5 عقود من الريادة البيئية
تاريخ النشر: 3rd, December 2025 GMT
هالة الخياط (أبوظبي)
بالتزامن مع الاحتفال بعيد الاتحاد الـ 54، يبرز مسار وطني متكامل يعكس رؤية استثنائية جعلت من حماية البيئة والعمل المناخي جزءاً أصيلاً في بناء الدولة الحديثة. فمنذ اليوم الأول للتأسيس، لم تُعامل الإمارات البيئة بوصفها قضية لاحقة للتنمية، بل اعتبرتها حجر الزاوية في بناء مجتمع متوازن واقتصاد مستدام، لتتحوّل خلال عقود قليلة إلى نموذج عالمي في التخطيط البيئي والتكيّف المناخي، وتنمية الموارد.
أدرك المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بحسِّه القيادي وفطرته البيئية الاستثنائية، أن بناء دولة شابة في بيئة صحراوية قاسية يتطلب فهماً عميقاً للعلاقة بين الإنسان والطبيعة. ولذلك، جاءت سياساته الأولى لتؤسِّس قاعدة صلبة للعمل البيئي، عبر برامج التشجير التي زرعت ملايين الأشجار، وإنشاء المحميات الطبيعية، وإحياء النظم البيئية المهدَّدة، وإطلاق مشاريع واسعة لحماية الحياة الفطرية، ما أسهم في استعادة توازنات بيئية كانت مهددة لعقود طويلة. وبعد عقود من البناء، باتت الإمارات اليوم واحدة من أكثر الدول تقدماً في مزيج الطاقة النظيفة، ومن بين الدول القليلة التي تبنّت هدف الحياد المناخي بحلول عام 2050، مستندة إلى منظومة منهجية تشمل الطاقة المتجددة، والاقتصاد الدائري، والزراعة المستدامة، وإدارة الموارد، وتبنِّي الابتكار التكنولوجي كعامل رئيس في حماية البيئة.
الاستدامة الحديثة
واعتمدت الدولة سلسلة مبتكرة من التشريعات المنظّمة للبيئة وحماية الموارد الطبيعية، شملت تنظيم الصيد، وإدارة المحميات، وصون الحياة الفطرية، وضبط استخدام المياه الجوفية. ومع توسُّع المدن ونمو الاقتصاد، جاءت مراحل أكثر تقدماً ركّزت على جودة الهواء وإدارة النفايات وتعزيز كفاءة الطاقة والمياه. وفي العقدين الأخيرين، اتخذت الإمارات خطوات حاسمة من خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية للحياد المناخي 2050، التي تهدف إلى خفض الانبعاثات بصورة منهجية عبر برامج تشمل تطوير الطاقة المتجددة، وتشجيع النقل المستدام، وتحسين كفاءة الصناعة، وتبنِّي حلول احتجاز الكربون. وواكب ذلك تحديث مستمر لإطار التشريعات البيئية، بما يضمن تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية الموارد للأجيال المقبلة.
الطاقة النظيفة
حققت الإمارات طفرة عالمية في إنتاج وتطوير الطاقة النظيفة، لتصبح مركزاً رئيساً في المنطقة والعالم في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية السلمية، ومن أبرز هذه المشاريع: مدينة مصدر، ومحطات الطاقة الشمسية الكبرى، ومحطة براكة للطاقة النووية السلمية، ومشاريع الهيدروجين النظيف، وجميعها أسهمت في إحداث تحوُّل جوهري في قطاع الطاقة، ورفعت حصة الإمارات من الطاقة النظيفة بنسبة متزايدة خلال السنوات الأخيرة، لتصبح واحدة من الدول الرائدة في هذا المجال إقليمياً وعالمياً.
المحميات الطبيعية
أولت الدولة اهتماماً كبيراً بالحياة الفطرية والموائل الطبيعية. وارتفع عدد المحميات الطبيعية بشكل لافت خلال العقود الماضية، وتمكّنت الإمارات من استعادة أنواع مهددة بالانقراض مثل المها العربي، وتحسين ظروف بقاء الأنواع البحرية والبرية. كما أسَّست برامج متقدمة لزراعة أشجار القرم، التي تُعد من أهم الأنظمة البيئية القادرة على امتصاص الكربون وحماية السواحل.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: عيد الاتحاد الإمارات مسيرة الاتحاد الثاني من ديسمبر الطاقة النظیفة
إقرأ أيضاً:
القطاع الخاص يعرض تجربته في تحقيق الاستدامة البيئية والحياد الكربوني على هامش مؤتمر برشلونة COP24
شهد اليوم الاول لفعاليات مؤتمر الأطراف لاتفاقية حماية بيئة البحر المتوسط من التلوث ( اتفاقية برشلونة) COP24، والذي تترأسه مصر تحت شعار “الاقتصاد الأزرق المستدام من أجل بحر متوسطي مرن وصحي” بمشاركة ٢١ دولة متوسطية، عددا من الأحداث الجانبية التي تناقش التحديات التي تواجه بيئة المتوسط وكيفية التصدي لها.
