يرى جوني أنه حزب الله "لم يستعد عافيته" كما يدعي قادته، ويعزو ذلك إلى أن التنظيم "محاصر بشكل مطبق من سوريا ولا يمتلك حرية العمل داخل لبنان" نتيجة الأحداث العسكرية والسياسية الأخيرة.

بعيدًا عن الأجواء الروحية التي رافقت زيارة البابا ليو الرابع عشر إلى لبنان، لا تزال قضية القنبلة غير المنفجرة في الضاحية الجنوبية لبيروت تتفاعل على نطاق واسع، مُثيرةً سيلًا من التساؤلات.

ويأتي ذلك بعد أن ذكرت صحيفة "معاريف" العبرية أن الولايات المتحدة "وجهت طلبًا عاجلًا إلى الحكومة اللبنانية تطالبها باستعادة القنبلة الذكية غير المنفجرة، خشية وقوعها بين أيدي دول منافسة، مثل روسيا أو الصين، مما قد يمكنها من الوصول إلى تكنولوجيا عسكرية متقدمة".

ويدور الحديث حول قنبلة انزلاقية ذكية من طراز GBU-39B، صنعتها شركة "بوينغ" الأمريكية، واستخدمها سلاح الجو الإسرائيلي في الغارة التي استهدفت رئيس أركان حزب الله، هيثم علي طبطبائي، قبل أيام.

في غضون ذلك، تُثير غرابة الحدث وعدم سابقته تساؤلات حول نوع القنبلة وأسرارها، واحتمال أن تشكل خطرًا على المدنيين في الضاحية، وما إذا كانت الحكومة اللبنانية ستُعيدها "مجانًا" لواشنطن دون استخدامها كورقة تفاوض.

كما تطرح تساؤلات حول ما إذا يمكن للقنبلة أن تشكل غنيمة استخباراتية لحزب الله، الذي يواجه ضغوطًا كبيرة ويسعى لاستعادة توازنه الأمني في ظل ترقّب تصعيد إسرائيلي محتمل بعد انتهاء زيارة الحبر الأعظم.

نشابة: واشنطن تتوقع من عون أن يكون وفيًا

في هذا السياق، يقول الدكتور عمر نشابة، الباحث والأكاديمي المتخصص في العدالة الجنائية وحقوق الإنسان، لـ"يورونيوز" إنه إذا ثبتت صحة الأنباء، "فمن المستهجن بداية أن تتقدم أمريكا بطلب وقح كهذا إلى الحكومة اللبنانية"، على اعتبار أن "مرتكب الجريمة يطالب باسترداد أداة الجريمة بعد ارتكابها، لا سيما بعد ظهور خلل فيها" وفق تعبيره.

ويشير نشابة إلى أن اتفاقيات جنيف الأربع التي تشكل القانون الدولي الإنساني تؤكد أن ما حصل "يرتقي لأن يكون جريمة حرب مضاعفة لأن الاستهداف وقع في منطقة مدنية واثناء سريان اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي جرى توقيعه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024".

الرئيس اللبناني جوزاف عون يلتقي نائبة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس في قصر بعبدا في 28 تشرين الأول 2025. Lebanese Presidency Press Office/AP

ويرى الخبير في القانون الدولي أن "مطالبة الأمريكيين بالقنبلة تأتي في إطار سياسي، ونابعة من شعور أمريكي بأن السلطة في لبنان صديقة لأمريكا".

ويتابع : "لذلك، تتوقع واشنطن أن تكون بيروت حريصة على مصالح أمريكا وعلى الحفاظ على الأسرار العسكرية الإسرائيلية، باعتبار أن واشنطن تنظر إلى الجيش اللبناني كحليف، وأن كثيرًا من ضباطه، بمن فيهم رئيس الجمهورية جوزاف عون عندما كان قائدًا للجيش، تلقوا تدريبات في كليات عسكرية أمريكية". وبحسب تعبيره، فإن أمريكا تتوقع من عون أن "يكون له وفاء للمؤسسات التي تخرج منها".

هل يمكن أن تنفجر القنبلة فجأة؟ وما سرّها؟

من جهته، يعلّق الخبير العسكري حسن جوني، والعميد الركن المتقاعد في الجيش اللبناني، في حديثه مع "يورونيوز" على أن ما جرى "حدث غريب ولافت" ويؤكد أن هناك "استحالة لانفجار القنبلة الذكية حاليًا دون سبب خارجي، لأن عطبًا ما حال دون انفجارها، إلا إذا عمدت واشنطن أو تل أبيب إلى 'اغتيال' القنبلة نفسها للتخلص من ضررها الاستخباراتي المحتمل".

