لجريدة عمان:
2025-12-04@18:29:59 GMT

لا تقلق... سيأخذ الله حقك ممن أوجعك

تاريخ النشر: 4th, December 2025 GMT

لا تقلق... سيأخذ الله حقك ممن أوجعك

ظلم الناس واستغلال حاجتهم، والتضييق عليهم"، ثلاثية الألم التي لا يعرف حجم قوتها إلا من ذاق مرارتها، رغم أنها من الأمور التي نهى الله عز وجل عن فعلها، وأعدَّ لفاعلها عذابًا عظيمًا.

وتظهر مثل هذه الأشياء وسط كل التفاعلات اليومية وسياق الأحداث المتتالية؛ لتكتب بمداد الألم بعض النهايات الحزينة على جدران ذاكرة البشر التي تهطل بفيض من الذكريات القديمة والحديثة.

إننا وسط ما نراه يوميًا من فقد ورحيل مفاجئ، نسأل أنفسنا: أما آن للقلوب القاسية أن ترجع إلى الله، وتُصلِح ما قدَّمت يداها من ضرر، وهدمت بقوتها صروح البناء متخذة أنيابًا مسمومة تنفث سمومها القاسية في أجساد الضعفاء؛ ليشيع جوًّا من القطيعة والفرقة ما بينها وبين الآخرين.

لقد وقفتُ يومًا على مقولة عظيمة بكل ما تحمل من عمق إنساني ولغوي، وحتمِيًّا لم أرَ مثلها توصيفًا لحال الواقع الذي يحدث يوميًا في الحياة، فالمقولة تقول: "سُئل مظلوم: هل ستسامح من ظلمك؟ فقال: سأنتظر ليوم موته، وسأذهب أصلّي عليه، وأقول: يا رب إنَّ فلانًا ضيفُكَ اليوم.. فخُذْ حقي منه".

يا الله! ما أقساه من انتظار يتبعه حدث جلل! وسألتُ نفسي كثيرًا: ما الذي جعل هذا القلب يقسو ولا يسامح؟ وما الذي جعل الناس تختصم بعضها البعض وتبث شكواها إلى الله ولا تسامح أبدًا؟

بعد بحث عميق في الذات، وجدتُ جوابًا أقنعني بما أسلفتُ ذكره، وتجلى لي بوضوح تام عندما شعرتُ يومًا بالظلم من الآخرين، وأدركتُ بأن سوء العمل هو ما يقودنا إلى عدم مسامحة المعتدين علينا، بل نكون ضمن قائمة المنتظرين للقصاص العادل، سواء في الأرض أو عند رب السماء.

دائمًا نحذّر من حولنا بمراجعة أمورهم في الحياة، والنظر إلى كل من وقع عليهم ظلمنا قبل رحيلهم من الدنيا؛ فليس كل العباد تُسامح الظالم على ظلمه، بل يبقى الذنب معلَّقًا في رقاب المخطئين إلى يوم الدين.

أما يكفي أن نتمعّن ما قاله الحسن البصري: "أشد الناس صراخًا يوم القيامة، رجل رُزق بمنصب فاستعان به على ظلم الناس"؟ وهذا مصداقًا لقوله تعالى في سورة الزلزلة: "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"، إذن الجزاء من جنس العمل.

نستسهل أشياء كثيرة في هذه الدنيا الفانية: "نظلم، ونتكبر، ونفاخر، ونفعل ما لا يفعله الكفار أحيانًا، ونعتقد بأن الأمور جدًّا عادية، والمسامح كريم". لكن الظلم ظلام يوم القيامة، والبعض يفسّر أخطاءه ضد الآخرين قائلًا: "قدرهم في الحياة". كلا والله! ليس قدرهم أن يُنزَع من قلبك الرحمة والشفقة، وتَسلك طريق الضلالة، ثم تكابر على الله وتدّعي بأنه القدر.

ويستوقفنا هنا قول خالد في كتب التاريخ، للشاعر الفارسي شمس الدين التبريزي الخالدة، عندما يقول: "العالَم مرآة، فما تراه فيه انعكاس لما بداخلك. إن حملتَ الحبّ رأيتَ جمالًا في كل شيء، وإن حملتَ الكره رأيتَ قبحًا في كل وجه".

