الجريمة والعقاب.. نتنياهو والتطرف الممنهج لإبادة غزة
تاريخ النشر: 5th, December 2025 GMT
ولذلك، يعود فيلم الجزيرة الوثائقي "نتنياهو.. الجريمة والعقاب" إلى جذور شخصية الرجل وسياساته، متتبعا نشأته في بيت مشبع بالقومية المتشددة، وتجربته العائلية التي تصنع منها رواية دائمة عن "الخلاص" و"التهديد الوجودي".
وطرح الفيلم تساؤلا: هل يُقتص من نتنياهو دوليا على الجرائم المروعة ضد المدنيين كما تطالب الجنائية الدولية، أم أن تحالفاته الداخلية والخارجية تحميه من المحاسبة وتبقيه فوقها؟
وكان المدعي العام للجنائية الدولية كريم خان قد حمّل نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت المسؤولية عن جرائم الحرب المرتكبة في قطاع غزة، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي سارع للرد مدعيا أن المحكمة الدولية تحاول "تقييد يدي إسرائيل".
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أصدرت الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت لارتكابهما جرائم حرب وضد الإنسانية في حق فلسطينيي غزة.
واستعرض الفيلم الجرائم والخراب الذي خلفته سياسات نتنياهو مع شهادات ضيوف قدّموا تحليلا دقيقا عن شخصية زعيم "دولة" يصفها البعض بأنها "ديمقراطية حليفة للغرب"، لكنها تنتهك القانون الدولي عبر أفعالها في قطاع غزة وبقية الأراضي الفلسطينية.
ويشير الفيلم إلى أن صدمة مقتل شقيقه يوناتان في عملية عسكرية عام 1976 شكلت حجر الأساس في بناء "عقدة البطولة" التي سترافق نتنياهو طوال مسيرته.
وفي خطاب مبكر عام 1978، أعلن نتنياهو رفضه المطلق لإقامة دولة فلسطينية، واضعا بذور مشروع سياسي قائم على الإقصاء والهيمنة.
ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود باراك نتنياهو بأنه "نرجسي يؤمن بأنه المنقذ الوحيد لإسرائيل والحضارة الغربية"، وأنه مستعد لاستخدام القوة بلا حدود لتحقيق هذه القناعة.
ووفق باراك، فإن نتنياهو يرى نفسه -منذ أكثر من 15 عاما- الوحيد القادر على تدمير حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في حين كانت النتيجة هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
أما عوزي عراد، وهو ضابط سابق في الموساد ومستشار سابق للأمن القومي، فقال إن نتنياهو تبنى سياسة "فرّق تَسُد" بتعزيز الانقسام الفلسطيني، وإضعاف السلطة الفلسطينية، ومنع أي مسار سياسي يؤدي إلى دولة فلسطينية.
تدمير متعمدوفي ضوء ذلك، وجد أكثر من مليوني غزي أنفسهم هدفا لحرب إسرائيلية غير مسبوقة تضمنت قصفا مكثفا للأحياء، واستخدام قنابل ثقيلة من طراز "إم كيه 84" المتفجرة وسط مناطق سكنية مكتظة، وهو ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من النساء والأطفال، وفق تقارير أممية.
وجاءت هذه الحرب ترجمة لتصريحات نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت بفرض حصار شامل على غزة، إذ قال الأخير "لن يكون هناك كهرباء، ولا طعام، ولا ماء، ولا وقود. سنقاتل حيوانات بشرية".
وعرض الفيلم بوضوح حجم الدمار الهائل في قطاع غزة: 170 ألف مبنى مدمر، وانهيار شبه كامل للمنظومة الصحية، وتدمير الزراعة والبنى التحتية، وحرمان السكان من الغذاء والمياه، وهو ما وصفته الأمم المتحدة بـ"إبادة بيئية".
وأبرز الفيلم كيف تحالف رئيس وزراء إسرائيل مع المتطرفين لتنفيذ مخططه العدواني، وكذلك التكتيكات الممنهجة التي استخدمت خلال الحرب، مثل القنابل الخارقة التي تؤدي لتدمير مبانٍ كاملة تحت ذرائع استهداف أنفاق المقاومة الفلسطينية.
ووفق الضابط السابق بالجيش الفرنسي غيوم آنسيل، فإن الهدف هو تدمير قطاع غزة كله، ولا يقتصر الأمر على "تدمير قوات حماس وقدراتها العسكرية"، كما يزعم نتنياهو.
وفي هذا الإطار، قال الصحفي الإسرائيلي ميرون رابوبورت إن الأسابيع الأولى من الحرب شهدت بشكل خاص تكتيكا متعمدا بضرب الأفراد في منازلهم"، مضيفا "لقد كان قرارا بضرب منازل الناس عن وعي".