ويضيف: "القنبلة مزودة بنظام توجيه GPS متطور، يمكن تشبيهه بأنه عقل القنبلة، تحرص أمريكا على ألا تتسرب آلية عمله إلى جهات منافسة مثل روسيا أو الصين أو حتى إيران، كي لا تتحول إلى غنيمة تكنولوجية يمكن استنساخها أو تحليلها، مما يفقدها سرّيتها".

وتفيد التقارير بأن الولايات المتحدة بدأت تطوير هذه القنبلة في أواخر القرن العشرين، وتصفها شركة "بوينغ" بأنها قنبلة "آمنة" لقدرتها على تدمير الهدف من الداخل دون إلحاق أضرار جسيمة بمحيطه.

قنبلة GBU-39 صغيرة القطر في منطقة تخزين الذخائر بقاعدة العديد الجوية في قطر، في 27 تشرين الثاني 2020 صورة من الحرس الوطني الجوي الأميركي بعدسة الرقيب جوردان مارتن

وبحسب موقع سلاح الجو الأمريكي، تتميز القنبلة بالتالي:

دقة عالية وأضرار جانبية قليلة: تحمل القنبلة ذخيرة موجهة بوزن 250 رطلًا، وتتمتع بقدرة على إصابة أهداف متعددة بدقة، مع تقليل الأضرار الجانبية المحتملة. مدى موسّع يفوق 40 ميلًا بحريًا: يتيح لها الاشتباك مع الأهداف من مسافات بعيدة وفي جميع الأحوال الجوية، ليلًا ونهارًا. حاضن ذكي يحمل أربع قنابل: يستخدم نظام SDB القادر على حمل أربع ذخائر موجهة، ما يزيد عدد الأهداف التي يمكن ضربها في طلعة واحدة. مرونة في الإطلاق والتوجيه: تُحمّل إحداثيات الهدف قبل الإطلاق على الأرض أو في الجو، وتعتمد القنبلة على نظامي GPS وINS للملاحة الذاتية حتى الإصابة. فعالية عالية وجهد لوجستي قليل: يساهم النظام في رفع الحمولة القتالية للطائرات، وتسريع تجهيزها للطلعات، وتقليل العبء اللوجستي. Related حزب الله يوجّه رسالة إلى بابا الفاتيكان.. وواشنطن تكثّف ضغوطها في ملف السلاحالجيش الإسرائيلي يتهم "يونيفيل" بتسريب معلومات عسكرية حساسة لحزب الله ويعتبرها "قوة مزعزعة"واشنطن تستنفر لاستعادة قنبلة متطورة من الضاحية الجنوبية لبيروت.. وإسرائيل تترقب هجومًا من "المحور" من يمتلك القنبلة الآن؟

يُغذّي الغموض حول الجهة التي تمتلك القنبلة حاليًا العديد من السيناريوهات. يرى مراقبون أن الحكومة اللبنانية قد تتسرع في تسليمها لواشنطن دون مقابل، رغم أنه يمكن استخدامها كورقة ضغط في ملفات مثل تبادل الأسرى أو تحسين شروط اتفاق وقف إطلاق النار. فيما يتساءل آخرون عما إذا كانت قد وقعت في يد حزب الله، وكيف يمكن أن يستفيد منها، خاصة أن "إسرائيل استخدمت هذا النوع من القنابل في عمليات اغتيال ضد مقاتليه وقادته"، وفقًا لجوني.

ومع ذلك، يؤكد الخبير العسكري أن جميع الأطراف الداخلية والخارجية تتعاطى مع الحدث "بسرية تامة"، قائلًا: "موقع القنبلة الحالي ومَن يسيطر عليها غير معلومين".

ويشرح جوني: "لمعرفة ما إذا كان بإمكان حزب الله المقايضة بالقنبلة، علينا أولًا التأكد من أنها وقعت فعلًا بين يديه". ويرجح أن تكون القنبلة حاليًا في حوزة الجيش اللبناني.

ويضيف: "عند حصول الاستهداف، كان عناصر الحزب أول المتدخلين نظرًا لمكان الحادث (الضاحية) وأهمية الشخص المُستهدف".

