلات الطاقة، والاستثمار، والتحالفات الأمنية التي تشكل العمود الفقري للعلاقات الدولية، فقد تم الإعلان عن رفع الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة من 600 مليار دولار إلى نحو 1 تريليون دولار، بينما تم توقيع اتفاقات دفاعية تتضمن شراء 48 مقاتلة من طراز إف-35 وحوالي 300 دبابة M1 Abrams، كما أُبرم ميثاقًا للتعاون في الطاقة النووية المدنية؛ بما يرسخ مكانة المملكة في قطاع الطاقة المتقدمة، ويعزز استقلالها الاقتصادي والتكنولوجي، أحد أبرز ملامح هذه الزيارة هو الرسالة الضمنية التي حملتها المملكة فهي ليست الدولة التي تنتظر إملاءات من القوى الكبرى، بل دولة تصوغ خياراتها وفق مصالحها الوطنية أولاً، وتدير تحالفاتها وفق ميزان الندية لا التبعية، وقد ظهر ذلك في لغة الخطابات، وفي الملفات التي تم التفاوض بشأنها، بدءًا من مستقبل الطاقة النظيفة، مرورًا بالاستثمارات التقنية، انتهاءً بملف الأمن الإقليمي، الذي لا يمكن لأي قوة عالمية تجاهله في حضور الرياض، لقد كشفت تلك الزيارة عن شخصية سياسية ناضجة، تجمع بين الجرأة في اتخاذ القرار والحنكة في قراءة التحولات الدولية، فالأمير الشاب يدرك جيدًا أن النظام العالمي يشهد إعادة تشكيل عميقة، وأن لحظة الانتقال هذه تحتاج إلي لاعب يمتلك القدرة علي المناورة، وحسن التوقيت، والدقة في بناء التحالفات التي تحافظ على توازن القوي، وقد بدا أن واشنطن نفسها تتعامل مع المملكة اليوم؛ بوصفها مركز ثقل لا يمكن تجاوزه، لا سيما في ظل المنافسة الدولية المحتدمة، من المهم الإشارة إلي أن الزيارة لم تكن مجرد محادثات سياسية، بل منصة أكد فيها الأمير محمد بن سلمان صورة جديدة للمملكة فهي دولة تتقدم بثقة، بتنوع اقتصادها، وتعيد صياغة مفهوم القوة الناعمة من خلال الانفتاح، والاستثمار، وصناعة المستقبل، وقد أثبتت الزيارة الأخيرة أن براعة الأمير محمد بن سلمان ليست نتاج حظ سياسي، بل ثمرة رؤية واعية تجعل من المملكة لاعبًا رئيسيًا في عالم يتغير.
NevenAbbass@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: محمد بن سلمان
إقرأ أيضاً:
الربيعة: المملكة حريصة على حماية حقوق التوائم الملتصقة وضمان اندماجهم المجتمعي
أكّد المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة أن اعتماد يوم 24 من نوفمبر يومًا عالميًا للتوائم الملتصقة من قبل الأمم المتحدة بمبادرة من المملكة العربية السعودية وبدعم كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- جاء ليؤكد على المكانة الدولية المرموقة للمملكة وعلى حرصها الدائم للعناية بالصحة العامة، واهتمامها بحماية حقوق التوائم الملتصقة لضمان اندماجهم الاجتماعي ورعايتهم بما يتماشى مع الأهداف العالمية للصحة والتنمية.
جاء ذلك خلال الحدث الذي أقيم في مدينة نيويورك بمناسبة اليوم العالمي للتوائم الملتصقة تحت شعار: "من الأقوال إلى الأفعال: عالم مستعد لدعم التوائم الملتصقة والأطفال ذوي الإعاقة"، بتنظيم مشترك من مركز الملك سلمان للإغاثة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، بحضور المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة السفير الدكتور عبدالعزيز الواصل.
وأردف أن الأطفال ذوي الإعاقة هم من أكثر الفئات تهميشًا وضعفًا على مستوى العالم، وغالبًا ما يكونون من بين الأكثر تضررًا خلال الأزمات في ظل افتقار الكثير من الأنظمة الصحية إلى القدرة على تشخيص الحالات الطبية المعقدة وعلاجها وإدارتها؛ وهو ما قد يسبب تحديات بدنية ونفسية وأعباء مالية إضافية للأطفال وأسرهم، كما يتسبب بانهيار الأنظمة خلال الأزمات في حرمان الأطفال ذوي الإعاقة من إمكانية الوصول إلى الأجهزة المساعدة وبيئات التعلم المتخصصة والدعم الأساسي والخدمات العلاجية التي يحتاجون إليها.
وبين أن المملكة العربية السعودية أولت جراحات فصل التوائم الملتصقة اهتمامًا كبيرًا نظرًا لتعقيدات الالتصاق وما يتطلبه ذلك من إمكانية استثنائية، لرفع معدلات ونسب احتمالات نجاح عملية فصل التوائم جراحيًا التي تعتمد في المقام الأول على مكان التصاق الطفلين والأعضاء المشتركة بينهما.
واستذكر أن المملكة أسست البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة عام 1990م لتشخيص وعلاج ورعاية التوائم الملتصقة، حيث تمكن البرنامج منذ تأسيسه من تقييم (152) حالة من (28) دولة موزعة على (5) قارات، وأجرى بنجاح (67) عملية فصل معقدة، معرجًا إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لرعاية التوائم الملصقة وعائلاتهم بعد الجراحة، وبخاصة توفير الخدمات الطبية والتأهيلية والنفسية اللازمة لهم، وضمان تكافؤ فرص حصولهم على التعليم.
وفي ختام كلمته أوضح المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة الدكتور عبدالله الربيعة أنه من خلال إدراكنا لمسؤوليتنا المشتركة والتزامنا القوي يمكننا تعزيز الأطر الشاملة وضمان الوصول إلى الرعاية المتخصصة، والقضاء على الوصمة الاجتماعية، وتعزيز دعم الأسرة، لضمان حصول جميع الأطفال بغض النظر عن تحدياتهم الجسدية، على فرصة متساوية، ليس فقط للبقاء على قيد الحياة، بل للازدهار، أملًا أن تؤدي المناقشات إلى تجديد الأمل وتحقيق أفضل النتائج الممكنة لجميع الأطفال ذوي الإعاقة.
أخبار السعوديةآخر أخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.