ووثقت تقارير الأمم المتحدة الجانب النفسي والاجتماعي للحرب، إذ وصفت الحصار على الغذاء والماء بأنه "جريمة واضحة ضد الإنسانية".
تعذيب ممنهجأما الانتهاكات في السجون، فوثقها مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية، مؤكدا أنه خلال اعتقاله "تم الاعتداء عليه بالضرب والتهديد والكلاب البوليسية"، مشيرا إلى تورط مسؤولين كبار مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في توجيه العنف.
وعرض الفيلم شهادات توثق التعذيب في السجون الإسرائيلية، لا سيما في معسكر "سدي تيمان" في النقب، حيث تحدث معتقلون عن الضرب، وإطلاق الكلاب البوليسية، والإهانات المستمرة.
وأكدت مديرة منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية يولي نوفاك أن هذه الانتهاكات "ليست حالات فردية بل جزءا من سياسة تتغذى عليها الحكومة وأحزاب اليمين المتطرف"، وعلى رأسهم بن غفير.
وحسب نوفاك، فإن هذا المعتقل "غيض من فيض.. كل من يدخله يتعرض للتعذيب".
ولم يغفل الفيلم البعد الرمزي والديني الذي استخدمه نتنياهو لتبرير حملاته ضد الفلسطينيين: مصطلح "العماليق" التوراتي، ويعني حسب المقررين الأمميين "استهداف أعداء حتى النساء والأطفال والحيوانات"، وهو ما شجع الجنود على ارتكاب الانتهاكات والفظائع.
ولم يقتصر الأمر على الفلسطينيين والأمم المتحدة، بل شهدت تل أبيب أيضا احتجاجات شعبية كبيرة، وصفت حكومة نتنياهو بأنها "متعطشة للدماء وأيدي وزرائها ملطخة بالدماء".
Published On 5/12/20255/12/2025|آخر تحديث: 22:32 (توقيت مكة)آخر تحديث: 22:32 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2شارِكْ
facebooktwitterwhatsappcopylinkحفظ
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
في اتصال هاتفي.. لولا وترامب يتفقان على التعاون ضد الجريمة المنظمة
أعلنت الرئاسة البرازيلية أن الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ونظيره الأمريكي دونالد ترامب اتفقا خلال اتصال هاتفي يوم الثلاثاء على تعزيز التعاون في مكافحة الجريمة المنظمة.
وأفادت برازيليا في بيان بأن لولا "أكد الحاجة الملحة لتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة الدولية"، فيما أعرب ترامب عن "استعداد كامل للعمل مع البرازيل في مواجهة هذه التنظيمات".
أخبار متعلقة نجاة مرشح رئاسي من إطلاق نار استهدف سيارته في البيروالكرملين يؤكد عدم التوصل إلى اتفاق.. هل فشلت المحادثات الأمريكية؟بدأ لولا هذه المحادثة التي استمرت40 دقيقة بين رئيسي أكبر اقتصادين في الأمريكتين، وسط توترات إقليمية بسبب الغارات الجوية الأمريكية ضد جهات تشتبه واشنطن في ضلوعها في تجارة المخدرات قرب الساحل الفنزويلي.
شنت الولايات المتحدة غارات جوية على أكثر من 20 مركبًا في المحيطين الكاريبي والهادئ منذ أوائل سبتمبر، ما أسفر عن مقتل 83 شخصًا على الأقل، من دون تقديم واشنطن أي دليل على ادعاءاتها باستخدام هذه السفن في تهريب المخدرات.
شل الجريمة المنظمة ماليًاوأعلنت الرئاسة البرازيلية أن لولا ناقش مع دونالد ترامب الثلاثاء "العمليات التي نُفذت في البرازيل بهدف شل الجريمة المنظمة ماليًا، وتحديد الشبكات التي تعمل من الخارج".
نفذت السلطات البرازيلية أخيرًا عدة عمليات ضد عصابة "القيادة الأولى للعاصمة"، إحدى الفصائل الرئيسية في البلاد، أبرزها تفكيك شبكة لغسل الأموال في قطاع الوقود.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الرئاسة البرازيلية تعلن تفاصيل مكالمة الرئيسين لولا وترامب - وكالات
تأسست هذه العصابة في سجون العاصمة الاقتصادية ساو باولو، وهي مرتبطة بمافيا "ندرانغيتا" في كالابريا الإيطالية الضالعة في تهريب الكوكايين المُنتج في أمريكا الجنوبية إلى أوروبا من المواني البرازيلية.
استُهدفت عصابة Comando vermelho (القيادة الحمراء)، وهي فصيل إجرامي قوي آخر، بعمليات أمنية في الأحياء الفقيرة المكتظة بالسكان في ريو دي جانيرو.
أسفرت إحدى هذه العمليات التي نُفذت في نهاية شهر أكتوبر، عن مقتل أكثر من 120 شخصًا، في أعنف عملية للشرطة في تاريخ البرازيل.