لكن الخبير العسكري لا يعتقد أن "حزب الله لديه القدرة الفنية على التعامل مع صاروخ غير منفجر بهذا التعقيد، لذلك قد تم الاستعانة بمتخصصين من الجيش". ويُلفت إلى أن الأمر مرتبط بـ"عقيدة تعامل الحزب مع حدث استثنائي بهذه الأهمية".

ويتابع: "من الممكن ألا يدرك أحد في البداية الأهمية الاستخباراتية لهذا الصاروخ غير المنفجر، ولذلك قد يكون الحزب لجأ إلى الجيش اللبناني للتخلص من العبء، كما قد يجري في الحالات العادية".

أما إذا كان الصاروخ قد وقع فعلاً في يد حزب الله، فيعتبر جوني أنه "من الممكن أن يشكل مصدر قوة نسبيًا في التفاوض، كما يمكن أن يشكل في الوقت نفسه عبئًا ومصدر تهديد".

ينتشر جنود الجيش اللبناني على طول الطريق استعداداً لوصول البابا ليون الرابع عشر إلى بيروت، لبنان، الأحد، 30 تشرين الثاني 2025. Bilal Hussein/ AP تصعيد إسرائيلي بعد انتهاء زيارة البابا؟

يعيش لبنان على صفيح ساخن، فيما تتجه الأنظار نحو انتهاء زيارة البابا، التي قد تتبعها تصعيدات إسرائيلية على خلفية التقارير التي تتحدث عن "استعادة حزب الله لعافيته"، وعدم رضا واشنطن عن أداء الجيش اللبناني في ملف نزع السلاح.

مع ذلك، يرى جوني أن حزب الله "لم يستعد عافيته" كما يدعي قادته، ويعزو ذلك إلى أن التنظيم "محاصر بشكل مطبق من سوريا ولا يمتلك حرية العمل داخل لبنان" نتيجة الأحداث العسكرية والسياسية الأخيرة.

لكنه يعتبر أن الإعلان عن "استعادة العافية" كان يهدف إلى الردع والتعويل على أن إسرائيل قد تتوانى عن مهاجمة الحزب. ويؤكد أن هذا الخطاب كان "خاطئًا حتى لو تضمن شيئًا من الحقيقة، لأنه جاء في لحظة أحرجت الدولة اللبنانية في المقام الأول".

ويتابع: "خطاب الحزب ساهم في إنتاج مناخ دولي داعم لإسرائيل فيما يتعلق باستعادة الحرب على لبنان"، ويرجح أن يحصل التصعيد الإسرائيلي فعليًا بعد انتهاء زيارة البابا، معتبرًا أن تسريبات الإعلام العبري مهّدت الجمهور لمثل هذه اللحظة. لكنه يشدد في الوقت نفسه على أن الحزب يعمل جاهدًا لاستغلال كل دقيقة من الوقت لتحصين نفسه من الناحية الدفاعية.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل الذكاء الاصطناعي سوريا الصحة روسيا دونالد ترامب إسرائيل الذكاء الاصطناعي سوريا الصحة روسيا واشنطن أسلحة حروب إسرائيل حزب الله لبنان دونالد ترامب إسرائيل الذكاء الاصطناعي سوريا الصحة روسيا فنزويلا نيكولاس مادورو حروب أوروبا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سمنة مفرطة الحکومة اللبنانیة الجیش اللبنانی زیارة البابا انتهاء زیارة ما إذا کان حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

أميركا تتحرك لاستعادة قنبلة من لبنان خوفا من وصولها لروسيا والصين

نيويورك - صفا

وجهت الولايات المتحدة الأميركية طلبا عاجلاً إلى الحكومة اللبنانية لإعادة قنبلة "جي بي يو 39″، كانت "إسرائيل" قد أطلقتها على بيروت ولكنها لم تنفجر، وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية.

ونشرت صحيفة جيروزالم بوست تقريرا ذكرت فيه أن القنبلة غير المنفجرة تم استخدامها قبل أيام من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي في عملية اغتيال القائد العسكري لحزب الله هيثم علي الطبطبائي، ولكنها لم تنفجر.

ونقلت عن تقارير لبنانية أن المسؤولين الأميركيين يخشون من سقوط القنبلة في أيدي الروس أو الصينيين.