إننا أصبحنا لا نوزن الأمور ولا نتفكّر أو نستوعب الواقع ونتعلم من الدروس التي تمر علينا كل يوم، لكن كل ما يهمّنا هو "إرضاء أنفسنا وإشباع رغباتنا وتحقيق أكبر قدر من السعادة لأنفسنا فقط"، وننسى بأن ثمة حسابًا ينتظرنا في نهاية المطاف. وهذا ما قاله الله تعالى في كتابه العزيز: "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ". وصدق من قال: "لو أيقن الظالم أنَّ للمظلوم ربًّا يدافع عنه لما ظلمه، فلا يظلم الظالم إلا وهو منكر لربه".

إذن، أيُّ عذاب ومصير هذا الذي ينتظرنا بعد أن ضللنا الطريق، وسلكنا مسلك الشيطان؟ لقد غَرَّتْنا الحياة الدنيا وما فيها من متاع، رغم أن الله تعالى قال في سورة الكهف: "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا".

وأخيرًا، فليطمئن المظلوم، فالله قادر على كل شيء. وهذا اقتباس مما قيل منذ زمن طويل من أحد الحكماء: "لا تقلق، سيأخذ الله حقك من الذي أوجعك دون جهد منك، فالحياة تدور، وسيصاب كل ظالم بما ظلم. فلا تحزن، وثق بأن الأيام ستكشف الحقيقة، وسيفضح الله من تظاهر بالبراءة وهو سبب الأذى".

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

3 أعمال يستهين بها الناس.. اغتنمها تدخلك الجنة وتحفظ لك النعم

أرشدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، إلى كل ما فيه خير لنا، وثبت في السنة النبوية أن هناك أعمالاً في الدنيا تزحزح الإنسان عن النار وتُدخله الجنة وتحفظ نعم الله من الزوال.


أعمال تدخل الجنة

 أول هذين العملين، هو الإيمان بالله سبحانه وتعالى وباليوم الآخر إلى آخر لحظة في حياته وثانيهما معاملة الناس كما يحب أن يُعامل، ويعطيهم مما يُحب، وثالثًا ينبغي على الإنسان القناعة أن يقنع بما أتاه الله تعالى من نعم، وينظر إلى من هم أقل منه.

ورد في صحيح مسلم، أنه قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ»، وبما جاء في صحيح مسلم، أنه قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ».
 

القناعة وفضلها

والقَناعَةُ من أجلِّ أَخلاقِ المُؤْمِنينَ، وهي علامةٌ على الرِّضا بقَدَرِ اللهِ، كما أنَّها تُهوِّنُ صُعوبَةَ الحَياةِ، وفي هذا الحَديثِ يقولُ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «انْظُرُوا إلى مَنْ هو أَسْفَلَ منكم"، أي: مَنْ هو أَقَلُّ منكم في أُمور الدَّنْيا وتَقْسيمِها، "ولا تَنْظُروا إلى مَنْ هو فَوْقَكُم" فيها؛ فإنَّ هذا النَّظَرَ "أَجْدَرُ"، أي: أَحَقُّ "أنْ لا تَزْدَروا»، أي: لا تَحْتَقِروا "نِعْمَةَ اللهِ عليكم".

وذلك أنَّ نَظَرَ الإنْسانِ إلى مَنْ هو أعْلى منه؛ يُؤَدِّي إلى اسْتِحْقارِ ما عِندَ نَفْسِهِ من النِّعَمِ، فيَسْتَقِلَّ النِّعْمَةَ ويُعرِضَ عن الشُّكرِ؛ لأنَّ كثيرًا من الناسِ يَصبِرُ على المقدورِ فلا يَسْخَطُ، وهو غيرُ راضٍ به؛ فالرِّضا أمرٌ آخَرُ، وقد يُؤَدِّيهِ ذلك إلى كُفْرانِ النِّعْمَةِ، وأنَّه ليس عليه شيْءٌ من النِّعْمِ؛ فيَكْفُرَ نِعْمَةَ اللهِ عليه، ولذلك قالَ اللهُ تعالى: «وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى» [طه: 131].