وقد نظمت شركة سيدي كرير للبتروكيماويات (سيدبك) الراعى الرسمى للمؤتمر حدثا جانبيا خلال فعاليات اليوم الاول لمؤتمر الأطراف الرابع والعشرين لاتفاقية حماية بيئة البحر المتوسط من التلوث ( اتفاقية برشلونة) COP24، يستعرض رؤى وجهود الشركة في مجال الحياد الكربوني وحلول الاقتصاد الدائري لتحقيق حماية البيئة والاستدامة، وذلك بحضور د. محمد يوسف مساعد رئيس قطاع الصحة والسلامة والبيئة بالشركة ، م/ خالد فاروق مدير قطاع التخطيط الاستراتيجي والتميز، م/ سمر جمعة إبراهيم مدير إدارة مشاريع كفاءة الطاقة والمناخ، حيث تضمنت الجلسة مناقشة دور الشركة في المساهمة في الوصول لمنطقة متوسطية آمنة وصحية للأجيال القادمة، واستعراض استراتيجية الشركة للحياد الكربوني وكفاءة الطاقة وجهود التوافق مع البيئة، ومنها مشروعات تم تنفيذها بالتعاون مع مشروع التحكم في التلوث الصناعي، والحصول على موافقات دراسات تقييم أثرٍ بيئي لعدد ٧ مشروعات بالشركة، والربط مع شبكتي الرصد اللحظي للهواء والصرف التابعة لوزارة البيئة، تطوير عمليات التشغيل والإنتاج لتحقيق اهداف طويلة الأجل للاستدامة والحياد الكربوني، والتوافق مع القوانين المصرية والاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية برشلونة، كما تتبنى الشركة مبادرات الاقتصاد الدائري بالتحول إلى سياسات التدوير والاستخدام الأمثل للموارد، بما يتوافق مع رؤية مصر ٢٠٣٠، إلى جانب اعداد الدراسات الفنية الخاصة بتدوير البلاستيك ومواجهة التلوث البلاستيكي، وإعلان المنتج البيئي الخاص بالبولي إيثيلين بالمعايير العالمية لتقليل التأثير البيئي فيما يخص التلوث البلاستيكي وتغير المناخ، والعمل على تقليل غازات الاحتباس الحراري بنسبة ١٧.٨٪ بحلول ٢٠٢٧، مع اصدار تقرير دوري للاستدامة لخلق قدر من الثقة والمصداقية.
كما أقامت احدى منظمات المجتمع المدني الأوروبية المشاركة في المؤتمر حدث جانبي عن التعاون الإقليمي لتحسين منع التلوث الناجم عن السفن والشحن في البحر الأبيض المتوسط. تحت عنوان "تحويل البحر الأبيض المتوسط إلى منطقة أكثر أمنًا"، تضمن عرض الممارسات والتدابير الفرنسية لتجنب التلوث من صرف مخلفات أجهزة تنقية عوادم السفن، حيث تعد تلك الأجهزة حلا للحفاظ على جودة الهواء ولكن قد تسبب تلوثا بالمياه إذا لم يتم معالج الصرف الناتج عنها، وعرض الاجراءات الفرنسية كنموذج قابل للتكرار في البحر الأبيض، ولفوائدها البيئية والصحية وأيضا على قطاع الصيد، حيث دعت فرنسا وشركاؤها المنظمة البحرية الدولية إلى مزيد من التنسيق للقيود المفروضة على عمليات الصرف هذه في جميع أنحاء العالم، مع اعتبار اتفاقية برشلونة المحرك الرئيسي، وتشجيع الدول الأطراف في الاتفاقية أن تُدرج في تشريعاتها الوطنية حظرًا على تصريفات أجهزة تنقية العوادم خلال الأعوام القليلة القادمة، داخل المياه الداخلية ومناطق الموانئ، وتم الإشارة إلى اهمية اتخاذ تلك الإجراءات،حيث قد يؤدي تطبيق اتفاقية البحر الأبيض المتوسط لتغير المناخ (Med SECA) في عام 2025 إلى زيادة سريعة في تركيب أجهزة تنقية العوادم، إلى جانب الآثار الصحية السلبية نتيجة عدم معالجة الصرف الخاص بتلك الأجهزة على المياه قبل التخلص منه. وعرض حلول التوسع في هذه الاجراءات ودور اصحاب السفن وشركات الشحن في تبنيها. وتم الإشارة إلى الاجراءات التي تتخذها مصر في هذا المجال من خلال قناة السويس.