المخاوف الأميركية

من جهتها، نقلت صحيفة معاريف العبرية، عن مصادر مطلعة لم تسمها، أن الحديث يدور عن قنبلة انزلاقية ذكية من طراز "جي بي يو- 39 بي" تصنّعها شركة بوينغ الأميركية، استخدمها سلاح الجو الإسرائيلي بالغارة التي استهدفت هيثم علي طبطبائي، الذي يقدَّم باعتباره رئيس أركان حزب الله، داخل معقل الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وأضافت الصحيفة -وفقا لوكالة الأناضول- أن القنبلة، وعلى الرغم من إطلاقها في إطار عملية الاغتيال، لم تنفجر لسبب لم يتضح بعد، وبقيت سليمة نسبيا في موقع الهجوم، مما أثار قلقا في واشنطن من أن تتمكن أطراف أخرى، وعلى رأسها روسيا والصين، من الوصول إليها ودراسة تكنولوجيتها.

وأشارت إلى أن القنبلة تحتوي على رأس حربي فعّال بشكل استثنائي نسبة إلى وزنها، إضافة إلى منظومات توجيه وتكنولوجيا لا تتوافر حاليا لدى موسكو أو بكين، بحسب ما نقلته الصحيفة عن مصادر لم تسمّها، مما يجعل استعادتها أولوية بالنسبة للولايات المتحدة.

وكان حزب الله قد أعلن قبل أيام مقتل طبطبائي في الغارة ذاتها، إلى جانب 4 من عناصره في لبنان، وفق المصدر ذاته.

ولم يصدر حتى الساعة تعقيب من الجانبين اللبناني أو الأميركي حول ما ذكرته الصحيفتان الإسرائيليتان.

ومنذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته على لبنان واغتال قبل أيام القيادي الكبير في حزب الله هيثم الطبطبائي، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، الموقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مع تسريبات إعلامية عن خطط لشن هجوم جديد على البلد العربي.

وأنهى اتفاق وقف إطلاق النار عدوانا بدأته إسرائيل على لبنان في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتحول في سبتمبر/أيلول 2024 إلى حرب شاملة، وأسفر عن مقتل أكثر من 4 آلاف شخص وإصابة نحو 17 ألفا آخرين.

معلومات عن جي بي يو 39

يذكر أن "جي بي يو 39" قنبلة أميركية الصنع، وهي من نوع جو أرض، موجهة ودقيقة، تم تطويرها أواخر تسعينيات القرن الـ20، صنعتها شركة بوينغ وأدخلتها الخدمة الفعلية أوائل القرن الـ21، تسمى القنبلة "الآمنة" لأنها تدمر فقط الهدف من الداخل دون إلحاق أضرار بالجوار، حسب ما تقول الجهة المصنعة.

وتم تصميم هذه القنبلة الصغيرة الحجم وذات الفعالية العالية لتكون جزءا من النظام العسكري الحديث الذي يتيح للطائرات حمل عدد أكبر من القنابل الذكية.

وهي قنبلة مخصصة لاختراق التحصينات والثكنات العسكرية ونسفها من الداخل، مثل المستودعات والملاجئ الخرسانية أو بعض الأهداف داخل المناطق المأهولة بالسكان أو الأهداف ذات القيمة العالية.

وتشبه قنبلة "جي بي يو 39" من حيث الشكل الصواريخ صغيرة الحجم، إذ تزن 250 رطلا (نحو 113 كيلوغراما) ويبلغ طولها نحو 1.8 متر.

وتمتاز بدقة عالية في إصابة الهدف وتقليل الأضرار الجانبية، وهي مصممة لاختراق التحصينات، ويقول مصنعوها إنها مصممة لتقليل الأضرار في المناطق المأهولة بالسكان.

مقالات مشابهة

  • تخشى من قوعها بيد روسيا أو الصين .. أميركا تدعو لبنان لإعادة قنبلة لم تنفجر في بيروت
  • تقارير: أميركا تدعو لبنان لإعادة قنبلة لم تنفجر في بيروت
  • طلب أميركي لاستعادة قنبلة قصفت بها إسرائيل لبنان يشعل غضب المنصات
  • أميركا تتحرك لاستعادة قنبلة من لبنان خوفا من وصولها لروسيا والصين
  • واشنطن تستنفر لاستعادة قنبلة متطورة من الضاحية الجنوبية لبيروت.. وإسرائيل تترقب هجومًا من المحور
  • واشنطن تطالب بيروت بإعادة قنبلة بشكل عاجل
  • إسرائيل تحذّر: سلاح الجو سيطال مناطق جديدة إذا لم يتحرك الجيش اللبناني
  • واشنطن تطلب من بيروت استعادة قنبلة غير منفجرة بعد اغتيال قيادي حزب الله
  • ماذا يجري داخل الجماعة الإسلامية؟