 وإذا أَعْرَضَ عن التأمُّلِ في أحْوالِ أهْلِ الدُّنْيا وما وُسِّعَ عليهم، هانَ عليه ما هَمَّهُ واسْتَكْثَرَ ما أُوتِيَ، وإذا نَظَرَ بعَيْنِ الحَقيقةِ، فالمُكْثِرُ ليس معه إلَّا هَمُّ الإكْثارِ وحِفْظِ المالِ، والدُّنْيا سَريعةُ الزَّوالِ، وإذا تحوَّلَ المالُ وضاعَ، فإنَّهم لا يُغْبَطونَ على ذلك، بل إنَّهم يُرْحَمونَ ويُرْثَى لهم، وفي الحديث أنَّ مِن أعظمِ ما يُعينُ على استشعارِ النِّعمِ كثرةَ التأمُّلِ فيها والنظرَ في حالِ مَن هُم أقلُّ حالًا منك.

دعاء ثلث الليل الأخير الثابت عن النبي.. لا تفوت أفضل أوقات الاستجابةدعاء المطر .. سنة نبوية مستحبة وأوقات إجابة لا تترك فضلهادعاء للمريض.. الرسول أوصى بـ8 كلمات للشفاء من أي داء فهل تعرفها؟3 أدعية عن النبي للشفاء والوقاية من الحسد.. لا تغفل عنها
أعمال صالحة يحبها الله

1- الحرص على أداء الصلوات الخمس في وقتها، قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ، قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي».
 

2- الاستغفار يكفر الذنوب ويوسع الرزق ويدخل الجنة، قال تعالى: «فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12)» (سورة نوح)

3- الصّدقةُ تطفئ غضب الله وتمحو الخطيئة، وللصدقة فضائل منها: تعتبر وقاية من النار يوم القيامة، ويستظل المتصدق بها يوم القيامة، حيث إنه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله،-وفي الصدقة دواء للأمراض البدنية، وهي دواء للأمراض القلبية، والمتصدق تدعو له الملائكة كل يوم.

أعمال صالحة يحبها الله


4- الصيام من مكفرات الذنوب ولا يعرف أجره إلا الله.

5- التسامح والعفو من مكفرات الذنوب ودليل على التقوى.

6- الحج يكفر الذنوب ويرَجَعَ الحاج منه كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ.

7- تفريج كربة عن مؤمن، وعون الضعيف لها أجر كبير عند الله.

8- أداء الأمانة وصدق الحديث وحسن الجوار يحبها الله.

9- أحب الكلام إلى الله «سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر‌.

10- أحب العباد إلى الله أحسنهم خلقًا.

أعمال صالحة يحبها الله

11- حب سورة الإخلاص، ودليل ذلك:عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِـ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»، فَلَمَّا رَجَعُوا ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «سَلُوهُ لأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ؟، فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: لأَنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ» (متفق عليه).

طباعة شارك أعمال تدخل الجنة حفظ النعم الإيمان بالله معاملة الناس القناعة أعمال صالحة يحبها الله

مقالات مشابهة

  • حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية وتهنئة المسيحيين
  • ما حكم حمل الناس في سيارة لزيارة قبر أم الرسول وأخذ الأجرة على ذلك؟
  • هل يغفر الله للمنتحر.. وهل الانتحار كفر؟
  • تجارة الصباح مع الله التي لا تبور .. أوصى بها النبي
  • 3 أعمال يستهين بها الناس.. اغتنمها تدخلك الجنة وتحفظ لك النعم
  • صلاح الدين الأيوبي .. القائد الذي صنع المجد وكتب التاريخ
  • كنز استخباراتي سيأخذ لبنان إلى مرحلة جديدة إذا وقع بيد حزب الله.. ماذا يجري في ضاحية بيروت الجنوبية؟
  • معنى سمة "ذبح العلماء" الذي عرف على مر العصور.. علي جمعة يوضح
  • شمس «الاتحاد»