محمود محمد محمود.. رفض الفساد ورفع راية الوطن
تاريخ النشر: 2nd, December 2025 GMT
محمود محمد محمود، ابن محافظة أسيوط وبالتحديد ساحل سليم، هو نموذج حي للوفاء لمبادئه وللوطن قبل أي اعتبار شخصي، ولد في عام 1929 في أسرة عريقة، والده محمد باشا محمود شغل منصب رئيس وزراء مصر الأسبق.
لكن محمود لم يكتف بظل المجد العائلي، بل صنع مجده الخاص بمواقفه الصريحة والمبادئ التي لا تتزعزع، منذ صغره كان يعتنق فكرة أن العدالة والكرامة الوطنية لا تقاس بالجاه أو المال، وإنما بالقدرة على قول الحق والعمل به مهما كلف الثمن.
في عام 1938 حصل محمود محمد محمود على ليسانس الحقوق من جامعة فؤاد الأول بالقاهرة، وهو الوقت الذي كان فيه القانون والعدالة يحتاجان إلى رجال يحملون رسالتهم بصدق وإخلاص.
بعد تخرجه، بدأ مسيرته المهنية في القضاء، عين وكيلا للنائب العام، ثم قاضيا، وكان دوما مثالا للنزاهة والشجاعة في مواقفه، انخرط لاحقا في العمل السياسي كعضو مجلس النواب عام 1941، حيث أظهر التزامه بخدمة الشعب وليس بمصالح فئوية أو شخصية.
لكن محمود محمد محمود لم يكتف بالعمل التقليدي في المناصب، بل أصبح رئيسا للديوان، ليكون في قلب الجهاز التنفيذي للدولة، وواجه حينها لحظات اختبار حقيقية لشجاعته الوطنية.
فقد رفض بشجاعة إلغاء مناقصتين هامتين: الأولى تتعلق بالأسلحة الفاسدة التي وصلت لمصر خلال حرب فلسطين عام 1948، والثانية تتعلق بمنح شيك بمبلغ خمسة آلاف جنيه لأحد رجال الملك بدون وجه حق.
موقفه هذا لم يكن مجرد رفض إداري، بل كان موقف ضمير يؤكد أن الوطن فوق كل اعتبار، وأن الفساد مهما كان صغيرا أو كبيرا لا مكان له في قلب أي مسؤول شريف.
تجلت نزاهته أيضا في توليه رئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات في الأول من أكتوبر عام 1949، لم يكن هذا المنصب مجرد لقب رفيع، بل مسؤولية عظيمة لرصد كل صغيرة وكبيرة في إدارة المال العام، وضمان أن كل جنيه مصري يصرف في مصلحة الوطن والمواطنين.
إلا أن موقفه الوطني لم يسمح له بالتساهل أو التنازل عن مبادئه، فاستقال في 23 إبريل 1950، لأنه لم يستطع القبول بما يخالف العدالة والمصلحة العامة، استقالته كانت رسالة قوية لكل من يرى أن المناصب أهم من المبادئ، وأن السلطة أحيانا تتطلب التضحية بالراحة الشخصية لأجل الحق.
إن محمود محمد محمود يمثل صورة نادرة في تاريخ مصر الحديث؛ صورة الرجل الذي يضع ضميره قبل أي اعتبار، والذي يعرف أن الوطنية ليست شعارات تكتب على الأوراق، بل أفعال تتجسد في المواقف اليومية.
حياته تعلمنا أن الشجاعة ليست فقط في الحرب، بل أيضا في الصدق مع النفس ومع الوطن، وأنه لا يمكن بناء دولة قوية ومستقرة إلا بوجود رجال مثل محمود محمد محمود، رجال يسيرون على درب العدالة، لا يخشون أحدا ولا يهادنون في القيم التي تجعل الأمة عظيمة.
من مواليده في أسيوط إلى مقاعد القضاء والسياسة، مرورا برئاسة الجهاز المركزي للمحاسبات، كان محمود محمد محمود دائما مثالا للتفاني والإخلاص، رجل لا يتراجع أمام الفساد ولا يساوم على مبادئه.
لقد علمنا أن المسؤولية الحقيقية ليست في امتلاك السلطة، بل في استخدام السلطة لخدمة الوطن والناس، وأن الانتماء الحقيقي للوطن يظهر في اللحظات الحرجة التي يختبر فيها كل إنسان شجاعته وضميره.
محمود محمد محمود، بهذه الروح الوطنية النقية، يظل رمزا للأجيال التي تعيش على قيم الحق والعدل والشجاعة، رمزا للرجل الذي جعل المبادئ عنوانه، والضمير رفيقه الدائم، ليظل اسمه حيا في وجدان كل مصري يسعى لوطنه بالصدق والعمل النظيف.
إن سيرته ليست مجرد صفحات تاريخية، بل درس حي لكل من يؤمن أن مصر لا تحتاج إلى رجال يلتفون حول المناصب، بل إلى رجال يلتفون حول الحق والكرامة الوطنية، رجال مثل محمود محمد محمود، الذين صنعوا تاريخا ينبض بالوفاء والإخلاص.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود محمد محمود الوطنية النزاهه القضاء مبادئ محمود محمد محمود
إقرأ أيضاً:
ايداع 10 موظفيين رهن الحبس لمتابعتهم في قضية فساد طالت الشركة الوطنية للتبغ و الكبريت snta
أمر قاضي التحقيق بالغرفة الثانية بالقطب الجزائي المتخصص في قضايا الفساد المالية و الإقتصادية بسيدي امحمد بإيداع 10 موظفين رهن الحبس المؤقت بسجن قليعة لمتابعتهم في قضية فساد طالت الشركة الوطنية للتبغ و الكبريت snta بوهران
المتهمون تمت متابعتهم بوقائع فساد تتعلق بتبديد اموال عمومية واساءة استغلال الوظيفة كبدت الخزينة العمومية خسائر مالية فادحة
هذا وقد تم تقديم المتهمين عشية يوم امس من طرف عناصر المصلحة المركزية لمكافحة الجريمة المنظمة sclco بسحاولة يوم امس
امام نيابة محكمة القطب الجزائي المتخصص في قضايا الفساد المالية الاقتصادية بذات الجهة القضائية واستمر التحقيق الى غاية ساعات متاخرة .
كما وجهت للمتهمين تهم تضمنها قانون مكافحة الفساد و الوقاية منه 01/06 .